أهداف التقويم الواقعي ومبادئه وخصائصه ومميزاته

• اهداف التقويم الواقعي
• المبادئ الأساسية للتقويم الواقعي
• خصائص التقويم الواقعي
• ميزات التقويم الواقعي

يرتكز التقويم التقليدي Authentic Assessment على الاختبارات بمختلف صورها ، ويُعطى مرة واحدة أو عدة مرات في العام الدراسي بغرض الحصول على معلومات عن تحصيل الطلبة لتقديمها لأولياء الأمور وغيرهم من المعنيين ، ومثل هذا التقويم لا يؤثر بصورة ايجابية في التعليم ؛ لأنه يقيس مهارات ومفاهيم بسيطة يتم التعبير عنها بأرقام لا تقدم معلومات ذات قيمة عن تعلم الطالب ، ولا يمكن من خلالها تحديد نتاجات التعلم التي أتقنها الطلبة ، والطلبة في التقويم التقليدي هم محور التقويم ولكنهم لا يشاركون في تقويم انفسهم ، ونتيجة للتطور أصبح مفهوم التقويم أكثر شمولاً ، وأصبح للطالب دورا هاماً فيه ، ونظراً لأن التقويم يأخذ بعين الاعتبار مشاركة المجتمع وأولياء الأمور ومراقبة تعلم الطلاب وتعليمهم وفهم احتياجاتهم ومواطن القوة لديهم ، فإن ذلك يتطلب استراتيجيات متنوعة للتقويم ونماذج وأدوات للحصول على المعلومات وبالتالي فإن وجود نمط واحد من التقويم لا يكفي للقيام بهذا الدور المتعدد الجوانب .

وقد اقتضى التحول من المدرسة السلوكية التي تؤكد على أن يكون لكل درس أهداف عالية التحديد مصوغة بسلوك قابل للملاحظة والقياس إلى المدرسة المعرفية التي تركز على ما يجري بداخل عقل المتعلم من عمليات عقلية تؤثر في سلوكه ، والاهتمام بعمليات التفكير وبشكل خاص عمليات التفكير العليا مثل بلورة الأحكام واتخاذ القرارات ، وحل المشكلات باعتبارها مهارات عقلية تمكّن الإنسان من التعامل مع معطيات عصر المعلوماتية ، وتفجر المعرفة ، والتقنية المتسارعة التطور . وقد أصبح التركيز على نتاجات تعلم أساسية من الصعب التعبير عنه بسلوك قابل للملاحظة والقياس يتحقق في موقف تعليمي محدد .

وهكذا فقدت الأهداف السلوكية بريقها الذي لمع في عقد الستينات ، ليحل مكانها كتابة أهداف حول نتاجات التعلم Learning outcomes والتي تكون على شكل أداءات أو إنجازات Performance يتوصل إليها المتعلم كنتيجة لعملية التعلم . وهذه النتاجات يجب أن تكون واضحة لكل من المعلم والمتعلم وبالتالي يستطيع المتعلم تقويم نفسه ذاتياً ليرى مقدار ما أنجزه مقارنة بمستويات الأداء المطلوبة .

ويسمى التقويم الذي يراعي توجهات التقويم الحديثة بالتقويم الواقعي authentic assessment . وهو التقويم الذي يعكس إنجازات الطالب ويقيسها في مواقف حقيقية. فهو تقييم يجعل الطلاب ينغمسون في مهمات ذات قيمة ومعنى بالنسبة لهم ، فيبدو كنشاطات تعلم وليس كاختبارات سرية . يمارس فيه الطلاب مهارات التفكير العليا ويوائمون بين مدى متسع من المعارف لبلورة الأحكام أو لاتخاذ القرارات أو لحل المشكلات الحياتية الحقيقية التي يعيشونها . وبذلك تتطور لديهم القدرة على التفكير التأملي reflective thinking الذي يساعدهم على معالجة المعلومات ونقدها وتحليلها ؛ فهو يوثق الصلة بين التعلم والتعليم ، وتختفي فيه مهرجانات الامتحانات التقليدية التي تهتم بالتفكير الانعكاسي reflexive thinking لصالح توجيه التعليم بما يساعد الطالب على التعلم مدى الحياة .

اهداف التقويم الواقعي

لم يعد التقويم مقصوراً على قياس التحصيل الدراسي للطالب في المواد المختلفة بل تعداه لقياس مقومات شخصية الطالب بشتى جوانبها وبذلك اتسعت مجالاته وتنوعت طرائقه وأساليبه.

يهدف التقويم الواقعي إلى :
تطوير المهارات الحياتية الحقيقية .
تنمية المهارات العقلية العليا .
تنمية الأفكار والاستجابات الخلاقة والجديدة .
التركيز على العمليات والمنتج في عملية التعلم .
تنمية مهارات متعددة ضمن مشروع متكامل .
تعزيز قدرة الطالب على القويم الذاتي .
جمع البيانات التي تبيّن درجة تحقيق المتعلمين لنتاجات التعلم .
استخدام استراتيجيات وأدوات تقويم متعددة لقياس الجوانب المتنوعة في شخصية المتعلم .

المبادئ الأساسية للتقويم الواقعي

يقوم التقويم الواقعي على عدد من الأسس والمبادئ التي يجب مراعاتها عند تطبيقه . ولعل أبرز هذه المبادئ ما يأتي :

التقويم الواقعي إجراء يرافق عمليتي التعلم والتعليم ويربطهما معاً بقصد تحقيق كل طالب لمحكّات الأداء المطلوبة وتوفير التغذية الراجعة الفورية حول إنجازاته بما يكفل تصويب مسيرته التعليمية ومواصلة عملية التعلم . فهو تقويم يهتم بجوهر عملية التعلم ، ومدى امتلاك الطلبة للمهارات المنشودة بهدف مساعدتهم جميعاً على التعلم . وهو بذلك تقويم بنائي يستند إلى عدد من المحكّات ، ويجعل تمكّن الطالب منها هدفاً منشوداً للتعلم والتعليم .

العمليات العقلية ومهارات التقصي والاكتشاف هي غايات يجب رعايتها عند الطلبة والتأكد من اكتسابهم لها من خلال التقويم . ولا يتسنى ذلك إلا بإشغالهم بنشاطات تستدعي حل المشكلات وبلورة أحكام واتخاذ قرارات تتناسب ومستوى نضجهم .

التقويم الواقعي يقتضي أن تكون المشكلات والمهام أو الأعمال المطروحة للدراسة والتقصي واقعية ، وذات صلة بشؤون الحياة العملية التي يعيشها الطالب في حياته اليومية . وبذلك تكون المشكلات المطروحة متداخلة تستدعي توظيف المعارف والمهارات للتوصل للحلول المناسبة .

إنجازات الطلاب هي مادة التقويم الواقعي وليس حفظهم للمعلومات واسترجاعها ، ويقتضي ذلك أن يكون التقويم الواقعي متعدد الوجوه والميادين ، متنوعاً في أساليبه وأدواته ، ولا تحتل الاختبارات بين هذه الأدوات سوى حيز ضيقٍ . وهذه الاختبارات لا تعدو كونها نشاطات تعلم غير سرية يمارسها الطلاب دون قلق أو رهبة كما هي الحالة في الاختبارات التقليدية .

مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ في قدراتهم وأنماط تعلمهم وخلفياتهم وذلك من خلال توفير العديد من نشاطات التقويم التي يتم من خلالها تحديد الإنجاز الذي حققه كل طالب . وهذه يجب أن تبين بوضوح نقاط القوة والضعف في كل إنجاز، ومستوى الإتقان الذي وصل إليه الطالب بالمقارنة مع محكات الأداء . فهو بالتالي عملية إنتاجية تفاوضية تهيئ للطالب فرصة التقييم الذاتي وفق محكات الأداء المعلومة لديه .
يتطلب التقويم الواقعي التعاون بين الطلاب . ولذلك فإنه يتبنى أسلوب التعلم في مجموعات متعاونة يُعين فيها الطالب القوي زملاءه الضعاف. بحيث يهيئ للجميع فرصة أفضل للتعلم ، ويهيئ للمعلم فرصة تقييم أعمال الطلاب أو مساعدة الحالات الخاصة بينهم وفق الاحتياجات اللازمة لكل حالة .
التقويم الواقعي محكي المرجع يقتضي تجنب المقارنات بين الطلاب والتي تعتمد أصلاً على معايير أداء الجماعة والتي لا مكان فيها للتقويم الواقعي .

خصائص التقويم الواقعي

يتطلب التقويم الواقعي أن يكون الطلبة فاعلين في أدائهم بالاعتماد على المعلومات أو المعارف التي اكتسبوها .
يقدم للطالب مجموعة من المهمات والتحديات ضمن أنشطة تعليمية مميزة (الأبحاث ، مهارات الكتابة، مراجعة أوراق البحث ومناقشتها ، وتحليل الاحداث السياسية ، والمشاركة في المناظرات…الخ ).
يصقل مهارات الطالب القائمة على التحليل والأداء العملي وتنفيذ المشاريع .
يحقق هذا التقويم الصدق والثبات عن طريق توحيد معايير تقويم المنتج .
صدق معايير الاختبار يتم تحقيقها عن طريق المحاكاة لقدرات الطالب في أوضاع حقيقية .
يدفع التقويم الواقعي الطالب إلى اكتشاف مكامن الخلل في جو من التحديات الحقيقية.


ميزات التقويم الواقعي

يتميّز التقويم الواقعي بأنه يركّز على المهارات التحليلية ، وتداخل المعلومات كما أنه يشجع الإبداع ويعكس المهارات الحقيقية في الحياة ويشجع على العمل التعاوني ، وينمي مهارات الاتصال الكتابية والشفوية كما أنه يتوافق مباشرة مع أنشطة التعليم ونتاجاته مؤكداً بذلك على تداخله مع التعليم مدى الحياة كما أنه يؤمن بدمج التقويم الكتابي والأدائي معاً ، ويعتمد على القياس المباشر للمهارة المستهدفة ، ويشجع التشعب في التفكير لتعميم الإجابات الممكنة ، ويهدف إلى دعم تطوير المهارات ذات المعنى بالنسبة للطالب، ويوجه المنهاج ، ويركز على الوصول إلى إتقان مهارات الحياة الحقيقية ويدعم المعلومات التي تعني ب ( كيف )، ويوفر رصداً لتعلم الطلبة على مدار الزمن ، ويُعِد الطالب لمعالجة الغموض والاستثناءات التي توجد في أوضاع حقيقية للمشكلات ، ويعطي الأولوية لتسلسل التعلم أو لعمليات التعلم . ويتطلب تنفيذ التقويم الواقعي وقتاً لإدارته والرقابة عليه بما يتناسب مع معايير التعليم المفترضة وأن يكون هناك معايير موضوعية للتقويم ، كما يتطلب تدريب المعلمين وتقديمه للطلبة بصورة تدريجية بحيث يصبح مألوفاً لديهم لأنه يحتاج إلى مهارات لتطبيقه .

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

تعليق واحد

  1. الشكر الجزيل لموقعكم على البحث الهام والمميز عن التعليم الواقعي واهدافه ومميزاته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *