حسني عايش
بعض الطلبة كالزيت المتطاير سريعو الاشتعال، فحادثة صغيرة جدا تقع يمكن ان تجعلهم يفقدون السيطرة على أعصابهم وعليه فان من الصعوبة بمكان التنبؤ بسلوكهم او ردود افعالهم، فهم قد ينفجرون بينما هم في
حديث سار، او وحيدين، او جالسين على مقاعدهم يحاولون الاجابة على سؤال صعب.
ولحسن الحظ فان هؤلاء الطلبة يعون مشكلتهم، ولكن قلما يساعدهم احد في حلها، بدلا من ذلك يهاجمون بالتنبيهات والإنذارات او الرفض او العقوبات الاشد لعجزهم الواضح عن ضبط أنفسهم ان كثيرا منهم يرغب في التغيير او التخلص من المشكلة اذا توافرت لديهم الاسباب او العوامل المؤاتية، فهم مثلي ومثلك لا يحبون السلوك المتفجر الذي يصدر عنهم رغما منهم.
كما اننا لسنا بحاجة الى كثير من التحليل لنعرف ان كثيرا منهم غير ناجح في دروسه او لا يشعر انه ناجح فيها بالفعل، بل انهم يشعرون انهم فاشلون تماما ونتيجة لذلك نراهم غير راضين عن سلوكهم لان عليهم في كل مرة مواجهة آثاره او دفع الثمن المترتب عليه، ان من حولهم يعرفون ان كلمة صغيرة او حادثة بسيطة يمكن ان تكهربهم او تفجرهم، ولذلك لا يشعر من حولهم بالأمن معهم، ولا يشعرون هم – كذلك ـ بالأمن مع انفسهم.
وإذا كنت معلما لمثل هؤلاء الطلبة فانه يجدر بك قبل القيام بأي اجراء ما بحث مشكلتهم مع الإدارة والمرشدين النفسيين والزملاء، والمعلمين السابقين، وان امكن مع والديهم، ان قيامك بذلك قد يزودك بمعلومات قيمة أنت بأمس الحاجة اليها للتعامل الناجح معهم، لكن تذكر ان هذه المعلومات قد تصبح مشكلة لك اذا لم تستفد منها وعندئذ يحسن بك احالة الطالب الى المختص، فاذا تبين لك بعد ذلك انه لا توجد مشكلة دفينة قوية عنده فتكلم معه على انفراد كيلا تزيد مشكلته تعقيدا فيما لو تحدثت معه عنها علانية أمام الناس، بين للطالب ان مشكلته ليست مستعصية وإنها تحدث مع كثيرين غيره، وفر له الرعاية والحنان واجعله يدرك ان سلوكه هذا يتسبب بكثير من الحزن ليس عنده فقط بل عند غيره ايضا ، قل له دائما انك تستطيع السيطرة على نفسك، وان افضل طريقة ان نضع واياك خطة لذلك، وتذكر في تلك الاثناء ان السبب الرئيس يرجع
لتدني تقدير الطالب لنفسه وان جزءا كبيرا منه نابع من ادراكه القوي لما يتمتع به غيره من قدرات، لعله ينظر الى نفسه بدونية معتقدا ان غيره ينظر اليه كذلك، ولعل اتباع الاستراتيجية التالية مع الطلبة المتفجرين مفيد:
اولا: علمهم دوما ان من الاهمية بمكان محاولة ضبط النفس، وان غضب المرء في بعض الاحيان مفهوم، او مطلوب وان غيرهم يغضب ولكنهم تعلموا السيطرة على رد فعلهم الغاضب، وان عليهم ان يفعلوا مثلهم، وفي اثناء ذلك وضح للطالب السلوك المضبوط الذي تتوقع منه اظهاره عندما يغضب.
ثانيا: لا تقترب كثيرا من الطالب الغاضب لحظة الغضب لمسافة نصف متر منه او اقل فقد تواجه مشكلات اضافية.
ثالثا: لا تصرخ على الطالب ابدا من الافضل التكلم معه بصوت منخفض وببطء ان لهذه التقنية تأثيرا مهدئا في اغلب الاحيان.
رابعا: اتفق معه ان امكن على خطة عمل لتنفيذها في المرة التالية عندما تظهر علامات الانفجار بما في ذلك تذكيره بالآثار التي يمكن ان تنجم عن فقدان السيطرة.
خامسا: لعل افضل الخطط ذات التأثير المباشر والطويل المدى اخراج الطالب المعني بنعومة وتكتيك محسوب – من موقف التفجر مؤقتا، اي لحين استعادة الوضع العادي، وقد يشمل ذلك اخراجه «لا طرده» من غرفة الصف، اجعله يدرك ان السماح له بترك الصف ـ مؤقتا في مصلحته، وعندما ترغب في ارساله الى الادارة و المرشد النفسي فهمه انه مسموح له الذهاب الى هناك لا مفروض عليه، انه حر في ذلك.
سادسا: لا تقل له ابدا انك مرسل لتعاقب ان مدخل الاذن او السماح يساعد كثيرا في جعله يقبل التوجه الى المدير او المرشد .. ان من شبه المؤكد ان الطلبة المتفجرين لا يتغيرون او لا يرضون عن انفسهم الا اذا ساعدناهم على الانتباه الى سلوكهم والسيطرة عليه، ان التنبيهات والإنذارات والعقوبات بأشكالها وأنواعها بما في ذلك ردود الفعل اللغوية والانفعالية ولوم زملائهم لهم على سلوكهم لا تفيدهم، انها قد تجعل حالهم اسوأ مما يزيد من احباط الجميع.
ان الاحباط الناتج عن العجز عن التحصيل والانجاز او تقدير الذات المتدني .. يزيد في حدة المشكلة لأنه يجعلهم يشعرون بصورة سلبية قوية عن انفسهم فيزيد عجزهم عن السيطرة عليها، لذا يجب علينا تزويدهم بالتعزيز الايجابي عندما يسيطرون عليها وتوفير فرص لهم لينجحوا وينجزوا، ان وضعهم السلبي لا يعالج برد فعل سلبي، مما يتطلب من المعلم نفسه ان يبقى ايجابيا ومسيطرا على نفسه كذلك فبدون تمتع المعلم بالاستقرار «النفسي» لا يتمتع الطالب بالاستقرار، وقد ينفجر الاثنان معا كلما انفجر احدهما في الأخر.