الدكتور الصيدلاني صبحي العيد *
آفاق علمية وتربوية – تسمى في تراث المتوسط وبلاد الشام الأيام العشر الثانية من آذار بالأيام الحسومات ويقال أنها الأيام التي اهلك الله فيها قوم عاد، قال تعالي في سورة الحاقة ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) )
ويقال بأنها تسمى كذلك لأنها محسومة وملغاة من الروزنامه الزراعية ويمتنع فيها المزارعون عن كثير من الأعمال الزراعية وخصوصا زراعة الأشجار وتقليمها وزراعة الاشتال وكان الناس قديما يميلون إلى الاعتكاف في مثل هذه الأيام في بيوتهم .
وتعتبر عند الكثير من الرجال أيام نحس حيث كثيرا ما يصابون بالبرود والخمول الجنسي حيث يكثر عندنا الطلب على المقويات الجنسية بأنواعها .
وكان العرب يرونها أيام نحس يتشاءمون منها ويقال في الأمثال الشعبية / ما حلال بدوم إلا بعد الحسوم/ وأيضا يقولون إذا نويت بالحسوم نعمتك ما تدوم، واستنى حتى ييجي عمك نيسان وصلي على النبي العدنان.
وبالطبع ليس هناك ما يثبت أو ينفي هذه الفكرة علميا ومن المعلوم انه في هذه الفترة يتداخل الشتاء بالربيع وتكون انتقاليه قلقه تسبق الاعتدال الربيعي وتبدأ براعم الأشجار بالتشكل وتنتشر الحشرات وأنواع الديدان وتنشط الطيور وتدب الحياة في الكائنات ذوات الدم البارد التي تدخل في سبات شتوي يشبه الموت والبعث من جديد ويتعرض الإنسان للإصابة بأنواع الرشح والحساسية والعطاس حيث يكثر عندنا في الصيدليات الطلب على أدوية الحساسية والرشح وخصوصا أدوية حساسية القصبات الهوائية وضيق التنفس واحمرار العيون .
ليبدأ بعد ذلك الربيع وما يزال ثمة علاقة بين عيد الفصح / الايستر / كما يسمى في الغرب والربيع وترى كثير من شعوب المنطقة حتى اليوم إذ تبدأ الاعتدال الربيعي بالاحتفالات مثل عيد النيروز عند الفرس والترك والأكراد وعيد شم النسيم في مصر وحتى عيد العمال العالمي مرتبط بأفكار وأساليب كثيرة وبمواسم العمل والإنتاج وتعتبر عطلة الربيع جزء من هذه الاحتفالات وهي في الغرب ما تزال قائمه وينظر إليها على أنها للشكر والاحتفال بالحياة وهي على أي حال فلسفة تقوم على الانسجام مع الطبيعة والكون واحترام إسرارها ومحاولة فهمها.
يشبه الربيع نشأة الحياة والولادة والبعث والخلاص أيضا من البرد والسكون والزلازل والاعتكاف والسبات الشتوي و الممل .
فبعد ذلك تعود الحياة من جديد فهو على نحو ما دعوه إلى الحياة من جديد بل وتجديدها والانطلاق مع السنونو وزهر الليلك وزهر اللوز الجميل التي تسبق الكائنات في الاحتفاء بالحياة وتجديدها فهي فرصه سنوية قد لا تتكرر لالتقاط طاقة الحياة المنبعثة مع الزهور والطيور والخضرة والوجه الحسن الذي كان في سبات نتيجة البرد وكثرة الملابس والمرض وقصر ساعات النهار والإنتاج.
* رئيس لجنة الغذاء الصحي والثقافه البدنيه / الاتحاد العربي / بيروت
Drsubhi_eid@hotmail.com