أسرع النجوم الثنائية دورانا في المجرة

النجوم الثنائية هي عبارة عن نجمين او أكثر يدوران حول مركز مشترك، أكثر النجوم تواجدا في المجرة، فثنائي النجم القطبي وثنائي المنزر في الدب الأكبر وثنائي الشعري اليمانية المع نجوم السماء في كوكب الكلب الأكبر هي كلها أمثلة على النجوم الثنائية، الا ان فترات دورانها حول بعضها متفاوت بقدر بعد المكونين عن بعضهما وكتلتيهما ونوعهما إن كانا نجمين عاديين او نجمين استنفدا طاقتهما أحدهما أو كلاهما.

فمن خلال التلسكوب الكبير جدا في تشيلي والذي تشرف عليه وكالة الفضاء الأوروبية وهو تلسكوب رباعي كل جزء فيه له مرآة مقعرة بقطر 8.2 مترا تعمل على جمع الضوء الخافت وتركيزه في بؤرة ليتم دراسته وتحليله، وبمساعدة تلسكوب ايطالي يدعی تلسكوب جاليليو موجود في جزر الكناري، تم العثور على اسرع نظام نجمي ثنائي معروف في المجرة حتى الآن.

فقد سبق العثور على هذا الثنائي من قبل كمصدر للأشعة السينية متغير الاضاءة في كل خمس دقائق، وقد أكدت الأرصاد الحديثة بان سبب هذا التغير في اللمعان هو دوران نجمين قزمين يعرفان بالأقزام البيضاء (احد اشکال المراحل النهائية لتطور النجوم) يدوران حول المركز المشترك بينهما عند مسافة تفصلهما عن بعضهما تقدر ب 80 الف كيلو متر فقط، ويبلغ حجم كل منهما حجم الكرة الأرضية لكنهما بكثافة تفوق كثافة الأرض بالاف المرات.

واذا كانت الأرض تدور حول الشمس مرة و كل سنة بسرعة تبلغ ثلاثين كيلومترا في الثانية، وهي سرعة لا شك عظيمة اذا ما قورنت بسرعات مختلف اجرام المجرة، فان هذا النظام المكتشف يدور في السنة الأرضية ذاتها ۱۰۰ الف مرة، اي ان الدورة الواحدة لا تستغرق سوى ۳۲۱ ثانية فقط، اي اكثر من خمس دقائق بقليل.

وهذه النتيجة تقود العلماء إلى القول بان هذا النظام آيل إلى الاضمحلال نتيجة هذا الدوران الرهيب الذي تبلغ سرعته أكثر من ۱۰۰۰كيلو مترا في الثانية. وكنتيجة اخرى فان كلا النجمين يواجهان بعضهما بنفس الوجه فلا يظهر الوجه الاخر لكل منهما. ويرجع اول اكتشاف لهذا النظام كمصدر سيني الى عام 1994 وذلك عبر التلسكوب الالماني للاشعة السينية روست، حيث تبين فيما بعد انه مصدر متغير كل خمس دقائق تختفي فيه الأشعة السينية مدة دقيقتين. ، وعندما تم رصده بالاشعة الضوئية المرئية تبين ان لمعانه ايضا يخفت كل خمس دقائق مما سهل على العلماء دراسة مكوناته التي وجد في اساسها غاز الهيليوم، مختلفا بذلك عن بقية النجوم الأخرى التي تحتوي على الهيدروجين كغاز رئيسي.

وفي البداية اعتقد العلماء بانهم اكتشفوا نوعا جديدا من ثنائيات الأشعة السينية، الا ان النظريات التي وضعت من اجل تفسير هذا التركيب الجديد قالت بان احد النجمين اكبر من الآخر، مما يعمل على شفط مادة النجم الآخر لتنهار باتجاه النجم الكبير، وتتولد عنها أثناء دخولها درجات حرارة كبيرة تصل إلى
۲۰۰ الف درجة وهي كافية لإنتاج الأشعة السينية، وعندما تكون المنطقة المنهارة مختفية وراء النجم الكبير، فان وهج الأشعة السينية يخفت، وهو سبب التغير كل خمس دقائق، إلا أن وفرة الهيليوم فيه لم تفسر حتى الان.


ومن الجدير بالذكر أن شمسنا هي نجم متوسط يعتقد العلماء بان نهايته لن تختلف عن نهايات كثير من النجوم والتي ستكون على شكل قزم ابيض كمثل أحد مكوني هذا النظام الثنائي، لكنها وحيدة وإلا لكان نظامنا ثنائيا معقدا وسيكون دوران الكواكب فيه ضمن نقاط ثابتة تدعى نقاط لاغرانج بحيث يدور قرص الكواكب والنجمين معا بشكل ثابت، وبالطبع فان نهاية كلا النجمين سيكون غالبا قزمين أبيضين ما لم يكن النجم الثاني عملاقا فتكون نهايته ثقبا اسود.

هاني الضليع
الجمعية الفلكية الأردنية

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

هل تربة القمر صالحة لزراعة النباتات؟

لقد أبهرت فكرة زراعة النباتات على القمر العلماء والمتحمسين على حد سواء لعقود من الزمن. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *