التلوث الكهرومغناطيسي: مخاطر تهدد صحتنا وسبل الوقاية

يتصدر التلوث الكهرومغناطيسي قائمة القضايا البيئية المعاصرة التي تتطلب اهتماماً واسعاً، وعلى الرغم من وجود جدل حول مدى خطورته، إلا أن الأبحاث العلمية الحديثة أظهرت بوضوح تأثيرات سلبية لهذا النوع من التلوث على صحة الإنسان.

يأتي هذا التلوث أساساً من مصادر متعددة، مثل أسلاك الكهرباء عالية الضغط وأبراج الاتصالات.

مصادر التلوث الكهرومغناطيسي

يعتبر التلوث الكهرومغناطيسي نتاجاً للتطورات التكنولوجية المتزايدة.

ومن أبرز مصادره:

1. أسلاك الكهرباء عالية الضغط: تُستخدم في نقل الطاقة الكهربائية عبر مسافات طويلة، وتصدر موجات كهرومغناطيسية تؤثر على البيئة المحيطة بها.

2. أبراج الاتصالات: تُستخدم في شبكة الهواتف المحمولة والاتصالات اللاسلكية، وتُعتبر مصدراً رئيسياً للتلوث الكهرومغناطيسي.

3. المحولات الكهربائية: تعمل على تحويل الجهد الكهربائي، وتُصدر أيضاً مجالات كهرومغناطيسية يمكن أن تكون ضارة.

الدراسات العلمية الحديثة

أجريت العديد من الدراسات العلمية لتسليط الضوء على مخاطر التلوث الكهرومغناطيسي.

من بين هذه الدراسات، دراسة مشتركة بين معهد بحوث السرطان البريطاني والمعهد القومي الأمريكي للسرطان ومعهد كارولينسكا السويدي.

وقد توصلت هذه الدراسة إلى أن التعرض للأمواج الكهرومغناطيسية يمكن أن يسبب تلفاً في الحمض النووي (DNA) للأطفال، مما يؤدي إلى مجموعة متنوعة من الأمراض، بما في ذلك السرطان، وخاصةً سرطان الدم.

كما أظهرت دراسة أجراها معهد بحوث أمراض العيون في القاهرة أن التعرض لخطوط الضغط العالي يؤثر سلباً على البروتينات في عدسة العين، مما يزيد من خطر الإصابة بالالتهابات المزمنة وضعف الرؤية.

التأثيرات الصحية

تتراوح التأثيرات الصحية الناتجة عن التلوث الكهرومغناطيسي بين الأضرار الجسيمة إلى الأمراض المزمنة.

ومن أبرز هذه التأثيرات:

1. التعب والإرهاق: يعاني العديد من الأشخاص من شعور دائم بالتعب والكسل، والذي يُعزى إلى التعرض المفرط للموجات الكهرومغناطيسية.

2. اضطرابات في وظائف الدماغ: يُظهر العديد من الأشخاص صعوبة في التركيز وزيادة في مستويات القلق.

3. تشوه الأجنة: أظهرت الدراسات أن النساء الحوامل المعرضات لمستويات مرتفعة من التلوث الكهرومغناطيسي قد يلدن أطفالاً مع مشاكل صحية.

4. أمراض السرطان: هناك ارتباط قوي بين التعرض لمستويات عالية من الموجات الكهرومغناطيسية وزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطانات، مثل سرطان الثدي وسرطان الدم.

5. مشاكل في القلب: يمكن أن تؤدي التعرضات المفرطة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.

الوقاية والتدابير اللازمة

تتطلب مواجهة مخاطر التلوث الكهرومغناطيسي اتخاذ إجراءات وقائية فعالة. ومن بين هذه الإجراءات:

1. زيادة الوعي العام: من الضروري توعية المجتمع بمخاطر التلوث الكهرومغناطيسي وسبل الوقاية.

2. الحفاظ على مسافة أمان: يُوصى بترك مسافة أمان تصل إلى 10 أمتار من أسلاك الكهرباء ذات الجهد العالي، حيث تُعتبر هذه المسافة “الحرم الصحي” الذي يجب تجنبه.

3. استخدام مواد عازلة: يجب استخدام مواد عازلة في البناء حول المناطق السكنية التي تحتوي على أسلاك كهربائية عالية الجهد.

4. تطوير التشريعات: يجب على الحكومات وضع قوانين تحظر تمديد أسلاك الجهد العالي بالقرب من المناطق السكنية، واللجوء إلى دفن هذه الأسلاك في باطن الأرض عند الحاجة.

إن التلوث الكهرومغناطيسي يمثل تحدياً كبيراً للصحة العامة، مما يتطلب جهوداً جماعية للتقليل من مخاطره.

ومن خلال التوعية والتدابير الوقائية الفعالة، يمكن حماية المجتمعات من تأثيراته السلبية وضمان بيئة صحية للجميع.

المهندس أمجد قاسم

المراجع

1. العلي، ع. (2023). تأثير التلوث الكهرومغناطيسي على الصحة العامة. مجلة العلوم الصحية.
2. جمال، م. (2022). المخاطر الصحية للتلوث الكهرومغناطيسي. المجلة الطبية العربية.
3. Institute of Cancer Research. (2023). Electromagnetic Fields and Cancer. British Journal of Cancer.
4. World Health Organization. (2024). Electromagnetic Fields and Public Health. WHO Report.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

استخدامات غير متوقعة لأعقاب السجائر

تعتبر أعقاب السجائر واحدة من أكثر أشكال النفايات انتشارًا في العالم، فغالبًا ما تُعتبر نفايات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *