لا شك في أن البيئة المدرسية السليمة والمتوافقة مع سن الطفولة والشباب تعد من أهم العوامل المساعدة على نجاح العملية التربوية والتعليمية، وتنشئة جيل ناجح يخدم أمته ووطنه، ويملك مفاتيح المعرفة والتطور والتقدم والعلم والثقافة، ولا شك في أن من أهم مقومات البيئة المدرسية المثالية والمناسبة هو وجود حديقة مدرسية منشأة بطريقة علمية يراعى فيها البناء العملي، وتناسب التكوين النفسي للطالب.
وعلى الرغم من وجود حديقة مدرسية في كل بناء مدرسي كما يوصي التربويون، وخبراء التعليم، والطب النفسي، والمتخصصون في سلوك الأطفال والشباب، إلا أن الحديقة المدرسية – للأسف الشديد – لم تحظ بنصيبها الطبيعي، كركن أساس ومهم في البناء المدرسي المتكامل، إما بسبب أن بعضهم لا يؤمن بأهمية وجودها وإما لأنه يعدها من الكماليات غير الضرورية، أو لأن الحديقة المدرسية موجودة في كثير من المدارس، ولكن مصيرها النسيان والإهمال، وغالبا ما تكون الحديقة المدرسية ضحية لأي عملية توسع للمبنى المدرسي.
إن وجود الحديقة المدرسية لم يعد ترفا أو أمرا ثانويا؛ بل أصبح جزءا أساسيا وضروريا في العملية التربوية الحديثة، لا يستقيم حال التعليم بدونه، فالحديقة المدرسية تعد متنفسا للتلاميذ في المدارس، وهي فرصة للتعلم، ومعرفة أنواع متعددة من الخضراوات والفواكه والزهور.
ولضمان صحة التلاميذ وسلامتهم يجب الأخذ بما يأتي :
1- أن يكون تصميم الحديقة المدرسية مناسبا بحيث تعطي الشكل الجمالي للمدرسة مع مراعاة اختيار أنواع من النباتات لا تشكل خطورة على التلاميذ.
2- متابعة عملية تقليم الأشجار، وعزق الأعشاب بصفة مستمرة من ساحة المدرسة؛ حتى لا تكون سببا في انتشار الحرائق في المدرسة.
3- تجنب زراعة النباتات السامة أو العصارية التي تفرز مادة لبنية، أو سامة، أو مهيجة مثل الدفلى.
4- تجنب زراعة النباتات التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه مثل المسطحات الخضراء.
5- تجنب تسميد المسطحات المزروعة بالأسمدة العضوية الحيوانية، أو تغطيتها؛ لأن بعض هذه الأسمدة يكون مصدرا للعدوى، وسببا في نقل الأمراض للطلبة.
6- إزالة خلايا النحل، وبيوت الدبابير التي قد تظهر على بعض الأشجار، لضمان سلامة الطلبة.
الأهداف الرئيسة لبرامج الحدائق المدرسية
إن مراجعة برامج الحدائق المدرسية على مدى الثلاثين عاما المنصرمة تظهر أن وظائف الحدائق
المدرسية يمكن تصنيفها إلى وظائف «تربويه» أو وظائف تخص «الاقتصاد والأمن الغذائي».
الأهداف التربوية
– رفع جودة التعليم الأطفال الأرياف والمدن وملاءمته للواقع، عبر إدراج المهارات الحياتية المهمة ضمن المناهج الدراسية.
– تعليم الأطفال كيفية تهيئة الحدائق المنزلية، ورعايتها، وتشجيع إنتاج الفواكه والخضراوات ذات الأوراق الخضراء الغنية بالمواد النافعة، وتشجيعهم على تناولها.
– توفير التعلم النشط عن طريق ربط الحدائق بموضوعات أخرى؛ كالرياضيات، وعلم الأحياء،
والقراءة، والكتابة.
– الإسهام في زيادة الوصول للتعليم، عبر جذب الأطفال وأسرهم إلى مدرسة تعالج موضوعات
ذات علاقة بحياتهم.
– تحسين مواقف الأطفال ونظرتهم تجاه الزراعة والحياة الريفية.
– تدريس الموضوعات البيئية وتضمينها كيفية زراعة أغذية آمنة من دون استخدام المبيدات الحشرية.
– تدريس التربية التغذوية العملية لتشجيع أنظمة غذائية وأساليب حياة صحية.
– تزويد التلاميذ بمواد غذائية غنية في أوقات نقص الأغذية.
الأهداف الاقتصادية والأمن الغذائي
• تعويد تلاميذ المدارس على أساليب الإنتاج المستدام للأغذية القابلة للتطبيق على بساتينهم المنزلية، أو مزارعهم التي تعد ضرورية للأمن الغذائي للأسرة.
• تشجيع الفرص القادرة على توليد الدخل.
• تعزيز جودة التغذية في وجبات الطعام المدرسية.
• تقليص حالات الأطفال الملتحقين بالمدرسة الذين يعانون من سوء تغذية.
• زيادة معدل الانتظام في المدرسة، والتعويض عن الخسارة خلال نقل «المهارات الحياتية» من الآباء للأبناء.
عناصر إستراتيجية ضرورية لبرنامج حديقة مدرسية
يمكن إيجاز السياسة الرئيسة، والعناصر الاستراتيجية التي يجب أخذها بعين الاعتبار لدى تصميم برنامج حديقة مدرسية، وهي ترتكز على الدروس المستفادة من الخبرة في مجال البستنة المدرسية في أنحاء العالم كله.
التزام سياسي قوي على المستوى القطري (إطار السياسات والمبادئ التوجيهية).
مبادرة الحدائق المدرسية جزء من الاستراتيجية القطرية لتوسيع حصول سكان الريف على التعليم وتحسين جودته.
البرنامج مصمم محليا ومتكيف مع الحاجات المحلية الخاصة بمشاركة قوية من وزارتي التربية والزراعة.
الدور «التربوي» للحدائق المدرسية كما ينعكس في المناهج المدرسية.
الحصول بشكل كاف على الأرض والماء والدعم التقني.
التلاميذ والآباء والمجتمع يشاركون جميعا في التخطيط والتنفيذ.
أطفال معتادون على أساليب مستدامة لإنتاج الغذاء.
ربط الحدائق المدرسية ببرامج التغذية المدرسية (اختياري).
وفي النهاية فما الحديقة المدرسية إلا مختبر علمي لهذه البراعم الصغيرة، لكنه متميز عن المختبر المدرسي بالهواء العليل، والرائحة الزكية، والمنظر الجميل، ويوفر الوقت والجهد للمعلم والطالب كليهما، وللمدرسة، فلا تحتاج إلى تنقل، ولا ترحال، أو مواصلات، أو غيره.
وللحديقة المدرسية مآرب أخرى؛ كاستخدامها للتسلية، واللعب حيث يوجد فيها العديد من الألعاب المسلية، وأخيرا نتمنى أن تهتم كل مدرسة بهذا المختبر الرائع، وأن تعزز صلة الطلبة به، وأن تحث المعلم على تفعيله وتوظيفه؛ لتحقيق الأنشطة التعليمية.
المهندس خلف الطوري