التعلم التعاوني ونظام العمل في مجموعات

عيد عودة أبو سرحان

أولى التربويون اهتماما متزايدة في السنوات الأخيرة للأنشطة والفعاليات التي تجعل الطالب محورا لعملية التعليم والتعلم . ومن أبرز هذه النشاطات استخدام أسلوب التعلم التعاوني ، والذي يعني ترتيب الطلبة في مجموعات وتكليفهم بعمل أو نشاط يقومون به مجتمعين متعاونين . والاهتمام بهذا الأسلوب يعود بالفوائد الجمة على الطلبة المشاركين فيه بصورة ايجابية ؛ حيث أكد الباحثون على الفوائد التي يجنيها الطلبة ، ومنها تحقيق الذات ، وتشكيل اتجاهات ايجابية مرغوب فيها ، وإتاحة الفرصة للطلبة للتحدث في مواضيع مختلفة . كما أن التعلم يحدث في اجواء مريحة خالية من التوتر ترتفع فيها دافعية الطلبة إلى أعلى حد ممكن .

مبادئ التعلم التعاوني :

التعلم التعاوني ليس عملا ارتجاليا ، بل إنه عمل يحتاج إلى التخطيط والتنفيذ واتخاذ الإجراءات والتقويم ليحقق أهدافه ، ويتطلب الأخذ بعين الاعتبار دافعية الطلبة والطريقة التي يتم بها والمشاركين فيه ، والأسباب الموجبة للتعاون بين الطلبة ، كما يتطلب تحديد أنواع النشاطات التعاونية التي ينبغي أن يقوم بها الطلبة لتحقيق التعاون الفعال .

تظهر مبادئ التعلم التعاوني بوضوح في اسلوب التعلم المسمى Numbered Heads together والذي يعني إعطاء أرقام لأفراد المجموعات التي تعمل معا وخطوات ذلك هي :

1 – اعط كل طالب في كل مجموعة رقما من الأرقام (1-4).
2 – اطرح سؤالا أو مشكلة أو أعط مهمة .
3 – اطلب من المجموعات الإجابة عن السؤال أو أداء المهمة أو حل المشكلة .
4 – اختر أحد الأرقام من (1 – 4 ) من أرقام الطلبة في المجموعات ليقوم صاحبه بالاجابة عن السؤال ، أو يقترح حلا او حلولا للمشكلة أو أداء للمهمة . إن عملية اختيار الأرقام ليقوم أصحابها بعمل الشيء المطلوب يشجع أفراد المجموعات على أداء وظائفهم بنجاح ؛ لأنه يتطلب معرفة الإجابة المتفق عليها من أفراد المجموعة ويتيح لی فرصة مساعدة بعضهم بعضا في أثناء المناقشات والمداخلات التي تحدث بينهم للاتفاق على الإجابات المطلوبة .

اقتراحات تسهم في تنظيم عمل المجموعات :

أشير الى بعض المقترحات التي تسهم في تنظيم عمل المجموعات وتساعد في حل المشكلات أو الصعوبات التي تواجه المعلمين عند تنفيذها ويتناول كل اقتراح من الاقتراحات العشرة الموجودة أمرا يتعلق بتنظيم عمل المجموعات وما ينبغي عمله بهذا الخصوص .

1 – حجم المجموعات :

يتحدد حجم المجموعات وعدد الطلبة المشاركين في كل مجموعة وفقا لنوع النشاط أو العمل المطلوب القيام به ، وتتراوح أعداد أفراد المجموعات من ثلاثة أفراد الى ستة ، ولكل حجم من أحجام المجموعات مزايا وخصائص فعندما تكون المجموعة قليلة العدد تتراوح ما بين ( 2 – 3 ) طلاب فانه يسهل إدارتها ، وينصح بتشكيل مجموعات صغيرة عند البدء بالتعلم التعاوني ، أما عندما يكون المطلوب القيام بمهام كبيرة ، فانه يفضل أن تكون أعداد افراد المجموعات كبيرة تصل إلى ستة أفراد ؛ لأن ذلك يعطي الفرصة للإفادة من مهارات ومعارف أفراد المجموعات ، وتقلل من عدد المجموعات التي يشرف عليها المعلم في الصف الواحد . إلا أن افضل حجم للمجموعات هو المجموعات التي تتكون من أربعة أفراد.

2 – كيف تشكل المجموعات ؟

ان أفضل طريقة لتشكيل المجموعات هي الطريقة العشوائية، فالانتقاء العشوائي يؤدي إلى تكوين مجموعات غير متجانسة من الأفراد ومن ذوي القدرات المختلفة والتحصيل المتفاوت ، وهذا الأمر يساعد على تحقيق أهداف التعلم التعاوني ، وهو استفادة الطلبة بعضهم من بعض .

وعلاوة على ذلك يغرس في نفوس أفراد المجموعات مفهوم العدالة ويفيد من إمكانية إقامة علاقات اجتماعية بينهم . وأفضل طريقة لتشكيل المجموعات هي الطريقة التي تعتمد على تقسيم عدد الطلبة للصف الواحد على عدد أفراد المجموعات المراد تشكيلها ، وعندما يتم تشكيل المجموعات يعطى كل فرد رقما يحتفظ به .

وعند توزيع أفراد المجموعات بطريقة عشوائية يمكن استعمال طريقة أشكال أوراق الشدة حيث يأخذ كل شكل رقم من (1-4) ويتم توزيع الأرقام على طلبة الصف ، ثم يتم تنظيم الطلبة وفقا لفئات أوراق الشدة . وفي حال عدم مطابقة أعداد الصف إلى أفراد المجموعات ، يمكن توزيع العدد الباقي على المجموعات الأخرى أو تعيينهم مراقبين .

3 – كيف تجذب انتباه الطلبة وهم يعملون في مجموعات ؟

عندما يريد أن يوضح المعلم أمرا للطلبة وهم يعملون في مجموعات وجلب انتباههم يمكنه عمل ذلك إما عن طريق إشارات يدوية متفق عليها ، أو بقرع جرس أو اختيار مراقب لكل مجموعة يراقب إرشادات المعلم ويؤكد على استجابة بقية أفراد المجموعات لتلك الإرشادات ، ويمكن استخدام نظام المكافآة للمجموعات التي تبدي استجابات سريعة أولا .

4- كيف نضمن الهدوء وتقليل الفوضى العالية من المجموعات ؟

على المعلم أن يضمن التزام الطلبة بالقيام بعملهم في مجموعات وألا ترتفع وتيرة الفوضى إلى حدود غير مقبولة . أو هناك أمور تساهم في الحد من الفوضى منها : أن يعين المعلم أحد أفراد كل مجموعة ليتولى حث الآخرين على العمل التعاوني بفاعلية وهدوء ، وأن يرتب المعلم جلوس الطلبة بحيث يكونون متقاربين ؛ لأن ذلك يسهم في تخفيف الفوضى ويعزز فرص التعاون والمشاركة .

اقترح بعض التربويين استخدام الإشارات الضوئية ذات الألوان المختلفة لتدل إما على الهدوء أو الفوضى أو الصمت ( اللون الأخضر مثلا يشير إلى العمل الهادئ والأصفر يشير إلى الحاجة إلى تخفيض
الصوت والأحمر يشير إلى الصمت التام ) .

5 – كيف نعامل الطلبة الذين لا يرغبون في المشاركة في عمل المجموعات ؟

على المعلم الذي ينظم عمل المجموعات توضيح حسنات العمل في مجموعات ، والفوائد التي يحصل عليها أفراد المجموعات من اشتراكهم في هذه المجموعات ، والتأكيد على توضيح فرص التعلم الأكبر المتاحة لهم من طريقة المجموعات .

كذلك فإن استخدام الالعاب المختلفة يشجع الطلبة على المشاركة والاشتياق للقيام بالنشاطات المنوطة بالمجموعة ، وإن أصر أحد الطلبة على العمل المنفرد في البداية لا تجبره على الاشتراك في مجموعات فعسى أن يغير وجهة نظره .

