تعتبر عادة قضم الأظافر أسلوبا للتخفيف والتخلص من التوتر/ pixabay

أسباب قضم الأطفال لأظافرهم … التشخيص والعلاج

هناك الكثير من السلوكيات التي تكبر معنا لتصبح عادات سلبية يحثنا الجميع على التخلص منها، ومهما حاولنا نجد أننا لا نستطيع الإقلاع عنها. من هذه العادات، عادة قضم الأظافر أو اللثة أو اللعب بالشعر أو مص الإبهام أو صك الأسنان، وغيرها من العادات التي نقوم بها أثناء القراءة أو مشاهدة التلفاز أو عند التقدم لامتحان، أو حتى أثناء التحدث بالهاتف دون إدراك أو وعي.

ولكن لماذا يصعب على الكثيرين التخلص من هذه العادات، وهل توفر هذه العادة فعلا وسيلة للتخفيف من التوتر والقلق وتمنح الشعور بالراحة؟

تعتبر عادة قضم الأظافر وحتى الأصابع في بعض الأحيان، أسلوبا للتخفيف والتخلص من التوتر و”السترس” والانفعال. وقد يظهر هذا السلوك عند 50% من الأطفال بين سن الخامسة (وفي بعض الحالات يبدأ مبكرا في سن الثالثة) وحتى سن الثامنة عشرة، وقد يستمر حتى سن الثلاثين ليصل إلى 10% ممن كانوا يقضمون أظافرهم في الطفولة. إلا أنه قد يكون شائعا عند الأولاد فوق سن العاشرة أكثر منه عند الفتيات.

وخلال جولتنا الميدانية سألنا بعض الأشخاص عن عادة قضم الأظافر وما إذا كان يعاني أحد أفراد الأسرة منها، ويقول حسين: “قضم الأظافر سبب لي جروح شديدة فمن دون وعي أقوم بقضم الجلد المحيط بالظفر، وفي بعض الأحيان ينزل الدم من أصابعي. أنا ألجأ لقضم أظافري نتيجة الضغوطات الشديدة التي أتعرض لها في البيت والعمل، وهذه العادة أمارسها دون وعي على الرغم من كثرة التعليقات والتنبيهات التي توجه إلي ممن حولي، إلا أني لا أستطيع التخلص منها”.

وعادة قضم الأظافر وغيرها من العادات التي تتعلق بالوجه واليدين، يكتسبها الطفل في مراحل الطفولة المبكرة مثل نقر الأنف أو لف الشعر أو مص الأصبع، هي ليست حالات عصبية سلبية كما كان متعارفا عليها، وإنما هي عادة يكتسبها الطفل للتخفيف والتفريغ من القلق والتوتر والانفعال الذي يشعر به. وهي قد يتعلمها الطفل من أحد أفراد عائلته إذا كان يستخدم نفس العادة لتفريغ توتره.

فهل يشعر الطفل بالقلق؟

تعكس عادة قضم الأظافر التوتر والشد العصبي، فالصغار كالكبار، يعانون من لحظات توتر وقلق وانفعال وهذا أمر طبيعي. بينما يجد الكبار طرقا لتفريغ الشحنات الانفعالية بأساليب إيجابية مثل التحدث، أو الرياضة أو بطرق سلبية مثل تدخين السجائر، إلا أنهم يجدون بعض العادات التي تشعرهم بتخفيف التوتر والانفعال.

وهذا الشيء لا يتمتع به الأطفال، لذلك يجدون في اليد والوجه المساحة التي يستغلونها لتهدئة انفعالهم وتنفيس توترهم. وهذ أمر طبيعي، ولا يقتصر هذا على الأطفال الانطوائيين أو الذين يعانون من مشاكل نفسية أو عائلية اجتماعية معينة. إذ إن معظم الأطفال يقضمون أظافرهم في سن معينة، للتعبير عن السعادة أو الانفعال العاطفي وكذلك التوتر أو الخوف.

قد يصعب على بعض الأهالي التخيل أن الطفل المرفه يعاني من توتر أو قلق معين. ظنا منهم أن سن الطفولة هي سن الأحلام والبراءة الخالية من الأحكام والمسؤوليات وبالتالي القلق والتوتر. فإن شعر الطفل بالتوتر فذلك يعني أن الأهل هم السبب وراء توتر وقلق الطفل….وهذا الأمر غير واقعي، ذلك أن النضج العاطفي ونمو الإدراك والقدرات المعرفية عند الطفل، يسبب بعض الضغوطات على نفسيته، وهذا أمر طبيعي، بل إنه من غير الطبيعي أن يحاول الأهل حماية الطفل من الشعور بأي توتر أو قلق. ويجب على الأهل أن يتيحوا الفرصة لأولادهم ليتعلموا ويطوروا طرقا مقبولة اجتماعيا للتفريغ والتخفيف من توترهم ومخاوفهم.

يجب أن يتعلم الطفل ويطور أسلوبا مناسبا له ولمحيطة للتخفيف من التوتر الذي يتعرض له. ويجب على الأهل أن يسمحوا له بفرصة التعلم.

تقول رشا وهي أم لثلاثة أطفال: “أصبحت أشعر بالخجل من أطفالي الذين أصبحوا ينتبهون لي عندما أقضم أظافري، والمشكلة أنهم بدأوا بتقليدي وعند منعهم من ذلك يقولون لي نحن نفعل كما تفعلين، ولا أدري كيف أتخلص من هذه المشكلة، فقد أصبحت تؤرقني حتى أن زوجي بات منزعجا منها، خصوصا أنني أمارس هذه العادة بكثرة قبل النوم في حال عدم شعوري بالنعاس”.

يكمن دور الأهل في الحد من تفاقم هذه العادة بتفهم طبيعة هذه العادة، وإدراك أثر تعلم الطفل مثل هذه العادات من أهله أو إخوته الأكبر بالمراقبة. كما أن على الأهل التعرف على أفضل الطرق التي تحد من هذه العادة، وهي الإهمال وعدم التشديد على لفت انتباه الطفل، وخصوصا في مراحل الطفولة المبكرة، دون استخدام العبارات القاسية مثل “أنت تتصرف كالأطفال” أو “ستصبح أصابعك بشعة” والابتعاد كذلك عن أسلوب النهي والتهديد والعقاب، وفي المراحل العمرية الأكبر، عليهم شرح أضرار المشكلة لأبنائهم حتى يستوعبوها، كما إن إشراك الطفل في وضع حل للتخلص من هذه العادة يساعد في إقناعه وتنبيهه، ذلك أن هذه العادة يقوم بها الطفل دون وعي، وتشديد الأهل على الموضوع سيزيد من توتره والضغط عليه.

من جهة أخرى فإن انسجام العائلة مع بعضها البعض يلعب دورا هاما في ظهور مثل تلك العادات، فإذا كانت علاقة الأهل مع بعضهم غير جيدة أوغير مستقرة، أو إذا كان الأهل يميزون بين أحد أبنائهم عن الآخرين، فإن تلك الاحتمالات تعد المسببات الرئيسية لظهور التوتر عند الطفل، ما يسبب عادة قضم الأظافر وغيرها من الحالات العصبية.

قد يترتب على هذه العادات أضرار صحية، فإذا كان ابنك أو ابنتك من الأطفال الذين يقضمون أظافرهم، عليك أن تناقش مضار هذه العادة عليه، فالأطفال الذين يقضمون أظافرهم أكثر عرضة للتسمم بالرصاص، ويعود ذلك إلى أن الرصاص يتراكم على الأظافر نتيجة اللعب في أجواء غير نظيفة داخل البيت أو خارجه، ويتواجد الرصاص في التربة وفي الفواكه والخضار التي يتناولها البعض دون غسلها وفي ورق الجرائد وفي الأثاث المدهون. بالإضافة إلى أن الطفل الذي يقضم أظافره هو أكثر عرضة للإصابة بالأمراض التي تسببها الجراثيم والبكتيريا العالقة تحت الأظافر مثل “الروتا فايروس”.

من وجهة نظر الطب النفسي، فإن ممارسة عادة قضم الأظافر هي امتداد لمرحلة الطفولة، إذ كان يجد الطفل فيها متنفسا القلقه، وهي عبارة عن حركة لا إرادية تساعد على التخفيف من حدة التوتر والشد الناتج عن بعض المواقف التي يصعب على الطفل التعامل معها.

أسباب قضم الأظافره

• عدم العناية بأظافر الأطفال: عندما تكون أظافر الطفل غير مقصوصة أو ذات حواف بارزة تزعجه يلجأ ببساطة إلى القضم بديلا عن القص، فتصبح عادة له إذا لم نحرص على العناية بأظافره وتقليمها باستمرار.
• تقليد الآخرين: وجود نماذج تمارس سلوك قضم الأظافر حول الطفل، فيتعلمها و تصبح عادة لا يستطيع التخلص منها.
• التوتر والقلق: عندما يشعر الطفل بالتوتر والقلق، قد يلجأ لوضع أظافره في فمه والعض عليها ثم قضمها، وشعوره بالراحة لدى قيامه بذلك سيجعله يكرر ذلك ويلجأ إليها باستمرار كلما شعر بالتوتر والقلق.
• توبيخ الطفل أو السخرية من سلوكه : ردود أفعال الأب والأم القاسية، تلعب دورا هاما في مساعدة الطفل على التخلص من تلك العادة أو استمرارها. فعندما يقوم الأهل بالصراخ على الطفل أو عقابه عند رؤيته يقضم أظافره قد يطور عناد الطفل لممارسة هذا السلوك لإغضاب والديه، أو الذهاب إلى غرفته أو إلى مكان آمن حيث يستطيع قضم أظافره دون أن يراه أحد ويسخر منه.
• يبدأ الأطفال بقضم أظافرهم عندما يواجهون مشاكل في المدرسة أو مع الأصدقاء، لذلك على الأب والأم التحدث مع الطفل حول الأمور التي تسبب له الإجهاد أو القلق.
• العقاب المبالغ فيه على أي هفوة يقوم بها الطفل قد يكون من أهم مسببات التوتر والقلق عند الطفل.

يجب على الأهل أن يعلموا الطفل بالنموذج، ويبينوا له كيف يستطيعون هم أنفسهم التعامل مع القلق والتوتر وسبل تخفيف هذا التوتر، مثل التنفس بعمق، أو الاستماع للموسيقى الهادئة، أو المشي أو لعب الرياضة، أو الشطرنج وغيرها من الأساليب الإيجابية التي تخفف من شدة الانفعالات الداخلية.

كما أنهم يستطيعون تخصيص “لوحة النجوم” وهي لوحة تقسم بعدد أيام الأسبوع، يضع عليها الطفل نجمة عن كل يوم نجح في التوقف عن قضم أظافره، بحيث يأخذ الطفل جائزة يتفق عليها مع أبويه بعد الحصول على 5 نجمات مثلا، وفي مراحل متقدمة تصبح 10 نجمات وهكذا حتى يفقد الطفل هذه العادة، فالتشجيع من الأهل قد يساعد أكثر من التوبيخ والتهديد. وينصح المتخصصون في علم النفس والسلوك بضرورة الاعتدال في تربية الطفل وإحاطته بالعطف والحنان، والابتعاد عن الضرب والعقاب واستغلال وقت الطفل بممارسة أنشطة مفيدة تشده عن قضم الأظافر.

وبالنسبة للأطفال الأكبر سنا، فيمكن إقناعهم بالتفاهم معهم وتعريفهم بمساوئ هذه العادة وماذا تسبب من أمراض وإحراج إذا استمروا بها.

إليكما أيها الأبوان بعض النقاط التي قد تفيد الطفل في الإقلاع عن هذه العادة :

• تقليم أظافر الطفل: تعويد الطفل منذ صغره على قص أظافره وترتيبها، وعدم ترك حوافها خشنة ودهنها بالكريم المرطب، حتى لا يجد سببا لقضمها بأسنانه.
• التحدث مع الطفل: وتعريفه بمساوئ هذه العادة، وإشراك الطفل في إيجاد حل لهذه العادة، وتشجيعه على أنه قادر على التخلص منها.
• طرح فكرة استخدام القفاز أو وضع مادة مرة المذاق على إصبع الطفل حتى تذكره وتنبهه إلى عدم قضم أظافره.
• الملاحظة: عليكما مراقبة الطفل جيدا لمعرفة الأوقات والمواقف التي يقوم بها بقضم أظافره، والتحدث معه عن المواقف التي تقلقه، ومناقشته في أهم الطرق التي تساعده على التعامل مع المواقف التي تسبب له الضيق.
• التشجيع: بعد ملاحظة الطفل ومعرفة عدد مرات قيامه بالسلوك، قم بتشجيعه عندما تمر فترة طويلة على عدم ممارسته القضم.
• ملء وقت الطفل بالنشاطات: لا يلجأ الطفل إلى قضم أظافره إذا كان هناك نشاطات ينشغل بها، ومثال على هذه النشاطات، ألعاب الصلصال والرمل والماء والمعجونة، فكل هذه الألعاب تقلل من توتر الطفل وتلهيه عن قضم أظافره.


• التقليل من توتر الطفل: ابحث عن الأسباب التي تؤدي إلى توتر الطفل في البيت أو في المدرسة، وحاول التقليل قدر الإمكان من إمكانية تعرض الطفل لمثل هذا النوع من التوتر.
• وأخيرا، يجب على الأهل تقبل هذه العادة، وعدم إدانتها، فإن لم يقتنع الطفل بترك هذه العادة، يفضل عدم التشديد والتركيز عليها، فالتقبل هو من أهم احتياجات الطفل، ومن أهم قواعد الحب غير المشروط، ومن المفيد أن نتذكر أن ۹۰٪ من الأطفال الذين يقضمون أظافرهم 4 الصغر يتخلون عن هذه العادة عندما يكبرون.

المصدر مواقع الكترونية

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

زيت الزيتون وفوائده الصحية ودوره في حماية القلب ومكافحة الأمراض

يُعدُّ زيت الزيتون من أبرز المكونات الغذائية التي تشتهر بها منطقة الشرق الأوسط، ويحتل مكانة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *