فاروق أبو طعيمة
يقول علماء التربية: كثيراً ما يكون الآباء والأمهات هم السبب في تأصيل العناد لدى الأطفال، فالطفل يولد ولا يعرف شيئاً عن العناد، فالأم تعامل أطفالها بحب وتتصور أن من التربية عدم تحقيق كل طلبات الطفل، في حين أن الطفل يصر عليها، وهي أيضاً تصر على العكس فيتربى الطفل على العناد وعدم الاستجابة
وتطرح الدكتورة حنان فاروق المستشارة النفسية والطبيبة أبرز الاستراتيجيات لعلاج الطفل العنيد: يحتاج الأبوان إلى تعاون تام لتقويم الطفل العنيد خاصة والتربية عامة ذلك أن الطفل أذكى مما نتخيل، وباستطاعته أن يستغل أي خلاف أو اختلاف لصالحه في الوقت الذي يريد لذا فعليهما أن يتفقا على طريقة واحدة وأسلوب واحد للتربية.. وأن يبعدا خلافاتهما الشخصية عن الطفل ولا يشعراه بها، كذلك عليهما ترك التمييز بين الطفل وبين إخوانه وأخواته بالسلب أو الإيجاب فبالعدل يشعر الطفل أنه جزء في منظومة لا منفصل عنها ولا ننسى أن هناك أثرًا كبيرًا للمدرسة وتواصلها الصحيح المتكامل مع الأسرة فالطفل الآن لا يربيه البيت فقط، بل البيت والمدرسة والمجتمع ككل، والمدرسة هي الصورة المصغرة للمجتمع الكبير، لهذا يجب أن يكون هناك توازن ملموس في تربية الطفل والتعامل معه على أسس تربوية مدروسة ولا ننسى أن التنشئة الدينية السليمة تخلص الطفل من العناد على أسس من القرآن والسنة النبوية الشريفة وهدي الصحابة الكرام والتابعين.. فهي الطريقة المثلى للتربية والتنشئة السوية
أمّا الدكتورة هالة سعيد استشارى طب الأطفال فترى أنّ أول خطوة فى التغلب على عناد الطفل معاملته باحترام وود، وعدم ترديد أنه عنيد أمامه أو أمام الآخرين، حيث يتمسك بهذا السلوك أكثر، كما يجب مشاركة الطفل فى الأمور التى يصلح فيها أخذ رأيه، ومدحه فى حالة قيامه بتصرفات سليمة أو عندما يقول أفكارا سديدة، وإذا حدث خلاف بين الطفل وبين أحد الأبوين عليهما تناول هذا الأمر بنوع من التعقل، ومناقشة الأمر مع الصغير دون اللجوء إلى فرض رأى معين، كما يجب تفهم رغبات الطفل وتحقيقها طالما أمكن ذلك، وعلى الأبوين عدم الإصرار فى تهميش طلبات صغارهم على أنها شىء غير مهم، وهناك العديد من الأولويات التى يجب إنجازها قبل ذلك، لأن رغبات الطفل وطلباته تمثل له الحياة التى يعيشها، لأنه لا يعرف الكثير عن ظروف الكبار والضغوط التى يعيش فيها البعض
في حين يقترح الأستاذ الدكتور عبد الله السبيعي : ومن الأساليب المفيدة توقيع العقاب المناسب على الطفل فور عناده لأن ما يناسب طفلاً قد لا يناسب آخر و ما يفيد في وقت ما قد لا يفيد في وقت آخر. المهم عدم تأجيل العقاب بهدف إعطاء فرصة يراجع فيها الطرفان نفسيهما ليستانف الحوار بعد ذلك بأسلوب أكثر هدوءاً و إقناعا و معاملة الطفل العنيد ليست أمراً سهلاً لذلك لا بد من التحلي بالصبر و عدم اليأس و الإستسلام للأمر الواقع بحجة أن الطفل عنيد و رأسه ناشفه. كذلك لا بد من الثبات في المعاملة فالإستسلام أحياناً يعلم الطفل فنيات الإصرار والعناد و من المعتاد ان يقال للطفل او يذكر أمامه انه طفل عنيد أو ان فلان شاطر فهو ليس عنيد. هذا النوع من القول يؤكد للطفل العناد و يرسخه فيه مهما قلنا له أن العناد سيئاً. كما انه من المهم عدم صياغة الطلب بأننا نتوقع الرفض لأن ذلك يعطيه خياراً بالرفض و يشجعه عليه وعلى النقيض فإن إرغام الطفل على الطاعة العمياء بدلاً من دفء المعاملة و المرونة يجعله يلجأ للعناد للخلاص من العبودية والحصول على حريته. لذلك فمن المهم أن نغض الطرف عن الأمور البسيطة و نبدي التسامح أحيانا و أخيراً فإن أسلوب الحوار والإقناع بعد توقيع العقاب الناتج عن العناد امر مهم لتعليم الطفل كيف يكون مقنعاً لا عنيداً أرعناً لا يمتلك القدرة على التعامل بهدوء و روية ويقترح بعض المشرفين التربويين على الأمهات اللواتي يتعرضنّ أكثر من الآباء لمشكلة العناد
بعض الحلول لمشكلة العناد عند الأطفال
أولا : الطفل يجتاز مرحلة العناد ما بين سن الرابعة والسادسة وتفهم الآباء لنفسية الطفل يساعداه في اجتياز تلك المرحلة وذلك باقناعه بأهمية الطاعة وعدم إرغامه عليها فالنفس الإنساية تميل إلى دفء المعاملة اللينة والمرونة في الموقف وتمقت الفظاظة والغلظة فتفهم طبيعة تصرفات الصغير وتقريب المسافة بين الطفل ووالديه على أن يكون الحب والحنان هما أساس العلاقة الأسرية وتقديم الأوامر له ببساطة ووضوح وهدوء وبدون تشدد أو تسلط كالتربيت على كتف الطفل أو احتضانه بحنان ثم طلب القيام ببعض الأعمال ومن ثم متابعته بأسلوب لطيف وبعيد عن السيطرة ومتابعته حتى يتم تنفيذ الأمر
ثانيا : يجب أن ننطلق في تعاملنا مع الطفل من إيجابياته ، فالطفل ذكي يجب معاملته بوصفه مخلوقًا مفكرًا ، ولنتذكر هذه المعادلة ذكاء + عنف = عناد وعنف مضاد. مع الحذر كل الحذر من أن يكون اللطف مع الطفل لطلب الطلبات فقط فمثلا يرى بعض التربويين أنّ العناد اليسير يمكن غضّ الطرف عنه، والاستجابة لما يريد هذا ما دام تحقيق رغبته لن يأتي بضرر، وما دامت هذه الرغبة في حدود المقبول
ثالثا : تثبيت نمط المعاملة مع الطفل ، وتحديد المسموح وغير المسموح في كل موقف وبهدوء بحيث لا يكون التأديب مرتبطًا بما يأتي على البال ؛ فالطفل ذو الوالدين المتقلبين لا يكون متأكدًا من شيء.
رابعا : سرد القصص لما لها من أهمية في التربية ، فهي تمرر مضامين التربية إلى عقل الطفل ؛ وهنا يأتي دور حكايات المساء ، فابتكار شخصية وثبِّتيها ونسج القصص حولها
خامسا : تخصيص للطفل وقت من النهار للاقتراب منه لتعويض الانشغال عنه بقية اليوم ولو لنصف ساعة فقط فالتواصل العاطفي وتقدير الطفل يحتاج الطفل، خاصة العنيد ، إلى الاحتواء العاطفي من الكبار، كما يحتاج وبشدة إلى الحصول على جرعات عالية من التقدير والتفهم، فإن عدم التقدير والاحترام للطفل العنيد يزيد من ممارسته للضغوط الاستفزازية التي يجيدها بمهارة، ويمكن للمربي أن يذكر نفسه دائما باستخدام الألفاظ التشجيعية بلا إفراط أو تفريط، لأن الطفل العنيد ذكي جدا والمبالغة ستشعره بالمهانة وأن هذا المربي يحاول أن يطبق تعليمات الكتاب غير أنه قد يبدو للمربي أن الطفل العنيد لا يتأثر بكلماته ولا يوجد لها صدى لديه، وهذا غير صحيح، فالطفل العنيد يتأثر جدا بالكلمة الطيبة، والمعاملة الحسنة ، ويرتبط جدا بالمربي الذي يظهر له التقدير والاحترام ويظل صداها في قلبه حتى ولو لم يظهر أثر ذلك في الحال
سادسا: تجنب الوصول مع الطفل لمرحلة العناد فإذا شعرت بأن الطفل على وشك الدخول في أحدها فحاول لفت نظر الطفل إلى شيء محبب له أو إلى موضوع أخر بخفة فالحوار الدافئ المقنع غير المؤجل من أنجح الأساليب عند ظهور موقف العناد ؛ حيث إن تأجيل الحوار إلى وقت لاحق يُشعر الطفل أنه قد ربح المعركة دون وجه حق
سابعا : يمكنك الاشتراك للطفل في أحد الحضانات أو رياض الأطفال بحيث يذهب ثلاثة أيام لبعض الوقت للعب والمرح.
ثامنا : يجب منح الطفل وقتا للخروج إلى المتنزهات وليشعر بالانطلاق واللعب ومشاهد الطبيعة فسوف يمتص ذلك من طاقة الطفل.
تاسعا : لا بد أن يفرغ الوالد جزء من الوقت للطفل كل يوم يجلس معه ويلاعبه وليكن الأب مساندك الأساسي في رحلة النوم.
عاشرا : التهديدات لا تجدي مع عناد الأطفال وسيستمر الطفل بالعناد تفهم طبيعة الطفل في مثل هذا العمر، وأنه في مرحلة الطبيعة النفسية المعروفة بالعناد، وهذا الأمر إذا تفهمه الوالدان يستطيع الطفل أن تجتاز المرحلة بهدوء، وبالعكس فإن كثرة العقاب لا يأتي بنتائج مرضية، بل على العكس قد ينقلب الطفل إلى مريض بالعدائية، والتي تعرف بالعناد العدائي السلبي وإذا ما أصّر الوالدان على العقاب فيجب أن يوقع عند وقوع العناد مباشرة، بشرط معرفة نوع العقاب الذي يجدي مع هذا الطفل بالذات؛ لأن نوع العقاب يختلف في تأثيره من طفل إلى آخر, فالعقاب بالحرمان أوعدم الخروج أوعدم ممارسة أشياء محببة قد تعطي ثماراً عند طفل ولا تجدي مع طفل آخر، ولكن لا تستخدمي أسلوب الضرب والشتائم؛ فإنها لن تجدي، ولكنها قد تشعره بالمهانة والانكسار وعدم اللجوء الى العقاب اللفظي او البدني كوسيلة لتعديل سلوك العناد عند الطفل واذا استمر الطفل في عناده بعد هذا النوع من التفاهم فيجب وضع الطفل (حينها) امام بعض مسؤولياته او نتائج اخطائه او عناده التي من نتائجها حرمانه من عدة امور معنوية او مادية تجعله يدرك ان المعاندة السطحية او غير المبررة قد تكلفه ثمنا
الحادي عشر : السماح للطفل ببعض الرفض لتكون له شخصية قادرة على اتخاذ القرار وعدم رفض كل ما يطلبه الطفل لمجرد الرفض إما أن يكون بسبب واضح أو توضيح العلة ( السبب) من الرفض
الثاني عشر : عدم الطلب من الطفل أكثر من أمر في المرة الواحدة حتى لا نسبب له إرباكات فيجب ان يحرص الوالدان وحتى اخوانهم الكبار على عدم ارهاق كاهل الطفل بالتكاليف والاعمال المملة، واحيانا قد يكون الطفل على حق في عناده وقد يكتشف الوالدان ذلك واذا كان الطفل على حق فعلى الوالدين ان يتراجعا عن رأيهما او موقفهما وفي هذه الحالة سيكون الكبار قدوة للتراجع عن موقف العناد في حياة الطفل خاصة اذا بدأ الوالدان ذلك التراجع في سن الطفولة المبكرة اما بالنسبة للاطفال الذين هم اكبر سنا فيجب ان نميز بين العناد السلبي الخاطئ والعناد الايجابي لديهم، فكثيرا ما يكون العناد نوعا من طرق التعبير عن الوجود او تأكيد وجود الذات تجاه الاخر لانه إحدى الطرق السهلة في لفت الانتباه لذا يجب على الام او الاب ان يقدما الاوامر الى اطفالهما بهدوء ولطف وبدون تشدد او تسلط ويجب ان لا تطلب الام من طفلها الامتناع عن شيء ومن ثم تطلب منه فعل هذا الشيء في الوقت نفسه وكذلك الانتباه الى متابعة الطفل بأسلوب بعيد عن السيطرة مثلا متابعة الطفل في حالة طلب منه اداء الواجب المدرسي او قيامه بعمل شيء ما
اشكر كاتب المقال على المعلومات الهامة