ما زال التركيز في مدارسنا، لدى تعلّم اللغة العربية منصبا في كثير من الاحيان، على استظهار القواعد النحوية، ومن ثم الطلب الى المتعلم تطبيقها، دون ملاحظة قدراته اللغوية، وحصيلة المفردات التي يملكها.
من هنا . في رأيي . تكمن الصعوبة في اتقان المهارات اللغوية المطلوبة، صحيح ان معرفة القواعد ضروري لتقويم اللسان، وفهم المعنى لكن الاعتماد على تكرارها، دون ربط ذلك بسياق لغوي، يقف المتعلم وراءه، صياغة وتأليفا، من شأنه ان يعقد عملية تعلم اللغة. وعليه، ينبغي على معلمى اللغة العربية في مدارسنا، ان يفطنوا الى هذه الناحية، فلا يعولوا كثيرا على اتقان او تكرار القاعدة النحوية، في اكساب الطالب المهارة اللغوية.
وفي تصوري، ان ( المحادثة) الشفوية المستمرة ، واعتماد اسلوب الاسئلة القصيرة المركزة على مهارة لغوية معينة، من شأنها ان ترسخ القاعدة النحوية المحددة في ذهن المتعلم. ولنأخذ على ذلك مثلا موضوع ( الحال) في النحو العربي هل نعلمه فقط من خلال امثلة الكتاب وتكرارها بعينها؟ هل نكتفى بالطلب الى الطالب استظهار القاعدة، ومن ثم الشروع في حل تمرينات الدرس؟ بالطبع، لا فهذا النهج التقليدي ينبغي ان يختفي من مدارسنا.
ما يجب ان يركز عليه المعلم هو تفعيل النشاط الفكري لدى الطالب، بحيث يتمكن بنفسه من ان يورد شفويا الامثلة التي تدل على انه قد استوعب مفهوم ( الحال) او غيره من دروس النحو.
قد يخطىء الطالب احيانا في عملية الضبط السليم، وليكن ذلك، فثمة عملية تقويم وإرشاد يتولاها المعلم نفسه أو الطلاب الآخرون.
ان اقدار المتعلم على استيعاب القاعدة النحوية من خلال هذه الصيغة اللغوية او تلك، دون الاكتفاء بتلقينها له، من شأنه ان يرسخ المهارة اللغوية في ذهنه، فيغدو قادرا على ادراك العلاقة بين المفردات وفق القوانين النحوية السليمة.
وليس افضل من استخدام اسلوب ( المحادثة) وبخاصة في سنوات التعليم الأولى لتعويد المتعلمين على استعمال العناصر اللغوية استعمالا صحيحا .
وثمة مسألة هامة ينبغي ان تراعيها مناهج اللغة العربية، وهي التدرج في استخدام المفردات الأكثر شيوعا في المحيط الاجتماعي للطالب، مما يحبب اليه عملية تعلم اللغة واتقان مهاراتها.
ان اعتماد اسلوب المحادثة في تعلم اللغة ـ اي لغة – كفيل باتقان قوانينها فيما بعد، حيث يتمكن المتعلم من خلال الصيغ اللغوية التي يأتي بها ان يستنبط قواعدها مفعلا وعيه وحسه اللغوي.
فلنقلع كمعلمين من اسلوب ( التلقين) في تعليم قواعد اللغة، ولنفعل النشاط الفكري للمتعلم.
يوسف عبدالله محمود