يعرف التقويم التكويني بانه عملية تقييمية منهجية منظمة تتم خلال عملية التدريس وتساعد المعلم والطالب على حد سواء في تحسين عملية التعلم، بحيث يكون المعلم مدركا تماما لمدى تقدمه في الدرس وكذلك الطالب.
وتبين تاجليونت كريستين الى انه لكي تكتسب عملية التويم معنى لا بد من وجود أهداف للتعلم المقصودة، وبالمقابل لا وجود للهدف إن لم يدمج في وصفه طريقة تقويمه ” بمعنى أن التقويم لا يمكنه أن يتم بصورة علمية إن لم تحدد له مسبقا أهداف تربوية يسعى المعلم إلى تحقيقها على مستوى المتعلم.
ولا يمكن للهدف التربوي بدوره أن يتحقق إن لم تكون هناك طريقة تساعد في تقدير مدى تحقيق الأهداف التربوية، مما يؤكد على أن التقويم عملية تكوينية مشتركة تخص كل من المعلم والمتعلم في نفس الوقت.
ولما كان السلوك القابل للملاحظة والقياس (الهدف الإجرائي في بيداغوجيا الأهداف) يمثل الجزء الظاهري للكفاءة ونتاج التعلم، نجد القراءات البيداغوجية المختلفة في مجال التقويم تؤكد على أن عملية تقويم الأهداف الإجرائية التي تصف السلوك المنتظر من المتعلم القيام بها ليست غاية في حد ذاتها، وإنما الأهم يكمن في نتائج التعلم وذلك لأن هذه النتائج “ستساعد كل من المعلم والمتعلم على التحكم في دوره” أي من خلال التقويم التكويني، يقوم المعلم بتشخيص نقاط الضعف ونقاط القوة الخاصة بعمليتي تعليمه وتعلم المتعلم، مما يسمح لهذا الأخير بادراك مستواه المعرفي وطبيعة المجهود التي سيبذله ليصل إلى مستوى الكفاءة.
بهذا يصبح التقويم التكويني أداة بناء التعلم وجزءا لا يتجزأ من العملية التعليمية- التعلمية التي تستلزم تقويما بيداغوجيا يرتكز على:
– تحديد الأهداف التربوية (عامة، خاصة وإجرائية) والنتائج المنتظر تعلمها.
– المساعي التعليمية والمقصود هنا ” المقاربة بالكفاءات” مع تحديد الكفاءة المقصودة
– التفكير في صيرورة التعلم الملائمة للمتعلم.
– تحليل نتائج التعلم لاستخلاص نقاط الضعف والقوة لدى المتعلم والعمل على توجيهه بملاحظات واقعية وموضوعية.
ولما كانت “بيداغوجيا الكفاءات” تتطلب من المكون التحكم في مراحل التقويم التكويني سنتطرق فيما يلي إلى لهذه الأخيرة.
مراحل التقويم التكويني:
تبين القراءات أن التقويم التكويني الذي تتطلبه “بيداغوجيا الكفاءات” يختلف كل الاختلاف عن التقويم التحصيلي، وذلك من حيث ” الغاية و زمن التطبيق لكل منهما فيما يخص مراحل التعلم وليس من حيث الطريقة. لهذا، نجد المختصون في التقويم يتفقون على أن التقويم التكويني يتم في ثلاثة مراحل مستمرة ومتكررة. ونظرا لأهميتها نلخصها فيما يلي:
*المرحلة التنبوئية : يتم في هذه المرحلة تحديد مستوى الكفاءات التي يمكن للمتعلم أن يكتسبها، ذلك حسب الأهداف التربوية المراد تحقيقها، مما يتطلب من المعلم الإعلان عن الموقف حتى يكون المتعلم على علم بما يجب تعلمه أو النشاط الذي يقوم به. فهذه المرحلة إذا تسمح للمتعلم بادراك المعرفة العلمية المراد تعلمها. أما فيما يخص المعلم، فتسمح له هذه المرحلة بإدراك الإمكانات التشخيصية ، أي تلك التي تسمح بتشخيص مستوى الكفاءات المكونة لشخصية المتعلم: المعرفية والنفس حركية والوجدانية، حيث يساعده ذلك على الكشف عن الاستعدادات الفردية وضبط المساعي البيداغوجية، وكذا تنظيم مادة التعليم.
* المرحلة التشخيصية): تجرى العملية التشخيصية طيلة الفترة التعليمة من البداية إلى النهاية ويكتشف المعلم من خلالها مستوى كفاءات المتعلم الخاصة بالمجالات الثلاثة: المعرفية والنفس- حركية والوجدانية، مما يساعده على اختيار وسائل التقويم وضبط عملية التعليم حيث يتم ذلك بالرجوع إلى الوراء والتفكير في التخطيط الملائم للموقف. أما بالنسبة للمتعلم، تسمح له هذه المرحلة بادراك النقائص والصعوبات الخاصة بتعلمه، مما يجعل المرحلة التشخيصية عملة ذات وجهين تخص في نفس الوقت المعلم والمتعلم. وعلى هذا الأسـاس، نجـد تاجليونت تشير إلى أن ” هذا الزوج من المفعول الرجعي ينتسب إلى جوهر التقويم التكويني ” وذلك لكونه يساعد المتعلم على التعلم ويساعد المعلم في تحسين طرائقه البيداغوجية.
*مرحلة الجرد: تتم عملية الجرد في نهاية الفترة التعليمية القصيرة المدى (الدرس، الموضوع ) يقوم فيها المعلم بإحصاء الكفاءات المعرفية (المعلومات ) والكفاءات – الفعلية والوجدانية التي اكتسبها المتعلم، حيث تساعد نتائج الجرد كل من المعلم والمتعلم على إدراك مستوى الكفاءات ومستوى صياغة المفاهيم الجديدة وتقدير مدى تحقيق الأهداف التربوية التي حددت في المرحلة التنبوئية.