قصة انتاج اللؤلؤ الصناعي

المهندس أمجد قاسم
كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية

تمثل قصة انتاج اللؤلؤ الصناعي واحدة من اهم قصص الاصرار على تحقيق النجاح والمحاولة الجادة والتي قد تستمر لسنوات طويلة.

ويعود الفضل في انتاج اللؤلؤ الصناعي الى رجل ياباني فقير يدعى “ميكوموتو” والذي ولد في قرية ” توبا ” ويعمل في بيع الأرز المسلوق وكان يساعد والده في دفع عربة صغيرة لبيع الأرز.

وعندما بلغ عمره الثامنة عشر عمل بصيد السمك واللؤلؤ والغوص وبيع الأصداف، وكان يجول في ذهنه سؤال حول كيفية تكون اللؤلؤ في القواقع ؟ ولماذا تحتوي بعض القواقع على لؤلؤ وغيرها لا تحتوي على لؤلؤ ؟

هذه التسؤلات افضى بها الى احد المشتغلين بعلم الأحياء المائية والذي اجابه بان السبب يعود الى أن بعض انواع الطفيليات التي تتسلل الى داخل القوقعة وتعمل على جرح لحمها الناعم مما يتسبب في اثارة رد فعل من قبل القوقعة والتي تسارع في عزل ذلك الجسم الغريب من خلال افراظ مادة جيرية فسفورية شفافة تحيط به وتحاصره، وهذه المادة التي يتم فرزها هي اللؤلؤ، اما الطفيليات التي يمكن ان تتسرب الى داخل القوقعة فقد تكون حبة رمل صغيرة او حشرة صغيرة او أي شي صغير غريب يمكن ان يدخل في القوقعة.

هذه المعلومات التي كان يجهلها ” ميكوموتو ” ادت الى بزوغ فكرة انتاج اللؤلؤ الصناعي ، فقرر ان يدخل أجساما غريبا في بعض القواقع التي وجدها وانتظر لعامين كاملين ، لكن قواقعه ماتت جميعها.

وكرر محاولته من جديد وانتظر طويلا وماتت القواقع، ولم ييأس وحاول من جديد وتبين له ان انخفاض درجة حرارة الماء الى اقل من 7 درجات سلسيوس يتسبب في موت القواقع، وانه ينبغي نقل القواقع من المياه الباردة الى مياه دافئة ، كما يجب ان لا يضع اعداد كبيرة من القواقع في الأقفاص.

وعلى مدار 15 عام كان يجري تجاربه وكان يفشل حتى افلس واتهمه الناس بالجنون وقرر العودة لبيع الأرز المسلوق على عربته القديمة، لكن زوجته رفضت ذلك وشجعته على الاستمرار في اجراء تجاربه على القواقع وتكفلت هي بجر عربة الأرز المسلوق.

ومن جديد درس ” ميكوموتو” القواقع التي يوجد فيها لؤلؤ لمعرفة المكان الدقيق الذي تنمو في حبة الؤلؤ ، وبذلك عرف المكان الدقيق جدا الذي تنمو فيه حبة الؤلؤ داخل القوقعة.

ومن جديد اعاد ” ميكوموتو” تجاربه على 5000 قوقعة وفر لها درجة حرارة المياه المناسبة والتغذية المناسبة ووضع فيها اجساما غريبة في المكان الصحيح.


وبعد عامين توجه هو وزوجته المثابرة الى مزرعة الؤلؤ وفتحت الأقفاص وأمسكت زوجته بقوقعة وفتحتها لتجد في داخلها الؤلؤ ، وكان ذلك في 28 سبتمبر / ايلول 1859 وبذلك تكون اليابان هي اول دولة تنتج الؤلؤ الصناعي ولتنقلب حياة ” ميكوموتو” رأسا على عقب بعد ان اصبح من احد اغنى الرجال في العالم وليسهم الؤلؤ الصناعي الذي انتجه ” ميكوموتو” في دفع عجلة التقدم الاقتصادي في اليابان .

يذكر أن ” ميكوموتو” استطاع ان ينتج الوان مختلفة من الؤلؤ الصناعي وبأشكال مختلفة وقد اسس شركة عالمية لإنتاج اللؤلؤ الصناعي والتي تمارس عملها في كثير من الدول في شتى انحاء العالم.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

سفينة فليب العجيبة.. أعجوبة هندسية تدور بزاوية 90 درجة وتقف في الماء

سفينة فليب هي منصة الأداة العائمة (FLIP) وهي سفينة أبحاث فريدة تتميز بقدرتها الاستثنائية على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *