أنواع العيِّنات في البحوث العلمية وأخطاء اختيارها

للعيِّنات أنواعٌ تختلف من حيث تمثيلها للمجتمع الأصليِّ من بحثٍ إلى آخر، وبالتالي تختلف ميزاتها فصلاحيَّتها لتمثيل المجتمع الأصليِّ بحسب موضوع الدراسة وباختلاف جانبها التطبيقيِّ، وتنقسم إلى مجموعتين: عيِّنات الاحتمالات، وهي العيِّنة العشوائيَّة، والعيِّنة الطبقيَّة، والعيِّنة المنتظمة، والعيِّنة المساحيَّة، وتلك يمكن تطبيق النظريَّة الإحصائيَّة عليها لتمدَّ الباحث بتقديراتٍ صحيحةٍ عن المجتمع الأصليِّ، وهناك العيِّنات التي يتدخَّل فيها حكمُ الباحث كالعيِّنة الحصصيَّة والعيِّنة العمديَّـة فالنتائج التي يتوصَّل إليها الباحثُ باستخدامهما تعتمد على حكمه الشخصيِّ الذي لا يمكن عزله أو قياسه إحصائيّاً إلاَّ إذا وضع فرضيَّاتٍ لتحديدها، وفيما يلي عرض لأنواع العيِّنات بالآتي:

1- العيِّنة العشوائيَّة: وهي التي يتِّم اختيار مفرداتها من المجتمع الأصلي عشوائيّاً بحيث تعطى مفرداتُ المجتمع نفس الفرصة في الاختيار، ومن الطرق المستخدمة لتحقيق عشوائيَّة الاختيار كتابة أسماء مفردات المجتمع الأصليِّ على أوراق منفصلة وخلطها جيِّداً واختيار العدد المطلوب منها عشوائيّاً، أو بإعطاء كلِّ مفردة رقماً واختيار العدد المطلوب من الأرقام باستخدام جداول الأعداد العشوائيَّة ، وهي جداول معدَّة سلفاً يستخدمها الباحثون الذين يختارون العيِّنة العشوائيَّة لتمثيل المجتمع الأصليِّ لدراساتهم، وتعدُّ العيِّنة العشوائيَّة من أكثر أنواع العيِّنات تمثيلاً للمجتمع الأصليِّ وبشكلٍّ خاص إذا كان عدد مفرداتها كبيراً نسبيّاً أكثر من 30 مفردة مشكِّلة 10% فأكثر من مفردات المجتمع الأصليّ.

2- العيِّنة الطبقيَّة: وهي التي يتمُّ الحصول عليها بتقسيم المجتمع الأصليِّ إلى طبقات أو فئات وفقاً لخصائص معيِّنة كالسنِّ أو الجنس أو مستوى التعليم، وكتقسيم المدارس لدراسة وظيفتها في البيئة الخارجيَّة وفي المجتمع المحيط إلى مدارس حكوميَّة وأخرى مستأجرة، وبتقسيمها بحسب مراحل التعليم، أو بحسب مجتمعها إلى مدارس في مجتمع حضريٍّ، ومجتمع قرويٍّ، ومجتمع بدويٍّ، ثمَّ يتمُّ تحديد عدد المفردات التي سيتمُّ اختيارها من كلِّ طبقة بقسمة عدد مفردات العيِّنة على عدد الطبقات ثمَّ يتمُّ اختيار مفردات كلِّ طبقة بشكلٍّ عشوائيّ.

3- العيِّنة الطبقيَّة التناسبيَّة: وهي أكثر تمثيلاً للمجتمع الأصليِّ من سابقتها؛ لأنَّه يراعى فيها نسبة كلِّ طبقة من المجتمع الأصليِّ فتؤخذ مفردات عيِّنة الدراسة بحسب الحجم الحقيقيِّ لكلِّ طبقة أو فئة في مجتمع الدراسة، فإذا كانت المدارس الحكوميَّة تشكِّل 70% من عدد المدارس في القطاع التعليميِّ الذي ستدرس فيه وظيفة المدرسة، فإنَّ العيّنة الطبقيَّة التناسبيَّة تشكَّل مفرداتها من المدارس الحكوميَّة بنسبة 70% ومن المدارس المستأجرة بنسبة 30%، وبذلك أعطيت كلُّ طبقة أو فئة وزناً يتناسب مع حجمها الحقيقيِّ في المجتمع.

4- العيِّنة المنتظمة: وهي نادرة الاستخدام من الباحثين، وتتَّصف بانتظام الفترة بين وحدات الاختيار، أي أنَّ الفرق بين كلِّ اختيار واختيار يليه يكون متساوياً في كلِّ الحالات، فإذا أريد دراسة وظيفة المدرسة الابتدائيَّة في قطاع عنيزة التعليميِّ ورتِّبت المدارس الابتدائيَّة في ذلك القطاع ترتيباً أبجديّاً وكان عددها 300 مدرسة وكانت نسبة العيِّنة 10% فالمسافة بين كلِّ اختيار واختيارٍ يليه في هذه العيِّنة 10، وعدد مفردات العيِّنة 30 مفردة، وحددت نقطة البداية بالمدرسة رقم 5 فالاختيار الثاني هو المدرسة رقم 15، والاختيار الثالث هو المدرسة رقم 25 وهكذا حتى يجمع الباحث 30 مفردة أي 30 مدرسة.

5- العينة المساحيَّة: وهذه العيِّنة ذات أهميَّة كبيرة عند الحصول على عيِّنات تمثل المناطق الجغرافيَّة، وهذا النوع من العيِّنات لا يتطلَّب قوائم كاملة بجميع مفردات البحث في المناطق الجغرافيَّة، هذا وتختار المناطق الجغرافيَّة نفسها عشوائيّاً ولكن يجب أن تمثَّل في كلِّ منطقة مختارة كلِّ الفئات المتمايزة لمفردات البحث في حالة أن يتطلَّب ذلك، والباحث يبدأ بتقسيم مجتمع البحث إلى وحدات أوليَّة يختار من بينها عيِّنة بطريقة عشوائيَّة أو منتظمة، ثمَّ تقسَّم الوحدات الأوليَّة المختارة إلى وحدات ثانويَّة يختار من بينها عيِّنة جديدة، ثمَّ تقسَّم الوحدات الثانويَّة المختارة إلى وحدات أصغر يختار منها عيَّنة عشوائيَّة، ويستمر الباحث هكذا إلى أن يقف عند مرحلة معيِّنة، فيختار من المناطق الإداريَّة عيَّنة منها ومن المناطق المختارة عيِّنة من المحافظات، ومن المحافظات المختارة عيِّنة من المراكز وهكذا، ولهذا قد تسمَّى بالعيِّنة متعدِّدة المراحل.

6- العيِّنة الحصصيَّة: يعدُّ هذا النوع من العيِّنات ذا أهميَّة في بحوث الرأي العام (الاستفتاء) إذْ أنَّها تتمُّ بسرعة أكبر وبتكاليف أقلّ، وتعتمد العينة الحصصيَّة على اختيار أفراد العيِّنة من الفئات أو المجموعات ذات الخصائص المعيَّنة وذلك بنسبة الحجم العدديِّ لهذه الفئات أو المجموعات، وقد تبدو العيِّنة الحصصيَّة مماثلة للعيِّنة الطبقيَّة، ولكن الفرق بينهما أنَّه في العيِّنة الطبقيَّة تحدَّد مفردات كلِّ طبقة أو فئة تحديداً دقيقاً لا يتجاوزه الباحث أو المتعاون معه، بينما في العيِّنة الحصصيَّة يتحدَّد عدد المفردات من كلِّ فئة أو مجموعة ويترك للباحث أو المتعاون له الاختيار ميدانيّاً بحسب ما تهيِّؤه الظروف حتى يكتمل عدد أو حصَّة كل فئة، وهكذا ربَّما يظهر في العيِّنة الحصصيَّة بعضُ التحيُّز.

7- العيِّنة العمديَّة: إنَّ معرفة المعالم الإحصائيَّة لمجتمع البحث ومعرفة خصائصه من شأنها أن تغري بعض الباحثين باتِّباع طريقة العيِّنة العمديَّة التي تتكوَّن من مفردات معيَّنة تمثِّل المجتمع الأصليَّ تمثيلاً سليماً، فالباحث في هذا النوع من العيِّنات قد يختار مناطق محدَّدة تتميَّز بخصائص ومزايا إحصائيَّة تمثِّل المجتمع، وهذه تعطي نتائج أقرب ما تكون إلى النتائج التي يمكن أن يصل إليها الباحث بمسح مجتمع البحث كلِّه، وتقترب هذه العيِّنة من العيِّنة الطبقيَّة حيث يكون حجم المفردات المختارة متناسباً مع العدد الكليِّ الذي له نفس الصفات في المجتمع الكليِّ، ومع ذلك فينبغي التأكيد بأنَّ هذه الطريقة لها عيوبها، إذْ أنَّها تفترض بقاء الخصائص والمعالم الإحصائيَّة للوحدات موضع الدراسة دون تغيير؛ وهذا أمر قد لا يتَّفق مع الواقع المتغيِّر.

8- العيِّنة الضابطة: هي عيِّنة يتَّخذها الباحث لتلافي عيوب العيِّنة التي اختارها لتجميع بيانات دراسته، وهنا يشترط أن تكون العيِّنة الضابطة من نفس نوع عيِّنة البحث، وأن تصمَّمَ بنفس الطريقة التي تمَّت بها اختيار عيِّنة الدراسة؛ بحيث تمثِّل كلَّ الفئات المختلفة في المجتمع الأصليِّ للدراسة وبنفس النسب، حتى يمكن قياس أثر المتغيِّر موضوع الدراسة في الموضوعات التي تتطلَّب ذلك.


تقويم عيِّنة الدراسة:

على الباحث أن يتنبَّه إلى مواقع الخطأ في اختيار عيِّنة دراسته، والتي من أبرزها الآتـي:
1- أخطاء التحيُّز: وهي أخطاءٌ تحدث نتيجة للطريقة التي يختار بها الباحثُ عيِّنة دراسته من مجتمعها الأصليِّ.

2- أخطاء الصدفة: وهي أخطاءٌ تنتج عن حجم العيِّنة فلا تمثِّل المجتمع الأصليَّ نتيجةً لعدم إعادة استبانات الدراسة أو عدم إكمال الملاحظة أو المقابلة لمفردات مجتمع الدراسة.
3- أخطاء الأداة: وهي أخطاء تنتج من ردود فعل المبحوثين نحو أداة أو وسيلة القياس.

ويمكن تلافي هذه العيوب بالتدرُّب الذاتي المكثِّف للباحث ليتقنَ أسلوب الدراسة بالعيِّنة وكيفيَّة اختيارها وتطبيقها بما تحقِّق تمثيلاً مناسباً لمجتمع دراسته، وأن يقوم بتدريب المتعاونين معه تدريباً يحقِّق له ذلك، وأن يطبِّق العيِّنة الضابطة لتلافي عيوب عيِّنة دراسته.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

2 تعليقات

  1. مع جزيل الشكر لموقعكم المميز

  2. بحث قيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *