لم يكن معروفاً أي شيء من أمر باطن الذرة حتى القرن العشرين، ولكن توالت الاكتشافات منذ عام 1930، واليت أدت الى اكتشاف ظاهرة النشاط الإشعاعي.
كتبت دلال الجهنى
كان جون والتون قد أشار إلى أن المواد تتركب من جسيمات دقيقة لا يمكن تجزئتها وهذه الفكرة سبق اقتراحها من قبل، فلقد فكر فيها الفيلسوف الإغريقي ديموقراط قبل أن تخطر لدالتون باثنين وعشرين قرناً وعلمها الهندوس لطلابهم حوالي سنة 1200قبل الميلاد.
ولكن دالتون اختلف عن هؤلاء المعلمين الأوائل في أنه جاء بالإثبات التجريبي لنظريته وبذلك قبل العالم نظريته الذرية.
اكتشاف النشاط الاشعاعي
لم يكن هناك شك في عقول أغلب العلماء في أن الذرة هي أصغر جسيمات المادة ثم جاء بعد ذلك مكتشف النشاط الإشعاعي هنري بيكويل سنة 896 وعائلة كوري التي استخلصت العناصر المشعة.
ولقد كان بيكريل يدرس التفسفر أي قدرة المواد على إشعاع الطاقة في الظلام بعد أن تتعرض لضوء إذ أن رونتجن الذي اكتشف الأشعة السينية من قبل بقليل كان يعتقد أن الأشعة السينية تكون فقط في المواد التي لها خاصية التفسفر وكان معروفاً أن الأشعة السينية يمكنها أن تنفذ من الورق وتؤثر في الألواح الفوتوغرافية وتحدث فيها غشاوة بمجرد السقوط عليها .
فعرض بيكريل عينات من اليورانيوم النقي لأشعة الشمس ثم وضعها على ألواح فوتوغرافية ملفوفة في ورق أسود فوجد تكون غشاوة في الألواح الفوتوغرافية في جميع الحالات وبذلك سار الاعتقاد بأن اليورانيوم يشع الأشعة السينية.
وذات يوم اتخذ الأستاذ العالم عدته لأجراء بعض التجارب ولكن الشمس لم تستطع في ذلك اليوم فزج بالألواح الفوتوغرافية واليورانيوم في الدرج ودام مغيب الشمس عدة أيام فقرر أن الألواح ربما لحقها القدم الذي يؤثر في صلاحيتها والاعتماد عليها ومع ذلك قام بتحميضها لمجرد أن يرى ما صارت إليه ولدهشته وجد تكون نفس الغشاوة التي سبق أن رآها في التجارب السابقة فبدا له كما لو كان اليورانيوم لا يحتاج للتعرض للضوء لإشعاع الطاقة.
بعد ذلك جرب عينات أخرى من اليورانيوم بنفس الطريقة فوجد أنها جميعاً تعطي الطاقة من باطنها حتى لو لم تزود بالطاقة من الخارج.
أطلق بيكريل على هذه الخاصية اسم النشاط الإشعاعي وأخبر الباحثين الآخرين عنها بلهفة شديدة وسرعان ما سأل الناس عما إذا كان هناك مواد أخرى لها نفس الخاصية فبدأت الطالبة البولندية ماري سكلودوفسكا التي كانت تعمل وقتئذ في معمل بيكريل تدريس المواد الأخرى وجدت أن البتشبلند وهو الخام الذي يستخرج منه اليورانيوم يتسبب في غشاوة الألواح الفوتوغرافية بدرجة أكبر من اليورانيوم النقي فلابد أن البتشبلند يحتوي على مادة أخرى تحدث هذا التأثير.
فصل المواد المشعة
بعد أن حصلت ماري وبيركوري على عدة أطنان من المخلفات التي تبقت من استخلاص اليورانيوم بدأت عملية فصل كمية متناهية في الضآلة من مادة مشعة في أطنان المخلفات ولقد كانت هذه العملية طويلة ومضنية لقد كان العالمان ماري وببير كوري اللذان ارتباطا برباط الزوجية يعملان في حظيرة غير مزودة بوسائل التدفئة وبمعدات مضى عليها الزمان فسحقا الخام بأيديهما وأذاباه في الحامض ثم في الماء ثم أعاد إذابة البلورات وقاما بهذه العمليات المرة تلو الأخرى.
وبعد أشهر من العمل المضنى نجحا في فصل كمية ضئيلة من عنصـر مشع أسمته مدام كوري البولونيوم تـشرفاً بـوطـنها الأصلي أما ما بقى من المخلفات فقد أظهرت أيضاً نشاطاً إشعاعياً وبعد حلقات طويلة من العمليات الكيمائية تمكن الباحثان في النهاية من الحصول على عنصر انشط من العنصر السابق إشعاعياً وسمياه الراديوم .
أعقب ذلك اكتشاف النشاط الإشعاعي للبولونيوم والتي تعني أن هناك بعض العناصر تنبعث من أنويتها ثلاثة أنواع من الأشعة غير المرئية.
في الختام كان لهذا الاكتشاف تأثير كبير على الفيزياء الحديثة، حيث ساهم في تطوير النظرية النووية وتفسير التفاعلات داخل الذرات، كما فتح الباب أمام اكتشافات أخرى مثل الانشطار النووي، الذي أدى إلى تطورات تقنية وعلمية هائلة.