المهندس أمجد قاسم *
يعد البلاستيك من أكثر المواد التي ينتجها ويستهلكها الإنسان حاليا، حتى أصبح عصرنا الحالي يعرف باسم عصر البلاستيك فهو من ضمن أفضل اختراعات الإنسان وأسوأها في نفس الوقت.
ولا يكاد يخلو منحى في حياتنا من وجود احد المنتجات التي يدخل البلاستيك في تركيبها، فمن وسائط النقل إلى أدوات المطبخ إلى ألعاب الأطفال والأدوات المنزلية والمعدات الصناعية وعلب تغليف المنتجات الغذائية وأكياس التسوق وغيرها الكثير من المنتجات التي نستخدمها بشكل واسع في حياتنا اليومية.
ومن اللافت أن المواد البلاستيكية تستخدم في بعض القطاعات بشكل كبير جدا ومنها القطاع الزراعي، حيث نجد ان المواد البلاستيكية بأشكالها المختلفة تستخدم في عمليات التغليف والنقل والتعبئة والتغطية للتربة الزراعية وصناعة البيوت البلاستيكية للزراعة فيها وهذه تستهلك 40 بالمائة من مجمل البلاستيك المستخدم في القطاع الزراعي، كما تستخدم في أنظمة الري ونقل المياه وتوزيعها أيضا تستخدم في نقل الأعلاف والأسمدة وغيرها الكثير من الاستخدامات.
يذكر ان استخدام البلاستيك في القطاع الزراعي قد بدأ في منتصف خمسينيات القرن الماضي وقد احدث ذلك نقلة نوعية في الانتاج الزراعي حيث زاد الإنتاج الى نحو الثلث كما تشير كثير من الدراسات، وهذا ما يعرف حاليا بالزراعة البلاستيكية والتي تعنى باستخدام البلاستيك كغطاء للنباتات لتوفير بيئة خاصة لنموها ، وهذا يستهلك نحو 2 بالمائة من مجمل انتاج البلاستيك في العالم سنويا.
مخاطر شتى
وبالرغم من الفوائد الجمة لاستخدام البلاستيك في القطاع الزراعي، إلا أن للبلاستيك المستخدم في تغطية النباتات آثار سلبية على البيئة، اذ أن تلك المخلفات البلاستيكية كمياتها ضخمة ويتكلف تدويرها مبالغ مالية كبيرة، وذلك بسبب ان تلك الأغطية البلاستيكية تكون ملوثة بالتربة والأسمدة والمبيدات الزراعية والحشرية وتكون ممزقة وبسبب استخدامها الطويل وتعرضها للعوامل الجوية المختلفة ، مما يجعل عملية تدويرها والتخلص منها مكلفة جدا وهذا يشجع بعض المزارعين حرق هذه المخلفات بشكل مباشر مما يتسبب في
انبعاث كثير من الغازات الخطيرة الملوثة للبيئة، ناهيك عن مخاطر تلك الملوثات في حال دفنها في التربة بغية التخلص منها.
وتشير الدراسات الى انه في كثير من الأحيان تكون اغطية البلاستيك رقيقة جدا مما يصعب رفعها وإزالتها من التربة ، فتبقي مختلطة بالتربة الزراعية لعقود زمنية طويلة مما يؤدي الى تراجع خصوبة التربة وتلوثها بكثير من المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة البلاستيك وهذا يلحق ضررا بليغا بالكائنات الدقيقة التي تعيش في التربة الزراعية .
إن للمخلفات البلاستيكية المختلطة بالتربة الزراعية، تأثيرات خطيرة على سلسلة الغذاء التي يتناولها الإنسان، فالجزيئات البلاستيكية الرقيقة يتم امتصاصها من النباتات وتتراكم في ثمارها وأوراقها، مما يؤدي الى تسللها لسلسلة الغذاء البشري، ودخولها الى جسم الإنسان الذي يتناول هذه المواد الغذائية النباتية الملوثة بالمخلفات البلاستيكية، مما يتسبب في الحاق أضرار بليغة بصحة الإنسان وسلامته.
ويجد كثير من الباحثين أن الحل يكمن في استخدام أغطية بلاستيكية للنباتات قابلة للتحلل بشكل طبيعي، فلا يلزم إزالتها ورفعها من المزارع، ويكفي ان يتم حرثها مع التربة بانتهاء موسم الحصاد لكي تتحلل بشكل كامل دون أن تلحق اضرارا بجودة التربة الزراعية، وهذا أيضا سوف يقلل من الكلفة المادية لجمع المخلفات البلاستيكية والأغطية البلاستيكية المستخدمة في الزراعة، إلا أن العقبة التي تقف في طريق استخدام البلاستيك القابل للتحلل البيولوجي هي كلفته العالية والتي تبلغ ثلاثة أضعاف كلفة البلاستيك التقليدي من نوع بولي ايثيلين.
من جهة أخرى فان الحد من استخدام البلاستيك يعد حاليا امرا مهما للتقليل من حجم النفايات البلاستيكية التي يتم انتاجها، فمثلا يمكن استبدال حاويات البلاستيك الصغيرة المستخدمة في زراعة الأشتال بأكياس ورقية قوية قادرة على الاحتفاظ بالتربة والأشتال لحين اكتمال نموها لنقلها لاحقا الى الأرض لزراعتها بشكل دائم.
* كاتب علمي متخصص بالشؤون العلمية