مجالات الإدارة
مفهوم الإدارة التعليمية
مفهوم الإدارة المدرسية
التطور التاريخي لمفهوم الإدارة التعليمية ( التربوية)
الفرق بين الإدارة التعليمية، والإدارة التربوية ـ والإدارة المدرسية
خصائص الإدارة المدرسية الناجحة
أهداف الإدارة المدرسية
أهمية الإدارة المدرسية
وظيفة الإدارة المدرسية
المجالات الإجرائية للإدارة المدرسية
تتبؤ الإدارة المدرسية أهمية خاصة في العملية التربوية والتعليمية برمتها، ويتوقف نجاح العملية التعليمية بشكل عام على نجاح الإدارة المدرسية في تذليل كافة العقبات التعليمية وتهيئة الظروف المناسبة لنجاح العملية التعليمية.
المقال التالي يتناول مجالات الإدارة المدرسية وأهداف الإدارة المدرسية الناجحة وأهمية ووظائف الإدارة المدرسية والتعليمية.
أولا : ميادين الإدارة ( مجالات الإدارة ).
لقد شهد القرن العشرون في بدايته ميلاد علم الإدارة ومحاولة إقامتها على أسس من الدراسة والبحث، وبدا ذلك واضحا أول الأمر في مجال إدارة الأعمال، ثم انتقل إلى الإدارة العامة وفروعها :
إدارة الحكومة ـ إدارة المستشفيات ، وإدارة التعليم .. ، كما بدا علم الإدارة واضحا أول الأمر في المجال العسكري الذي ندين له بكثير من المفاهيم والمصطلحات والأساليب الإدارية ، ولكل نوع من هذه الإدارات مشكلاته الخاصة التي تتفق مع طبيعته ، كما أن لكل منها أساليبه الخاصة في معالجة هذه المشكلات وإيجاد الحلول لها.
وجدير بالذكر أن الإدارة التعليمية تتفق مع الإدارة العامة في الخطوات الرئيسية لأسلوب العمل في كل منهما ، فالإدارة التعليمية تشترك مع الإدارة العامة في عمليات التخطيط ، التنظيم ، التوجيه ، المتابعة ، التقويم ، اتخاذ القرارات ، ووضع القوانين واللوائح التي تنظم العمل في كل منهما ، وتسهم الخطوط الرئيسية هذه في إنجاح النظام التعليمي في أداء مهمته والتي تتمثل في :
وضع الأهداف العامة للتعليم وتحديد الإستراتيجية التعليمية.
تربية الأفراد ( التلاميذ ـ الطلاب ) وإعدادهم للحياة في المجتمع.
توفير القوى والإمكانات المادية والبشرية لتحقيق الأهداف التربوية.
ومعنى هذا أن الإدارة التعليمية تتفق مع الإدارة العامة في الإطار العام للعملية الإدارية فقط ، أما فيما يتعلق بالتفاصيل فإن الإدارة التعليمية تشتقها من طبيعة التربية والتعليم، فالعمل داخل المؤسسات التعليمية يختلف دون شك عن العمل في المؤسسات الصناعية والتجارية والعسكرية وفقا لاختلاف أهداف العمل في كل منهما.
ثانيا : مفهوم الإدارة التعليمية :
قبل التعرض لمفهوم الإدارة التعليمية كعلم له صلة بعلم الإدارة العامة يجدر بنا أن نسترجع مفهوم الإدارة بمعناها العام، حيث إن الإدارة التعليمية كفرع من الإدارة العامة لها في نفس الوقت شخصيتها المستقلة التي يمكن أن تجعل تعريفها يبتعد قليلا في بعض تفصيلاته عن ذلك التعريف العام للإدارة.
وإذا فهمنا الإدارة على أنها مجموعة من الأعمال المتشابكة ـ التخطيط ـ التنظيم ـ المتابعة ـ التوجيه ـ التقويم ـ التي تتكامل فيما بينها لتحقيق غرض مشترك ، فإن الإدارة التعليمية كما عرفها إبراهيم مطاوع ، أمينه أحمد في كتابهما ” الأصول الإدارية للتربية ” مجموعة العمليات المتشابكة التي تتكامل فيما بينها في المستويات الثلاثة ـ الإدارة على المستوى القومي ( وزارة المعارف) ، المستوى المحلي ( إدارة التعليم) ، المستوى الإجرائي ( الوحدة المدرسية) ـ لتحقيق الأهداف المنشودة في التربية ، والإدارة التعليمية بهذا المعنى شأنها شأن الإدارة في الميادين الأخرى وسيلة وليست غاية في ذاتها ، ينظر إلى الإدارة من خلال كونها وظائف ومكونات.
كما عرفت الإدارة التعليمية بأنها الطريقة التي يدار بها التعليم في مجتمع ما وفقا لأيدلوجية ذلك المجتمع وأوضاعه ، والاتجاهات الفكرية التربوية السائدة فيه ليصل إلى أهدافه من خلال كل نشاط منظم مقصود وهادف يحقق الأهداف التربوية المنشودة في المدرسة . ينظر إلى الإدارة من حيث كونها طريقة وأسلوب ” .
في حين يعرف محمد منير مرسي الإدارة التعليمية في كتابه ” الإدارة التعليمية أصولها وتطبيقاتها” بأنها : كل عمل منسق يخدم التربية والتعليم وتتحقق من ورائه الأغراض التربوية والتعليمية تحقيقا يتمشى مع الأهداف الأساسية للتعليم.
ومن خلال استعراض التعريفات السابقة للإدارة التعليمية نجد أن البعض قد ينظر إليها م خلال كونها وظائف ومكونات ، في حيث نظر إليها البعض الآخر من حيث كونها طريقة وأسلوب ، وبما أن الإدارة المدرسية جزء من العملية التعليمية التي تعتبر هي الأخرى جزءا من الإدارة العامة ، فإننا ننتقل من تعريف العام ( الإدارة المدرسية ) إلى تعريف الخاص ( الإدارة المدرسية ) على المستوى الإجرائي ( وحدة المدرسة).
ثالثا : مفهوم الإدارة المدرسية :
عرف حسن مصطفى الإدارة المدرسية في كتابه ” اتجاهات جديدة في الإدارة المدرسية على أنها: مجموعة من العمليات التي يقوم بها أكثر من فرد بطريقة المشاركة والتعاون والفهم المتبادل ، وهي جهاز يتألف من مدير المدرسة ونائبه ( الوكيل ) والأساتذة والموجهين والرواد ، أي كل من يعمل في النواحي الفنية والإدارية.
كما عرفها صلاح عبد الحميد مصطفى في كتابه “الإٌدارة المدرسية في ضوء الفكر الإداري المعاصر” مجموعة من العمليات الوظيفية ، تمارس بغرض تنفيذ مهام مدرسية بواسطة آخرين ، عن طريق تخطيط وتنظيم وتنسيق ورقابة مجهوداتهم وتقويمها، وتؤدي هذه الوظيفة من خلا التأثير في سلوك الأفراد لتحقيق أهداف المدرسة.
من خلال استقراء التعريفات السابقة للإدارة التعليمية والإدارة المدرسية يمكن استخلاص مجموعة من الاعتبارات الهامة التي تفسر حقيقة الإدارة ( التعليمية ، المدرسية ) ، وتلتقي هذه الاعتبارات مع الاعتبارات التي توضح حقيقة معنى الإدارة بصفة عامة.
بعد أن تم التعرف على مفهومي الإدارة التعليمية والإدارة المدرسية يقتضي المقام الحديث عن نشأة مفهوم الإدارة التعليمية ، والتطور التاريخي لهذا المفهوم ، والعوامل التي أثرت فيه.
رابعا : التطور التاريخي لمفهوم الإدارة التعليمية ( التربوية).
إن قصة تطور التربية وانعطافاتها الكبيرة ، هي في بعد من أبعادها الأساسية قصة تحول من نمط تقليدي إلى نمط إداري جديد أو حديث ، فنشوء المدرسة كثورة تعليمية في التاريخ القديم كان معناه قيام إدارة جديدة أو عصرية غير ما درج الناس عليه في تعليم أبنائهم في البيت ومواقع العمل والنشاط في الحياة.
وتحمل الدولة مسئولية التعليم في العصور الحديثة كان معنها انتقال إدارة التعليم من نمط يقوم على العفوية أو المبادرات التطوعية أو اتباع العرف والتقاليد إلى نمط جديد يعتمد على سلطة الدولة وإشرافها ، ويحتكم إلى مجموعة من القوانين والنظم واللوائح الوصفية التي تنظم العمل والتعامل داخل المؤسسات التعليمية وفيما بينها وبعضها مع بعض وبينها وبين المجتمع الذي توجد فيه ، وهذا يعني تبنى إدارة تعليمية جديدة غير إدارة تعليم الكتاتيب.
إلا أن ميدان الإدارة التعليمية ـ الذي يعد اليوم من ميادين الدراسات العلمية الحديثة ، ميدان بكر ، ولم تنشأ فكرة الإدارة التعليمية كميدان من ميادين المعرفة أو مهنة م المهن لها قواعد وأصول ثابتة إلا في العقد الثاني من القرن العشرين ، كما لم تظهر ذلك التاريخ كتابات أو بحوث متخصصة ، وإما كل ما وحد أو نشر حول هذا الاختصاص لا يتعدى أن يكون سوى ملاحظات يغلب عليها طابع البساطة وعدم التخصص ، ومع ذلك فإن تلك البدايات أو المحاولات قد ساعدت على وضع اللبنات الأولى لهذا الميدان فيما بعد ، ثم أخذ هذا المفهوم يتطور تطورا سريعا نتيجة لمجموعة من الأسباب تتمثل في :
تطور مفهوم إدارة الأعمال والصناعة .
توافر العديد من الدراسات في ميدان الإدارة العامة.
تأثر مفهوم الإدارة التعليمية بالحركة العلمية ، حيث أدى ظهور هذه الحركة إلى انتقال الإدارة التعليمية من إدارة تقليدية تقوم على الارتجال والخبرات الشخصية إلى إدارة علمية تهدف إلى معالجة المشكلات بأسلوب يعتمد على التفكير والاستقراء واستخدام سبل التحليل والقياس والموضوعية.
تأثر مفهوم الإدارة التعليمية بحركة العلاقات الإنسانية ـ حيث أصبحت مجالات العلاقات الإنسانية تشكل المعرفة الرئيسية للإدارة ، فاتجهت الإدارة إلى ممارسة المبادئ الديمقراطية في العمل والتعامل.
تأثر الإدارة التعليمية بالمفاهيم النفسية والتربوية الجديدة التي قادها المفكرون التربويون وعلى رأسهم ( جون ديوي) ، ( كلباترك) والتي تؤكد في مجملها على شخصية الطفل وحاجاته ورغباته وتشجيع التعبير الذاتي والإبداعي لديه بدلا من إخضاعه لأنماط مرسومة مسبقا.
استخدام النظريات والنماذج في دراسة الإدارة.
تحليل الإدارة إلى بعدين رئيسيين أحدهما يتعلق بالمحتوى ، والآخر بالطريقة الاجتماعية.
تأثر الإدارة التعليمية بقوى جديدة وعدد من الظواهر مثل التكنولوجيا، العوامل السكانية والاقتصادية ، الانفجار المعرفي ، العقائد الأيدلوجية ، والضغوط الاجتماعية.
بعد هذا العرض السريع لمجموعة الآراء والتيارات الفكرية والعلمية والتربوية والاجتماعية والنفسية التي تأثرت بها الإدارة التعليمية نستطيع استخلاص مجموعة من نتائج هذه الأفكار على الإدارة التعليمية بصفة عامة ومفهومها على وجه الخصوص:
تطور مفهوم الإدارة التعليمية الذي أصبح لزاما أن يتغير ويتطور ويلبي احتياجات المدرسة الحديثة.
إن الإدارة التعليمية هي أساس أي تطور وتجديد للتعليم في سبيل تحقيق أهدافه من أجل تطوير المجتمع وتنميته الشاملة.
إن ألإدارة التعليمية أصبحت علما له أصوله وفلسفته وقواعده وأساليبه وطرائقه ، ولم تعد تعتمد على الخبرة و الإجتهادات الشخصية.
إن الإدارة التعليمية تعتمد على الشورى، والعلاقات الإنسانية ، والمشاركة ، وليس على الاستبداد بالرأي.
إن استخدام التكنولوجيا بأبعادها الآلية والعقلية والاجتماعية أصبح أساس الإدارة التعليمية الحديثة.
إن العناية بالعنصر ألبشري في اختياره وتأهيله وتدريبه يأتي في أولويات التطوير الإداري المعاصر .
ظهور كثير من البحوث والدراسات التي تعطي أبعاد العملية الإدارية وكذلك الإدارة الديمقراطية ، والعلاقات الإنسانية وانشغال الباحثين في موضوعات ( الإدارة وجودة التعليم) ، و( الإدارة من أجل تعليم متطور).
وهذه النتائج انعكست بدورها على الإدارة على المستوى الإجرائي ( الإدارة المدرسية).
يخلط البعض عند تناول موضوع الإدارة في ميدان التعليم بين مفاهيم ثلاثة وهي الإدارة التعليمية ، الإدارة التربوية ، والإدارة المدرسية ، مما يستدعي الإجابة عن السؤال التالي :
ما الفرق بين الإدارة التعليمية، والإدارة التربوية ـ والإدارة المدرسية؟
خامسا : الفرق بين الإدارة التعليمية، والإدارة التربوية ـ والإدارة المدرسية
المعالجة العلمية لهذا السؤال تحتم البدء أولاً بالتعرف على الفرق بين الإدارة التعليمية والإدارة التربوية، وبعد أن تتضح الرؤية يمكن تناول الفرق بين الإدارة التعليمية والإدارة المدرسية.
لقد شاع استخدام المصطلحات الثلاثة في الكتب التي تناولت موضوع الإدارة في ميدان التعليم على أنها شيء واحد، ولإيضاح الفرق بينها يمكن تقسيم السؤال إلى شقين على النحو التالي :
الشق الأول ما الفرق بين الإدارة التعليمية والإدارة التربوية ؟
يبدو أن الخلط بين الإدارة التعليمية والإدارة المدرسية يرجع إلى النقل عن المصطلح الأجنبي ـ Education الذي ترجم إلى العربية تارة بمعنى التربية ، وأخرى بمعنى التعليم، ومن ثم ترجم المصطلح Educational Administration تارة إلى الإدارة التربوية ، وأخرى إلى الإدارة التعليمية باعتبار أنهما يعنيان شيئا واحدا ، وذلك صحيح إلا أن الذين يفضلون استخدام مصطلح الإدارة التربوية يقصدون التمشي مع الاتجاهات التربوية الحديثة التي تفضل استخدام تربية على تعليم باعتبار أن التربية اشمل وأعم من التعليم، وان وظيفة المؤسسات التعليمية هي التربية الشاملة ، وبهذا تصبح كلمة الإدارة التربوية مرادفة للإدارة التعليمية .
الشق الثاني من السؤال : ما الفرق بين الإدارة التعليمية ( التربوية ) والإدارة المدرسية؟
يلاحظ أن هناك العديد¬¬ من الكتب العربية التي تحمل عنوان ” الإدارة المدرسية ” ولكنها تتناول مستويات من الإدارة فوق المستوى الإجرائي ( المدرسة ) . ويبدو أن ذلك الخلط بين الإدارة التعليمية Educational Administration والإدارة المدرسية School Management
يرجع إلى أن كثيرا من الكتب الأجنبية التي يعرفها المربون ودارسو الإدارة المدرسية ـ بحكم أن الإدارة المدرسية في تلك البيئات تمثل أهم وحدة في الإدارة التعليمية ، وتتمتع بحريات كثيرة في التصرف ، وتقوم بأدوار رئيسية في اتخاذ القرارات لأن النظام التعليمي في تلك الدول نظم لا مركزي.
وفي حقيقة الأمر فإن مصطلح الإدارة التعليمية يختلف عن الإدارة المدرسية من حيث المستويات ، والأعمال ، والاختصاصات.
فالإدارة التعليمية تعني : الأعمال والمسئوليات العليا في الجهاز التعليمي المركزي واللامركزي كالتخطيط ، تحديد الأهداف العامة ، وضع المناهج ، السلم التعليمي، مواعيد الامتحانات ، تقديم المساعدة المادية والفنية للإدارة المدرسية ، وإمدادها بالقوى البشرية اللازمة ، والإشراف والرقابة على الإدارة المدرسية لضمان سلامة التنفيذ ، ويرأسها على مستوى الوزارة وزير عضو في مجلس الوزارة ، مهمته التنسيق بين سياسة التربية والتعليم مع السياسة العامة للدولة.
وتعتبر إدارة التعليم في المناطق من الأجهزة الإشرافية والقيادية والإدارية لمساعدة الإدارة التعليمية العليا، بل هي الإدارة التعليمية المصغرة التي تشرف على تنفيذ السياسة المرسومة وفق الأنظمة والقوانين.
أما الإدارة المدرسية فهي الجهاز القائم على تنفيذ السياسة التعليمية ، ويقوم على رأسها مدير تتركز مسئولياته في توجيه المدرسة لتودي رسالتها كاملة نحو أبنائها مع تنفيذ اللوائح والأنظمة الصادرة من إدارة التعليم.
وبهذا فإن الإدارة المدرسية تعتبر جزءا من الإدارة التعليمية ، وصورة مصغرة لتنظيماتها، واستراتيجية محدودة تتركز فيها فعاليتها ، والعلاقة بينهما علاقة الخاص بالعام.
سادسا : خصائص الإدارة المدرسية الناجحة.
أن تكون متمشية مع الفلسفة الاجتماعية والسياسية للبلاد.
أن تتسم بالمرونة ، وألا تكون ذات قوالب جامدة وثابتة، وإنما ينبغي أن تتكيف حسب مقتضيات المواقف وتغير الظروف.
أن تكون عملية ، بمعنى أن تتكيف الأصول والمبادئ النظرية حسب مقتضيات الموقف.
أن تتميز بالكفاءة والفاعلية ، ويتحقق ذلك بالاستخدام الأمثل للإمكانات المادية والبشرية.
سابعا : أهداف الإدارة المدرسية:
السعي للوصول إلى تحقيق أهداف التربية والتعليم.
بناء شخصية الطالب بناء متكاملا علميا وعقليا وجسميا واجتماعيا.
تنظيم وتنسيق الأعمال الفنية والإدارية في المدرسة تنظيما يقصد منه تحسين العلاقات بين العاملين في المدرسة.
تطبيق ومراعاة الأنظمة التي تصدر من الإدارات التعليمية المسئولة عن التعليم.
توجيه استخدام الطاقات المادية والبشرية استخداما علميا وعقلانيا بما يحقق زيادة الكفاءة الإنتاجية.
وضع خطط التطور والنمو اللازم للمدرسة في المستقبل.
إعادة النظر في مناهج المدرسة ومواردها وأنشطته ووسائلها التعليمية .
الإشراف التام على تنفيذ مشاريع المدرسة حاضرا ومستقبلا .
العمل على إيجاد العلاقات الحسنة بين المدرسة والبيئة الخارجية عن طريق مجالس الآباء والمعلمين.
توفير النشاطات المدرسية التي تساعد على نمو شخصية الطالب نموا اجتماعيا.
التعاون مع البيئة في حل ما يستجد من مشكلات تعاونا فعالا وإيجابيا.
ثامنا : أهمية الإدارة المدرسية:
يقول تشارلس بيرد عن أهمية الإدارة : ” ليس هناك موضوع أكثر أهمية من موضوع الإدارة ، ذلك لأن مستقبل الحضارة الإنسانية ذاتها يتوقف على قدرتنا على تطوير علم وفلسفة وطريقة ممارسة الإدارة.
فالإدارة المدرسية هي الإشعاعات المضيئة التي تحرك كل موظف في دائرة محدودة منظمة من اجل مجهود متميز وعمل مستمر وإنتاج متواصل في أقصر وقت ممكن وبأقل جهد.
لقد اتسم العصر الذي نعيش فيه بالعديد من المسميات كعصر الفضاء، وعصر الكمبيوتر ، والتغير السريع ، والانفجار المعرفي ، ولعلنا لا نخطئ إذا أطلقنا عليه تسمية أخرى وهي ( عصر الإدارة العلمية) . إذ لا يوجد نشاط أو اكتشاف أو جهد يلفت الأنظار إلا وكان وراءه إدارة.
وتستند الإدارة المدرسية في أهميتها على قواعد أساسية ، وهذه القواعد تشكل في مجملها الفلسفة الأساسية من وراء وجود الإدارة وضرورتها في أي جهد جماعي ذي أهداف محددة.
القاعدة الأولى : تلزم الإدارة لكل جهد جماعي ، وهذا يعني أن الجهود البشرية سواء كانت صغيرة أو كبيرة ، تصبح عاجزة عن تحقيق أهدافها في غياب تنظيم لتنسيقها وتوجيهها ومتابعتها.
القاعدة الثانية : الإدارة نشاط يتعلق بإتمام أعمال بواسطة آخرين ، الأمر الذي يظهر دور الإداري في توجيه جميع الجهود نحو الهدف من أجل بلوغ الأهداف بأيسر الطرق ، وأقل التكاليف.
القاعدة الثالثة : تحقق الإدارة الاستخدام الأمثل للموارد المادية والقوى البشرية.
القاعدة الرابعة : ترتبط الإدارة المدرسية ارتباطا وثيقا بقوانين الدولة والسلطة التشريعية فيها، حتى لا يحدق تناقض بين ما تهدف إليه الإدارة المدرسية وبين ما تهدف إليه الدولة ، وحتى تتجه أهداف الإدارة المدرسية نحو تحقيق الأهداف العامة للدولة.
القاعدة الخامسة : إشباع الحاجات والرغبات الإنسانية داخل المدرسة وخارجها عن طريق المواءمة بين مصلحة الفرد ومصلحة المدرسة.
تاسعا : وظيفة الإدارة المدرسية:
شهدت السنوات الأخيرة اتجاها جديدا في الإدارة المدرسية ، فلم تعد وظيفتها مجرد تسيير شئون المدرسة سيرا روتينيا ، ولم يعد هدف مدير المدرسة المحافظة على النظام في مدرسته ، والتأكد من سير المدرسة وفق الجدول الموضوع ، وحصر حضور وغياب التلاميذ ، والعمل على إتقانهم للمواد الدراسية ، بل أصبح محور العمل في هذه الإدارة يدور حول التلميذ وتوفير كل الظروف والإمكانات التي تساعد على توجيه نموه العقلي والروحي والبدني والاجتماعي ، والتي تساعد على تحسين العملية التربوية لتحقيق هذا النمو ، كما أصبح محور العمل في الإدارة المدرسية يدور حلو تحقيق الأهداف الاجتماعية التي يدين بها المجتمع .
وهكذا أصبح تحقيق الأهداف التربوية والاجتماعية حجر الأساس في الإدارة المدرسية بعد أن كانت ضائعة وسط الاهتمام بالنواحي الإدارية ، ولا يعني هذا التحول في وظيفة الإدارة المدرسية التقليل من شأن النواحي اٌلإدارية ، بل يعني توجيه الوظائف الإدارية لخدمة هذه العملية الرئيسية .
وقد كان هذا التغيير في وظيفة الإدارة المدرسية نتيجة لتغير النظرة نحو العملية التربوية ن فقد أظهرت البحوث والدراسات النفسية والتربوية أهمية الطفل كفرد وأهمية الفروق الفردية ، وأوضحت أن العملية التربوية عملية نمو في شخصية الطفل من جميع النواحي ، حيث أكدت الفلسفات التربوية التقدمية أن الطفل كائن إيجابي نشط ، كما أظهرت دور المدرس والمدرسة في توجيهه ومساعدته في اختيار الخبرات المربية التي تساعده على نمو شخصيته ، وتؤدي إلى نفعه ونفع مجتمعه، وكانت نتيجة هذه الآراء التقدمية تحول الإدارة المدرسية من الاهتمام بالأعمال الروتينية إلى الاهتمام بالطفل ، وضرورة مساعدته للتمتع بطفولته ، وحل مشكلاته اليومية ، وإعداده لمسئولياته في حياته الحاضرة والمستقبلية في المجتمع.
كما تغير الاتجاه نحو الإدارة المدرسية نتيجة تغير وظيفة المدرسة في المجتمع فقد أقام المجتمع المدارس بادئ الأمر وأوكل إليها تربية أبنائه ، وفهمت المدرسة وظيفتها على أنها نقل التراث الثقافي لهؤلاء الأبناء لإعدادهم لحياة الكبار ، كما فهمت أيضا أنها ممكن أن تقوم بهذه الوظيفة بعيدا عن المجتمع ، بعيدا عن مشكلاته ، وأمانيه ، وأهدافه ، وقد ظهر في السنوات القليلة الماضية مفهوم جديد لوظيفة المدرسة وهو ضرورة العناية بدراسة المجتمع والمساهمة في حل مشكلاته وتحقيق أهدافه.
وكانت نتيجة هذا المفهوم زيادة التقارب والاتصال والمشاركة بين المدرسة والمجتمع فقامت المدرسة بدراسة مشكلات المجتمع ، ومحاولة تحسين الحياة فيه، بجانب عنايتها بنقل التراث الثقافي ، وتوفير الظروف التي تساعد على إبراز فردية الطفل.
عاشرا : المجالات الإجرائية للإدارة المدرسية:
تعمل الإدارة المدرسية على تنفيذ واجباتها م خلال عدد من ميادين العمل ، التي تم تصنيفها في سبع مجموعات رئيسية وهي : علاقة المدرسة بالمجتمع ، تطوير المناهج والبرامج الدراسية ، شئون الطلاب ، شئون العاملين ، المباني المدرسية والتجهيزات ، الشئون المالية وإدارة الأعمال ، والبناء التنظيمي ، وسنعرض في السطور القادمة ـ باختصار ـ كل هذه الميادين:
1- علاقة المدرسة بالمجتمع School – Community Relationships
أنشأ المجتمع المدرسة لخدمته وتحقيق أهدافه في تربية الأبناء ، ويتوقف نجاح المدرسة في تحقيق هذه الأهداف على مدى ارتباطها العضوي بالمجتمع الذي توجد فيه ، واضعة في اعتبارها خصائص هذا المجتمع وإمكاناته، ومدى طموحه وتطلعاته ، وما يتوقعه المجتمع منها ، وربط أبناء المجتمع بالمدرسة من خلال برامج خدمة البيئة وبرامج تعليم الكبار وتبصير أبناء المجتمع بالأنشطة والجهود التي تقوم بها.
والمدرسة لا تستطيع أن تعيش بمعزل عما يدور حولها ، بل إن كثيرا من المشكلات التي تواجه العملية التعليمية داخل المدرسة ، وقد تكون الحلول اللازمة لها تقع خارج إطار المدرسة ، ولهذا أنشأت الإدارة المدرسية بعض التنظيمات المساعدة مثل مجالس الآباء والمعلمين والمجالس المدرسية ، بدافع إيجاد قنوات اتصال دائمة بين المدرسة والمجتمع المحلي، مما ييسر على المدرسة القيام بوظائفها نحو خدمة المجتمع وتربية أبنائه التربية الملائمة .
2- تطوير المناهج Curriculum Development :
ويقصد به تطوير العملية التربوية من حيث الأداء والمحتوى ، وهذا يعني أن تعمل المدرسة باستمرار على تطوير أسلوب أدائها والطريقة التي تعلم بها التلاميذ ، وتطوير محتوى ما تعلمه لهم ، وتفرض هذه المهام على المدرسة ضرورة ملاحقتها للتطورات الحديثة باستمرار في ميدان التربية ، وما يستجد فيه من اتجاهات حديثة ، وطرائق وأساليب مبتكرة ، ولا شك أن تطوير العملية التربوية من حيث المحتوى وطرق التدريس والتقويم وغيرها يحدث نتيجة للنمو المهني في مفاهيم ومهارات المعلمين وغيرهم من القائمين بشئون العملية التربوية.
3- شئون التلاميذ Pupil Personnel
تقوم الإدارة المدرسية بتوفير خدمات تعليمية وصحية واجتماعية متنوعة للتلاميذ ، فهي إلي جانب إشرافها على تنظيم العمل المدرسي داخل الفصول الدراسية ، تهتم بالتوجيه الفردي للتلاميذ الذين قد يعانون من مشكلات التحصيل والمتابعة المدرسية ، وذلك بتوفير برامج الإشراف والتوجيه اللازم لهم ، كما تؤدي أيضا خدمات في مجال حل المشكلات الاجتماعية للتلاميذ مثل مشكلات التكيف الاجتماعي داخل المدرسة والمشكلات الأسرية التي قد يعاني منها بعضهم وتؤثر على أدائهم التحصيلي ، وتعمل الإدارة المدرسية كذلك على توفير الخدمات العلاجية اللازمة للتلاميذ المرضى وتنظيم عملية الكشف الطبي الدوري للتلاميذ للتأكد من عدم وجود مشكلات صحية تعوق عملية النمو السليم لهم.
4- شئون العاملين Staff Personnel
يعتبر مجال شئون العاملين من أهم الميادين عمل الإدارة المدرسية ، ويتعلق هذا الميدان بتوفير القوى البشرية المؤهلة اللازمة لتنفيذ البرامج التعليمية ، ووضع الشروط والأسس المناسبة لاختيارهم وتوجيههم ، وتوزيعهم على مجالات العمل المختلفة والإشراف عليهم ، وتقويمهم ، وتوفير فرض النمو المهني لهم ، وإعداد السجلات الخاصة بهم والاحتفاظ بها، وغير ذلك.
5-المبنى المدرسي والتجهيزات School Plant& Physical Facilities
من الميادين الهامة للإدارة المدرسية عملية ألإشراف على المبنى المدرسي
وإدارته وصيانة وتوفير جميع التجهيزات اللازمة للعملية التعليمية من أثاث مناسب وأدوات تعليمية بسيطة أو معقدة حسب ما يتطلبه المستوى التعليمي الذي تقدمه المدرسة.
6- التمويل وإدارة الأعمال Finance & Business Management
تختص الإدارة المدرسية بمجال العمل في ميدان إعداد ميزانية المدرسة ، وتوزيع ميزانية المقصف المدرسي ، والإشراف على عمليات شراء بعض احتياجات المدرسة.
يتعلق البناء التنظيمي بالعلاقات المتبادلة بين العاملين وبين التنظيم من أجل تحقيق الأغراض والأهداف المنشودة، ويتضمن هذا الجانب عناصر رئيسية في مقدمتها المفاهيم المتعلقة بالبناء التنظيمي الرسمي والبناء التنظيمي غير الرسمي والسلطة والمسئولية والرقابة وقنوات الاتصال ، ومن مظاهر الضعف في البناء التنظيمي إنفاق جهد ووقت كبير من جانب إدارة المدرسة في المسائل الطارئة والأمور الروتينية وتضارب القرارات وتداخل الاختصاصات وضعف فعالية الاتصال ، وهو ما يتطلب من إدارة المدرسة مراجعة بنائها التنظيمي وإعادة النظر فيه بروح جادة .
حادي عشر : هل الإدارة علم أم فن ، أم هي مزيج من الاثنين؟
تقتضي المعالجة العلمية للإجابة عن هذا التساؤل تحديد المسميات والألفاظ:
تعريف العلم : عرف المعجم الوسيط العلم بأنه الإدارك الكلي والمركب ، وقيل : العلم إدارك الشيء على حقيقته.
تعريف الفن : هو التطبيق العلمي للنظريات العلمية بالوسائل التي تحققها .
وقبل الإجابة عن هذا السؤال نود أيضا أن نوضح الاتجاهات التي كانت سائدة حول الإدارة في الماضي.
الاتجاه الأول : كان اعتقاد الناس فيما مضى يقوم على أن الإدارة فن من الفنون ، يحتاج إلى موهبة شخصية ، مثله في ذلك مثل الرسم والشعر ، ويتسم صاحبها بحسن التصرف في حل المشكلات أو بالقدرة على التنظيم ، وكل ما يحتاجه رجل الإدارة هو صقل الموهبة وتنميتها عن طريق الخبرة والتجربة.
الاتجاه الثاني : يقول إن الإدارة لا تعتمد على الموهبة ،و لصفات الشخصية وإنما هي علم من العلوم ، يخضع للتطور والتجديد ، ويتلاءم مع الظروف ، ويرتكز على أسس علمية من شأنها أن تعيين الإدارة في ممارسة عمله على أكلم وجه سواء كانت لديه الموهبة أم لا .
إلا أن علماء الإدارة المحدثين يؤكدون على أنه ليس كل من أحاط بالمعرفة الإدارية يمكن أن يكون ناجحا ، وكذلك ليس كل من لم يحط بالمعرفة الإدارية يمكن أن يكون مديرا فاشلا، ولكن من المؤكد أن للممارسة الإدارية من قبل المديرين جانبين هما العلم والفن ، وليس لأحدهما غنى عن الآخر.
ويقرر ذلك الدكتور مدين علاقي في كتابه ” الإدارة : دراسة تحليلية للوظائف والقرارات” فيوضح أن هناك جانبا علميا للإدارة ، وهذا الجانب هو اعتماد المعرفة الإدارية وأدوات التحليل الرياضي ، وكذلك فإن الإدارة فن ، حيث تعنى هذه الكلمة الوصول إلى النتائج من خلال استخدام مهارات معينة ، فدفع الآخرين إلى تحقيق الأهداف مهارة ، حيث عرف مكتب العمل الدولي بحنيف ألإدارة بأنها : فن توجيه أنشطة العاملين نحو هدف مرسوم.
وجدير بالذكر أن الإدارة كعلم يمكن أن ينظر إليها من جانب المعرفة ، حيث لا يمكن القول أن الإدارة علم دقيق وشامل ، ذلك لأن العلم عرف بالإدارك الكلي الشيء ، وكذلك مجموعة المعارف المتراكمة المنطقية عن ظاهرة معينة ، أمكن الوصول إلى صحتها من خلال تطبيق الطريقة العلمية في البحث، وذلك ينطبق على العلوم التطبيقية البحتة، ومن الصعب بمكان إلحاق الإدارة بالعلوم التطبيقية لأنه يصعب تطبيق أسلوب الطريقة العلمية في بحوث الإدارة لأنها من العلوم الاجتماعية ، غير أن الإدارة لا يمكن اعتبارها علما كالعلوم التطبيقية للأسباب التالية :
قلة الدراسات المتوفرة في الإدارة.
الممارسة الإدارية لازالت تأخذ ببعض الأساليب غير العلمية مثل الحدس والتخمين في اتخاذ القرارات الإدارية.
لازالت هناك صعوبات في التحكم في بعض التجارب وإخضاعها للمراقبة الشاملة.
وجود العنصر البشري في الإدارة ، مما يجعل من الصعوبة بمكان التنبؤ أو التحكم أو مراقبة الأفراد في ظل ظروف معينة.
يستخلص من ذلك أن المدير الناجح أو الإدارة الفعالة هي الإدارة التي تملك قدرا واسعا من المعرفة الإدارية ، وتملك أيضاً قدرا مكملا من المهارة والإبداع ، وهذا يعني أن كليهما مكمل للآخر ، فالعلم يعني المعرفة ، والفن يعني مهارة وموهبة في التطبيق لهذه المعرفة على الوجه الأكمل .
تواجه منظومة التعليم في الآونة الأخيرة ضغوطاً وتحديات تتمثل في الزيادة المستمرة للقوى الداخلية والخارجية المؤثرة على استقرارها ، و ذلك بما يشهده العالم من تغيرات جذرية ، فهذا التقدم العلمي والتكنولوجي قد قلص المسافات ليس بين الدول فحسب بل بين الكواكب أيضاً ، ووجوه التغيير تهدد الإنسان بمقدار ما تبدو واعدة ، لذلك لا يعتق الإنسان من القلق إلا إحساسه بالإدارة ، وإدارة الأنظمة المختلفة في المجتمعات تحكمها رؤى نبيلة المقاصد ، وهي في المقام الأول (رؤى أخلاقية) ، ولكن الفارق كبير بين الإدارة والأخلاق ، فالإدارة تسعى لتحقيق مردود أوفر حتى عندما تلتفت إلى العلاقات الإنسانية ، بينما الأخلاق تركز على العلاقات الإنسانية حتى لو كانت أخلاق المنفعة .