الوقود الحيوي والذي هو أحد أشكال الطاقة المتجددة يمكن إنتاجه من مصادر طبيعية، ويعد حلا مثاليا لمشكلة الطاقة في العالم، وبالرغم من الجدل الكبير الذي ثار حول مخاطر الوقود الحيوي على الأمن الغذائي العالمي، بيد أن أبحاث العلماء بينت إمكان إنتاج هذا النوع من مصادر طبيعية كالطحالب والمخلفات النباتية بشكل لا يتهدد المصادر الغذائية لإنسان.
المقال التالي للأستاذ الدكتور عبد العزيز نور يتناول إمكانية إنتاج الوقود الحيوي في مصر، وما هي مميزات هذا النوع من الوقود والأفاق الواعدة في المستقبل؟
ويمكن القول أن النتائج الايجابية التي يمكن أن تتحقق في مصر يمكن تعميمها على أجزاء أخرى في الوطن العربي، هي في أمس الحاجة إلى الاعتماد على مصادر متجددة من الطاقة.
تشير تقديرات خبراء الطاقة بأن احتياجات مصر من الطاقة تتزايد سنوياً بمقدار 6% وأنه خلال الخمسة عشرة عاماً المقبلة سيكون هناك عجز في الطاقة يعادل 37% من احتياجات البلاد ، نتيجة للتوسع في الأنشطة الاقتصادية ومشروعات التنمية وتزايد معدلات الاستهلاك فى بعض الصناعات بنسبة تتراوح بين 10- 30 % عن المتوسط العالمي، حيث يستهلك القطاع الصناعي في مصر 43% من انتاج الطاقة يليها قطاع النقل 29% وبالتالى فأن أى زيادة او ترشيد للطاقة سيؤدى الى التخفيف والحد من العجز فى موازنات الدولة على مدى السنوات القادمة. وتسعى مصر حالياً لارساء اول مفاعل نووى لتوليد الطاقة و ولكن لم يتم البت فى عمليات التنفيذ بعد.
وسنحاول فى هذا المقال القاء الضوء على مصدر بديل للطاقة الرخيصة الامنة والمتجددة والمتواصلة من خلال المشاركة فى تنفيذ مشروعات الجيل الثالث من اجيال الطاقة الخضراء Green Feul او الوقود الحيوى “Biofeul” أو الديزل الحيوى Biodisiel .
وبدأ الجيل الأول لإنتاج الطاقة الحيوية معتمداً على محاصيل الحبوب وأهمها الذرة الصفراء والزيوت والمحاصيل السكرية بما أدى الى نقص حاد فى المخزونات العالمية للغذاء وارتفاع شديد فى أسعارها وزيادة معاناة دول العالم الغير مكتفية غذائياً ومنها مصر والتى خففت من حدتها حالياً تفاقم الازمة الاقتصادية العالمية ولكن سرعان ما ستعود آثارها بعد انتهاء هذه الازمة المالية.
وأعتمد الجيل الثانى للطاقة الحيوية على الاستفادة من المخلفات الحقلية بصفة أساسية والحشائش التى يمكن انتاجها طبيعياً اعتماداً على ملائمة الظروف المناخية فى بعض البلدان.
و الجيل الثالث ينمى الميكروبات (بكتريا /خميرة/طحالب) والأعشاب البحرية فى المياه المالحة حول المناطق الشاطئية المجاورة للبحار والمحيطات وأثبتت الطحالب Algae
تفوقها كمصادر اصيلة لانتاج الكتلة الحية Biomass من منطلق انها قاعدة الهرم الغذائى للبيئة المائية واعتماداً على الطاقة الشمسية Solar energy وتوافر المياه المالحة وثانى اكسيد الكربون (وهو الذى يسبب الانحباس الحرارى والتغيرات المناخية) والعناصر المغذية واهمها عنصرى الازوت والفوسفور وهى الملوثات الناتجة عن الصرف الزراعى والصحى وتؤدى إلى عدم صلاحية المياه للشرب أو الإنتاج الغذائى الآمن.
وحديثا تم اكتشاف أنواع من الطحالب وحيدة الخلية Micro-algae ذات محتوى مرتفع من الدهون بلغت حوالى 60% وتم الاستزراع المقنن لهذه الطحالب فى مشروعات انتاجية كبيرة Large scale أو متوسطة Medium أو صغيرة small بما سيؤدى الى توفير مصدر متجدد ومتواصل وآمن الطاقة بالاضافة الى مميزات اخرى اهمها انتاج المركزات العلفية Feed concentrates الغنية فى البروتين كبدائل تغنينا عن استيراد مخلفات المعاصر ومصانع استخلاص الزيوت (خاصة كسب فول الصويا) الى جانب تخليص البيئة المائية بيولوجيا Biological من ملوثاتها التى تلوث المجارى والمسطحات المائية بالمليارات من الامتار المكعبة من المياة سنوياً.
لقد آن الآوان لشعبنا الذى يعيش على 4% فقط من مساحة البلاد حالياً أن يتحرك نحو الصحارى ليشغل حيزاً أكبر من مساحة الـ96% المتبقية له من أرضه وأحد أهم الحلول التى طرحناها فى ورقة العمل المقدمة منا لورشة العمل حــول تنمية الـثروة السمكية بشرق بورسعيـد “المشكلة والحل” عام 2009 كانت تهدف إلى التوسع فى منظومة إنتاج الطحالب باستخدام المياه الجوفية المالحة فى الأراضى الهامشية الغير صالحة للزراعة أو أى أغراض أخرى (سياحة/صناعية) والمشروع المقترح يمكن أن يغير من وجه الحياة على ارض مصر فى خلال سنوات قليلة بما يساهم فى دعم جهود القيادة السياسية لمواجهة آثار الازمات الاقتصادية والغذائية وظواهر التغيرات المناخية المرتقبة والحد من البطالة وزيادة الدخل القومى للبلاد.
وتشير نتائج البحوث العلمية إلى أن مشروعات انتاج الطحالب الغنية بالزيوت هي الأكفأ فى إنتاج الزيوت مقارنة بمختلف مصادر النباتات الزيتية كما هو موضح تاليا
إنتاج الزيوت للفدان سنوياً من مختلف المحاصيل الزيتية
مصدر الزيت الكمية بالجالون/فدان/عام
الاذرة 18
الصويا 48
دوار الشمس 102
الشلجم 127
نخيل الزيت 635
الطحالب الدقيقة 5000-15000
والوقود الحيوى المنتج من الطحالب لا يحتوى على عنصر الكبريت ولا يحوى اى مواد سامة ومعدل احتراقه مرتفع.
وتتميز مشروعات زراعة الطحالب بمايلى :-
1- سرعة التكاثر حيث تتضاعف الطحالب مرة كل 6 ساعات.
2- تخليص البيئة من ثانى اكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين واثر ذلك على الحد من الانبعاث الحراري والتغيرات المناخية المرتقبة
3- أنتاج الطحالب فى المياه المالحة والأراضي الهامشية لا تنافس زراعة و إنتاج محاصيل الغذاء أو الأعلاف.
4- أن مخلفات استخلاص الزيوت من الطحالب تشكل 40% من المادة الجافة الأصلية وهى عبارة عن مركزات علفية غنية بالبروتين وصالحة للاستخدام فى تغذية الحيوان والدواجن والأسماك .
وأهم منتجات مزارع الطحالب هى :-
– الزيوت.
– مركزات أعلاف الحيوانات.
– توليد الكهرباء
– الديزل الحيوى.
– الايثانول.
– إنتاج البخار
وفى ضوء ان مصر تمتلك حوالى 2800 كيلومتر من الشواطئ المطلة على البحرين الأبيض والأحمر فإن جميع المواقع الصحراوية المجاورة لهذه الشواطئ يمكن أقامة مشروعات لإنتاج الطحالب والوقود الحيوى وكذلك الاستزراع السمكى عليها لانتاج الأسماك الفاخرة للتصدير.
ونقترح لتنفيذ هذا المشروع العملاق إنشاء وزارة جديدة تسمى وزارة المستقبل يناط بها استخدام كافة الموارد الأرضية الصحراوية والساحلية الغير صالحة لأى استخدامات أخرى لاقامة المشروعات المقترحة وانشاء مجتمعات عمرانية جديدة تساهم فى تجفيف أعباء أحتمالات غرق الدلتا.ان انشاء الوزارة المقترحة سيضمن تحقيق الأهداف التالية :-
1- الاكتفاء الذاتى من الوقود الحيوى وتصدير الفائض.
2- الاكتفاء الذاتى من مركزات الأعلاف الحيوانية وتصدير الفائض.
3- زيادة إنتاج البروتينات الحيوانية المحلية الرخيصة.
4- القضاء على كافة مصادر التلوث.
5- القضاء على البطالة وتحسين الحالة الاقتصادبة والصحية للمواطنين.
6- تعمير الصحراء وتخفيف العبئ على الوادى الضيق والآهل بسكانه ومواجهة احتمالات التغيرات المناخية.
7- زيادة الدخل القومي للبلاد.
وما ينطبق على مصر ينطبق على بقية الصحارى العربية لتوفير الطاقة الآمنة الرخيصة المتجددة قبل نضوب البترول فهل آن لنا ان نتحرك قبل فوات الأوان
للوقود الحيوي كثير من الفوائد والمميزات الهامة وهو افضل من الوقود الاحفوري