أنواع التقويم التربوي.. الايجابيات والسلبيات

لقد أدى تعدد تعريفات التقويم التربوي واختلاف نماذجه إلى تنوع واضح في أنماطه تبعا للأغراض مختلفة متعددة، وقد ضمت أدبيات التقويم التربوي الكثير من المصطلحات والتعاريف التي تشير إلى أنماط محددة من التقويم ذات دلالات ووظائف متباينة.

أهم أنواع (أنماط) التقويم على:

أولاً: – التقويم البنائي في مقابل التقويم الختامي:-

اقترح سكريفن في عام 1967 التمييز بين التقويم البنائي والتقويم الختامي، ويهدف التقويم البنائي لتقديم تغذية راجعة من خلال المعلومات التي يستند إليها في مراجعة مكونات البرامج التعليمية إثناء تنفيذها وتحسين الممارسات السلوكية.

أيضا فإن التقويم المستمر أو التقويم البنائي يعرف بأنه عملية التقويم التي يقوم بها المعلم أثناء عملية التعلم، وهو يبدأ مع بداية السنة الدراسية ويواكبه أثناء سير الحصص الدراسية.

ومن أساليب القياس التي يستخدمها المعلم لقياس مستوى الطلاب هي كما يلي:

(1) المناقشة الصفية.
(2) ملاحظة أداء الطالب.
(3) الواجبات المنزلية ومتابعتها.
(4) التوجيه والنصائح والإرشادات.
(5) حصص التقوية.

أطلق عليه التقويم البنائي لأنه يستخدم التقويم المنظم والمستمر في عملية بناء المنهج، وفي التدريس، وفي التعلم بهدف تحسين تلك النواحي الثلاث ، حيث أن التقويم البنائي يحدث أثناء البناء أو التكوين فعلى المعلمين والتربويين بذل كل جهد ممكن من أجل استخدامه في الوصول إلى أهداف التعليم .

وعند استخدام التقويم المستمر والبنائي ينبغي أولاً تحليل مكونات وحدات التعلم وتحديد المواصفات الخاصة بالتقويم ، وعند بناء المنهج يمكن اعتبار الوحدة درس واحد تحتوي على مادة تعليمية يمكن تعلمها في موقف محدد ، ويمكن لواضع المنهج أن يقوم ببناء وحدة يحدد من خلالها الأهداف التي ينبغي تحقيقها من جراء تدريس ذلك المنهج بمواصفات محددة تناسب السن ثم تحديد الخبرات التعليمية التي ستساعد الطلاب على تحقيق الأهداف الموضوعة ، ويمكن للمعلم استخدام نفس المواصفات لبناء أدوات تقويم بنائية توضح أن الطلاب قد قاموا بتحقيق الأهداف الموضوعة وتحدد أي نواح منها قام الطلاب فعلاً بتحقيقها أو قصروا فيها .

إن أبرز النتائج التي يحققها هذا النوع من التقويم هي:

(1) توجيه تعلم التلاميذ في الاتجاه المرغوب فيه.
(2) تحديد جوانب القوة والضعف لدى التلاميذ، لعلاج جوانب الضعف وتلافيها، وتعزيز جوانب القوة.
(3) تعريف المتعلم بنتائج تعلمه، وإعطاؤه فكرة واضحة عن أدائه.
(4) إثارة دافعية المتعلم للتعلم والاستمرار فيه.
(5) مـراجعة المتعلم في الـمواد التي درسهـا بهدف ترسيخ المعلومات المستفادة منها.
(6) تجاوز حدود المعرفة إلى الفهم، لتسهيل انتقال أثر التعلم.
(7) تحليل موضوعات المدرسة، وتوضيح العلاقات القائمة بينها.
(8) وضع برنامج للتعليم العلاجي، وتحديد منطلقات حصص التقوية.
(9) حفز المعلم على التخطيط للتدريس، وتحديد أهداف الدرس بصيغ سلوكية، أو على شكل نتاجات تعليمية يراد تحقيقها.

من المهم أن يتمكن الطلاب من استيعاب المنهج حسب وحداته، فالوحدة الأولى والثانية مثلاً قبل الثالثة والرابعة وهكذا، والتقويم المستمر هو في كل الأحوال يعتمد على التغذية الراجعة التي يعتمد عليها المعلم في قياس مستوى الطلاب ومدى استيعابهم.

أما التقويم الختامي أو النهائي فيقصد به العملية التقويمية التي يجري القيام بها في نهاية برنامج تعليمي، يكون المفحوص قد أتم متطلباته في الوقت المحدد لإتمامها.

والتقويم النهائي هو الذي يحدد درجة تحقيق المتعلمين للمخرجات الرئيسة لتعلم مقرر ما ومن الأمثلة عليه في مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية الاختبارات التي تتناول مختلف المواد الدراسية في نهاية كل فصل دراسي واختبار الثانوية العامة والاختبار العام لكليات المجتمع.

والتقويم الختامي يتم في ضوء محددات معينة أبرزها تحديد موعد إجرائه، وتعيين القائمين به والمشاركين في المراقبة ومراعاة سرية الأسئلة، ووضع الإجابات النموذجية لها ومراعاة الدقة في التصحيح. وفيما يلي أبرز الأغراض التي يحققها هذا النوع من التقويم: –

1- رصد درجات الطلبة في سجلات خاصة.
2- إصدار أحكام تتعلق بالطالب كالإكمال والنجاح والرسوب.
3- توزيع الطلبة على البرامج المختلفة أو التخصصات المختلفة أو الكليات المختلفة.
4- الحكم على مدى فعالية جهود المعلمين وطرق التدريس.
5- إجراء مقارنات بين نتائج الطلبة في الشعب الدراسية المختلفة التي تضمها المدرسة الواحدة أو يبين نتائج الطلبة في المدارس المختلفة.
6- الحكم على مدى ملائمة المناهج التعليمية والسياسات التربوية المعمول بها.
من هنا يمكننا القول إن التقويم البنائي يهتم بتقويم العمليات أو مراقبة تنفيذ النشطة، بينما يهتم التقويم الختامي بتقويم الأثر أو النواتج .

ويرى ستوفلبيم أن التقويم البنائي يعد تقويما أماميا يعين صانع القرار ، وعلى الرغم من الاختلاف بين هذين النمطين من التقويم ، إلا انه يمكن اعتبار التقويم البنائي ختاميا مرحليا ، إي يجري بعد تنفيذ كل مكونة من مكونات برنامج معين ، بينما التقويم الختامي يتعلق بالبرنامج ككل ، ولذلك فإن التمييز بينهما ليس قاطعا أو فاصلا

ثانياً: – التقويم الشامل في مقابل التقويم التحليلي:

إن نمط التقويم الشامل ونمط التقويم التحليلي يعدان نمطين مقابلين للتقييم البنائي والتقويم الختامي، والتقويم الشامل يتناول المؤسسة التربوية كمنظومة متكاملة دون البدء بتقويم إبعادها ومكوناتها، أما التقويم التحليلي فيتناول جوانب المؤسسة أو الشيء المراد تقويمه كوسيلة للتقويم الشامل دون التوصل إلى منظور تقويمي عام.

أما التقويم التحليلي فيمكن أن يكون تقويما للمكونات كل على حدة، أو تقويما للأبعاد أو المظاهر أو كلاهما معا.

إن تقويم المكونات يتناول نوعية المدخلات، بينما تقويم الأبعاد يتناول تنظيم المهام وإدارتها والتنسيق فيما بينها، هذا وليس من الضروري أن يكون التقويم البنائي تحليليا أكثر من أن يكون التقويم الختامي شاملا، إذ ربما يكون التقويم الشامل، هو الطريقة الوحيدة لإجراء نوع من التقويم البنائي أما بسبب محدودية الوقت، أو عدم توافر البيانات المطلوبة، كما أن التقويم الختامي يفيد في كثير من الأحيان من إجراءه تحليليا إذا توافر الوقت والتمويل، ولكن نتائجه في هذه الحالة تكون اقل دقة

ثالثاً: – التقويم الرسمي في مقابل التقويم غير الرسمي:

يعرف التقويم الرسمي بأنه نمط التقويم الذي يستند إلى منهجية منظمة لجمع البيانات وتفسير الأدلة بما يعين صانع القرار في إصدار أحكام تتعلق بالأفراد أو البرامج أم المؤسسات، من اجل توجيه العمل التربوي واتخاذ الإجراءات المناسبة في ضوء ذلك.

ويمكن القول إن التقويم الرسمي، تعد نتائجه أكثر صدقت واتساقا، إلا إن هذا لا يقلل من أهمية التقويم الغر رسمي، والذي يكون أحيانا أكثر فائدة وأقل كلفة، لذلك فإن كل من نمطي التقويم مكمل للآخر.

رابعاً: – التقويم المقارن في مقابل التقويم غير المقارن:

فيما يتعلق بتطوير المناهج أو البرامج التعليمية فقد ميز كرونباك و سكريفن بين هذين النمطين ,التقويم المقارن (النسبي ) و التقويم الغير مقارن (المطلق) حيث يميل كرونباك إلى النمط الثاني وحجته في ذلك انه يصعب باستخدام التقويم المقارن معرفة العوامل المختلفة التي يمكن أن تسهم في اختلاف المناهج أو البرامج .

بينما يرى ويميل سكر يفن إلى النمط الأول بحجة أن التقويم التربوي يتطلب بالضرورة المقارنة بين بدائل المناهج أو البرامج المتناظرة ,فمثلا يمكن أن تتوصل دراسة تقويمية مقارنة بين برنامجين في تعليم المهارات الحسابية إلى أن إحداهما أكثر فاعلية من الأخر دون معرفة أسباب تميزه عن الأخر مع أن ذلك يتطلب مزيدا من البحث والدراسة ويوعز ذلك لاختلاف أهداف البرامج المراد المقارنة بينها .

في حين نجد أن التقويم المقارن (النسبي) يهتم بالحكم على الأداء في علاقته بأداء مجموعة مرجعية , أما التقويم الغير مقارن (المطلق )يهتم بالحكم على الأداء في ضوء محك أو مستوى أداء يتعلق بأهداف المنهج أو البرنامج المعين .

أما بابام يميل برأيه بان القائم بالتقويم التربوي يمكنه اقتراح إجراءات تطويرية معينة دون الحاجة إلى فهم أسباب الاختلاف بين المناهج أو البرامج فقط يكفيه معرفة أن احد المناهج أو البرامج أفضل من غيره بالاستناد إلى نتائج التقويم المقارن.

إلا أننا نجد إن كرونباك يوصي بالتقليل من المقارنات، وإجراء مزيدا من الدراسات المتعلقة بالعمليات مع دراسة الحالات للمناهج التي تركز على القياس و الوصف ونجد أيضا انه يمكن في إطار برنامج واحد إجراء دراسات مقارنة من خلال سلسلة من المشروعات المرتبطة بالبرنامج ولكنها تتباين في استراتيجياتها وإجراءاتها .

ويمكن أن تؤدي نتائج هذه الدراسة التقويمية المستعرضة للبرنامج المتمثلة في جميع المشروعات أو عينة منها إلى معلومات عن الفاعلية النسبية للطرق المختلفة لتنفيذ البرنامج لتحقيق أهداف مشتركة .

مع العلم إن هناك حالات تتطلب بالضرورة استخدام النمط الأول عند إجراء تقويمات تربوية مقارنة دولية ,أو إقليمية أو قومية حول بنية التعليم وأساليب تنظيمه و ادارتة ,ومستوى تمويل التعليم ومصادرة ,وأساليب التدريس , والتحصيل ,والاتجاهات والعوامل المؤثرة فيها .

خامساً: – التقويم الكمي في مقابل التقويم الكيفي:

التقويم الكمي لا يفيد كثيرا في تقويم مكونات العمليات التي ينطوي عليها تطوير وتنفيذ هذه البرامج لذلك نلاحظ أن دراسات التقويم في السابق لم تتمكن في غالبية الأحيان من تعريف تأثير البرامج التعليمية باستخدام التصميمات التجريبية التقليدية لأنها تركز على اثر البرنامج أكثر من التركيز على استراتيجياته المتغيرة،وأساليب تنفيذه المتباينة .

التقويم الكيفي يهدف إلى فهم وتفسير الظاهرة التربوية المراد تقويمها باستخدام منهجيات تعتمد على أساليب وإجراءات وطرق تحليلية وصفية.

سادساً: – التقويم الداخلي في مقابل التقويم الخارجي:

التقويم الداخلي لا يهتم بتقييم جهود الآخرين، وإنما تقييم طبيعة الأحداث والظروف التي يكون القائم بالتقويم مسئولا عنها ولو جزئيا ، ولذلك يستخدم عادة في التقويم البنائي للبرامج والمشروعات التربوية من خلال وحدات التقويم داخل المؤسسات ذاتها ، أما التقويم الخارجي فيوكل في كثير من الحيان إلى جهات أو هيئات خارجية ربما لا يكون لها علاقة مباشرة بالمؤسسة أو البرنامج المراد تقييمه .

أيضا فإن التقويم الداخلي يعتبر وسيلة لمعرفة وضع مؤسسة التعليم العالي من حيث نقاط قوتها ومصادر ضعفها. وينقسم التقويم الداخلي للمؤسسة إلى مستويين؛ المستوى الكبير الذي يتم على مستوى المؤسسة من حيث بنيتها التنظيمية وأدائها الوظيفي، وكل العوامل التي تؤثر في نجاح المؤسسة ككل. والمستوى الصغير الذي يركز على فحص الأقسام الأكاديمية والوحدات التشغيلية، والخطط التفصيلية المعدة لتحقيق نجاح أداء هذه الوحدات.

سابعاً: التقويم بالأهداف في مقابل التقويم غير المتقيد بالأهداف:

ينسب التقويم بالأهداف للعالم الأمريكي تايلور وهو تقويم لا يهتم فقط بنوعية أو جودة أهداف المؤسسة، بل بمدى تحقق هذه الأهداف، أما التقويم غير المتقيد بالهداف فيركز على الناتج الفعلي ، لذلك فغن هذا النمط يحاول تحديد النوعية أو الجودة ، وذلك بفحص التأثير أو النواتج الفعلية دون الاستناد إلى الأهداف ، وينسب هذا النوع إلى سكرين ، حيث يرى ، أن الالتصاق بالأهداف يحد من التقويم ومعناه ، لذلك يقترح أن لا نعود إليها في التقويم حتى لا يغفل تأثير البرنامج التربوي.

ثامناً: – التقويم المكبر في مقابل التقويم المصغر:

التقويم المكبر ينظر إلى مخرجات النظام ككل في علاقتها بسياسات وأهداف النظام، أي انه يتناول المتغيرات الكبرى أو الرئيسة التي تؤثر في النظام على شاكلة احتياجات المجتمع من القوى البشرية العاملة أو تكلفة التعليم، ولذلك فإنه يتجاوز اعتبار الطالب مدخلا أو مخرجا في النظام التعليمي فهو يهتم بالداء الكلي.


أما التقويم المصغر فيهتم بجزئية ما يحدث في الصف المدرسي، أو أداء المعلمين، أي انه يهتم بمكونات الأنظمة الفرعية آخذا بعين الاعتبار جميع المدخلات والنواتج، على شاكلة العلاقة بين ما يتم تعلمه وما يختبر فيه الطلبة.

تاسعاً: – التقويم المؤسسي في مقابل تقويم الأفراد:

يختلف نمط التقويم باختلاف اتساع نطاق الشيء المراد تقويمه ومدى تعقده، من هنا فالتقويم المؤسسي يتعلق بالهداف العريضة والسياسات ويؤدي إلى توصيات للتعديل والتطوير ولا يصدر أحكاما تتعلق بنجاح أو فشل المؤسسة، فهو لا يؤدي إلى تأثيرات تخيف المسئولين بل يقدم المعاونة فدارة المؤسسة بفاعلية كبيرة.

أشواق عبدالرحمن العطيوي

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *