أهمية وفوائد المشي في مكافحة الأمراض

إذا قررت أن تعيد النظر في اسلوب حياتك بحيث تبقى في صحة جيدة ولياقة ممتازة بعيدا عن الاطباء والادوية ومشكلات المرض، فانك قد تتجه الى ما يتبعه الكثيرون: الانتساب الى نادي لياقة والالتزام بزيارات منتظمة له تمارس فيها مختلف التمرينات الرياضية، لكن ليس الكثيرون، وانت قد تكون منهم، من لديهم الصبر والمثابرة والقدرة على الالتزام بمثل هذا السلوك : فما البديل؟

الواقع انك قد لا تكون بحاجة لكل ما سبق، اذ ان هناك اتفاقاً متزايداً بين الباحثين ان التمرينات الجسمية المكثفة التي تقدمها كثير من نوادي اللياقة ليست الوحيدة، وحتى ليست بالضرورة الافضل، لصحة جيدة، وعلى حد قول المختصين فان افضل ما يمكن ان يقوم به معظمنا لذلك قد يكون المشي.

المختصون يؤكدون على كلمة «المشي» وليس الهرولة او الركض وبسرعة 5كم ـ 6كم في الساعة ولمدة نصف ساعة تقريبا لخمسة او ستة ايام في الاسبوع.

ويقول المختصون انك قد لا تشعر بالفائدة مباشرة، لكن الادلة تقترح انه على المدى الطويل، فان اعتياد المشي بانتظام يمكن ان يكون طريق الصحة الجيدة إمتداداً من تقليل احتمالات الاصابة بالسكتة الدماغية
والسكري وهشاشة العظام الى معالجة التهابات المفاصل وضغط الدم المرتفع والاكتئاب.

وفي الواقع، فان المشي قد يكون التمرين الرياضي المثالي، فللمبتدئين يمثل احد الامور الاكثر أمنا التي يمكن للجسم اتباعها فمثلا هو اكثر سهولة من الركض لعمل الركبتين، وعلى حد قول د. جوان مانسون رئيس الطب الوقائي في مستشفى هارفارد برغهام ان النشاط الجسمي المنتظم يعد بمثابة العلاج السحري اذ نظرنا اليه من زاوية الطب الحديث. وانه اذا اعتاد كل شخص في الولايات المتحدة المشي بنشاط لثلاثين دقيقة يوميا، سيمكن انقاص احتمالية حدوث الامراض المزمنة بنسبة 30% – 40%.

الاحصاءات تشير الى ان اقل من ثلث البالغين الاميركيين يمارسون يوميا التمرينات الموصى بها، وان 40 ٪ يقضون معظم اوقاتهم جالسين ، والنتيجة ستكون أمة تمثل البدانة فيها السبب الرئيسي القابل للوقاية منه، للوفيات،أكثر مما يسببه التدخين.

جزء من المشكلة يكمن في ان التمرينات الرياضية تبدو صعبة، وبالعودة الى سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضى عندما اجرى العلماء سلسلة من الدراسات حول هذا الموضوع، لم يكن واضحا ان التمرينات الرياضية يمكن ان تقي من الأمراض، ولاثبات هذه النقطة نظر العلماء الى التأثير الاكبر، ووجدوه في المستويات العالمية من الاداء. وفي الوقت الذي لا تزال فيه فوائد التمرينات النشطة غير مؤكدة، فان النتائج الأولية لا تعطي ايضا اجابة على السؤال الرئيسي، وهو ما اذا كان هنا حد ادنى للنشاط الجسمي الضروري للحصول على فوائد صحية معتبرة.

العديد من الدراسات على مدى السنوات الخمس الماضية أظهرت أن المشي النشط يعطي الفوائد نفسها التي تعطيها التمرينات الرياضية المكثفة.

وحيث أن المشي يؤثر بعدة اشكال في الوقت نفسه، فمن الصعب التحديد بدقة لماذا يكود جيداً للانسان. وفيما يأتي بعض الجوانب التي توصل العلماء الى تحديد فائدة المشى لها.

أمراض القلب

يفيد المشي النشط القلب بطرق عدة، فالمشي بانتظام يخفض من ضغط الدم ويقلل من توتر الشرايين ويزيد من مستوى الكوليسترول المفيد عالي الكثافة في الدم، ويبدو انه يقلل من لزوجة الدم ويقلل بالتالي من احتمالية تكون جلطات دموية. وكل ما سبق يقلل من احتمالية حدوث نوبة قلبية بنسبة 50%

السكتة الدماغية

ليس واضحا حتى الآن تأثير المشي على خطر حدوث السكتة، فقد أظهرت بعض الدراسات أن الأشخاص النشيطين اقل عرضة للإصابة بالسكتة خاصة تلك التي تحدث عندما تغلق جلطة دموية مسار الدم الى الدماغ وأظهرت دراسات أخرى أن لا فائدة للمشي مطلقا في هذا المجال.

لكن دراسة كبرى جرت خلال العام ونصف الماضية، تم فيها تحليل العادات الصحية لـ 70 ألف ممرضة على مدى 15 سنة، وجد الباحثون من كلية الصحة العامة التابعة لجامعة هارفارد أن اللواتي كن يمشين 20 ساعة أو أكثر أسبوعيا كان تعرضهن للإصابة بالسكتة الدماغية الناتجة عن جلطة اقل بنسبة 40% من غيرهن.

المحافظة على الوزن

كلما تقدم الانسان في السن اصبح من الصعب عليه المحافظة على وزنه عن طريق تنظيم أكله. لكن المشى النشط لنصف ساعة على الأقل يوميا يستهلك نحو 200 سعر حراري وينشط معدل عمليات الأيض لبقية ساعات اليوم.

فقدان الوزن

المشي النشط طريقة ممتازة لفقدان دهن الجسم بالرغم من ان معظم الناس يجدون ان عليهم المشي لساعة على الاقل يوميا للحصول على نتيجة.

فالجسم لا يبدا بحرق الدهن المختزن إلا بعد 30 دقيقة من ممارسة النشاط الجسمي. والتمرينات المكثفة جدا تعطي نتيجة عكسية بالتدخل في قدرة الجسم على استهلاك الطاقة من الخلايا الدهنية. ويمكن للإنسان المحافظة على الوزن الذي فقده بإدخال المشي النشط ضمن روتين حياته اليومي.

السكري

وفرت دراستان أجريتا العام الماضي دليلاً قوياً على ان المشي النشط لنصف يوميا يمكن ان يؤخر احتمالية الاصابة بالسكري من النوع الثاني او يمنع الاصابة به، وذلك في الناس الذين يعانون من البدانة او الذين بدأت اجسامهم تعاني من مشكلة في أيض سكر غلوكوز.

في الدراستين الاميركية والفنلندية تبين ان افضل استفادة كانت لدى الأشخاص الذين فقدوا 5% من وزنهم.

هشاشة العظام

لا يقوي المشي العضلات فقط بل يدعم كتلة العظام التي تتصل بها، وقد اظهرت الدراسات ان النساء اللواتي يتمرن بانتظام منذ سنوات العشرينات من عمرهن تقل احتمالية اصابتهن بهشاشة العظام في سني السبعينات بنسبة30% مقارنة بغيرهن.

التهاب المفاصل

أكثر من ثلاثة ملايين اميركي يعانون من مشكلات في الركبة، وتشير الدراسات ان المشي يقلل من الألم بتقوية العضلات حول المفصل.

الاكتئاب

من المعروف ان جولة من المشي السريع تحسن من مزاجك وتنشط جسمك، وتشير أدلة من دراسة حديثة أن المشي بانتظام لمدة عشرة شهور من قبل مرضى اكتئاب لم يتناولوا عقاقير مضادة للاكتئاب أفاد في عدم تعرضهم للانتكاس مقارنة بمن تناولوا العقاقير فقط.

السرطان

دراسة جديدة أظهرت ان المشي قد يساعد في تقليل خطر الاصابة بسرطانات القولون والمستقيم وقد يعود ذلك لفائدته في تسهيل اخراج الفضلات من الأمعاء، الا ان دراسات جديدة ضرورية لتأكيد النتيجة السابقة.


يبقى الاشارة الى ان المشي لا يزيل كل مشكلة صحية تعاني منها، وان لا شيء يحدث بين ليلة وضحاها كما يقال، وعلى حد قول د. ديفيد كيرب من جامعة هاواي: (الناس الذين لا يتمرنون بانتظام يجب أن لا يعتقدوا أنهم سيحلون في غضون أسبوع مشكلاتهم الصحية بالمشي، لكن يمكنهم باتباع برنامج مشي منتظم الاستفادة الجيدة في سنوات قادمة، وخاصة في سن الكهولة ).

وأخيراً، يبقى من المهم جداً ان تكون مستعداً لممارسة هذا النشاط الجسمي ومقتنعا بفوائده، وان تضع لنفسك اهدافا واقعية ومناسبة لتحقيقها تدريجيا سواء من حيث مسافة المشي او فترته او الوقت من اليوم الذي تمارس فيه هذه الرياضة، إضافة بالطبع الى ارتداء الحذاء والملابس المناسبة.

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

زيت الزيتون وفوائده الصحية ودوره في حماية القلب ومكافحة الأمراض

يُعدُّ زيت الزيتون من أبرز المكونات الغذائية التي تشتهر بها منطقة الشرق الأوسط، ويحتل مكانة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *