كثرت في السنوات الأخيرة الحوادث الناتجة عن التلوث خاصة بالملوثات الكيميائية، كما كثر أيضاً إلقاء النفايات الكيميائية والمواد المشعة والمعادن ومخلفات مصانع إنتاج المبيدات الحشرية ملوثة بذلك التربة والمياه في دول العالم الثالث، والتي تعتبرها البلدان الصناعية الكبرى مدفناً لنفاياتها وسوقاً لسلعها، وقد أدى ذلك إلى تلوث خطير للغذاء الذي نتناوله والماء الذي نشربه والهواء الذي نتنفسه والتربة التي تزرع ونأكل خيراتها إلى غير ذلك من مقومات الحياة الضرورية التي يمكن أن تتعرض للخطر. ونستعرض هنا أهم ملوثات البيئة، وهى على النحو التالي :
1- تلوث الغذاء بالمبيدات الحشرية : يعتبر استخدام المبيدات الزراعية والحشرية أمر ضروري لحماية المحاصيل الزراعية وبالتالي زيادة الإنتاج وخفض كلفته ، وأما على الصعيد العالمي فإنها تساعد إلى حد كبير في التخفيف والحد من مشكلات المجاعة التي بدأت تزداد بكثرة وخاصة في الدول النامية، وحسب أراء الباحثين أنه إذا تعرض الإنسان لمتبقيات المبيدات الكيميائية أثناء الاستهلاك اليومي فيؤدى ذلك إلى مخاطر السمية المزمنة والإصابة بالأمراض الخطيرة، كما أن بعض المبيدات الفسفورية العضوية تؤدى إلى السمية العصبية المتأخرة التي تنتهي بالشلل المزمن. وأحياناً يحدث التلوث بالمبيدات عن طريق الخطأ وتسبب هذه الحوادث أعراضاً حادة أشبه ما تكون بالتسمم الغذائي، كنتيجة للخطأ، كاستعمال المبيدات بدلاً من الدقيق أو تلويثه للأطعمة.
وقد لوحظ خلال السنوات الأخيرة أن معظم حوادث التلوث بالمبيدات تحدث نتيجة لعدم احترام التحذيرات الأولية عند استخدام تلك المواد فوجود نشرة تحوى التعليمات الواضحة والتحذيرات التي يتوجب اتخاذها عند استعمال تلك المبيدات يعد أمراً ضرورياً وخاصة في البلدان النامية، كما أن فرض رقابة مشددة وقيام الهيئات العامة بوضع المقاييس والمعايير للتأكد من نقاوة تلك المركبات وبيان طرائق استخدام كل مادة لها علاقة في تلوث الغذاء يعد من الأمور الأساسية للوقاية من التلوث بتلك المبيدات. وأخيراً فإن الحيوانات التي تتغذى بغذاء ملوث بمبيد الـ د.د.ت مثلا تكون معرضة لظهور الأمراض السرطانية عندها، كما يجب الانتباه وأخذ الحذر عند استخدام الحليب الملوث بالـ د.د.ت وخاصة عند الرضع حيث أن الجهاز العصبي عند الرضع والأطفال حساس جداً لتأثير المبيدات .
2- تلوث الماء بالمبيدات : هو إضافة مواد غريبة غير مرغوب فيها يتسبب في تلف نوعية الماء، والمبيدات الكيميائية تعتبر أحد الملوثات للماء، وتصل إليه من خلال طرق ووسائل عديدة منها رش أطوار البعوض التي تعيش بالماء، حيث ترش البرك والينابيع والمستنقعات والوديان المملوءة بالماء والمسيلات الجارية منعاً لتكاثر وانتشار البعوض وغيره من الحشرات المائية الضارة بالإضافة إلى الطريقة المستخدمة في غسيل متبقيات المبيدات من الأراضي الزراعية بواسطة مياه الأمطار والسيول الموسمية ومياه أبار الري إلى جانب صرف أو قذف مخلفات مبيدات مصانع في المصارف والأودية والأنهار، وأخيراً علينا أن نتذكر أن الهواء والمطر يعتبران من المصادر المهمة في تلويث الماء بالمبيدات حيث أشارت إحدى الدراسات إلى تقدير كمية المبيدات التي تسقط سنوياً في المحيط الأطلسي مع الغبار بنحو ثلثي طن .
والمجموعة الكلورية العضوية تعد من أخطر المبيدات الحشرية الملوثة للماء، حيث أن لها مفعول متبقي طويل الأمد، كما أنها ذات تأثير واسع على عدد كبير من المخلوقات ومنها الإنسان ومن أهم مبيدات هذه المجموعة الـ د.د.ت والدرين، والاندرين وتصل هذه إلى مياه البحار أو عن طريق المياه المتسربة من الأراضي الزراعية أو عن طريق الجو، ولكن ثبت أن أكثر كمية تصل عن طريق الجو، وذلك عن طريق استخدام الرش بالطائرات، ويفقد في الجو مايزيد على 50% منها لا يصل مفعولها إلى النباتات، ولكن تتسرب على هيئة جسيمات الأتربة مع الأمطار فتلوث مياه البحار.
والمبيدات الحشرية الكلورية لا تتحلل بسهولة وتبقى لفترة زمنية طويلة، ولذلك توجد في الأسماك والحيوانات البحرية كميات من هذه المبيدات، وتتركز أساساً في المواد الدهنية ويزداد على مر السنين تركيز هذه المواد في أجسام حيوانات البحر وعليه يمنع استعمال هذه المركبات التي لا تتحلل في المحيط الجوى بسهولة.
3-تلوث التربة بالمبيدات الحشرية: كان ولا يزال استخدام المبيدات الحشرية في الأراضي الزراعية من أهم مشاكل تلوث التربة لأنه يؤثر على خصوبتها، ويؤدى في النهاية إلى تلوثها بالمبيدات، ومن المعروف أن المبيدات الكيميائية تؤثر داخل التربة على العديد من الكائنات الحية، ونجد أن مبيد الكربيات في التربة يتحول إلى مركبات النيتروزأمين، وهو يمتص بواسطة بعض النباتات فعند تغذية الحيوان أو الإنسان على تلك النباتات فإن النتيجة النهائية والحتمية للإنسان أو الحيوان هو الإصابة بالسرطان.