أسباب الشجار والغيرة بين الأبناء

غالبا ما يحدث الشجار والمشاحنات بين الاخوة والاخوات، او بين اطفال الجيران، فاذا حدث ذلك على الام ان تفحص الموقف عن قرب وتحدد السبب الذي يثير المتاعب، وبعد تحديد سبب المشكلة، تطلب الام منهم حل المشكلة لأنهم أقدر على فهم دوافع بعضهم البعض من الكبار.

وإذا لم يتمكنوا من معرفة ماذا يفعلون، يمكن للام ان تقترح عليهم بعض الاقتراحات التي تثير نشاطهم للعمل معا، حتى تزيل الملل الذي سيطر عليهم وبالتالي تقلل من احتكاكهم ومشاجرتهم لبعضهم البعض.
ولا يصح للام ان تكتفي بدور الحكم في فصل النزاعات بين الاطفال، لان النزاعات سوف تزداد بينهم لا لشيء وانما لمجرد الحصول على انتباهها.

على المربي ان يستغل اوقات الهدوء واوقات المساء عند النوم، في تعليم الاولاد المسامحة والعفو وان يذكر القصص الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وصحابته في الصفح والتجاوز عن الاخطاء والتنازل عن الحقوق الفردية. وان يسرد عليهم قصصا تحث على الاحترام والتعاون.

الغيرة بين الاولاد

الغيرة من المشاعر القوية التي لا يخلو منها فرد، ويثير الغيرة لدى الطفل أي موقف يبدو له انه مهمل في هذا الموقف بسبب فرد آخر. وقد يشعر الطفل بالغيرة عندما يحصل شخص آخر على ما يعتبره حقا له.
ومن اكثر الاوقات التي يشعر فيها الطفل بالغيرة، الوقت الذي يولد فيه اخ جديد له من امه، حيث يشعر الطفل بالغضب والخوف، يغضب من والديه لانهما سمحا لشخص آخر ان يحل محله. ويخاف من احساسه بالضياع. وقد لا يجرؤ على التعبير عن غضبه بشكل مباشر، فيعود الى ممارسة حياة الرضيع الاولى فيزحف على الارض ويشرب من قنينة الحليب ويبول في ثيابه.

وقد يخفي الطفل مشاعره بشكل تام ويتظاهر بانه يحب المولود الجديد على امل ان يستأثر بمحبة والديه اللذين خدعاه، ولكن هذه المشاعر تجد عادة طريقة اخرى لتظهر فيعاني من كوابيس في نومه او يتوانى في تناول طعامه او يأخذ بالاثنين او يعاني من حدة في مزاجه، ويبدي انفجارات عصبية مفاجئة او يؤذي المولود او أي اطفال آخرين أصغر منه.

وأفضل وسيلة لوقاية الطفل من احساسه بالغيرة، هي اظهار محبة الوالدين له وعدم اهماله، وان يشجع على المشاركة والاهتمام بالمولود الجديد واللعب معه وتقبيله، واحضار ملابسه او احضار حليبه عند الرضاعة، كما ينبغي على الام ان تخصص وقتا محددا تقضيه مع الاخوة الكبار، وتشجعهم على تنمية اهتماماتهم وزيارة اصدقائهم، ومرافقتهم في زيارات خارج المنزل.

وقد يكون للغيرة سبب آخر هو عدم العدل بين الاولاد، ففي بعض الاحيان تفضل الام ولدا من اولادها على الباقين او يفضل الاب بنتا من بناته، او تفضل الاسرة بشكل عام الاولاد على البنات، مما يزيد في شجار الاخوة الذكور، او الشجار بين الاخوة والاخوات.

ومن الامثلة التي تثير الغيرة بين الاخوة بسبب الوالدين:

1- المقارنة السيئة بين الاولاد كوصف احدهم بالذكاء والاخر بالغباء.
2- الاهتمام بأحد الاولاد دون الاخرين، كأن يحمل ولد ويداعب ويعطى.. وآخر يزجر ويهمل ويحرم…
3- التسامح والتجاوز عن ولد محبوب لكنه يؤذي ويسئ باستمرار، ومعاقبة ولد آخر مكروه بمجرد ارتكابه لأدنى خطأ.

ويمكن تجنب ذلك بالعدل في التعامل مع الاولاد وفي الاعطية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ساووا بين اولادكم في الاعطية) .

وروى انس رضي الله عنه ان رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ابن له فقبله واجلسه على فخذه، وجاءت ابنة له فأجلسها بين يديه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا سويت بينهما؟

وروى البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما ان اباه اتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنى نحلت ابني هذا-أي اعطيته-غلاما كان لي.

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بشير، الك ولد سوى هذا؟ فقال: نعم، قال: اكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا قال: لا تشهدني اذا، فاني لا اشهد على جور(ظلم)، ثم قال: ايسرك ان يكونوا اليك في البر سواء؟
قال: بلى، قال: فلا اذن.

واما تفضيل الذكور على الاناث فقد نهى عنه الشارع واعتبر ذلك من عادات الجاهلية، قال تعالى:( يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون ام يدسه في التراب الا ساء ما يحكمون) النحل 59
وحتى يقتل الاسلام هذه المشاعر المنحرفة امر المربين بالعناية بالبنات والاهتمام بهن، روى مسلم عن انس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من عال جاريتين حتى بلغتا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم اصابعه” .

وروى الامام احمد في مسنده عن عقبة بن عامر الجهني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن وسقاهن وكساهن من حدته-أي ماله-كن له حجابا من النار”.

علاقة الاخ الاكبر بأخوته الاصغر منه:

غالبا ما يقوم الاخوة الصغار بتقليد الاخ الاكبر ظنا منهم ان الكبار لا يفعلون خطئا، وهذا النوع من العلاقة له محاسنه ومساوئه، فقد يتابع الطفل الصغير اخوانه واخواته الاكبر منه ويقضي معهم وقتا، وهذا يريح الام من عبء العناية به ورعايته فترة من الوقت تستغلها في عمل شيء آخر او أخذ قسط من الراحة.

ومن ناحية اخرى يجد كل من الاطفال الكبار والصغار متعة في مرافقة بعضهم البعض فتتوطد العلاقة بينهم.
ولكن إذا طالت مدة مكوثهم مع بعض فان الاخ الاكبر يرغب في التحرر من اخيه الاصغر ليقوم ببعض الاعمال الخاصة به، لذا على الام ان لا تبقيهما معا مدة طويلة حتى لا ينفر الاخ الاكبر من اخيه الاصغر وتتوتر العلاقة بينهم وتتحول مشاعر المحبة الى مشاعر الكراهية.


وقد يكون للأخ الاكبر علاقات مع زملائه يمارسون فيها انشطة جماعية خارج المنزل، على الام ان تتيح للأخ الاصغر مرافقة اخيه في انشطته تلك إذا ابدى الكبير أي رغبة في ذلك. وإذا رفض الكبير مرافقة اخيه الاصغر رغم الحاح الصغير وجب على المربي ان يربي الاكبر على تحمل المسؤولية تجاه الاصغر واقناعه باصطحاب اخيه وتشجيعه على اللعب مع الاطفال الاخرين.

ان الاهتمام بالاخ الاكبر واحسان تربيته يساعد الاهل في تربية الاصغر منه لانهم يتعلمون منه كثيرا ويقلدونه، واذا ما قصر الوالدين في تربية الاخ الاكبر فانهم غالبا ما يسيؤون الى الصغار لانهم سيتخذون اخاهم الاكبر قدوة سيئة لهم.

نجاح السباتين

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

طرق التربية بين الماضي والحاضر

لطالما كانت التربية أحد الأسس الرئيسية لتشكيل شخصية الإنسان وتطوير المجتمع. ومع تغير الزمن، شهدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *