تعني كلمة بوذا، الانسان المنور. اي الذي اضیئت نفسه اضاءة تامة بنور المعرفة. وتصف الكتب الصوفية العربية هذه الحالة بالإنسان العارف، فهي صفة وليست اسما لشخص معين . ويحاول البوذي بلوغ مرتبة بوذا بأعماله الصالحة. وكثيرا ما يحتاج الى اكثر من حياة واحدة للوصول الى مرتبة الكمال المسماة عندهم نيرفانا.
ترمي التعاليم البوذية الى انقاذ الانسان من الالم في الحياة. وتقول ان سبب الألم هو الرغبة في الحصول على الأشياء والشوق الى امتلاكها. ولذلك فان الطريق السليم للتغلب على الالم هو الزهد في الحياة والاكتفاء بالقليل.
لذلك فالبوذية هي فلسفة حياة أكثر مما هي دين بالمعنى المتعارف عليه. فهي لا تهتم بما وراء الطبيعة ولا ذكر فيها لوجود الخالق او وجود الجنة والنار على اساس ان هذه امور لا يمكن لعقل الانسان المحدود أن بفهمها ولذلك فمن العبث اضاعة الوقت في محاولة ذلك.
وتقول ان على الانسان ان يفعل الخير ويمتنع عن الشر ليس لثواب يرجوه ولا خوفا من عقاب يخشاه، ولكن لان هذا المسلك هو الطريق الصحيح للكمال النفسي، ثم ان عدم تعرض البوذية الموضوع الخالق، وما وراء الطبيعة، جعلها لا تتصادم مع الاديان الأخرى فالإنسان البوذي في حالة صراع دائم مع نوازع الشر في نفسه فقط وليس مع غيره من الناس.
ولهذا لا نجد في تاريخ البوذية حروبا فهي تتعايش مع الاديان الأخرى بسهولة ويسر لأنها لا تزيد عن أن تكون رياضة نفسية واخلاقية بصورة فردية .
اسس البوذية رجل هندي اسمه ” سیدارنا غوتاما ” ( 563 ق . م – 483 ق . م ) ، وهو الذي يشار اليه عادة باسم بوذا ، الا ان انتشار البوذية محدود جدا في البلاد الهندية ، وقد ولد غوتاما بوذا في القرن السادس قبل الميلاد في المنطقة التي تعرف اليوم باسم نیبال وتقع في سفوح جبال الهملايا .
وكان والده اميرا في بلاده فعاش غوتاما عيشة ترف ورفاهية وتزوج من احدی قريباته وأنجب طفلا، ولكنه قرر فجأة أن يهجر قصره وأهله وحياته الوادعة ليتعرف على الحياة الحقيقية. فوهب امواله للفقراء وسار لا يملك شيئا من متاع الحياة فقد عرف منذ البداية أن المال بعزل المرء عن الناس وعن فهم حقيقة الحياة.
وجلس غوتاما بعد رحلات عديدة تحت ظل شجرة باسقة امام نهر جايا ، وكان عمره انذاك 35 سنة . وقد جمعت تعاليمه بعد 400 سنة من وفاته وكتبت بلغة بالي pali الهندية القديمة.
ونجد ان البوذية تمنع اشياء هي القتل والسرقة والكذب والزنا وشرب الخمر. وتفرض خمسة اشیاء هي نشر الخير والكرم واحترام كل شيء والامتناع عن الرذيلة والحض على العمل الصالح. وتعلم البوذية ان كل شيء في الدنيا متغير وان الحياة لا تقف عند الموت بل نبثق الى حياة جديدة. ويعتبر التأمل مهما أهمية الصلاة في الأديان السماوية فهو يهيء المرء، التجرد عن الرغبات ويعطيه هدوءا داخليا.
وعمر غوتاما حتى بلغ الثمانين من عمره وعندما مات احرقت جثته ونثر رمادها على عدة اماكن وهناك بنيت هياكل كبيرة يأتي البوذيون لزيارتها من كل مكان، يبلغ عدد البوذيين اليوم حوالي ثلث سكان
العالم.
المصدر مواقع الكترونية