آفاق علمية وتربوية – الذكاء يتمثل في قدرة الإنسان العقلية على التعلم والتفكير وحل المشكلات والتكيف مع البيئة.
لا شك أن مستويات الذكاء تتفاوت من شخص لآخر نظراً للاختلافات البيولوجية والظروف البيئية لكل إنسان. يحاول علماء النفس قياس قوة الإدراك والذكاء عند الإنسان من خلال اختبارات الذكاء. قام العالم النفسي الفرنسي إلفرد بينيه عام 1905 م بتطبيق أول اختبار ذكاء Intelligence Quotient المشهور بـ (IQ).
ذكر لويس تيرمن طريقة حساب نسبة الذكاء وهي كالآتي:
إذا استطاع طفل في السابعة من العمر بالإجابة الصحيحة على اختبار يستطيع أن يجيب عليه من هو في سنه فإن هذا الطفل يتمتع بدرجة عادية من الذكاء وفي حال الفشل فإن مستواه العقلي لا يناسب عمره الزمني أما إذا حصل الطفل الذي في السابعة من العمر على إجابات صحيحة واجتاز اختباراً يناسب أطفال من عمر أكبر من عمره فهذا مقياس من المقاييس الدالة على أن عمره العقلي أكبر من عمره الزمني الفعلي. وهكذا فإن الاختبارات تقيس الفروق الفردية فيتم التعرف على الطلبة المتفوقين والمتخلفين عقلياً.
خلال الحرب العالمية الأولى طبق الجيش الأمريكي اختبار الذكاء العقلي على عدد كبير جداً من المجندين ثم انتشر بعد ذلك في المؤسسات التعليمية للكبار والصغار. كلما زادت نتيجة الاختبار عن 100 درجة كلما دل على النبوغ في حين أن 75 درجة هي الحد الأدنى من القدرة العقلية على فهم العمليات المجردة. النوابغ يحصلون على أكثر من 130 درجة. لا شك أن اختبارات الذكاء بشكل أو بآخر لها أهمية في القياس والتصنيف والتقييم.
من الواضح أن نتائج اختبارات الذكاء تدل على أن الأغنياء عادة أفضل من الفقراء وأن البيض أفضل من السود وأن الرجال أذكى من النساء … وهذا لا يدل على الذكاء ولكن يدل على أن البعض يمتاز ببيئة ثقافية عالية وأن الطبقة المحرومة من تلك الفرص تحصل على معدلات هابطة وهذا يدل على أن تلك الاختبارات لم تتحرر من مشكلة التحيز الثقافي Cultural bias .
في عام 1981 قام كريستوفر براند Christopher Brandبتطوير اختبارات الذكاء الإجرائية وربطها بالجانب الحركي والمهارات حيث ركز على الأصوات والصور في اختباراته. والسؤال الذي يلاحق ويتحدى أي اختبار ذكاء عقلي هو هل هذا الاختبار يقيس ما تعلمه الإنسان أو مدى قدرته للتعلم. الشق الأول من السؤال يقيس ما اكسبه الفرد من البيئة أما الشق الثاني فهو يقيس الجانب الوراثي الفطري الذي يصعب عزله عن التأثر بالبيئة.
هناك عدة جوانب للذكاء فهناك الذكاء الاجتماعي وقدرة الفرد قي تكوين علاقات متبادلة مع الآخرين وهناك الذكاء الإبداعي وعادة تظهر في القدرة على التأليف وكتابة الرواية أو القدرة على الرسم. والذكاء يتطلب الاتزان الانفعالي في مواجهة المستجدات كما أن من جوانب الذكاء القدرة على التعلم والتحليل والتطبيق والمهارات اللفظية.
تشير الدراسات العلمية إلى أن العقل البشري في جانبيه يحوي على 300 مليون خلية عصبية في حين أن ما يحويه الدماغ ككل 100بليون خلية عصبية توجد من ميلاد الإنسان والعجيب أن هذه الخلايا تتناقص مع الوقت ولكن لا تزيد كما أن موت الخلية وعدم تكاثرها من أسباب تدني الإدراك والتفكير عندما يبلغ الإنسان مرحلة أرذل العمر.
في الصفحات الأخيرة من كتابه العادات السبع يذكر ستيفن كوفي قصة طريفة عن الذكاء تهم المعلمين فيقول “من القصص الكلاسيكية في مجال النبؤات التي تحقق ذاتها، قصة حاسوب في بريطانيا برمج خطأ بطريقة غير مقصودة. بتعبير أكاديمي، صُنف صَف من الطلاب الأذكياء على أنهم أغبياء وصنف صف آخر يفترض أن طلابه أغبياء على أنهم أذكياء وكان ذلك الحاسوب المعيار الأساسي الذي يشكل نمط تصرف المدرسين تجاه طلابهم في بداية السنة الدراسية.
في النهاية حين اكتشفت الإدارة الخطأ بعد خمسة أشهر ونصف قررت أن تختبر الطلاب مرة أخرى دون أن تعلم أحدا بما حدث فكانت النتائج مذهلة فقد انخفض مستوى الطلاب الأذكياء بقدر كبير في اختبارات الذكاء فقد نظر إليهم المدرسون وعاملوهم على أنهم محدودو الذكاء وغير متعاونين ومن الصعب تعليمهم … لكن علامات المجموعة التي افترض أنها غبية ارتفعت فقد عاملهم المدرسون على أساس أنهم أذكياء فانعكست طاقتهم وآمالهم وتفاؤلهم وحماسهم إلى توقعات فردية عالية وتقدير كبير لهؤلاء الأولاد”.