• مفهوم إدارة التغيير
• خصائص ادارة التغيير
• المنهجية العلمية في تحليل التغيير وادارته
• مقاومة التغيير
• نموذج تحليل قوى المجال أو القوى الحقلية في البيئة التنظيمية
• المدى الممثل لدرجة رفض التغيير أو قبوله في المنظمة
ان التغيير سمة أساسية في كافة المؤسسات الناجحة، والجمود والثبات يؤدي الى اضمحلال عمل تلك المؤسسات وتراجع أدائها، فلا بد من التغيير ولا بد من وجود قدرة لدى القادة والمدراء على إدارة التغيير لتحقيق التنمية المنشودة والنجاح في تلك المؤسسات.
مفهوم إدارة التغيير
” ادارة الجهد المخطط والمنظم للوصول الى تحقيق الاهداف المنشودة للتغيير من خلال التوظيف العلمي السليم للموارد والامكانات المتاحة للمنظمة ”
خصائص ادارة التغيير
– ارادة جادة قادرة على التحول الى ادارة جادة تسعى لإحداث التغيير من منطلق استيعابها الواعي للموقف واقتناعها بضرورات التغيير ومسوغاته.
– امتلاك القدرة على المبادأة والابتكار والإبداع لإحداث التغيير والتطوير في كافة عناصر المنظمة ( هيكلها ، أنماط إدارتها ، طرائق عملها وأنماط السلوك الإداري السائدة فيها).
– القدرة على توفير المناخ الملائم للتغيير ، ووضع استراتيجيات فاعلة له وتطبيقها ومتابعة تنفيذها من خلال الاستفادة المثلى من الموارد البشرية والمادية والتقنية بهدف الارتقاء بالأداء وصولاً لتحقيق الغايات المرجوة منه.
– الارتقاء بقدرات المنظمة وأدائها لتكون قادرة على مواجهة المستجدات المتلاحقة واستيعاب متطلباتها والتعامل معها بايجابية.
المنهجية العلمية في تحليل التغيير وادارته
تتطلب ادارة التغيير من القائد التربوي اتباع ، نموذج واضح وأسلوب تفكير عقلاني يساعده على استشراف افاق المستقبل واستشعار نتائج عملية تطبيق التغيير المقترح أو القرار المتخذ وذلك قبل الاعلان عنه لكي يدخل تغييرات مخطط لها في المؤسسة التربوية وضمان نجاحها.
وسنعرض في هذا المقال نموذجاً تشخيصياً لتحليل التغيير المقترح وكيفية ادخاله وتطبيقه في المنظمة والذي قام بتطويره “جيرد هاريسون” ليتلائم مع طبيعة عملية التغيير ، ولكي نتفهّم هذا النموذج وكيفية استخدامه نفرض أن هناك قرارا ما سنصدره ، ثم نطبق الخطوات التالية :
1- نذكر بالتفصيل النتائج التي نتوقعها من اتخاذ القرار حتى نلقي الضوء على حجم التغيير المقترح ومداه ، ونقوم بعد ذلك بالإجابة عن الاسئلة التالية :
2- من هم الأفراد الذين سيتأثرون بالقرار أو التغيير المقترح سواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة ؟
3- كيف يجب أن يتغير الأداء وما هو الأداء المطلوب الوصول إليه لدى كل الفئات المستهدفة نتيجة للتغيير المقترح ؟
4- هل يمكن تحقيق الأداء أو التغيير المقترح ؟، أى هل بمقدور هؤلاء العاملين تأدية المهام والواجبات المطلوبة منهم بفاعلية ؟
5 – هل المعارف والمعلومات والمهارات المطلوبة متوفرة لدى العاملين ؟، وإذا كانت الاجابة بعدم توافرها فما هي البرامج التدريبية المقترحة لتوفيرها ؟، وكيف يمكن تقويم نجاعة هذه البرامج في تحقيق غاياتها ؟
6- هل سيتم تحقيق التغير فعلاً؟، وما هي ميول الافراد المعنيين بالتغيير ؟، وما هي اتجاهاتهم ؟ ، وما مدى استعدادهم للقيام بإحداث التغيير وتقبلهم له وتحملهم لتبعاته ؟
7- هل التغيير عامل مهدد لمصالح الآخرين أو محفوف بالمخاطر؟ ، أي هل يتضمن التغيير أي تهديد لأمن العاملين أو استقرارهم أو مراكزهم الوظيفية ؟
8- هل يشكل التغيير عبئاً ثقيلاً على العاملين ؟ أي هل يتضمن التغيير مهاما جديدة أو اعباءً إضافية ؟
9- هل التغيير عملية مجزية ؟ أي هل يُعد عملية ذات مردود ايجابي ؟ هل سيؤدي التغيير الى مزيد من الرضى والاطمئنان ؟
10- هل التغيير المطلوب أمر ملح ؟ وهل يشكل ضرورة فعلية ؟ وهل هنالك ضرر حقيقي من عدم التغيير ؟
11- هل هناك معوقات او عقبات اخرى يتوقع ان تواجه التغيير ؟
على القائد التربوي الذي يسعى لإحداث التغيير أن يحرص على متابعة أمور عدة أهمها : تفويض الصلاحيات وتوزيع المهام والمسؤوليات بما يتناسب مع إدخال التغيير وتنفيذه ، وإعداد جميع الطاقات البشرية والإمكانات المادية والتجهيزات الفنية والتقنية اللازمة لإحداث التغيير وتهيئة جميع عناصر المناخ التنظيمي الايجابي الداعم لأداء العمل بكفاية وفاعلية.
12- إدخال التغيير بصورة مؤسسية : إذا افترضنا أنه قد تم لغاية هذه المرحلة التغلب على كافة العقبات التي قد تكتنف التغيير ، حينئذ لا يتبقى سوى أمر واحد وهو إدخال التغيير إلى المنظمة بصورة مؤسسية. وينبغي على القيادة التربوية والإدارات المدرسية أن تراعي أهمية اختيار أسلوب التواصل الفاعل والقنوات الملائمة للإعلان عن قرار التغيير وايجابياته على صعيد الفرد والمنظمة ، وذلك من خلال الاجتماعات العامة أو المقابلات الشخصية مع المعنيين مباشرة ، بما يتيح إمكانية التعرف على ردود الأفعال وتقييم نواتجها.
إن إتباع مثل هذه المنهجية العلمية في إدارة التغيير هي التي تحوّل المدير من مجرد إداري تقليدي إلى قائد تربوي مميز يمتلك فكراً ابداعياً ويتصرف بمنطق عقلاني منظم في التعامل مع معطيات الواقع ومتطلبات المستقبل.
مقاومة التغيير
غالبا ما يقاوم الناس فكرة التغيير، وإذا عزم القائد على إحداث التغيير وإدارته فعليه أن يتفهم أسباب مقاومة الناس للتغيير، حتى يستطيع أن يحلل معوقات التغيير عليها بفاعلية أكبر، ومن أبرز الأسباب الشائعة لمقاومة الناس للتغيير ما يلي :
– الارتياح للمألوف والخوف من المجهول.
– الميل للمحافظة على أنماط السلوك والعادات والتقاليد المألوفة.
– عدم القدرة على إدراك نواحي الضعف والقصور في الوضع الحالي، وعدم القدرة على إدراك جوانب القوة أو مزايا الوضع الجديد الذي سينجم عن التغيير؟
– خوف العاملين من الخسارة المادية أو المعنوية ، والخشية من فقدان السلطة أو المصالح المكتسبة والمرتبطة بالوضع الحالى ؟
– سوء فهم العاملين للآثار المرتقبة للتغيير ، أو إحساسهم بأنه قد تم استغلالهم وهم مجبورين على عملية التغيير
– الخوف من مخالفة معايير ومستويات معينة من السلوك تفرضها قيم المجموعة ، والخوف من مطالبتهم بتطوير علاقات عمل وأنماط سلوكية جديدة بسبب احداث التغيير.
– اعتياد العاملين على تصريف شؤون العمل بطريقة معينة والأداء ضمن مستوى معين من الانجاز ، والخوف من ارتفاع مستوى الاداء الذي قد تتطلبه عملية التغير.
نموذج تحليل قوى المجال أو القوى الحقلية في البيئة التنظيمية
يعد هذا النموذج من أنجع الأدوات وأحدث الأساليب التي تتميز بالدقة والمنهجية العلمية في تحليل ردود الأفعال إزاء التغيير بهدف التغلب على مقاومة التغيير من قبل الأفراد والجماعات والمنظمات.
ويختص هذا النموذج بتحليل قوى المجال أو القوى الحقلية في البيئة التنظيمية من أجل فهم العوامل التي تتصارع فيه ، على اعتبار أن التطوير أو التغيير في واقع الأمر هو نتاج للصراع بين نوعين من القوى التي تتشكل لدى الفرد أو المجموعة داخل بيئة المنظمة :
أ – القوى الدافعة أو المؤيدة أو الداعمة للتغيير.
ب- القوى المعارضة او المقيدة او المقاومة للتغيير.
ولإحداث التغيير وفقا لهذا النموذج نهتم بدراسة المجال بتأن ونعمل على تحليل القوى المتصارعة داخله، ليساعدنا في اختيار الاستراتيجيات المناسبة لإحداث التغيير وادراته، والانتقال من الوضع القائم حاليا إلى الوضع المرغوب فيه من خلال :
1- التعرف على القوى التي تدفع التغيير والعمل على تقويتها وتعزيزها لزيادة درجة التقبل للتغيير ودعمه.
2- التعرف على القوى التي تعيق التغيير والسعي لإضعافها وتقليص آثارها.
3- استخدام الإستراتيجيتين معا ، أي تعزيز القوى المؤيدة للتغيير وإضعاف القوى المعارضة له في آن واحد، وهي الإستراتيجية الأكثر فاعلية في تحقيق التطوير المنشود.
ويمكن توضيح نموذج تحليل قوى المجال أو القوى الحقلية من خلال الشكل التالي:
نموذج تحليل قوى المجال أو القوى الحقلية في البيئة التنظيمية :
إن الأسهم المتجهة الى الأعلى في الشكل السابق تمثل القوى الدافعة أو المؤيدة للتغيير ، بينما تمثل الاسهم المتجهة إلى الاسفل القوى المعارضة أو المقاومة للتغيير، ومما تجدر ملاحظته أن أطوال الأسهم الممثلة للقوى سواء الدافعة للتغيير ام المعارضة له غير متساوية ، فكلما زاد طول السهم فإن ذلك يعكس ارتفاع درجة القوة التي يمثلها هذا السهم سواء أكانت قوة دافعة أم معارضة . وعند استخدامنا لهذا النموذج ، فإنه يساعدنا في تصور القوى الدافعة للتغيير والمعوقة له في المواقف التنظيمية المختلفة
بحيث نتمكن من خلال تحليل القوى المؤثرة في الموقف من توجيه هذه القوى والتنبؤ بالنتائج المحتملة لتغيير أي منها والآثار المترتبة على ذلك.
المدى الممثل لدرجة رفض التغيير أو قبوله في المنظمة
إن درجة رفض التغيير أو قبوله يمكن أن تمثلها إحدى النقاط الواقعة ضمن مدى يتراوح ما بين -4 ( التخريب ) اي اعلى درجات مقاومة التغيير أو رفضه ، وبين +4 ( الالتزام ) أي أعلى درجات قبول التغيير أو دعمه أو الالتزام به ، ويمكن ذلك بالشكل التالي :
ويفيد هذا المدى في دراسة مختلف ردود الأفعال المتوقعة في ظل أساليب التغيير المختلفة بهدف تقييم النتائج الفعلية للطريقة المستخدمة ، علما بان المهمة الأساسية لكل مسؤول عن إدارة التغيير تتلخص في : خلق المناخ الملائم للعمل وتهيئة الظروف المناسبة التي تجعل معظم ردود الأفعال تجاه التغيير عند أعلى مستوى ايجابي لها.
ومن الأهمية بمكان الحصول على قبول الناس لفكرة التغيير أولا ، ومن ثم الانتقال بهم تدريجياً إلى مرحلة الالتزام الواعي بعملية التغيير وتنفيذها بفاعلية.
مقترحات عامة لضمان نجاح التغيير وقبول العاملين له والتغلب على مقاومة التغيير :
1- الحصول على دعم وتأييد الإدارة العليا وصانعي القرار لعملية التغيير في المنظمة ، حيث ان دعمهم لجهود التغيير وتعزيزهم لادارتها يضمن للتغيير الاستمرارية وتحقيق نتائج أكثر فاعلية.
2- تعزيز نظام مشاركة العاملين في الادارة وذلك من خلال إشراك الافراد الذين سيتأثرون بالتغيير في تشخيص مشكلات المنظمة ورسم أهداف التغيير والتخطيط له، ومناقشتهم في كيفية تنفيذ التغيير ومراحله ، مما يدفعهم للتحمّس له والالتزام بتنفيذه.
3- التركيز على الجماعات داخل المنظمة ، فإذا كان قرار التغيير نابعا من المجموعة فإن مقاومة التغيير ستقل درجتها حتما ، كما أن ذلك يضمن للتغيير درجة اعلى من الديمومة والاستمرارية.
4- السعي لخلق المناخ العام الايجابي الذي يتقبل التغيير ويدعمه ، ولا يقيّده او يعارضه.
5- توفير الحد الاقصى من البيانات والمعلومات الكمية والنوعية للعاملين وذلك فيما يتعلق بماهية التغيير ومحتواه والأسباب التي دعت إلى هذا التغيير ، وتوضيح كيفية تنفيذه ومراحل انجازه بما لا يترك مجالاً للشائعات أو الغموض أو الشك في النتائج.
6- التركيز على تنمية قادة للتغيير في المنظمات ممن يمتازون بمهارات عقلية وإنسانية وفنية ترتبط بعملية التغيير ، مما يساعدهم في تكوين إطار فكري واضح عن دوافع التغيير وعملياته ونتائجه .
7- التعرف على مصادر ودرجة عدم الرضى السائد لدى الموظفين في المنظمة ، وتحليل العوامل المقاومة للتغيير بالتعاون مع العاملين أنفسهم ، لأن إدراك الناس لأسباب معارضتهم يخفف من حدتها
ويجعل العملية تبدو أكثر رشدا وعقلانية بعد أن كانت مجرد ردود أفعال انفعالية.
8- السعي لتوفير التسهيلات المكانية والمادية والفنية المساعدة في التهيئة لعملية التغيير وتنفيذها ، واستغلال الظروف والمواقف المناسبة لادخال التغيير في المنظمة.
9- تنمية الانماط القيادية والادارية الفاعلة التي تمتاز بالقدرة على الابداع والابتكار وتنمية طاقات الافراد والاستثمار الأمثل لها وتشكيل جماعات عمل تسودها روح الفريق التعاوني.
10- إيجاد نظم تواصل فاعلة توفر الترابط والتنسيق المتكامل بين أجزاء المنظمة وتخلق وحدة في الفكر والهدف بين القادة والمرؤوسين وتربط المرؤوسين بعضهم ببعض وتشكل لغة مشتركة فيما بينهم.
الخلاصة
إِنَّ إدارة التغيير ليست عملية سهلة او بسيطة ، وإنما هي عملية متشابكة ومعقدة في عناصرها ومكوناتها ، وتتسم بالإبداع والابتكار في ممارستها ، ويعتمد نجاحها بالدرجة الأولى على العنصر البشري الذي يتمثل في جانبين رئيسين هما : حماس التغيير من جهة والتزام المتأثرين بالتغيير من جهة أخرى، وتزداد أهمية فهم قادتنا التربويين لاستراتيجيات إدارة التغيير وإتقانهم للمهارات المرتبطة بها في وقتنا الراهن لتفعيل دورهم في تهيئة نظامنا التعليمي .
إعداد : منى مؤتمن