6- ماذا يعمل المعلم في حال إنهاء مجموعة أو مجموعات عملها / إعمالها قبل مجموعات اخرى ؟

هناك بعض الإجراءات التي يمكن أن يقوم بها المعلم في هذه الحالة منها : أن يتأكد من أن المجموعة أو المجموعات التي أنهت عملها قد أنجزته بصورة صحيحة ، وأن يتيح للمجموعات فرصة المقارنة بين انجازها وانجازات المجموعات الأخرى عند الانتهاء منها .

إن مناقشة كيفية القيام بالأعمال المنوطة بكل مجموعة بسهم في تحسين أداء المجموعات وعلى المعلم أن بعد بعض النشاطات القصيرة ويعطيها للمجموعات التي تنهي أعمالها في وقت مبكر وأن يقدم بعض الواجبات البيئية .

وأمر أخر هو أن يحدد الوقت الذي يجب أن تنجز فيه المجموعات أعمالها ، لأن ذلك يساعد على عدم التباطؤ من قبل المجموعات .

7 – كيف يعالج المعلم غياب أفراد المجموعات بشكل متكرر ؟

عندما يتأكد المعلم من كثرة غياب طالب ما ، يمكن تعيينه زائدا على أعداد مجموعات أخرى . ويمكن أن يسهم الطلبة في المساعدة على التخفيف من مشكلة غياب الطلبة عن طريق الطلب من أفراد المجموعات وضع الخطط المناسبة للقيام بمهام عمل المجموعة في حال غياب أحد أفرادها . وعندما يتغيب فرد من مجموعته فإن على أفراد المجموعة الاتصال به وإبلاغه عما فاته من عمل وما يريدون أن يقوموا به من تعيينات .

8 – المدة الزمنية لثبات المجموعات :

إن ثبات المجموعات لمدة تتراوح ما بين أربعة أسابيع وثمانية أسابيع يعطي الفرصة لأفراد المجموعات لتكوين صلات فيما بينهم ، وأن يكونوا مرتاحين من بعضهم، ويمكنهم من التغلب على الصعوبات التي يواجهونها. وفي حال عدم تمكن مجموعة أو مجموعات من القيام بالمهام الموكلة إليها على المعلم ألا يحل المجموعة ، بل عليه أن يعطيها نشاطات وتعليمات تعمل على بناء المجموعة كفريق ، ومن ناحية أخرى يمكن تشكيل مجموعات طويلة الأجل للقيام بأعمال تتم خلال فصل أو سنة دراسية وتشكيل مجموعات وقتية غير دائمة للقيام بمهام عاجلة لها علاقة بمهمة أو بنشاط معين في حصة خاصة.

9 – كيف ينهي المعلم عمل المجموعات ؟

عندما تقوم مجموعة بإنجاز الأعمال الموكلة لها ، يقوم أحد أفراد كل مجموعة بإجمال ما تعلموه ، ويشير إلى الفوائد التي اكتسبوها من النشاطات والمهام التي قاموا بها وعن عمليات التعلم التي مروا بها ، ولا بد من القيام بنوع من النشاط الختامي الذي يمكن أفراد المجموعات من تبادل الشكر على المساعدة والعون الذي قدموه لبعضهم ، ويمكن إبراز ما تم انجازه في نشرات خاصة لتعزيز مفهوم تحقيق الذات .


10 – ما نسبة الوقت المخصص للتعلم التعاوني من وقت الحصص الصفية ؟

ليس من الضروري أن تخصص الحصص الصفية جميعها للعمل التعاوني في مجموعات ، ولا بد من أن يتخلل عمل المجموعات أعمال أخرى يقوم بها المعلمون كأن يقدم عرضا أو توضيحات قصيرة أو القيام ببعض الأعمال المنفردة من الطلبة .

ترجمة بتصرف من مجلة ” FORUM ”

مصدر الصورة
pixabay.com

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *