المهندس مجدي عبد الكريم أبو زينه
يُعد المجال المغناطيسي للأرض ظاهرة ديناميكية تخضع لتغيرات مستمرة عبر الزمن. فمنذ حوالي 700 ألف سنة من عمر الأرض، كان القطب المغناطيسي الشمالي للأرض متمركزًا عند موقع القطب الجنوبي الحالي، بينما قبل 200 ألف سنة من ذلك، كان القطب الشمالي في موقعه الحالي. وخلال الـ 76 مليون سنة الماضية، شهدت الأرض 171 انقلابًا في مواقع أقطابها المغناطيسية.
حركة الأقطاب وتأثيرها على الظواهر الطبيعية
تلعب أقطاب الأرض دورًا رئيسا في الأنظمة الجيوفيزيائية، حيث تؤثر على المناخ، والزلازل، والثورات البركانية، فضلًا عن توازن الأشعة الكونية التي تصل إلى الأرض. التغيرات المفاجئة في المجال المغناطيسي للأرض، مثل تلك المرتبطة بالنشاط الشمسي الشديد، قد تؤدي إلى عواصف مغناطيسية لها تأثيرات واسعة النطاق.
يشير القطب الجغرافي إلى نقطة تقاطع محور دوران الأرض مع سطحها، بينما يشير القطب المغناطيسي إلى الموقع الذي تشير إليه إبرة البوصلة، والذي يتغير باستمرار بسبب التغيرات في المجال المغناطيسي للأرض.
أسباب تغير مواقع الأقطاب المغناطيسية
هناك عدة عوامل مسؤولة عن حركة الأقطاب المغناطيسية للأرض، من أبرزها:
- حركة اللب الداخلي والخارجي للأرض: يتكون لب الأرض من معادن منصهرة تتحرك بشكل غير منتظم، مما يؤدي إلى تغيرات في المجال المغناطيسي.
- التغيرات المناخية وذوبان الجليد: يساهم ذوبان الجليد في غرينلاند والقطب الجنوبي في إعادة توزيع الكتلة على سطح الأرض، مما يؤثر على التوازن العام وحركة الأقطاب.
- الزلازل والأنشطة التكتونية: قد تؤدي الزلازل الكبرى إلى تغييرات طفيفة في محور دوران الأرض، مما يتسبب في إزاحة القطب الجغرافي.
- حركة الصفائح التكتونية: تتحرك الصفائح القارية ببطء عبر الزمن، ما يؤدي إلى تغير تدريجي في موقع الأقطاب المغناطيسية.
ضعف المجال المغناطيسي وتأثيراته المستقبلية
رصد العلماء انخفاضًا مستمرًا في شدة المجال المغناطيسي للأرض على مدار أكثر من 100 عام. وتشير بعض التقديرات إلى أنه قد يصل إلى الصفر خلال 2000 عام، ليبدأ بعد ذلك في إعادة بناء نفسه بالاتجاه المعاكس. لكن يبقى السؤال المحير: هل تستطيع الكائنات الحية النجاة من هذا التغير الكبير؟
توضح الصخور البركانية المتجمدة، مثل البازلت، تاريخ المجال المغناطيسي للأرض. إذ تحتوي هذه الصخور على جزيئات غنية بالحديد تتخذ اتجاه المجال المغناطيسي السائد أثناء تبريدها، مما يتيح للعلماء دراسة تغيرات الأقطاب المغناطيسية على مدى ملايين السنين.
الاختلاف بين القطبين الجغرافي والمغناطيسي
لا يتطابق الشمال الجغرافي مع الشمال المغناطيسي حتى في يومنا هذا، إذ يتحرك القطب المغناطيسي باستمرار. فمثلًا، خلال العصر الجيولوجي الثالث، كان الشمال المغناطيسي يقع عند خط عرض 70° شمالًا وخط طول 60° غربًا، بينما قبل 350 مليون سنة، كان عند خط عرض 30° شمالًا وخط طول 45° غربًا.
التطبيقات العلمية لمراقبة التغيرات المغناطيسية
تعتمد وكالات الفضاء والمؤسسات العلمية، مثل وكالة ناسا والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، على تقنيات متطورة تشمل الأقمار الصناعية والمراصد الأرضية لرصد التغيرات في المجال المغناطيسي للأرض.
هل يشكل انقلاب الأقطاب خطرًا على الحياة؟
رغم أن تغير مواقع الأقطاب ليس ظاهرة جديدة، فإن تأثيره قد يصبح أكثر وضوحًا في المستقبل. قد تؤثر هذه التغيرات على أنظمة الملاحة الجوية والاتصالات، إضافة إلى احتمال حدوث تغيرات مناخية طويلة المدى. لذا، يستمر العلماء في دراسة هذه الظاهرة لفهم تأثيراتها المحتملة والاستعداد لها بشكل أفضل.
إن تغير أقطاب الأرض ليس ظاهرة جديدة، لكنه أصبح أكثر وضوحًا مع التقدم العلمي. وعلى الرغم من أن هذه التغيرات لا تشكل خطرًا مباشرًا على الحياة اليومية، فإنها قد تؤثر على بعض الأنظمة الحيوية مثل الملاحة الجوية والتغيرات المناخية، مما يستدعي مزيدًا من الأبحاث لمتابعتها وفهم تأثيراتها المستقبلية.
References
- British Geological Survey. “Reversals: Magnetic Flip.” (April 2, 2018) http://www.geomag.bgs.ac.uk/education/reversals.html
- Edwards, Haley. “What Will Happen When the Earth’s Magnetic Field Begins to Reverse?” Smithsonian Magazine. May 2014. (April 2, 2018) http://www.smithsonianmag.com/science-nature/what-will-happen-when-earths-magnetic-field-begins-reverse-180951166/?no-ist
- Fleming, Nic. “Earth’s magnetic field now flips more often than ever.” BBC.com. Nov. 10, 2014. (April 2, 2018) http://www.bbc.com/earth/story/20141110-earths-magnetic-field-flips-more
- Livermore, Phil and Mound, Jon. “Why the Earth’s magnetic poles could be about to swap places – and how it would affect us.” The Conversation. Jan. 27, 2017. (April 2, 2018) https://theconversation.com/why-the-earths-magnetic-poles-could-be-about-to-swap-places-and-how-it-would-affect-us-71910
- Roach, John. “Earth’s Magnetic Field is Fading.” National Geographic. Sept. 9, 2004. (April 2, 2018) http://news.nationalgeographic.com/news/2004/09/0909_040909_earthmagfield.html
- National Geophysical Data Center. “Geomagnetism Frequently Asked Questions.” (April 2, 2018) http://www.ngdc.noaa.gov/geomag/faqgeom.shtml