أمجد قاسم
تعددت تعريفات الإشراف التربوي ولكنها تصب في مصب واحد في النهاية هو النهوض بعملية التعلم والتعليم ، أما التعريف الذي سأعتمده فهو تعريف إيزابيل فيفروجين دنلاب (1993) فقد عرفتا الإشراف التربوي في كتابهما “الإشراف التربوي على المعلمين” الصادر 1982 ، والذي ترجمه محمد عيد ديراني عام 1993 على أنه :”عملية التفاعل التي تتم بين فرد أو أكثر وبين المعلمين بقصد تحسين أدائهم ، وأن الهدف النهائي من ذلك كله هو تحسين تعليم التلاميذ”.
والإشراف عملية فنية تعاونية، تتم بين المشرف والمعلم ويقصد بها تطوير وتحسين العملية التعليمية، وكونها تعاونية يعنى أنها لا يمكن أن تثمر إلا بتعاون بين المشرف والمعلم، ولا يمكن أبدا أن تثمر عملية الإشراف دون التعاون والتفاعل بين الطرفين.
ومن البديهي اختلاف حاجات المعلمين، واختلاف قدراتهم، وكذلك اختلاف جوانب القصور لديهم، مما يحتم على المشرف في سعيه لتطوير المعلم أن ينوع من أساليبه الإشرافية ليضمن بذلك تحقيق أكبر قدر من الفائدة للمعلمين.
وقد تعددت تعريفات الإشراف التربوي ، فقد ذكر بعض الباحثين أن معني أن “تشرف” ، هو أن تنسق وان تحرك وان توجه عمل المدرسين في اتجاه واحد محدد ، باستخدام ذكاء التلاميذ ( الأفندي ،1976، 8).
عرف سيد حسن حسين الاشراف التربوي بأنه ” نشاط موجه يعتمد على دراسة الوضع الراهن ، ويهدف إلى خدمة جميع العاملين في مجال التربية والتعليم ، لانطلاق قدراتهم ورفع مستواهم الشخصي والمهني بما يحقق رفع مستوى العملية التعليمية وتحقيق أهدافها”.
وعرفه عبد العزيز البسام بأنه ” عملية تربوية متكاملة تعني بالأغراض والمناهج وأساليب التعليم والتعلم وأساليب التوجيه والتقويم وتطابق جهود المدرسين وتتفق واياهم، وتسعي إلى التوفيق بين أصول الدراسات وأسسها النفسية والاجتماعية وبين أحوال النظام التعليمي في دولة ما ومتطلبات اصلاحه وتحسينه”.
وعرفه حامد الأفندي بأنه ” العمل على النهوض بعمليتي التعليم والتعلم”.
وعرفه آدمز بقوله ” أن الإشراف خدمة فنية تقوم على أساس من التخطيط السليم الذي يهدف إلى تحسين عملية التعلم والتعليم”.
الإشراف التربوي هو نشاط علمي منظم تقوم به سلطات إشرافيه على مستوى عال من الخبرة في مجال الإشراف ، بهدف تحسين العملية التعليمية التعلمية ، ويساعد في النمو المهني للمعلمين من خلال ما تقوم به تلك السلطات من الزيارات المستمرة للمعلمين وإعطائهم النصائح والتوجيهات التي تساعدهم على تحسين أدائهم ( حسين ، عوض الله ، 2006 ، 16).
ومن خلال التعاريف السابقة يمكن القول بأن الإشراف التربوي عملية منظمة ومخططة تهدف إلى تحسين الناتج التعليمي من خلال تقديم الخبرات المناسبة للمعلمين والعاملين في المدارس ، والعمل على تهيئة الإمكانات والظروف المناسبة للتدريس الجيد الذي يؤدي إلى نمو الطلاب فكريا وعلميا واجتماعيا وتحقق لهم الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة.
ونظرا لشمول وتعدد مهام المشرف التربوي ، فقد تعددت تعريفات الإشراف التربوي ، فالباحث تشارلز بوردمان وفي كتابه ( الإشراف الفني في التعليم ) يعرف الإشراف بأنه المجهود الذي يبذل لاستثارة وتنسيق وتوجيه النمو المستمر للمعلمين في المدرسة ، فرادى وجماعات ، لكي يفهموا وظائف التعليم فهما أحسن ، ويؤدوها بصورة أكثر فاعلية ، حتى يصبحوا اكثر قدرة على استثارة وتوجيه النمو المستمر لكل تلميذ نحو المشاركة الذكية والعميقة في بناء المجتمع الديموقراطي الحديث ( السعود ،2002، 67).
أما وايلز، فيرى أن الإشراف التربوي ، نشاط يوجه لخدمة المعلمين ومساعدتهم في حل ما يعترضهم من مشكلات للقيام بواجباتهم على أكمل صورة ( السعود ، 2002،67).
ويعرفه جيمس بأنه الوسيلة التي تستخدم لمساعدة المعلمين وتحسين حالتهم المهنية والعملية ( حسين ، عوض الله ، 2006، 17).
كما يعرفه الباحث أحمد حجي بأنه عملية إدارية تشمل كافة مراحل التعليم وتنظيماته ومستوياته الإدارية وكافة جنبات نظمه ( حسين ، عوض الله ، 2006 ، 17).
أما المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، فقد عرفت الإشراف التربوي بأنه عملية شاملة للموقف التعليمي بكل عناصره : المعلم ، الطالب ، المنهج ، البيئة المدرسية ، كما انه أداة اتصال وتفاعل بين المؤسسات التعليمية والإدارة ، وتنمية شاملة لقدرات العناصر المشاركة في العملية التعليمية ، كما انه تحسين الواقع الميداني ( حسين ، عوض الله ، 2006، ).
ويجمع التربويون على أن عملية الإشراف التربوي ، هي خدمة فنية متخصصة يقدمها المشرف التربوي المختص إلى المعلمين الذين يعملون معه ، بقصد تحسين عملية التعلم والتعليم ، وتعمل الخدمة الإشرافية على تمكين المعلم من المعرفة العلمية المطلوبة والمهارات الأدائية اللازمة ، على أن تقدم بطريقة إنسانية تكسب ثقة المعلمين وتزيد من تقبلهم وتحسن من اتجاهاتهم ( عطوي ، 2001، 231).
وتأسيسا على ما سبق ، وبالنظر إلى أن الإشراف التربوي عملية متكاملة منظمة ، فإنه يمكن تعريف الإشراف التربوي ، بأنه جميع النشاطات التربوية المنظمة التعاونية المستمرة ، التي يقوم بها المشرفون التربويون ومديرو المدارس والأقران والمعلمون أنفسهم ، بغية تحسين مهارات المعلمين التعليمية وتطويرها ، مما يؤدي إلى تحقيق أهداف العملية التعليمية التعلمية ( السعود ، 2002، 69).
أهمية الاشراف التربوي
وتأتي أهمية الإشراف التربوي من أهمية ما يشرف عليه المشرف وهم المعلمون إذ يعتبر المعلمون من أهم المدخلات الأساسية للعملية التعليمية التعلمية حيث أن لهم الدور الرئيس في تحديد نوعية الخريجين ، فالمعلم القدير يمكن أن يحدث أثراً ملموساً حتى في حال ضعف المدخلات الأخرى كالمناهج والأبنية المدرسية والأموال التي تنفق ، ولذلك فقد أهتمت الدول المتقدمة بإعداده إعداداً تربوياً سليماً ، وعنيت بإشباع حاجاته الأساسية عناية فائقة ، ولسان حالهم يقول :”خذ كل ما تريد واصنع لنا إنساناً سليماً منتمياً ” وهكذا أحدثت التربية عندهم نهضات صناعية وزراعية وتجارية وعسكرية ، فأصبحوا أعزاء في بلادهم ، يأكلون مما يزرعون ويلبسون مما يصنعون.
وإن افتراض وجود تجمع هائل من المعلمين المتميزين في قطاع ما ، أمر خارق للعادة ، ومناف للحقائق العلمية ، إذ أن المعلمين شأنهم شأن سائر العاملين في الحقول الأخرى منهم الممتاز ومنهم المتوسط ومنهم الضعيف ، والمتميزون قلة في جميع القطاعات ، ولذلك فإن المنطق العلمي يقتضي العودة الى الواقع ، وتشخيص أحوال المعلمين ، ثم العمل على تحسين أداء الضعاف منهم ، وخير وسيلة لذلك هو الإشراف التربوي الذي يعد ركناً هاماً من أركان المنظومة التربوية ، و يقع على عاتقه تنفيذ السياسة التعليمية في أي مجتمع ، وتوجيه الإمكانات البشرية والمادية نحو تحقيق أهداف التربية والتعليم التي يسعى المجتمع إليها.
ويقع على عاتق المشرف التربوي مهام كثيرة وعبء كبير في توجيه المعلمين وإرشادهم أثناء خدمتهم ، لمواجهة التغيرات العالمية المعاصرة و المتسارعة في المعرفة العلمية والتكنولوجية وتوظيفها من أجل خدمة العملية التعليمية التعلمية وتحقيق أهدافها.
ونحن نتطرق إلى هذه المواضيع لما يعانيه واقع التعليم وطننا العربي من ضعف بنيوي كبيراً في هيكله الأساسي ، بما يتعلق بإعداد المعلمين والمناهج والوسائل والأساليب،وغيرها من الجوانب ، لذلك فقد تم التركيز مؤخراًعلى ضرورة تطوير العملية الإشرافية ، والتأكيد على أهمية الدورالريادي الذي يضطلع به المشرف التربوي ، سواء في مراكز صنع القرار التربوي أو في المدارس أو في داخل الغرفة الصفية ، على اعتبار أن عملية الإشراف التربوي هي أحد العمليات الأساسية والهامة جدا للإدارة التربوية المتطورة والتي تدخل في صميم تطوير العمل التربوي.
من هنا نجد أن الإشراف التربوي قد تطور مفهومه ابتداءاً من مطلع القرن الماضي وحتى اليوم ، فبعد أن كان المفتش التربوي يهتم بشكل مباشر بمراقبة المعلمين وتصيد أخطائهم والنزعة نحو انتقادهم ومحاسبتهم و إلقاء الأوامر والتعليمات التي لا تنتهي عليهم ، والتعامل معهم على اعتبار انهم أدوات، تغيرت هذه الصورة لاحقا ليصبح المعلم شريكاً في العملية التعليمية التعلمية، وأصبح عمل المشرف التربوي يفرض عليه اتباع المقاييس الديموقراطية ، واحترام مشاعر المعلمين ، والحوار معهم ، وبذلك تحول دور المشرف التربوي من التفتيش إلى التوجيه ثم تغير إلى الإشراف التربوي الحديث والقائم على أسس علمية راسخة تكرس الحوار والنقاش الديموقراطي التعاوني كأساس للعملية الإشرافية.
هذه التطورات جعلت عملية الإشراف التربوي مفتاح هاما للتقدم في العملية التعليمية ، ولا بد منها لنجاح العمل التربوي بشكل عام ونجاح المعلم في أداء واجباته بشكل خاص ، وبالتالي رفع المستوى التربوي والتعليمي لدى الطلاب اللذين هم المحور الأساسي للعملية التربوية برمتها. والعمل الإشرافي ، شأنه شأن بقية عناصر النظام التربوي ، يواجه معوقات أو مشكلات تقف في طريقه حجر عثرة ويتطلب حلها تذليل الكثير من المصاعب ، واتخاذ قرارات هامة على أعلى المستويات ، وإجراء حوار ديموقراطي مع كافة الجهات ذات الصلة. هذه المعوقات تختلف في حدتها وفي طبيعتها من نظام تربوي إلى آخر ، وإن كانت تشترك في العديد من القواسم المشتركة والتي سوف أناقشها بإيجاز في هذا البحث المختصر ، مستعرضا أولا مفهوم الإشراف التربوي ومميزاته ، ومقومات المشرف التربوي ومهامه الرئيسة ، ومختتما بحثي ببعض التوصيات التي قد تسهم في حل هذه المشكلات التي تقف في وجه المشرف التربوي وتعيق قيامه بواجباته وتنفيذ مسئولياته التي كلف بها.
المراجع
1- السعود ، راتب ، (2002) . الإشراف التربوي ( اتجاهات حديثة ) ،مركز طارق للخدمات الجامعية ، عمان.
2- إيزابيل فيفروجين دنلاب (1982) “الإشراف التربوي على المعلمين” ، والذي ترجمه محمد عيد ديراني عام 1993
3- الإفندي ، محمد حامد ، (1976). الإشراف التربوي ،عالم الكتب ،القاهرة.
4- الطويل،الاشراف التربوي ،(2006)،عمان.
5- حسين ، سلامة عبد العظيم ، عوض الله ، عوض الله سليمان ، ( 2006 ) اتجاهات حديثة في الإشراف التربوي ، دار الفكر ، عمان.
6- عطوي ، جودت عزت ، ( 2001 ) . الإدارة التعليمية والإشراف التربوي أصولها وتطبيقاتها ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان.
اشكركم جزيل الشكر
البحث مميز افادني في بحثي التربوي
رائع ومميز المقال كل الشكر لكم