تلسكوب هابل الذي دخل التاريخ والتقط أهم صور الكون

نايف عبد الرحمن أحمد القثامي

لقد احدث تلسكوب هابل ثورة معرفية غير مسبوقة في الدراسات الفلكية والعلوم الكونية عبر التقاطه لصور تفصيلية مثيرة عن الكون بلغت أقصى حدود (الكون المعروف). بإطلاق هذا التلسكوب الذي يرصد أشعة (الضوء المرئي)، ويسجّل الصور الناتجة عنها، تحقّق للبشرية – لأوّل مرّة في التاريخ – فتح نافذة تقنية متطوّرة على الكون بحيث تستقرّ هذه النافذة خارج (الغلاف الجوي) المحيط بالأرض الذي يعتبر أحد أهم معوّقات الرؤية في التلسكوبات الأرضية عبر تشتّت الأشعة الواردة من الأجرام السماوية مما يؤدي إلى غشاوة الصور الناتجة وتشوُّهها.

في خلال هذه الفترة الزمنية التقط (تلسكوب هابل) أكثر من 700 ألف صورة لمواقع نائية في الكون، وهي الصور التي زوّدت البشرية بمعلومات مثيرة عن المجرات، والنجوم المحتضرة، ومنظومات الكواكب حول النجوم، والثقوب السوداء، وسحب الغاز العملاقة التي هي (الرحم الكوني) لتشكّل ولادة النجوم، كما ساعد على القياس الدقيق لعمر الكون وهو ثلاثة عشر ألف وسبعمائة مليون عام، وأكّد وجود نوع غريب من الطاقة يُعرف باسم (الطاقة السوداء).
بعد خمسة عشر عاماً من حياة حافلة بالإثارة والاكتشافات مازال (تلسكوب هابل) يثير جدلاً، وما زال الفلكيون يتوقعون مزيداً من الفتوح الكونية المثيرة عبر العيون الراصدة لهذا التلسكوب الذي دخل التاريخ من باب الكون الفسيح، وذلك -دون شك – أوسع الأبواب على الإطلاق

خلفية تاريخية

لقد اهتم الإنسان منذ القدم باكتشاف الكون، فكان يرصد الأجرام السماوية من نجوم وكواكب، ويسجّل حركتها، ويهتدي ببعضها في أسفاره في البر والبحر، وأما (النقلة النوعية الكبرى) في علم (الفلك) فقد بدأت مع اختراع العالم الإيطالي (جاليليو جاليلي) للتلسكوب (المقراب)، وهو أداة لتقريب الأجسام البعيدة ورؤية تفاصيلها، وقد قام (جاليلي) في عام 1609م بتوجيه تلسكوبه إلى السماء، ليشاهد ما لم يشاهده بشر من قبل، فرأى تضاريس القمر من جبال وسهول، واكتشف توابع المشتري، وشاهد بقعاً على الشمس، وهي مناطق على سطح الشمس تكون أكثر برودة فتبدو أشد دكانة من المنطقة المحيطة بها.

منذ تلك اللحظة التي وضع فيها (جاليلي) قدم البشرية على مسار اكتشاف الكون بطريقة مباشرة، تطوّرت التلسكوبات، وكبرت أحجامها، وتحسّنت وسائل تصنيعها، وراحت قدراتها تتضاعف، إلا أن العقبة الكبرى أمام جودة التلسكوبات وكفاءتها كانت تكمن في الغشاوة التي تلازم الصورة بسبب ما يحدثه (الغلاف الجوي) من تأثير على الأشعة الضوئية حيث يشتّتها بطريقة عشوائية، ويحيد بها عن مسارها، وهذا التأثير هو المسؤول – أيضاً – عن (وميض النجوم)، فلو نظرت بالعين المجرّدة إلى نجم في ليلة صافية لوجدته يومض، حيث يختفي ضوئه ويعود بسبب ذلك التشتت لأشعة الضوء.

وبسبب تأثير (الغلاف الجوي)، إضافة إلى (التلوّث الضوئي) الناتج عن تداخل أضواء المدن، و(التلوث الصناعي) الناتج عن الغازات التي تطلقها المصانع وتؤثر على الأشعة الضوئية عبر تشتيتها وحجبها، فإن موقع التلسكوب أصبح مهماً تماماً مثل أهمية حجم المرايا والعدسات والتقنيات الأخرى المستخدمة في صناعة التلسكوب، ولهذا انطلق الفلكيون ليشيّدوا تلسكوباتهم الضخمة على الجبال المرتفعة حيث تكون طبقة الهواء رقيقة، ومصادر التلوث الضوئي والصناعي بعيدة.

وبالرغم من تلك الإجراءات لتقليص تأثير (الغلاف الجوي) إلا أنه بطبيعة الحال بقي عاملاً مهماً في الحدّ من كفاءة الرؤية مهما بلغت ضخامة وجودة التلسكوب الأرضي، ولم يبق في الواقع إلا حلاً جذرياً واحداً لهذه المشكلة، وهو أنه إذا لم يكن بالإمكان التغلّب على تأثير (الغلاف الجوي)، فإن الهروب من (الغلاف الجوي) والفكاك من أسره ينبغي أن يكون هو الهدف، وهذا هو ما أتاحته إمكانات (التجوال الفضائي) الذي أصبح معلماً من معالم الثلث الأخير من القرن العشرين.

برنامج ناسا للمراصد الفضائية الكبرى

لإحداث قفزات نوعية في علوم الكون والدراسات الفلكية، تبنّت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) برنامجاً طموحاً لتشييد (مراصد فضائية كبرى)، وهي عبارة عن مراصد فلكية تسبح في مدارات محدّدة في الفضاء، وهدفها جمع المعلومات عن الكون بمجراته ونجومه وكواكبه ومختلف أجرامه، وذلك عبر رصد مختلف موجات (الطيف الكهرومغناطيسي) التي تصدر من الأجرام السماوية المتنوعة، وذلك عبر تزويد كل مرصد بتقنيات متطوّرة قادرة على رصد وتصوير الأشعة الواردة في منطقة محدّدة من ذلك (الطيف الكهرومغناطيسي) الواسع.
وبالفعل قامت (ناسا) بإطلاق أربعة تلسكوبات فضائية، وهي:
● تلسكوب هابل ، وتمّ إطلاقه في عام 1990م، ويغطّي منطقة (الضوء المرئي) و(الأشعة فوق البنفسجية) و(الأشعة تحت الحمراء).
● تلسكوب كومبتون ، وتمّ إطلاقه في عام 1991م، ويغطّي منطقة (أشعة جاما) ذات الطاقة العالية، وقد تعطّلت إحدى محركاته الموجّهة مما اضطرّ (ناسا) إلى إعادته من مداره في عام 2000م حيث احترق فوق (المحيط الهادي) عند دخوله الغلاف الجوي للأرض.
● تلسكوب تشاندرا، وتمّ إطلاقه في عام 1999م، ويغطّي منطقة (الأشعة السينية) من الطيف (الكهرومغناطيسي).
● تلسكوب سبيـتـزر، وتمّ إطلاقه في عام 2003م، ويغطّي منطقة (الأشعة تحت الحمراء).

أضواء على تلسكوب هابل

● إن (تلسكوب هابل) هو الأوّل زمنياً من بين تلك المراصد الفلكية الكبرى التي اهتمّت (ناسا) بتشييدها، وهو الأكثر أهمية، والأشدّ إثارة على الصعيد المعرفي والتقني.
● بدأ الاهتمام بإطلاق هذا التلسكوب لوضعه في مدار حول الأرض في أوائل السبعينيات، ولكن تعثّر البرنامج بسبب القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي (ريتشارد نيكسون) في عام 1973م بتأجيل المشروع بحجّة وجود أولويّات أخرى لبرنامج الفضاء، وأصبح التوجّه هو إلى إطلاقه في منتصف الثمانينيات إلا أن كارثة المكوك (تشالنجر) في عام 1986م أدّت إلى توقّف المشاريع الفضائية الأمريكية إلى أن تتحقّق درجات أعلى من شروط السلامة، وهكذا تأجّل المشروع مرّة أخرى إلى أن تمّ تنفيذه في عام 1990م.
● يطوف التلسكوب حول الأرض على ارتفاع قدره 600 كيلومتر، ويتحرك بسرعة قدرها حوالي تسعة وعشرين ألف كيلومتر في الساعة، وبالتالي فإنه يكمل دورة واحدة حول الأرض في 97 دقيقة، وهو بحجم حافلة مدارس اعتيادية، ويزن 12 طناً، وتتصل به منظومات من الخلايا الشمسية لتوليد الكهرباء، وقرون استشعار (هوائيات) للاتصال بطاقم التحكّم الأرضي.
● من الطريف أنه بالرغم من قدرات (تلسكوب هابل) الفائقة إلا أنه لا يستطيع أن يلتقط صوراً جيدة للأرض، وذلك بسبب سرعة دورانه العالية حول الأرض، وعدم القدرة على التركيز على الأجرام القريبة جدّاً.
● تمّ تصميم التلسكوب بحيث يمكن زيارته دورياً من قبل فريق من رواد الفضاء لإجراء عمليات الإصلاح والتطوير والصيانة، ولقد قامت فرق الصيانة بزيارة التلسكوب أربع مرات منذ إطلاقه كان آخرها في عام 2002م.

من هو هابل؟

لقد أُطلق على (التلسكوب الفضائي الأوّل) اسم (هابل) تكريماً للفلكي الأمريكي الشهير (إدوين هابل) الذي اكتشف أن في الكون مجرات لا حصر لها تبعد مسافات هائلة عن مجرة (درب التبانة) التي تقع فيها شمسنا الوهّاجة من ضمن مائة بليون نجم تشع في هذه المجرة المحلية.

وفي عام 1929م اكتشف (هابل) قانونه الشهير الذي ينصّ على أن (المجرات تبتعد عن بعضها بعضاً بسرعات تزداد كلما زادت المسافات بينها)، مما أسّس لنظرية (الانفجار الكبير)، التي هي أحد أعظم الفتوح العلمية في القرن العشرين، وترى أن الكون بدأ بانفجار كبير من نقطة متناهية الصـغر ولكنها ذات كثــــافة تكــاد تكون لا نهائية، وصـدق الحق عز وجل: ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) ). (الأنبياء:30).

وبعد ذلك (الانفجار الكبير) انطلقت الطاقة الإشعاعية في اتجاهات متعددة لتتكوّن منها – بعد آماد طويلة – المجرات والكواكب والنجوم، وما زالت هذه الأجرام تنطلق بعيداً عن بعضها مما يعني أن الكون في حالة تمدّد دائم واتساع مستمر، ولقد عزّزت المـعلومات الواردة من (تـلسكوب هـابل) هذه النظرية، وصدق الحق عز وجل:( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ). (الذاريات:47).

مستقبل تلسكوب هابل

لقد كان من المزمع أن تتمّ الزيارة المقبلة للتلسكوب بواسطة فريق الصيانة في عام 2004م، إلا أن هذه الرحلة تمّ إلغاؤها بسبب كارثة المكوك (كولومبيا) في عام 2003م مما يذكّر بالتعثر نفسه الذي طرأ على برنامج إطلاق التلسكوب في أعقاب كارثة المكوك (تشالنجر)، ويجابه (تلسكوب هابل) الآن تحدياً متمثلاً في قرار الإدارة الأمريكية الحالية بإيقاف تمويل التلسكوب بحجة وجود أولويّات أخرى مما يثير جدلاً طويلاً ومداولات مستمرة بين العلماء والإداريين والسياسيين في أمريكا.

وفي حالة إصرار الإدارة الأمريكية على قرارها بإيقاف تمويل التلسكوب، فإنه من المتـــوقع له أن يستمر في عمله المثير في تزويد البشرية بصــور أخاذة ومعلومات قيمة عن الكون حتى عام 2008م عندما تتكالب عليه آثار عوامل العمر، وتبلى أجهزته ليصدر قرار إعدامه بزحزحته عن مداره، وإسقاطه في مكان آمن في المحيط.

أما الدكتور (مايكل جريفين)، الذي تمّ تعيينه في شهر أبريل من هذا العام مديراً لوكالة الفضاء الأمريكية، فإنه يرى أن من الضروري إعادة النظر في قرار الإدارة الأمريكية، ويقول: (إن تلســــكوب هـــابل هــــو وحـــده تقريباً الذي جعلنا ندرك أنــــنا لا نعرف حوالي خمسة وتسعين في المائة عن هذا الكون، فقد اتضح أن خمسة وسبعين في المائة هي طاقة سوداء، وعشرين في المائة هي مادة سوداء، وخمسة في المائة منه فقط هو ما نستطيع أن نرصده ونتعرّف على .

أما نحن فنقول.. سبحان الخالق المبدع العظيم، وصدق الحق عز ول: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ). (الإسراء:85)

مرصد هابل الفضائي

مقراب هابل (رمز له اختصاراً بالرمز HST) هو أول مقراب يدور حول الأرض وقد أمد الفلكيين بأوضح وأفضل رؤية للكون على الإطلاق بعد طول معاناتهم من التلسكوبات الأرضية التي يقف في طريق وضوح رؤيتها الكثير من العوائق سواءً جو الأرض المليء بالأتربة والغبار أم المؤثرات البصرية الخادعة لجو الأرض والتي تؤثر في دقة النتائج بدأ مشروع بناء المقراب عام 1977، و أطلق إلى الفضاء في أبريل من عام 1990 ، وسمي على اسم الفلكي ادوين هابل Edwin Hubble .

يقع خارج الغلاف الجوي للأرض على بعد 593 كيلومترا فوق مستوى سطح البحر ، يكمل مداره الدائري بين 96 و 97 دقيقة.

صُمم هابل لتتم صيانته في الفضاء، عندما أحتاج هابل إلى التصليح، في ديسمبر عام 1993 قام رواد الفضاء بمهمة تبديل لوحات المنظار التي تستهلك الطاقة الشمسية فقد أدت إلى تمايله، قرر إعادة إحدى اللوحتين إلى الأرض، بينما تم إصلاح الأخرى. تلتها رحلات أخرى للصيانة وإبدال معدات قديمة في المقراب الفضائي، في أعوام 1997 و1999.
واحدة من كاميرات هابل المتطورة، تعطلت عن العمل، بعد أن تخطى مؤشر الطاقة الحد الأقصى، لذلك حددت وكالة الفضاء والطيران الأمريكية ناسا موعدا لزيارة المقراب الفضائي هابل من أجل صيانته وإصلاحه، وذلك في 8 أكتوبر 2008. في 19 أكتوبر 2008 تم الإعلان عن وجود خلل جديد في المرصد و تم تأجيل رحلة الإصلاح إلي فبراير 2009. ولكن لم تتم إرسال بعثة الصيانة إلا في يوم الإثنين 11/مايو/2009 كما أن المكوك الذي أرسل لهذه المهمة والذي يدعى بمكوك أتلانتس أصابته قطعة من الحطام ضربت جزءا من الدرع الحراري للمكوك، أدى ذلك إلى إحداث خدش طوله 53 سم ولكن الضرر بسيط جدا.

المرصد الفضائي ( هابل )

يعرف المرصد الفضائي أو التلسكوب بأنه عبارة عن جهاز أو آلة تقوم بتجميع الضوء لرؤية الكواكب والنجوم البعيدة بوضوح (تقوم بتكوين صور مقربة للأجرام السماوية) ، وتعمل المراصد الفضائية وفق نظامين معروفين هما : إما التلسكوب العاكس أو التلسكوب الكاسر .

ويعتبر مرصد هابل الفلكي أول تلسكوب فضائي يوضع في مدار حول الأرض ، يعمل بنفس مبدءا التلسكوب العاكس!، أمَدَّ الفلكيين بأفضل وأوضح رؤية للكون على الإطلاق بعد تجاوز المشاكل والمعوقات التي تعاني منها التلسكوبات الأرضية من عوائق الرؤية سواءً بسبب جو الأرض المليء بالأتربة والغبار أو بسبب المؤثرات البصرية الخادعة لجو الأرض والتي تؤثر في دقة النتائج التصويرية المطلوبة للكون بنجومه ومجراته ، والتي تتطلب دراسته أدق التفاصيل المخفية على بعد أكثر من 14 مليار سنة ضوئية استطاعت هذه الأداة سبرها .

وقد قام العالم هابل باختباراته على افضل منظار في العالم الذي كان موجودا في تلك الحقبة على جبل ويلسون جنوبي كاليفورنيا. ويحمل اسمه اليوم افضل تلسكوب في العالم والذي يتوضع في مدار فضائي حول الأرض. حيث يقوم هذه المنظار العملاق بإكمال ما بدأه العالم “هابل” نفسه من رسم خريطة للكون وتقديم افضل الصور للمجرات النائية.
تعود بدايات فكرة وضع تلسكوب فضائي حول الكرة الارضية الى عالم الصواريخ “هيرمان اوبرت” التى قالها سنة 1923 ، وبعد عدة أعوام تمت إعادة طرح للفكرة على يد الفلكي ليمان سبيتزر في عام 1940م . وفي نهاية الستينات من هذا القرن عادت الفكرة مجددا، فقد اجرت عدة جامعات امريكية دراسات حول امكان وضع تلسكوب في الفضاء يدور حول الكرة الارضيه.

وفي نهاية 1971، اصبحت الفكرة قيد العمل، فقد وضعت وكالة الفضاء الامريكية ( NASA ) دراسة جدية لجدوى اطلاق تلسكوب فضائى بمراة مقعرة قطرهل 3 امتار ، الى الفضاء، مبنة الفوائد والامكانات الكبيره التي سوف يتيحها هذا المشروع الفضائي لعلم الفلك، وقد اطلق على هذا المشروع بالبداية(التلسكوب الفضائي الكبير) وبالانجليزيه (Large Spec Telescope).

وفي البداية وضع تصميم اولى لذلك، اعتمد مراة مقعره قطرها 3 امتار، لكن تبين ان قطرا بهذا القياس يثير مشاكل تقنية في صناعة مراة دقيقة وبواصفات خاصه، فخفض الى 2,4 أمتار .

وفي سنة 1977 انضمت وكالة الفضاء الاوروبية الى المشروع، وكانت المساهمة الاروبية بأحد اجهزةالتلسكوب الخمسة والاجنحة الشمسية المولده للطاقة الشمسية بالاضافة الى طاقم أرضي لعمليات تشغيل التلسكوب .

وفي السنة نفسها( 1977) اتفقت وكالة الفضاء الامريكيةت( NASA ) ، مع شركتين، الاولى لتطوير المركبة وعمل الانظمة المساعده والتجميع والفحص، والثانية لتصميم الانظمة البصرية .

و في سنة 1983، كان التلسكوب الفضائي هابل جاهزا للاطلاق الا ان ظهور صعوبات في بنائه أجلته الى سنة 1986، وفي هذه السنه انفجر مكوك الفضاء (تشالنجر)، المكوك المرشح لحمل تلسكوبنا هابل الى الفضاء، فأجل مرة اخرى.

وفى 25 أبريل عام 1990م قام خمسة من رواد الفضاء على متن المكوك الفضائي دسكفري بوضع التلسكوب هابل في مداره على بعد 569 كيلو مترًا من سطح الأرض, وأصبحت الصور الرائعة التي يرسلها هابل يوميًّا هي تحقيق لحلم عمره خمسون عامًا، ونتيجة لأكثر من عشرين عامًا من التعاون بين العلماء والمهندسين والمقاولين والمؤسسات من جميع أنحاء العالم .

الحقائق والمواصفات العامة لمرصد هابل الفضائي :


صورة مع شرح أجزاء مركبة هابل:

1-communications antenna: جهاز استشعار للمعلومات.
2-sunshade: واقي شمسي!
3-telescope tube: خط المنظار النجمي.
4-secondary mirror: مرآة ثانوية.
5-solar arrays: أنطمة شمسية!
6-primary mirror: مرآة رئيسية

تلسكوب هابل الفضائي:

– يبلغ طوله 13.2 مترا
– عرضه ( قطره الأقصى ) 4.2 متر .
– وزنه فيبلغ 11.110 كيوغراما ، أي أنه تقريبًا في حجم حافلة كبرى (أتوبيس كبير).
– العمر الافتراضي للتلسكوب هابل 20 عامًا يتم خلالها عمل خمس عمليات صيانة له وتزويده ببعض المعدات الحديثة، وحتى الآن تم صيانته ثلاث مرات في ديسمبر 1993م وفي فبراير 1997م وفي ديسمبر 1999م .
– يعمل هابل بالطاقة الشمسية بطاقة 2400 وات، ويخزن طاقته اللازمة في ستِّ بطاريات من النيكل – هيدروجين سعتها التخزينية توازي 20 بطارية سيارة.
– وأخيرا وليس آخرا أن تكلفة هابل عند الإقلاع بلغت حوالي 1.5 بليون دولار أمريكي .
– يتم هابل دورة كاملة في مداره حول الأرض في 97 دقيقة وسرعته 28000 كيلو متر في الساعة ، ويدور خارج اضطرابات الجو الارضي وعلى علو 569 كيلومتر ( 353 ميل ) ، وبهذا الارتفاع فإنه يبتعد عن شوائب الجو مما يمكنه من التقاط اروع الصور و أوضحها على الاطلاق .
– التقطت عدسات هابل اكثر النجوم ضعفا (إضاءة) و اكثرها في الوقت نفسه بعدا ، حيث يمكنه التقاط أجرام أو مجرات أو سدم على مسافه تقدر بنحو 14 مليار سنه ضوئيه اي يشاهد ما كان في بداية الكون !!! ، كما ويمكنه ان يشاهد الاجرام السماوية ذات الضوء الخافت جدا ، اي ما يشكل خمسة مليارات مرة أضعف من امكان رؤيتها بالعين المجردة ، ما يعني ان التلسكوب قادر على كشف ضوء شمعة فوق سطح القمر !.
تعتبر المراة الرئيسية العنصر الاكثر أهمية في هذا الجهاز العملاق ، وهي مرآة مقعرة كبيرة الحجم يبلغ قطرها 2,4 أمتار ووزنها يبلغ 826 كيلوغراما، وظيفتها عكس وتركيز وتسليط الضوء الى مراة اخرى تعكسه بدورها الى المستوى البؤري (العينيه) من خلال فتحة في المراة الرئيسية، صنعت هذه المراة من صفائح رقيقة من سليكات التيتان ، وطليت بالالمونيوم الذي يعكس 99،5 من الضوء، لكنه لايعكس الاشعة فوق البنفسجية و يتأكسد بسهوله، لذلك أضيف طلاء اخر من فلوريد المغنسيوم رقيق جدا لمنع الأكسدة ولعكس الأشعاع فوق البنفسجي .

وهذه التركيبة جعلت من المراة الرئيسية خفيفة(826 كيلوجراما) ولو صنعت من الزجاج الثقيل لبلغ وزنها ثلاثة أطنان ، ويحتوي التلسكوب على أجهزة علمية مختلفة يكامل بعضها بعضا من اجل رصد فلكي ادق و أفضل ، فقد جاءت الصور أفضل 10-30 مرة من أفضل الصور الملتقطة من المراصد الارضية ففي حين كانت أفضل المراصد الارضية لاتتجاوز رؤيتها اجراما بعيدو على مسافة 1-2 مليار سنة ضوئية ، جاء تلسكوب هابل ليلتقط أجراما باهته جدا، تقع على مسافة نحو 14 مليار سنة ضوئية .

– تم إرسال أول صورة من هابل في 20 مايو 1990م وكانت لإحدى التجمعات النجمية.

– وفي عام 1994م تابع التلسكوب هابل عن كثب اختراق بعض الأجزاء من المذنب شوماخر-ليفي 9 للغلاف الجوى للمشتري وارتطامها بسطحه، والذي يحدث مرة كل ألف سنة ولأول مرة يستطيع العلماء متابعة مثل هذه الظاهرة بهذه الدقة في الرؤية واستنتاج بعض الحقائق عن مثل تلك الظواهر.

– أتاح هابل للعلماء للمرة الأولى رصد غلافا جويا حول كوكب خارج نظامنا الشمسي. ويقول العلماء إن هذا الاكتشاف يعد الحدث الأهم منذ آخر مرة أعلن فيها عن اكتشاف كوكب وأنه خطوة أولى متواضعة في البحث عن الحياة خارج الأرض.

– تابع هابل ميلاد وموت الكثير من نجوم تلك الأجرام السماوية المضيئة، وأعطى الدليل البصري على أن الأتربة التي تدور حول النجوم ظاهرة عامة مقترحًا أنها المادة الخام لتكوين الكوكب حول تلك النجوم.

– كان هابل أول من اكتشف وجود الثقوب السوداء في الكون وساعد العلماء في قياس حجم العديد من تلك الثقوب.

– قام هابل بدراسة المجرَّات وتاريخها منذ بداية نشأة الكون وأظهر بعض الاستنتاجات عن أن المجرات في بدايات الكون كانت أكثر عددًا وأصغر حجمًا وتأخذ أشكالاً غير منتظمة، أي ليست كالتي يراها الفلكيون الآن بالقرب من مجرتنا في الفضاء الخارجي. وذكرت دراسة حديثة نشرت مؤخرا أن تلسكوب هابل الفضائي رصد نجماً عملاقاً محتضراً وهو ينسف محيطه بطريقة مثيرة. وقال علماء الفلك في بيان إن النجم الذي يقع في مجرة درب التبانة ينتمي لفئة من النجوم فائقة الحرارة قصيرة الأجل تسمى (ولف رايت) . وأظهرت الصورة رياحه النجمية العنيفة وهي تمزق المادة المحيطة التي لفظها قبل حوالي 250 ألف عام، خلال مراحل حياته الأخيرة.
– بعد أن استنتج العالم الأمريكي ادوين هابل نظرية تمدد الكون، عكف العلماء على حساب سرعة تمدد الكون فيما عرف بثابت هابل، وقد كان لهابل دور كبير في هذا حيث أعلن العلماء في مايو 1999م أنهم أخيرًا توصلوا إلى قيمة ثابت هابل.
– أما عن آخر اكتشافات هابل فقد اكتشف أماكن اختزان كميات كبيرة من الهيدروجين في الفضاء الكوني والتي نتجت عن الانفجار العظيم، ولم يكن أحد يعرف أين ذهبت رغم تأكيد العلماء وجودها كناتج للانفجار. وقد قام الفلكيون حتى الآن بنشر حوالي 2651 بحثًا علميًّا معتمدًا على البيانات المرسلة من هابل.

لأول مرّة .. مرصد هابل الفضائي يكشف عن وجود المادة السوداء:

اكتشف الفلكيون في وكالة ناسا باستخدام تلسكوب هابل الفضائي حلقةً شبحيةً مظلمة من المادة السوداء التي تشكّلت منذ زمن طويلٍ خلال اصطدام هائلٍ بين عنقودين مجريين ضخمين.

إنَّ اكتشاف هذه الحلقة هو من بين أقوى الشواهد على وجود المادة السوداء. وكان الفلكيون يشكُّون ولفترةٍ طويلةٍ بوجود مادة خفية كمصدرٍ للجاذبية الإضافية التي تمسك العناقيد المجرية وتحول دون انهيارها.

مثل هذه المجاميع العنقودية ستتشظى في الفضاء إذا كانت تعتمد فقط على الجاذبية الصادرة من نجومها المرئية. وعلى الرغم من أن علماء الفلك لا يعرفون ممَّ تتكون المادة السوداء، لكنهم يفترضون أنها نوع من الجسيمات الاولية التي تنتشر في الكون.

يقول السيد جيمس جي وهو من جامعة جون هوبكنز في بالتيمور الأميركية، وهو أحد مراقبي المادة السوداء: (هذه هي المرة الأولى التي نكتشف فيها حلقة المادة السوداء كبُنيةٍ هيكليةٍ فريدةٍ تختلف عن بنية الغازات والمجرات في العنقود المجري)

وكان الباحثون قد شاهدوا الحلقة المظلمة بشكلٍ مفاجيءٍ بينما كانوا يعملون على رسم خارطة توزيع المادة السوداء في العنقود المجري (C1) الذي يبعد عن الأرض بمسافة خمسة بلايين سنة ضوئية. وكان قياس حلقة المادة السوداء بمقدار (2,6) مليون سنة ضوئية عبر مركز العنقود المتشكل من الاصطدام.

ورغم أنَّ الفلكيين لا يستطيعون رؤية المادة السوداء، لكنهم استنتجوا وجودها في العناقيد المجرية بملاحظة كيفية انحناء الضوء القادم من المجرات البعيدة الواقعة خلفها بتأثير جاذبيتها عليه.
يقول السيد جي: (رغم أن المادة الخفية السوداء قد وُجِدَت من قبل في عناقيد مجرية أخرى لكن لم يتم تمييزها بشكلٍ كبيرٍ عن الغاز الساخن والمجرات التي تؤلّف العناقيد المجرية). وأضاف قائلاً: (وبرؤية هيكل المادة السوداء التي لا تتداخل مع الغاز الساخن والمجرات فإنه يمكننا دراسة كيف تتصرّف بشكلٍ مختلفٍ عن المادة الاعتيادية).

وأثناء التحليل الذي قام به فريق المراقبة، فقد لوحظ وجود تموّجٍ في المادة الغامضة يشبه إلى حدٍّ ما التموج الذي يحدث من إلقاء حجرٍ في بركة ماءٍ.

وشرح السيد جي قائلاً: (كنتُ متضايقاً عندما رأيتُ الحلقة لأنني ظننتُ أنها نتاج بشري ناتج من خلل ونقصٍ في البيانات التي نعتمدها)

وقال: (لم أكن معتقداً بالنتيجة التي توصلتُ إليها، ولكني كلما حاولت إزالة الحلقة، أجدها تظهر. واستغرقتُ عاماً كاملاً لإقناع نفسي بأن الحلقة حقيقيةٌ. ولقد نظرتُ إلى عددٍ من العناقيد المجرية ولكني لم أجد شيئاً كهذا)

وبدافعٍ من حبِّ الإطلاع على سبب وجود الحلقة في العنقود المجري وكيف تشكّلَ فإن السيد جي وجد بحثاً سابقاً يقترح بأن العنقود المجري قد اصطدم بعنقودٍ آخر قبل بليون أو بليوني سنة. وهذا البحث نُشِرَ في عام 2002 من قبل اوليفر كزوسكي من معهد ارجلياندر لعلوم الفلك في جامعة بون. وهذا البحث يستند على الملاحظات الطيفية للبنية الثلاثية الأبعاد للعنقود المجري.

وأظهرت الدراسة مجموعتين متميزتين من العناقيد المجرية تدلان على حدوث اصطدام بين كتلتيهما. وعلماء الفلك يملكون نظرة مباشرة لهذا الاصطدام لأنه حدث لحسن الحظ على خط البصر الممتد من الأرض. ومن هذا المنظر فإنَّ بنية المادة السوداء تبدو كطوقٍ أو حلقةٍ.

وقد بيّنت المحاكاة الكمبيوترية لاصطدامات العناقيد والتي تم إجرائها من قبل فريق البحث بأنه عندما يصطدم عنقودان مجريان بعنفٍ فإن المادة السوداء ستهبط إلى مركز العنقود المتركب عقب الاصطدام وتخوض للخلف. وعندما تتحرك المادة السوداء للخارج فإنها ستتباطيء تحت ضغط الجاذبية والتراكم كمثل السيارات التي تتزاحم على الخط السريع.
يقول هولاند فورد عضو الفريق البحثي في جامعة هوبكنز: (بدراسة هذا الاصطدام فأننا نرى كيفية استجابة المادة السوداء للجاذبية). وأضاف: (الطبيعة هي كالتجربة بالنسبة لنا لأننا لا نستطيع أن نعملها في المختبر، وهي تتوافق مع نماذجنا النظرية).

إنَّ المادة السوداء تشكل معظم مادة الكون. وإنَّ المادة العادية التي تتألف منها النجوم والكواكب تشكّل فقط نسبةً قليلةً من مادة الكون.

إنَّ تعقب المادة السوداء ليس بالمهمة السهلة، لأنها لا تشعُّ ولا تعكس الضوء. وعلماء الفلك قاموا بكشفها فقط من خلال تأثير جاذبيتها على الضوء. وللعثور عليها، فإنَّ الفلكيين قاموا بدراسة كيفية تشوّه الضوء الخافت القادم من أبعد المجرات الخلفية وتحوله إلى أقواس وشرائط بنتيجة الجاذبية الناجمة من المادة السوداء الموجودة في العنقود الذي يقع أمامه. وبرسم خرائط الضوء المشوّه فأنَّ الفلكيين قد استنتجوا كتلة العنقود المجري وتتبعوا كيفية توزع المادة السوداء فيه.

يوضح الفلكي جي قائلاً: (إن الاصطدام بين عنقودين مجريين يُحدِثُ موجةً من المادة السوداء تترك أثراً مميزاً على شكل المجرات الخافية الواقعة خلف الاصطدام. وهذا يشبه النظر إلى حصيات موجودة في قعر البركة مع وجود موجات على سطحها. فأشكال الحصيات تبدوا متغيرةً كلما مرّت الموجات فوقها. وبشكلٍ مشابهٍ فإنَّ أشكال المجرات التي تقع خلف الحلقة السوداء تُظهِرُ تغيراتٍ مترابطةٍ منطقياً نتيجة وجود هذه الحلقة الكثيفة)

الفلكي جي استخدم ومعه وزملاؤه الكاميرا المتطورة في منظار هابل الفضائي للمسح من أجل كشف المجرات الخافتة والمشوهة والواقعة بعيداً خلف العنقود المحتوي على المادة السوداء الذي لا يمكن تحليله باستخدام المناظير الأرضية.
(إنَّ صور هابل الشديدة الحساسية وحساسية كاميرته التي لا نظير لها للمجرات الخافتة تجعل منه الأداة الوحيدة لهذا القياس)
هذا ما قاله ريتشارد وايت عضو معهد علوم التلسكوب الفضائي في بالتيمور.


إن الملاحظات السابقة لكرة العنقود بواسطة مرصد هابل ومرصد شاندرا لأشعة X قدّمت نظرةً جانبيةً لتصادمٍ مماثلٍ بين عنقوديين مجريين. وفي هذا التصادم فإن المادة السوداء سُحبت بشكلٍ منفصلٍ عن الغاز العنقودي الساخن، لكنها بقيت تتبع توزيع مجرات العنقود. غير أن العنقود C1 هو العنقود الأول الذي أظهر توزيعاً للمادة السوداء مختلفاً عن توزيع كل من مجرات العنقود والغاز الساخن الذي فيه.

تعريف المادة السوداء: لا زالت قيد التعرف عليها، وتصفها بعض النظريات بأنها عبارة عن كتل متراصة وجزيئات أولية تدعى النيترونوس، وتظهر على شاشات التسلكوبات وتحدث ومضات ذات طاقة هائلة.

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

انفجارات النجوم العملاقة لوثت الأرض بالنظائر المشعة

كشفت أبحاث فلكية حديثة أن الأرض تعرضت لرشقات من النظائر المشعة نتيجة انفجارات نجوم عملاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *