العولمة ( مفهومها – أهدافها - خصائصها )

العولمة ( مفهومها – أهدافها – خصائصها )

الدكتور طارق عبد الرؤف عامر

تعد العولمة Globalization من أهم التغيرات العالمية المعاصرة بكل ما تحمله من تجليات و حقائق و أوهام و مخاطر و يبدو أن المدى الكبير فى التغيرات الثقافية و الاقتصادية الناجمة عن العولمة قد جعل بعض المفكرين يتوقعون حدوث تغيرات عميقة فى نظم التعليم الجامعى فى ضوء العولمة ، و تؤكد بعض المقترحات على زيادة الوعي بالثقافات الأخرى و ينادى البعض الآخـر بضرورة الحفاظ على الهوية الثقافية، و الخصوصية الحضارية فى ظل هذا العالم المفتوح و ظاهرة العولمة ليست ظاهرة جديدة ، حيث إن الحضارة الإنسانية طوال التاريخ تتوسع و هى ظاهرة فى نفس الوقت فى حالة انتقال دائم من موقع الى موقع آخر.

و هذا يجعل الكوكب الذى نعيش عليه ينكمش ،و ربما يكون ذلك شيئا طبيعيا .
و لكن الآن توجد كلمتان فى تنافس للتعبير عن هذا المعنى ( كلمة الكوكبة و كلمة العولمة) و تتمثل سمات العولمة فى الفترة الاخيرة فى ثلاث ظواهر جديدة جعلت منها مفهوما جديدا و هذه الظواهر هى :-

1 – التطورات الاقتصادية
2 – التطورات التكنولوجية عموما، و التطورات التكنولوجية في مجال الإعلام خصوصا
3 – معضلة الديمقراطية في العالم الثالث

نشأة العولمة : –

إن علماء التاريخ يقولون أن العولمة ليست ظاهرة جديدة بل إن بدايتها الأولى ترجع إلى نهاية القرن السادس عشر مع بدء عملية الاستعمار الغربى لأسيا و أوربا و الأمريكتين ثم اقترنت بتطور النظام التجارى الحديث فى أوربا الأمر الذى أدى إلى ولادة نظام عالمى متشابك و معقد عرف بالعالمية ثم بالعولمة بعد ذلك
فالعولمة ما هى إلا لفظ جديد لظاهرة قديمة نشأت فى دنيا أصبحت فى حجم قرية إلكترونية صغيرة ترابطت بالاقمار الصناعية، و الاتصالات الفضائية ،وقنوات التلفزيون الدولى
و يرى بعض الباحثين أن هناك أربع عمليات أساسية للعولمة و هى على التوالى :
1 – المنافسة بين القوى العظمى
2 – الابتكار التكنولوجى
3 – انتشار عولمة إلانتاج و التبادل
4 – التحديث

و صياغة تعريف دقيق للعولمة تبدو مسألة شاقة نظرا لتعدد تعريفاتها، و التى تتأثر أساسا بانحيازات الباحثين الأيديولوجية، و اتجاهتهم إزاء العولمة رفضا أوقبولا و هناك من يرى أن العولمة عملية مستمرة تكشف كل يوم عن وجه جديد من وجوهها المتقدمة، و أن صياغة تعريف شامل للعولمة فلابد أن نضع فى الاعتبار ثلاث عمليات نكشف عن جوهرها هى :-
1 – العملية الأولى تتعلق بانتشار المعلومات بحيث تصبح متاحة لدى جميع الناس
2 – العملية الثانية تتعلق بتذويب الحدود بين الدول
3 – العملية الثالثة هى زيادة معدلات التشابه بين الجامعات و المجتمعات والمؤسسات و كل هذه العمليات قد تؤدى إلى نتائج سلبية بالنسبة لبعض المجتمعات و إلى نتائج إيجابية بالنسبة لبعضها الآخر .
-و على الرغم من ذلك يوجد هناك ما يسمى بالعولمة الاقتصادية و العولمة السياسية و هناك ما يسمى بالعولمة الثقافية

مفهوم العولمة Globalization :-
نبت مفهوم أو مصطلح العولمة فى العقد الأخير من هذا القرن و سيظل من القوميات و اعتبار العالم بمثابة قرية صغيرة متوحدة و متجانسة نتيجة لسرعة الأتصالات و الإعلام الاكترونى و صراع تملك الفضاء و فى ذلك و هم كبير و خداع خطير لابد من التيقظ له و بقربة مضامينه و مراميه حيث يصبح العالم و كأنه غابة ليتهم فيها الكبير الصغير و يفترسه و يستعمره و يستنزف خيراته المادية، و الفكرية
و مصطلح العولمة ازداد استعماله شيوعا فى السنوات الآخيرة و لكن مفهومها مازال يكتنفه الغموض فى ذهن البعض بينما ينظر إليه أخرون على أنه مجرد واجهة أخرى للهيمنة الأمريكية
و العولمة ببساطة شديدة تشير الى فكرة الاعتمادية المتبادلة بين الدول بطريقة يبدو مستحيلا معها الفصل بينهم فلم يعد من الممكن لكل دولة تطبيق السياسات الداخلية الخاصة بها و التى كانت موجودة فى مجال العلاقات الدولية و التعريف الآخـــر للعولمة هو اتجاه تصالحى يــهدف لتوحيد الشعوب على مستوى العالم من خلال نظام واحد كمثلث بثلاث أضلاع من الاقتصاد، و المعرفة ،و التطور العلمي، و التكنولوجي.

و تمثل العولمة نتاجا داخليا للرأسمالية العالمية و واحدا من مراحلها ديناميكية جديدة لفرص التكامل الدولى من خلال إحداث تغيرات فى أنماط الإنتاج و طريقة نوعيته ، و التحول التدريجى من هيمنة القيم المادية إلى القيم المعرفية و العولمة هى نتاج الثورة المعرفية و التقنية المستمرة ، و تمثل الشركات متعددة الجنسيات بفروعها و توابعها رأس الرمح و المحرك الأساسي لها حيث تستهدف الهيمنة الكونية و تحقيق أقصى الأرباح

و يعبر مصطلح العولمة الذى تداول المفكرون و الباحثون استخدامه منذ عقد من السنين ( منذ نهاية الثمانينات ) عن تحول عالمى فى رؤية كثير من المرتكزات فى مجال القيم الأخلاقية و الاقتصاد و السياسة التى كانت سائدة على المستويات الوطنية، و الإقليمية ،و الدولية بين البشر

و أن مفهوم العولمة ليس نتاج اليوم فى الدراسات العليا، و التعليم الجامعي أو البحث العلمي ،و برامج التعليم فى الكليات ،و الجامعات أو هو متمثل فى السياسات التعليمية أو فى اهتمامات الحكومة و إنما هو التحدي الذي يقدم مجموعات التحدي للمتعلمين فى حيرة تامة .

فظاهرة العولمة تعبر عن واقع عالمى جديد يتخلق فى الوقت الراهن بفضل عوامل و قوى و تحولات عديدة ومن هذا المنطلق إن القضية ليست قضية قبول العولمة أو رفضها على الصعيد اللفظي

و هناك من يرى أن العولمة تعتبر ثورة علمية تكنولوجية و اجتماعية تغطى العالم بشبكة من المواصلات، و الاتصالات أنتجت أنماطا من المفاهيم و القيم السلوكية ما يجعلها ذات تاثير فعال فى مختلف جوانب الحياة الخاصة و العامة و هى أمر لا يمكن رده أو الاختيار فيه و هو ما أطلق عليه البعض (حتمية العولمة )

وتعنى العولمة فى مفهومها المثالى بناء عالم واحد أساسه توحيد المعايير الكونية ،و تحرير العلاقات الدولية السياسية و الاقتصادية و تعريب الثقافات و نشر المعلومات و عالمية الإنتاج المتبادل و نشر التقدم التكنولوجى و عالمية الإعلام .
و هذا المفهوم لا يمكن أن يتم إلا بين القوى المتكافئة سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا بحيث لا يستطيع فرض فرص التغير على الفرص الأخرى و بذلك يسير التغير فى اتجاهين بدلا من اتجاه واحد، و هذا لا يحدث بين الاقوياء أما العولمة كما هو مطبق فى عالم الواقع فهى عملية انتقالية تقسم العالم إلى عالمين :-
1 – عالم القوى الكبرى ذات المصالح المتبادلة و المؤسسات و الشركات العملاقة
2 – عالم الدول النامية أو الضعيفة و هذا العالم أن تقبل دور التابع للعالم الأول و حتى طاقته التكنولوجية القليلة التى تطورت بشق الأنفس يتم استنزافها و الاستيلاء عليها بواسطة دول العالم الاول .
و تعرف العولمة بالمعنى الأكاديمى الدقيق بأنها نظام مشاركة كافة أرجاء العالم فى وضع النظام الثقافى، و الإعلامى، و السياسي، و الاقتصادي للجميع إلا أن هناك اعتراض على هذا المفهوم فنتائج هذا الاتحاد تسبب فى أن الشريك الأقوى ذلك الذى يملك أكثر الآلات و القدرات تعقيدية
يقصد بالعولمة عملية تكثف العلاقات الإجتماعية عبر العالم وترابط الأحدث المحلية المتباعدة بطريقة وثيقة الصلة ، كما لو كانت تقع فى مجتمع واحد .
كما يقصد بها عملية ضغط العالم وتصغيره وتركيز الوعى بع فى مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية الاجتماعية .
ويقصد بها أيضاً ظاهرة تاريخية تعبر عن حقيقة التحول الرأسمالي العميق للإنسانية جمعاء فى ظل هيمنة دول المركز وسيادة نظام عالمي جديد غير متكافئ .
و من خلال هذه التعريفات لمفهوم العولمة أن تنظر إلى العالم على أنه يجب أن يكون عالم واحد متكاملا و كأنه قرية صـغيرة و على جعله عالم واحد فى مجال القيم و الأخلاقيات و الثقافات و النواحي الاقتصادية ،و السياسية ، و الاجتماعية و بعضها ينظر إلى تقسيم العالم إلى عالم قوى(كبير ) و عالم ضعيف (صغير) بحيث يستمد العالم الصغير كل قيمه، و أخلاقياته و ثقافته و نظمه الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية من العالم الكبير إلا أن هذا التقسيم يفرض على العالم الكبير كل قيمه ،و ثقافاته ،و أخلاقياته على العالم الصغير و ينتج عن ذلك تحكم العالم الكبير فى العالم الصغير و السيطرة و الهيمنة عليه و يجب مواجهة هذا التحدي عن طريق التعليم و خاصة التعليم العالى من حيث المناهج و المقررات الدراسية و فى المدارس أيضا عن طريق المعلم باعتبار أن يكون له دور كبير فى ذلك و لذلك يجب الاهتمام بعملية إعداده أثناء دراسته بكلية التربية و نظم قبوله و مناهج دراسته بحيث أن تكون برامج إعداد المعلم تنمى لديه فهم الثقافات العامة و القدرة على التشكيل الاجتماعي و تزويده بالمهارات التي تمكنه بالإلمام بالمستحدثات الجديدة و أن تتناول برامج إعداد المعلم أهم القضايا، و المشكلات و التحديات المستقبلية و أن تؤهله للتعامل مع هذه المشكلات ،و القضايا و التحديات و مواجهتها

أهداف العولمة :-
هناك مجموعة من الأهداف الحيوية للعولمة يمكن توصيفها على النحو التالي :
1 – الوصول الى سوق عالمى مفتوح بدون حواجز أو فواصل جمركية أو إدارية أو قيود مادية أو معازل عرقية أو جنسية او معنوية أو عاطفية بل إقامة سوق متسع ممتد يشمل العالم كله و يشمل كل قطاعاته و مؤسساته و أفراده أى الوصول بالعالم كله إلى أن يصبح كتلة واحدة متكاملة و متفاعلة و فى نطاق هذا الهدف يتم احتكار مباشر و غير مباشر بين كافة الأجناس البشرية بموروثهم الحضارى و ثقافتهم المتعددة و اختلافهم الفكرى و صهر هذا الاختلاف فى بوتقة التوحيد و الائتلاف .
2 – الوصول بالعالم إلى جعله وحدة واحدة مندمجة و متكتلة سواء من حيث المصالح و المنافع المشتركة و الجماعية أو من حيث الإحساس و الشعور بالخطر الواحد الذى يهدد البشرية جميعا أو من حيث أهمية تحقيق الأمن الجماعي بأبعاده الكلية و عناصره الجزئية الفاعلة فيه و أهمية التصدى لأى خطر يهدد الاستقرار و الأمن العالمى العام و التعامل معه بجهد و عمل مشترك و تعاون كامل من الجميع و يتضمن ذلك القضاء على بؤرة النزاع ، و مصادر التوتر و عوامل القلق و يتم ذلك من خلال زيادة مساحة الفكر المشترك، و إنهاء حالات الصراع و زيادة الاعتمادية المتبادلة بين الشعوب و تنمية حاجة كل منهما إلى الآخر، و خلق الثقة، و جنى المكاسب المشتركة
3 – الوصول الى شكل من أشكال التجانس العالمى سواء من خلال تقليل الفوارق فى مستويات المعيشة أو فى الحدود الدنيا لمتطلبات الحياة أو فى حقوق الإنسان و خاصة أان هذا التجانس لا يكون بالتماثل و لكنه قائم على التعدد و التنوع و على التشكيل الدافع و الحافز على الارتقاء و التطور الذى يرتفع بجودة الحياة و من ثم تختفى الأحقاد و المطامع و تزداد المودة و الألفة و من ثم يتحول الانتماء و الولاء إلى رابطة إنسانية عامة شاملة تشمل كل البشر و تتحول قيمة الحياة معها الى قيمة الحرية و قيم العدل و قيم المساواة
4 – تنمية الاتجاه نحو إيجاد لغة اصطلاحية واحدة تتحول بالتدريج الى لغة وحيدة للعالم يتم استخدامها و تبادلها سواء بالتخاطب بين البشر، أو بين الحاسبات الالكترونية، أو ما بين مراكز تبادل البيانات و تخليق و صناعة المعلومات
5 – الوصول الى وحدة الإنسانية جمعاء و يستخدم لتحقيق هذا الهدف قدر متعاظم من الحراك الحضارى لتأكيد الهوية العالمية و لتحقيق تحسينات مضافة فى الوجدان و الضمير الإنسانى ،و تنمية الإحساس بوحدة البشر و وحدة الحقوق لكل منهم سواء ما كان مرتبطا بحق الحياة و حق الوجود و حق الاستمرار
6 – تعميق الإحساس و الشعور العام و المضمون الجوهرى بالإنسانية البشرية و إزالة كل أشكال التعصب و التمايز العنصرى و النوعى وصولا إلى عالم إنسانى بعيدا عن التعصبات و التناقضات الانفراطية
7 – انبعاث و بعث رؤية جديدة بمثابة حركة تنوير كبرى و استبصار و تبصير فاعلة يسرى و يداعب طموحات البشر باختلاف أجناسهم و شعوبهم و دولهم و يخاطب أحلامهم و من ثم تصبح الرؤية فاعلة فى المنظور البشرى سواء من حيث الضمير أو من حيث الطموحات .

خصائص العولمة : –

وتتصف العولمة بمجموعة من الخصائص أبرزها ما يلي :

سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على اقتصاديات العالم حيث تم اختراق أكثر من ( 30 ) ألف شركة متعددة الجنسيات إلى ( 500 ) شركة كبرى فى العالم إبرادها يعادل حوالى ( 41 % ) من النتائج المحلى الإجمالى العالمى ، كما أن ( 424 ) شركة من هذه الشركات تمتلكها مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى ، أمريكا واليابان وكندا وفرنسا وإنجلترا وألمانيا وإيطاليا .
بروز أحادية القطب التى تعد من أهم سمات العولمة والتى تتمثل فى الهيمنة الأمريكية على العالم والسيطرة السياسية والعسكرية والاقتصادية وامتلاك وسائل الاتصال والتكنولوجيا المتقدمة .
تراجع دور الدولة وعجزها عن مواجهة الشركات متعددة الجنسيات التى حلت محل الدولة فى بعض الدول المتقدمة .
تكوين نخبة من رجال الأعمال لا تنتمى إلى بلد معين ،هدفها الأساسي السعى لنقل نشاطها فى أى مكان وفق مقتضيات العائد المادى على نطاق علمى .
تحقيق الوحدة والألفة والتامل بين البشر دون اعتبار للعرق أوالثقافة أو الطبقة الاجتماعية والخلفية .
تؤدى العولمة إلى انقسام العالم إلى مناطق حضارية مغلقة وأخذ هذا الانقسام الشكل الثقافى والحضاري وأصبح أكثر وضوحاً من أى وقت مضى .

أشكال العولمة : –
أولا- العولمة الاقتصادية :-
تمثل ظاهرة العولمة الاقتصادية أحد أبرز التطورات الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد العالمي في أزمنة نهاية القرن العشرين والعولمة الاقتصادية مرحلة من مراحل تطور المنظمة الرأسمالية تتميز بالانتقال التدريجي من الاقتصاد الدولي الذي تتكون خلاياه القاعدية من اقتصاديات إنتاجية كونية وهيمنة معلومة علي موارد الكوكب وإدارة اقتصادية شديدة المركزية للعلاقات الاقتصادية العالمية ولمجريات ومغريات الاقتصاد العالمي وشيوع منطق القرار الاقتصادي المعولة ومقومات السيادة الاقتصادية العالمية بدلا من مقومات السيادة الاقتصادية الوطنية والسيطرة العولمة علي حركة التصنيع والتكنولوجيا وتستند العولمة إلي مرجعيات غاية في الأهمية بالنسبة لاقتصاديات الجنوب ومنها الاقتصاديات العربية ويشير مفهوم العولمة من المنظور الاقتصادي إلي تحول العالم إلي منظومة من العلاقات الاقتصادية المتشابكة التي تزداد تعقيدا لتحقيق سيادة نظام اقتصادي واحد فيه يتبادل العالم الاعتماد بعضه علي بعض الأخر في كل من الخامات والسلع والمنتجات والأسواق ورؤوس الأموال والعمالة والخبرة حيث لا قيمة لرؤوس الأموال من دون استثمارها ولا قيمة لسلع دون أسواق تستهلكها .
شاع استخدام هذا المصطلح بداية فى مجال المال و التجارة و الاقتصاد و لكنه سرعان ما تعدى هذا الإطار المحدود بالاقتصاد و ليصبح الحديث عنه على أنه نظام عالمى يتضمن فى شموليته مجالات المال، و التبادل، و الاتصالات و تقيدها وصولا إلى مساحات السياسة، و الفكر و هو ما يعنى فى أبسط تعريفاته الانتقال بالشئ من المحدود إلى اللامحدود أو جعله عالميا، أو حدوده الكرة الأرضية و تعد العولمة إحدى معززات و نتائج التقنية الحديثة فى وسائل الاتصال و الإعلام و الإعلان و هذا المفهوم الجديد مع بدء عمل منظمة التجارة الدولية و أثرها فى التحول من الاقتصاد الوطنى المنطلق الى الاقتصاد العالمي و سوقه الموحدة ستجعل الصعب على أية دولة أن تحقق معدلات التنمية المنشودة خارج نطاق هذا السوق بل إن التوجه نحو هذا السوق و إيجاد الميزة التنافسية للصناعات الوطنية يصبح المحرك الأساسي للصادرات و من ثم التطور الصناعي و بذلك يصبح التجديد، و التطوير، و المحافظة على الجودة من العناصر المهمة لتحقيق الميزات التنافسية الأمر الذى يوحى إلى أن نهضة التربية و التعليم ستصبح أساس التطور الاقتصادي الجديد ، و بالاهتمام المتزايد خلال هذا العقد من قبل الدول المتقدمة بإصلاح نظم التربية، و التعليم لتتواكب مع المستجدات العالمية الإدليل واضح على هذا التوجه
و يشير مفهوم العولمة من المنظور الاقتصادي الى تحول العالم الى منظومة من العلاقات الاقتصادية المتشابكة التي تزداد تعقيدا لتحقيق سيادة نظام اقتصادي واحد فيه يتبادل العالم الاعتماد بعضه على بعضه الآخر في كل من الخدمات و السلع و المنتجات و الأسواق و رؤس الأموال و العمالة و الخبرة حيث لا قيمة لرءوس الأموال من دون استثمارات و لا قيمة للسلع دون أسواق تستهلكها
ويضيف الاقتصاديون أنه منذ بدء تطور، و تضخم الشركات المتعددة الجنسيات فقط تطورت العولمة اقتصاديا، و معلوماتيا ، و أدى تعمق هذا التطور الى الإسراع بتضخم هذه الشركات بدءا من زيادة قدرتها على الاستفادة من فروق الأسعار أو نسبة الضرائب أو مستوى الأجور و انتهاء بتركيز الإنتاج فى المكان الأرخص و نقله إلى الاستهلاك فى المكان الأعلى على مستوى الكرة الأرضية و العولمة هى صناعة الأسواق التى تتضمن عالمية التصدير و الاستيراد
وبذلك فالعولمة فى مفهومها الاقتصادي إبعاد و إقصاء المستضعفين نهائيا عن أى مشاركة فى ميادين التنافس و إفساح المجال للشركات عابرة القارات لكى تفرض قوانينها و أسعارها و شروطها على أصحاب الكيانات الاقتصادية الهشة من الفقراء ،و المطحونين دون أى اعتبار لإنسان و النتيجة معروفة سلفا و هى أن يبقى الضعفاء فريسة لجشع الكبار واقفين فى انتظار الموت و الانتحار
فالعولمة الاقتصادية هي عملية سيادة نظام اقتصادي واحد ينطوي تحته مختلف بلدان العالم في منظومة متشابكة من العلاقات الاقتصادية تقوم علي أساس تبادل الخامات والسلع والمنتجات والأسواق ورؤوس الأموال ونتيجة لظهور الشركات المتعددة الجنسيات فقد تطورت العلاقات الاقتصادية بين بلدان العالم .
وأن العولمة في جانبها الاقتصادي اتخذت شكل تيار متصاعد هادر من أجل فتح الأسواق وانفتاح كل دول العالم علي بعضها البعض وقد تنامى هذا التيار مع تزامن حركة نهوضية من أجل تحديث وتطوير بنية الإنتاج في اقتصاديات السوق المتقدمة وتصدع نظم الإنتاج في اقتصاديات دول التخطيط المركزي وتحولها إلي اقتصاد السوق وما أحدثه ذلك من تفكيك هائل وانكشاف خارجي ضخم في هذه الدول .
يقوم البعد الاقتصادي للعولمة علي مبدأ حرية التجارة الدولية الذي يعني انسياب السلع والخدمات وانتقال رؤوس الأموال بين الدول دون عوائق أو حواجز وقد عبرت الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة ( الجات ) عن هذا المبدأ خير تعبير حيث تنص أهدافها علي إقامة نظام تجارة دولية حرة يؤدي إلي رفع مستويات المعيشة في الدول المتعاقدة والاستغلال الكامل للموارد الاقتصادية العالمية والعمل علي تطويرها وتنمية وتوسيع الإنتاج والمبادلات التجارية السلعية الدولية والخدمات وتشجيع الحركة الدولية لرؤوس الأموال وما يرتبط بها من زيادة الاستثمارات العالمية وسهولة الوصول إلي الأسواق ومصادر المواد الأولية وتشجيع التجارة الدولية من خلال إزالة القيود والحواجز التي تعترض طريقها وبذلك تترتب علي العولمة الاقتصادية زيادة الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين دول العالم ولذلك فإن الدول النامية وخاصة الدول الأقل نمو تواجه أوضاعا بالغة الصعوبة ومن بينها انخفاض رصيد رأس المال البشري وعدم توافر البنية الأساسية وعدم الاستقرار السياسي بالإضافة إلي ارتفاع مستويات الدين الخارجي الأمر الذي يترتب عليه عدم قدرة استفادة هذه الدول من العولمة ومن هذه العوامل أيضا ضعف جانب العرض واعتماد هذه الدول علي سلعة أو سلعتين في التصدير بالإضافة إلي التقلبات التي تلحق بأسعار صادرات هذه الدول .

ثانيا -العولمة السياسة :-
إن الجانب السياسي للعولمة وهو جانب الحرية والديمقراطية وهو جانب دفعت من أجله شعوب العالم باختلاف نماذجها ثمن غالي من دماء أبنائها ولا تزال تدفع كل يوم ضريبة دم جديدة من أجل إحقاقها .
إن الديمقراطية الحرة لم تعد مجرد شعارات زائفة يمكن إرجاء تطبيقها أو يمكن تزويد إرادة الشعوب فيها بل أصبحت حتمية فرضية من حتميات الحياة الحرة الكريمة ومعها أخذت قلاع الظلم والطغيان والجبروت والتسلط تنهار وتدك حصونها واحدا بعد الأخر لقد أثارت العولمة الكثير من الأسئلة وأثارت كل كوامن الفكر بشأن ولادة مرحلة كونية جديدة .
و هناك من يرى أن العولمة فى المنظور السياسي تعنى أن الدولة لا تكون هى الفاعل الوحيد على المسرح السياسي العالمي، و لكن توجد إلى جانبها هيئات متعددة الجنسيات و منظمات عالمية و جماعات دولية و غيرها من التنظيمات الفاعلة التي تسعى إلى تحقيق مزيد من الترابط و التعاون و الاندماج الدولي بحيث تكف الدول عن مراعاة مبدأ السيادة الذي يأخذ في التقلص و التآكل تحت تأثير حاجة الدول إلى التعاون فيما بينها فى المجالات الاقتصادية ،و البيئة التكنولوجية و غير ذلك مما يعنى أن السيادة لا تكون لها الأهمية نفسها من الناحية الفعلية فالعملية قد تضطر الى التفاوض مع جميع الفعاليات الدولية مما ينتج منه أن حريتها في التصرف بحسب مشيئتها تصبح ناقصة و مقيدة

إن العولمة في المنظور السياسي تعني أن الدولة لا تكون هي الفاعل الوحيد علي المسرح السياسي العالمي ولكن توجد إلي جانبها هيئات متعددة الجنسيات ومنظمات عالمية وجماعات دولية وغيرها من التنظيمات الفاعلة التي تسعى إلي تحقيق مزيد من الترابط والتداخل والتعاون والإندماج الدولي بحيث تكف الدول عن مراعاة مبدأ السيادة التي يأخذ في التقلص والتآكل تحت تأثير حاجة الدول إلي التعاون فيما بينها في المجالات الاقتصادية والبيئية والتكنولوجية وغير ذلك ما يعني أن السيادة لا تكون لها الأهمية نفسها من الناحية الفعلية فالدول قد تكون ذات سيادة من الناحية القانونية ولكن من الناحية العملية قد تضطر إلي التفاوض مع جميع الفعاليات الدولية مما ينتج منه أن حريتها في التصرف بحسب مشيئتها تصبح ناقصة ومقيدة .

ويقوم الجانب السياسي للعولمة علي الحرية في صورها المتعددة حرية العقيدة والفكر والتعبير وحرية الانضمام إلي التنظيمات السياسية وتشكل الأحزاب والانتخاب وحرية الاختيار ومن المظاهر السياسية للعولمة سقوط النظم الديكتاتورية والشمولية والاتجاه إلي الديمقراطية والنزوع إلي التعددية السياسية وتأكيد احترام وصيانة حقوق الإنسان ويشهد العالم المعاصر تطورها تطور ديمقراطي يتجلى في تطبيقات متعددة في دول كثيرة بما فيها بعض الدول النامية ومما يلفت النظر الزيادة الملموسة في درجة المشاركة السياسية للشعوب في تعزيز مصيرها وفي ظل النظام العالمي الجديد هوى النظام الحزبي الواحد في بعض الدول التي أخذت بتعدد الأحزاب وإتاحة له حرية العمل الوطني عن طريق تعميق الديمقراطية حيث أسقطت الحواجز التي تحول دون تكوين الأحزاب السياسية ولم تعترض مسيرتها طالما أنها تعمل لصالح الوطن والمواطنين كما وفرت حرية التي شيح للمجالس النيابية وحرية الانتخاب

ومن مظاهر العولمة السياسية احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية طبقا لميثاق الأمم المتحدة ويعتبر مبدأ التدخل لأغراض إنسانية أو التدخل الدولي الإنساني مثلا حيا لذلك الاهتمام .
كما يدخل ضمن مظاهر العولمة السياسية النمو والنشاط الملحوظ للمنظمات الدولية غير الحكومية والتي تركز اهتماماتها علي قضايا ذات طابع عالمي مثل حقوق الإنسان وتحقيق السلام وتعد منظمات حقوق الإنسان ومتى طليعتها منظمة العفو الدولية مثالا ناصعا للعمل الدائب والنشاط المستمر والجهد المعنى الذي يتوخى احترام حقوق الإنسان .وترفع العولمة السياسية شعارات الديمقراطية والتعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان وتواجه دول العالم الثلاث تحديات كبيرة تجاه هذه الشعارات الثلاثة وقد شهدت بعض الدول الثلاث علي مدى العقود الثلاثة الأخيرة عملية الانتقال إلي التعددية السياسية بيد أنها لم تؤد إلي تغيير أساسي في طبيعة السلعة وأساليب ممارسة الحكم بسبب القيود والضوابط السياسية والقانونية والإدارية التي فرضتها النخبة الحاكمة علي تلك العملية مما فرغها من مضامينها الحقيقية وعلي الرغم من وجود تعددية ضريبة في كثير من الدول النامية فإن النظام الحزبي في داخلها يفتقر إلي الفاعلية لكثرة القيود التي تعترضها النظم الحاكمة علي أحزاب المعارضة وضعف التعاون والتنسيق فيما بينها فضلا عن اختصار الكثير من الأحزاب السياسية إلي القواعد الجماهيرية والأيدلوجية الواضحة والديمقراطية الداخلية كما أن النظم الحاكمة تكبل تنظيمات المجتمع المدني بكثير من القيود الأمر الذي يحد من حريتها واستقلاليتها وتتغير عملية التحول الديمقراطي في دول العالم الثالث لعدة أسباب أهمها : استمرار هيمنة السلطة القضائية ، وتعدد مظاهر انتهاك حقوق الإنسان .

و هناك اتجاها آخر ينادى به الأستراتجيون من علماء السياسة يرى ضرورة فك الاشتباك بين العولمة و الهيمنة إذ يرى هؤلاء أن العولمة عملية تطور تاريخى موضوعى لا نملك إلا الاستجابة إليها بينما الهيمنة و هى إيدولوجيا العولمة هى ما يجب أن نحاربها على اعتبار أن الهيمنة انتعاش لـموازين القوى السيــاسية، و الاقـتصــادية فى العالم لـصالـح قطب واحـد يــريد أن يفرض سياسات يسير الكل فى ركابها

ثالثا -العولمة الثقافية :-

ارتبط المفهوم الثقافي للعولمة بفكرة التنميط Uniformalisation أو التوحيد Unification الثقافي العالمي علي حد التعبير التي استخدمتها لجنة اليونسكو العالمية للإعداد لمؤتمر السياسات الثقافية من أجل التنمية التي عقدت في اجتماعاتها في مدينة استكهولم عام 1998 فقد رأت اللجنة أن التنميط الثقافي يتم استغلال ثورة وشبكة الاتصالات العالمية وهيكلها الاقتصادي الإنتاجي والمتمثل في شبكات نقل المعلومات والسلع وتحريك رؤوس الأموال .
كما أن التوحيد أو التنميط الثقافي هو مرآة التطور الاقتصادي للعولمة فمن البديهي أن يتكامل البناء الثقافي للإنسانية مع البناء الاقتصادي المعلوماتي ومن هنا اتخذ المفهوم الثقافي للعولمة بعدا اقتصاديا إعلاميا ومن ثم فإن عولمة الثقافة تصبح شكلا آخر من أشكال فرض السيطرة والاحتواء والتبعية بل ربما تكون من أخطرها جميعا إلي حد ذهب معه البعض إلي القول بأن تنميط الثقافة هو الحرب العالمية الثالثة غير المعلنة بين الشعوب الأكثر نموا أو تلك الأقل نمو بشكل خاص .

لما كانت عولمة الثقافة من المفاهيم التى أصبحت شائعة الانتشار على نطاق واسع بما تحمله من مخاوف و آمال و التى يعبر عنها باستمرار من خلال وسائل الإعلام المختلفة و تصريحات الكتاب و المسئولين كظاهرة حتمية يجب الاستعداد لها فقد أهتم رجال التربية بثقافة العولمة و الأخذ بمفاهيم الحداثة Modernity والمواطنة Citizenship من منظور العولمة
و تلعب الثقافة دورا مهما فى حياة الإنسان ، و أنها هى التى تميز بين فرد و آخر و بين مجتمع و آخر بل إن الثقافة هى التى تميز الجنس البشرى عن غيره من الأجناس ؛ لان الثقافة هى التى تؤكد الصفة الإنسانية فى الجنس البشرى
و من أقدم التعريفات للثقافة هو تعريف إدوارد تايلور الذى عرف الثقافة على انها كل مركب يشمل على المعرفة و المعتقدات و الفنون و الأخلاق و القانون و العرف و غير ذلك من الإمكانات أو العادات التى يكتسبها الإنسان باعتباره عضو فى المجتمع و يبرز هذا التعريف العناصر اللامادية لحياة الناس فى جماعة كالأخلاق و القانون و العرف الـذى ينشا نتيجة للتفاعل الاجتماعي و تأخذ طابعا إلـزاميا الى جانب العنصر المادي للثقافة علاوة على العلاقات بين الناس و بين العناصر المكونة الثقافة
و هناك من عرف الثقافة على أنها تعنى كل ما صنعه الإنسان فى بيئته خلال تاريخه الطويل فى مجتمع معين ، و تشمل اللغة و العادات و القيم و آداب السلوك و الأدوات و المعرفة و المستويات الاجتماعية و الأنظمة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و التعليمية و الثقافية
و نظرا لتنوع و تعدد تعريفات الثقافة بشكل يصعب حصره ركز مؤلفو كتاب نظرية الثقافة على اتجاهين وإضحين فى تلك التعريفات و إن كان بينهما تنافس ينظر أحدهما للثقافة على أنها تتكون من القيم و المعتقدات و المعايير و الرموز و الايدولوجيات، و غيرها من المنتجات العقلية
أما الاتجاه الآخر فيربط الثقافة بنمط الحياة الكلى لمجتمع ما و العلاقات التى تربط بين افراده و توجهات هؤلاء الأفراد فى حياتهم و استمدوا منها ثلاثة مفاهيم تمثل الثقافة فى نظرهم و هى :-
1 –التجهيزات الثقافية 2 –العلاقات الاجتماعية 3 – أنماط و أساليب الحياة
و يتضح أنها ظواهر، أو عناصر مرتبطة ببعضها البعض فى الكل المركب للثقافة فالتجهيزات الثقافية تشمل القيم و المعتقدات المشتركة بين الناس و العلاقات الاجتماعية تشمل العلاقات الشخصية التى تربط الناس بعضهم إلى البعض الآخر
وإزاء تحدى العولمة الثقافية لابد للتربية خلال مؤسساتها المختلفة من القيام بمسئولياتها من خلال قيامها ببعض الواجبات الأساسية ومنها :
تدعيم الهوية الثقافية والوطنية دون إغلاق الأبواب أمام الثقافات الأخرى .
السعى لاستخدام اللغة العربية السليمة والبسيطة فى وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرى وخاصة مع البرامج التى تعامل مع الطفل والابتعاد ما أمكن عن اللهجات المحلية .
إيجاد توازن بين رسائل المؤسسات التى تعنى بالجوانب الثقافية والتعليمية ورسائلها التى تعنى بالترفيه والتسلية على إلا يتعارض المضمون الترفيهي مع القيم التى تستهدفها التنمية .
دعم القيم الدينية والروحية انطلاقاً من دور الدين فى تاريخ العرب وتراثهم وحياتهم المعاصرة والتأكيد على نسق قيمي يستند إلى القيم العربية والإسلامية .
إنشاء هيئة تربوية إعلامية تبضم الكفاءات والمخلصين من التربويين والإعلاميين تسهم فى التخطيط لوضع برامج تربوية وتثقيفية بعيدة المدى تستهدف مواجهة أخطار العولمة الثقافية .
تحليل ونقد الرسائل الإعلامية التى تبثها وسائل الإعلام وما تحمله من قيم قد لا تتفق والقيم الدينية والروحية العربية والإسلامية أو تتعارض مع سياسات التنمية والجهود الساعية لحماية الخصوصية الثقافية .
الحفاظ على التراث الثقافى وإثرائه بالربط بين الموروث الثقافى والإبداعات المعاصرة .

إيجابيات و سلبيات العولمة :-
و على الرغم من تعريفات العولمة و تعددها و مدى تفرعها فى جميع الجوانب الاقتصادية ،و السياسية ،و ما لها من أهداف فقد ظهر لها إيجابيات و سلبيات أهمها
أولا- إيجابيات العولمة:-
هناك العديد من الإيجابيات للعولمة نذكر منها ما يلى:
1 – إيجابيات اجتماعية نذكر منها:
أ – أن العولمة هى حتمية التعامل اليقظ مع الواقع العالمى بكل مفرداته
ب – أن العولمة تقتضى السعى إلى التميز و الاتقان و الارتفاع بمستوى الطموح
للفرد و الجماعات
ج- أن العولمة تهدف إلى مناشدة الكمال و قبول التغير
د- أن العولمة تنمى الصدق و الجراءة فى الحق و الوضوح فى التعامل مع النفس و الاخرين
ه- أن العولمة تسعى الى تبنى و ترويج الفكر المستقبلى لأبناء الوطن بصياغة عقولهم بعيدا عن الفكر التقليدى و التمسك بالماضى
2 – إيجابيات اقتصادية نذكر منها :
أ – أن العولمة هى البديل المقبول للدول النامية فى خلاصها من مأزق التخصص
فى اتجاه منتجات أولية متدنية القيمة المضافة و ذلك عن طريق
– تطعيم المؤسسات القائمة بشركات متعددة الجنسيات مع ضرورة الاهتمام بالمهارات التفاوضية و تقنين الأطر الحاكمة لتشغلها فى الدول المضيفة
– التعرف على المميزات النسبية و التنافسية للسلع الأولية فى كل دولة مما يتيح
لها فرص الاندماج أو التكامل
ب- تنمية التعاون الإقليمى بين مصر و جيرانها عن طريق :
ضمان التدفق الحر للعمالة و رأس المال
الاهتمام بتنظيم رحلات جماعية للدول العربية لتهيئة الأجيال القادمة للتقارب فى التعامل التجاري

ويرى المفكرون أن للعولمة تأثيراتها الايجابية والتي من أهمها :

1-أن هناك مشاكل إنسانية مشتركة لا يمكن حلها من منظور السيادة الوطنية المطلقة للدولة التي يقوم عليها النظام الدولي القائم في اليوم كانتشار أسلحة الدمار الشامل والتهديدات الثورية والتلوث البيئي وغيرها من المشكلات وبالتالي فلابد من اشتراك جميع دول العالم في استراتيجية موحدة للسيطرة والقضاء علي تلك المشاكل .
2-كما أنها تؤدي إلي الإسراع في عملية التطور الديمقراطي في العالم وإضعاف النظم المستبدة وأدى ارتباط العولمة بالثورة العلمية والمعلوماتية إلي فتح آفاق معرفية لا متناهية أمام البشرية .
3-كما أبرزت العولمة مكانا للمنافسة بين الكفاءات وساعدتهم علي النجاح في الحياة العملية نتيجة تميزهم بمهاراتهم التي لم تتيح لغيرهم .
4-أنها تقضي السعي بين التميز والإنفاق والارتفاع بمستوى الطموح للفرد وللجماعة .
5-أنها تنمي الصدق والجرأة في الحق والوضوح في التعامل مع النفس والآخرين بعد أن أزاح العلم القناع عن طبيعتها لينكشف المختفي منها .
6-أن العولمة تسعى إلي تبني وترويج الفكر المستقبلي لأبناء الوطن بصياغة عقولهم بعيد عن الفكر التقليدي والتمسك بالماضي .
7-أنها محك حقيقي لاختيار مادة صناعية من أفكار وجهاز قياسي لما نطبقه من ممارسات عملية في شتى قطاعات الاقتصاد القومي .
8-أنها الناتج الشرعي لتحرير التجارة العالمية ومحصلة القوى للعديد من المنظمات الدولية التي تقاسمها فكر الاعتماد المتبادل بين الدول .
9-إن العولمة هي البديل المقبول للدول النامية في حلالها من مأزق التخصصي في تجارة منتجات أولية متدنية القيمة وذلك عن طريق :
أ-تطعيم المؤسسات القائمة بشركات متعددة الجنسيات مع ضرورة الاهتمام بالمهارات التفاوضية وتعتني الأطر الحاكمة لتشغيلها في الدول المعنية .
ب-التعرف علي الميزات النسبية والتنافسية للسلع في كل دولة مما يتيح لها نواحي الاندماج أو التكامل ومن ثم الاحتفاظ بصيغتها الكثيفة في المعاملة وتحسن مستويات الدخول .

ثانيا- سلبيات العولمة:-
يرفض الكثير من كتاب ،و مفكرى العالم الثالث مفهوم العولمة باعتباره يعبر عن ظاهرة تعمل على (أمركة العالم ) و تهميش الشعوب و إذلالها و جعل العالم يعيش داخل قوالب جامدة فرضتها عليه قوى الإنتاج و الإعلام الأمريكية و التى تحاول أن تجعل من العالم نسخة منسوخة مما لديها من ثقافة، و سلوك أمريكي محض و بذلك تنمط العالم و تجعله مشوها و ممسوخا و منسلخا عن ذاته و عن واقعه و قد عمد هذا الاتجاه الفكري إلى مقاومة ظاهرة العولمة و إثارة جدلا واسعا حول أثارها السلبية فيما يلى:-
1 – سحق الهوية و الشخصية الوطنية و إعادة صهرها و تشكيلها و إطارهوية شخصية عالمية
2 –سحق الثقافة و الحضارة المحلية الوطنية و إيجاد حالة اغتراب ما بين الإنسان و الفرد و تاريخه الوطنى و الموروثات الثقافية و الحضارية التى أنتجتها حضارة ألاباء و الأجداد
3-سحق المصالح و المنافع الوطنية خاصة عندما تتعارض مع مصالح العولمة أو مع تياراتها المتدفقة فى كافة المجالات و نزوع العولمة إلى الانفتاح الواسع
-استباحة الخاص الوطنى و تحويله إلى كيان رخو ضعيف غير متماسك و بصفة خاصة عندما يكون هذا الخاص لا يملك القدرة على التحرر أو التطور أو إعادة تشكيل ذاته بشكل جديد قابل للتكيف مع تيار العولمة
– السيطرة على الأسواق المحلية من خلال قوى فوقية تمارس سطوتها و تأثيرها ذى النفوذ القوى على الكيانات المحلية الضعيفة و يسحقها و تحولها إلى مؤسسات تابعة لها
– فرض الوصاية الأجنبية باعتبار أن العولمة و أن هذا الأجنبى أكثر تقدما و قوة و نفوذا و من ثم إذلال كل ما هو محلى، و التنصل من إفرازاته و ثماره بل ممارسة القهر عليه فى شكل موجات متتالية و متصاعدة و متـلاحقة حتى يتوقف عن ممارسـة أى مقاومة و الاستسلام لتيار العولمة و الرضوخ لمطالبه، و الاستجابة لمتطلباته التى يقدمها

تتمثل أهم الجوانب السلبية للعولمة فيما يلي :

سحق الهوية والخصية الوطنية المحلية وإعادة صهرها وتشكيلها في إطار هوية عالمية .
سحق الثقافة والحضارة المحلية والوطنية وإيجاد حالة اقتراب ما بين الإنسان والفرد وتاريخه الوطني والمورثات الثقافية والحضارية التي أنتجتها حضارة الآباء والأجداد
سحق المصالح والمنافع الوطنية خاصة عندما تتعارض مع مصالح العولمة أو مع تياراتها المتدفقة في كافة المجالات ونزوع العولمة إلي الانفتاح الواسع ومحاربتها أية قيود تحول بينها وبين ما تسعى إلي الوصول إليه خاصة عندما تكون القوى المناوئة لا تملك الدفاع عن مصالحها أو عاجزة عن حماية مكاسبها أو تسيطر عليها قوى متساوية تستنزفها .
استباحة الخاص الوطني وتحويله إلي كيان رخو ضعيف غير متماسك وبصفة خاصة عندما يكون هذا الخاص لا يملك القدرة علي التحور أو التطور وإعادة تشكيل ذاته بشكل جديد قابل للتكيف مع تيار العولمة .
السيطرة علي الأسواق المحلية من خلال قوى فوقية تمارس سيطرتها وتأثيرها ذو النفوذ القوي علي الكيانات المحلية الضعيفة وتسحقها وتحولها إلي مؤسسات تابعة لها
فرض الوصاية الأجنبية باعتبار أن العولمة مصدرها أجنبي وباعتبارها أن هذا الأجنبي أكثر تقدما وقوة ونفوذا ومن ثم إذلال كل ما هو محلي والتنصل من أفرازاته وثماره
ومن الآثار السلبية للعولمة في حياتنا المعاصرة تنحصر في صعوبات عديدة أهمها :
1-الدول المتقدمة ستكون هي صانعة القرارات وموزع الأدوار علي الدول النامية تحت رغبة الاقتصاديات المتقدمة التأثير اقتصاديا وتكنولوجيا وسياسيا .
2- المنافسة ستكون كونية لا تقف عند حد خفض الانتماء وتحسين جودة السلعة بل تشمل الجودة البيئية وغيرها وستكون منافسة علي أساس القدرة علي الإبداع والابتكار أي دخول السوق بمنتجات جديدة لم تكن نسمع عنها منافسة تتسم بالديناميكية المستمرة .
3-إن العولمة فرض تحديا مهما يتمثل في أن كل اقتصاد عليه أن يضع فرص بخاصة اعتماد علي ذاته في الأساس وتحت مسمع ومرمى من الجميع بل تحت وطأة منافسيهم .


مخاطر العولمة : –
ومن أهم مخاطر العولمة ما يلي :
1-الخشية من ذوبان الدولة القومية بحيث تفقد سيادتها المطلقة وخاصة الدولة الضعيفة .
2-انهيار التوازنات الدولية السابقة الاقتصادية والسياسية والثقافية .
3-مضاعفة في المجموعات الأقوى التي كانت تسيطر في الأصل علي عناصر القوة الاقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية وغيرها .

المراجع

1-بثينة حسنين عمارة – العولمة و تحديات العصر و انعكاساتها على المجتمع المصرى القاهرة
2– حسين كامل بهاء الدين التعليم و المستقبل القاهرة الهيئة المصرية العامة للكتاب مهرجان القراءة للجميع سنة 1999
3 – محمد سيد احمد العولمة المفهوم السمات القاهرة الهيئة العامة لقصور الثقافة سنة 1999
4 – السيد احمد مصطفى عمر إعلام العولمة و تاثيره فى المستهلك المستقبل العربى بيروت مركز دراسات الوحدة العربية ع 256 سنة 2000
5 – الفريد فرج العولمة فى مراة الثقافة العربية 15 / 10 / 1998
6 – السيد ياسين العولمة و الطريق الثالث القاهرة الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1999
7 – لطفى بركات تحديات القرن 21 فى التربية القاهرة دار العربى ط1 سنة 1998
8 – احمد عبد الرحمن احمد العولمة المفهوم المظاهر و المسببات مجلة العلوم الاجتماعية مجلد 26 ع 1 سنة 1998
9-عبد الحسن زلزله (العمل الاقتصادى العربى المسيرة و التحديات تأملات شاهده على عصره ) مجلة شئوون عربية القاهرة جامعة الدول العربية ع 101 سنة 2000 1.
10محمد مهدى شمس الدين العولمة و افة العولمة مجلة منبر الحوار بيروت لبنان ع 37 سنة 1999
11- حسين توفيق ابراهيم العلاقة بين اطروحتى نظام عالمى جديد و عولمة مجلة منبر الحوار بيروت لبنان ع 37 سنة 1999
12-هدى حسن حسن (التعليم و تحديات ثقافة العولمة ) مجلة كلية التربية عين شمس ع23 جزء3 سنة 1999 ص 188 الامين سنة 2000
13– على أحمد مدكور إعداد المعلم بكليات التربية بجامعات دول مجلس التعاون الخليجى الواقع و تصور مقترح (موتمر تطوير نظم اعداد المعلم العربى و تدريبه مع مطلع الالفية ) المؤتمر العلمى السنوى السابع – كلية التربية – جامعة حلوان مايو سنة 1999 مجلد أول
14 – بسينة حسنين عمارة العولمة و تحديات العصر و أنعكاسها على المجتمع المصرى القاهرة ، دار الامين للنشر ط 1 سنة 2000 ص 22 – 23
15 – عبد الله بن أحمد الرشيد( يتطور التعليم تتوطن التقنية) مجلة المعرفة المملكة العربية السعودية ع 35 يونيه سنة 1998 ص 80
16 – مصطفى محمود مجلة الاسلام وطن ع 138 يونيه سنة 1998 ص 13
17 – مجدى عبد الحافظ و اخرون العولمة -هيمنة منفردة فى المجالات الاقتصادية و السياسية و العسكرية تقديم محمد نوار القاهرة دار الجهاد للطباعة و النشر و التوزيع 1999
18 – محمود المنير العولمة و عالم بلا هوية المنصورة دار الكلمة سنة 2000 2-محمد الهادى عفيفى فى اصول التربية الاصول الثقافية للتربية القاهرة الانجلو المصرية سنة 1987
19 – محمد احمد الحضيرى العولمة مقدة فى فكر و اقتصاد و إدارة عصر اللادولة القاهرة مجموعة النيل العربية ط 1 سنة 2000 دار
1 – Linicome, M. Nationalism Internationalization and The Dilemma of Educational Reform in Japan. Comparative Education Review – v ol32 1993
2 – Elalfi, Ramadan.Globalisation and securng( Negative and Positive Repercussions )ALAhram Centrefor Political and Strategic studies – stratgic Papers no 72 1998
3 – Ratinoff , L, Global insecurity and Education , the Culture of Globalization , Prospects – Vol 5 no 5 – 1995

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *