كيف تتعامل مع المراهق ؟

كنت اصغي اليه، وهو يحدثني بألم ومرارة عن ابنه المراهق الذي لم يكن قد تجاوز الثالثة عشرة من العمر.. حدثني عن عناده ومشاکسته وعن بوادر انحراف بات يلمسها في سلوکه کاقباله على التدخين خلسة وبخاصة لدى خروجه من البيت، او بيعه بعض مقتنيات البيت حين يفرغ ما في جعبته من مصروف! .

وحدثني عن محاولاته المتكررة تقلید من هم اكبر منه سنا، وكأنه بهذا يريد اثبات رجولته المبكرة! وما ان انتهي صاحبي من كلامه، حتی بادرته بهذا السؤال:

ما موقفك كأب منه؟ كيف تتعامل معه وهو في هذه السن؟

أجاب : بالطبع، فاني دائما في خصام معه، اعتزل مجلسه اعرابا مني عن سخطي عليه ونفوري من تصرفاته.. كما احرمه احيانا من مصروفه اليومي عله يتعظ، فتفارقه تصرفاته القبيحة؟

وهنا قلت: ولكنك – يا اخي – بهذا الموقف تزيد النار ضراما، فلا انت تنجح في استمالته اليك ولا انت تحول بينه وبين ما يريد!

ما يجب أن تفعله بالتعاون مع والدته وأخوته الكبار، هو ان تتفهموا سمات هذه المرحلة الخطيرة من العمر، فتتعاملوا معها بأناة وصبر وحكمة.. فاذا ما خالف ابنكم المراهق او ابنتكم المراهقة نصائحكم، فلا تستنتجوا انه بات منحرفا، يصعب تصحيح مساره، فسن المراهقة مليئة بالتقلبات والتطرف في كل شيء.. لا تعزلوه عن مجالسكم او تضطهدوه طمعا في اصلاحه.. حاولوا بالحسني ان تكشفوا له فساد موقفه هذا أو ذاك، وانه لو استجاب لنصيحتكم في هذا الشأن أو ذاك، لما ناله الضرر الذي أصابه دعوه يناقشكم، ولا تحملوه فورا على التخلي عن قناعاته، فمع الأيام سيبدأ في التخلي عنها شيئا فشيئا، بعد أن يكتشف عدم مشروعيتها وتناقضها مع قيم الحياة السوية!

اما المراقبة الخفية لسلوكه، فذاك واجب لا تتخففوا منه في لحظة غضب او يأس.. راقبوا من يصادق ابنكم او ابنتكم.. ومنذ البداية لا تتركوا مجالا له لمخالطة قرناء السوء، فينحرف انحرافهم، ويقبل على ما يقبلون عليه من المفاسد والقبائح!

ان لم يرق لكم هذا التصرف أو ذاك منه، فلا توبخوه أو تنالوا من شخصيته بقاسي الكلام او تقارنوه بغيره من الذين عرفوا بالانحلال وسوء السلوك، والا فانه سيلجأ الى استثارتكم وقد يدفعه ذلك الى مخالطة هؤلاء الذين قارنتموه بهم.

توقعوا منه أن يخالف رأيكم في كثير من الأحيان، توكيدا منه لشخصيته، ولا تفقدوا الامل في اصلاحه، فعودته الى جادة الصواب في قادم الأيام واردة، وذلك حين يكتمل نضجه وتخمد انفعالاته الملتهبة.


أن خطورة مرحلة المراهقة تكمن في عدم فهمها من قبل الآباء والأمهات، وبالتالي في تطرفهم في القسوة على المراهق او المراهقة، والحرمان من بعض حقوقه المشروعة.

وبعد .. فان سعة الصدر واستيعاب كل ما يصدر من المراهق بحذر، وحسن توجيه دون تشهير او ابتزاز من شأن ذلك أن يقلل الى حد كبير من مشاكل المراهقة وهمومها .

يوسف عبد الله محمود

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *