ساهمت الأكياس الهوائية airbags التي توضع في السيارات الحديثة في تقليل نسبة الاصابات بين الركاب الذين يتعرضون لحوادث السير، وقد تنبهت شركات صناعة السيارات الى اهمية الكيس الهوائي واصبحت تضعه في سياراتها الحديثة، حتى ان بعض السيارات تحتوي على نحو عشرة اكياس هوائية تعمل على حماية راكبي تلمك السيارات اثناء وقوع الحوادث المرورية، حيث يتم توزيعها في مواقع مختلفة داخل السيارة، سواء أمام كل من المقود ولوحة القيادة وفي الأبواب وفوق النوافذ الجانبية.
ومنذ اعتماد الكيس الهوائي وتعميم استخدامه في تسعينات القرن الماضي، فإنه أنقذ حياة العديدين الذين تعرضوا لحوادث مروعة مثل التصادم وجها لوجه مع سيارة أخرى، حيث ينتفخ الكيس خلال أجزاء بالألف من الثانية، وقد أدى استخدامه مع حزام الأمان الى تخفيض الإصابات الخطيرة أو القاتلة في الرأس بنسبة 75%.
الكيس الهوائي الأول
يعود تاريخ أول براءة اختراع للكيس الهوائي الى عام 1953، عندما ابتكره كل من المهندس الألماني ولتر لندرر والأمريكي جون هترك. والواقع أنه لم يكن في ذلك الحين مخصصا للسيارة وإنما للطائرات. ثم استخدمه السوفيات في مركباتهم الفضائية لتخفيف أثر التصادم في المجسين الفضائيين الموجهين للهبوط على القمر، لونا 9 ولونا 13 ، منذ العام 1966. ثم استخدم في الطائرات الحربية مثل الطائرة الأمريكية ف 111. وفي عام 1968 ابتكر دافد بريد نظاما بدائيا يتمثل في كرة موضوعة في أنبوب، وتقذف أمام السائق في حال حدوث التصادم.
في السبعينات، حصل تزايد هائل في عدد السيارات وبالتالي عدد الحوادث في العالم. ففي عام 1972 مثلا، قتلت حوادث السيارات 16500 شخصا في فرنسا، ولم يكن حزام الأمان اجباريا في ذلك الحين، وحتى عام 1973. فبادرت الحكومات الغربية، وخاصة الأمريكية، الى الزام شركات صناعة السيارات بتطوير وسائل الأمان في سياراتهم. جربت في البداية طرق مثل الغاز المضغوط والمسال لإحداث انتفاخ فوري للكيس، ثم استخدمت شحنة متفجرة تطلق كمية ضخمة من الغاز عندما تحترق. وهكذا ظهرت أولى السيارات المجهزة بأكياس هوائية لحماية السائق والركاب عام 1971. وكانت من انتاج فورد. لكن هذه التقنية كانت تعاني من عدة عيوب ومشاكل، مثل انتفاخ الكيس أحيانا دون حصول حادث، فيسبب الكيس نفسه حادثا.
وفي عام 1986 أصدرت السلطات الأمريكية المختصة أنظمة وتشريعات تحدد المواصفات الدنيا المطلوبة لحماية شاغلي السيارات، ومن ذلك الكيس الهوائي الذي فرض نفسه في التسعينات. ومنذ ذلك الحين شهد تطورات متنوعة حتى بلغ الأمر أن شركة هوندا قد وضعته على دراجتها النارية غولد وِنغ عام 2006.
الكيس الهوائي حاليا
مع تطور الالكترونيات ، اصبح الحاسوب حاليا جزءا مكملا لنظام إطلاق الكيس الهوائي. تقوم مجسات بالتقاط المعلومات باستمرار في عدة مواقع من السيارة وتحويلها الى حاسوب محمول ليعالجها ويحللها ويحدد خطورة الصدمة ومدى الحاجة لاطلاق الكيس. وكل هذا يتحقق خلال 20 ملي ثانية ( جزء بالألف من الثانية). وإذا تقرر إطلاقه، فإنه يرسل اشارة الى جهاز احتراق يشبه نظام الوقود في الصواريخ. وخلال 35 ملي ثانية تحترق كمية من الوقود قدرها 30غ لتطلق 70 لترا من الغاز. لكن ما زال هناك أنظمة تعتمد على اطلاق غاز مضغوط، وأخرى هجينة تستخدم الطريقتين معا.
وماذا عن المستقبل ؟
رغم استخدام الحاسوب حاليا في نظام اطلاق الكيس الهوائي، مما يجعله لا ينتفخ إلا في حالة حصول حادث خطير – وليس لأن السائق قد غضب مثلا وضرب المقود بقبضته، أو أن حصاة قد صدمت مقدمة السيارة – رغم ذلك، فإن الأبحاث ما زالت تجرى بهدف تسريع إطلاق الكيس وتصغير حجمه وتقليل التأثيرات السلبية له، وتخفيض كلفته.
ذكرنا أن السيارات الحديثة تضع أكياسا هوائية في عدة مواضع في السيارة، لكن الأبحاث تتواصل لزيادتها أو تعديل مواقعها. فشركة فورد مثلا تنوي دمج كيس هوائي في حزام الأمان في سيارتها ( سوف اكسبلورر) ثم في باقي سياراتها بدءا من العام القادم.
وتجرى أبحاث حاليا لتزويد السيارة بكيس هوائي لحماية المشاة من صدم السيارة لهم، حيث توضع وسادة هوائية على صدام السيارة الأمامي أو تحت المساحات الأمامية. وهناك أبحاث أكثر تعقيدا تهدف الى تصميم برمجيات حاسوبية تجعل مقدار الضغط الموجه نحو الكيس يعتمد على حجم الراكب ووزنه أو حتى على قوة الصدمة.
عن Science et Vie.
ترجمة حسام مدانات