نشأة التقويم الهجري وعلاقته بحركة القمر

التقويم الهجري أبدعه عمر بن الخطاب ، وأبقاه لنا روعة من الروائع ، في مجرى حياتنا ، وفي تاريخنا ، نعتز به بقدر أهميته لديننا الاسلام ، وبقدر تألق التقويم الهجري نفسه بين كافة التقاويم التي عرفتها البشرية حتى الآن ، فليس هناك تقويم يعلو بدقته وصوابه وسهولته وبساطته على التقويم الهجري الذي أهدانا اياه عمر بن الخطاب ، فالحمد لله ثم الحمد لله ، فهو تقويم اسلامي خالص لدين الاسلام ، فمن أجل هذا الدين كان هذا التقويم ، ولقد اجتهدت أن أكتب هذا التقويم ، بطريقة تبدأ من كلمة رؤيته ، رؤية القمر ، ومن هنا تدرجت في بناء التقويم الى أن وصلت اليه ، وأقمته كما أقامه حبيبنا عمر بن الخطاب ، وهذا ما جعل النص ميسرا ، لكل مسلم ، فكل طالب ثانوية يمكنه أن يفهمه ، وكل انسان يعرف الحساب البسيط ، واني أؤمل هنا بأن يتداوله الناس ، ويا ليت أن المعلمين في المدارس يأخذون هذا النص الذي أقدمه لهم ، ويشرحونه لطلابهم ، فجدير بنا كلنا أن نعمم فهم التقويم الهجري ، ومن أجل هذا جاءت كتابتي بالسهولة التي توخيتها ، وحيث أن التقويم الهجري قائم على متابعة الرؤية للقمر ، فلقد آثرت أن أضيف شرحا وافيا لحركة القمر في مساره ، وبينت القياسات المختلفة للأشهر القمرية ، وتوقفت عند رؤية الهلال ، وحاولت أن أشرح ما يفيد الناس .

التقويم الهجري

نبدأ من رؤيته ، رؤية القمر ، فنعرف الشهر القمري ، ثم نذهب الى بناء التقويم الهجري ، فاذا اعتبرنا السنة الهجرية البسيطة 354 يوما ، ووزعنا الأيام على 12 شهرا ، بحيث يكون الشهر الأول 30 يوما والذي يليه 29 يوما ، أي أن الأعداد الغير زوجية من ال ( 12 ) عددا تأخذ ال 30 يوما ، والزوجية منها أل29 يوما ، فالمجموع : 30× 6 + 29 × 6 = 354 يوما وهي مجموع أيام السنة البسيطة .

بينما نجد بأن السنة القمرية ( بناء على رؤيتنا للقمر ) : 29.530588 × 12 = 354.367056 ، فثمة فرق ليس بسيطا ، فعلى ذلك التقويم الذي نريد تأسيسه ، بناء على رؤيتنا للقمر ، فلا بد من أن يتلاءم مع ما يدل عليه القمر من زمن ، فمن هنا ، ننتبه الى أن ثمة تعديلا يجب أن نلجأ اليه لكي نلائم تقويمنا الى ما يقول به القمر ، فهو دليلنا الى الزمن .

فاذا قسمنا 354 يوما على 12 حصلنا على 29.5 يوما ، وهو الشهر المتوسط في السنة البسيطة 354 يوما ، فاذا طرحنا 29.5 يوما من الشهر القمري 29.530588 حصلنا على الفرق بينهما وهو 0.030588 يوما في الشهر الواحد .

وفي السنة الواحدة يكون الفرق 0.367056 يوما ، وفي 30 عاما يصبح الفرق 11.01168 يوما ، وهو الفرق بين تقويم نعتمد فيه السنة على أنها تساوي 354 يوما ، وبين ما يقول به القمر من خلال رؤيته ، أي أن تعديل التقويم الذي نريده يوجب أن نضيف اليه 11 يوما في كل 30 عاما ، ومع ذلك يبقى ثمة فرق بين تقويم نؤسسه وبين ما يقضي به القمر ، وهذا الفرق بالاضافة ال11 يوما هو 0.01168 ( ال 30عاما تحتوي على 360شهرا ، فقسمة 0.01168 على 360 تساوي 0.00003244 الباقي في الشهر ) .

والآن لنضيف ال11 يوما في ال30 عاما ، وسوف نجيب كيف نضيفها ، لكن الآن لنضيفها ، ولننظر في الفروق ، فهذه الاضافة تجعل مجموع الأيام في ال30عاما تساوي 354 × 30 + 11 = 10631 يوما ، فعندنا الآن ما ندعوه دورة ال30 عاما ، ولننظر الشهر المتوسط في هذه الدورة ولنقارنه بالشهر القمري ، ولهذا نتذكر بأن عدد الشهور في دورة الثلاثين عاما هو 360 شهرا ( = 30 × 12 ) ، ونقسم ال 10631 يوما على 360 شهرا ، فنحصل على 29.53055556 يوما أو نكتبه 29 يوما ( أو 29 يوما و 12 ساعة و 44 دقيقة و3 ثواني ، وهو الشهر في دورة ال30 عاما التي أضيف اليها ال11 يوما ) ، ونسأل ، فما هو الفرق بين هذا الشهر وبين الشهر القمري ( 29.530588 ) ، فنجد بأن هذا الفرق هو 0.00003244 في الشهر ، ما بين الشهر القمري كما تقول لنا رؤيته ، وبين الشهر في التقويم الهجري كما نحسبه ونكتبه ، فالفرق في 12 شهرا ، أو في العام الواحد يساوي 12 × 0.00003244 = 0.00038928 ، فنسأل ، فبعد كم من الأعوام يصبح الفرق يوما واحدا ، فنجد بأنه سوف يكون بعد 2568.845047 عاما ، فهو يوم الذي يتوجب أن يضاف بعد مرور هذه الأعوام ،
فكيف نضيف ال11 يوما في خلال دورة ال30 عاما : فالسنة التي لا نضيف اليها يوما نسميها سنة بسيطة ، والسنة التي نضيف اليها يوما نسميها سنة كبيسة ( 355 يوما ) ، وفي هذه الحال نكون أضفنا اليوم في السنة الكبيسة الى الشهر الأخير في السنة ، فبدلا عن 29 يوما في السنة البسيطة يصبح عدد أيامه 30 يوما ، ولنتذكر بأن اضافة 11 يوما في دورة ال30 عاما تجعل مجموع الأيام في الدورة 354 ×30 + 11 ، أي أن متوسط مقدار السنة من الأيام هو 354.366666 ( في دورة ال30عاما ) ، أو 354 ، فهذا مقدار السنة من الأيام بعد أن وزعنا ال11 يوما على الثلاثين عاما ، ولما أننا في كتابة التقويم لا نستعمل الكسور العادية ولا العشرية ، وانما في الحساب ، فعلى ذلك نحن محتاجون الى توزيع الأيام ال11 على سنوات معينة من ال30سنة ، فكيف نختار هذه السنوات ، التي سوف تصبح في تعريفنا لها سنوات كبيسة . الطريقة التي نقترحها هي البدء بأول عام في دورة ال30عاما والمضي في جمع الباقي سنة بعد أخرى ، ففي السنة الأولى الباقي هو ، وفي السنة التي تليها هو + ، وفي السنة الثالثة + + ، وهكذا الى أن نصل الى السنة الثلاثين ، والقاعدة التي تجري معنا في تحديد السنة الكبيسة هي أن الباقي حين يكون أكبر من ، أي أكبر من نصف يوم ، فعندها نضبف يوما لهذه السنة فتصبح 355 أي سنة كبيسة ، وسوف نجد مع انتهائنا من جمع البواقي في خلال الثلاثين عاما بأننا أضفنا ال11 عاما ، بالتمام ، وأصبح لدينا في دورة ال30عاما 11 سنة كبيسة ( 355 يوما ) ، و29 سنة بسيطة ( 354 يوما ) .

وسرعان ما يتبين لنا بأن السنوات الكبيسة التي اخترناها ، بالطريقة السابقة ، انما كل سنة منها امتازت بأنها هي التي باقي قسمتها على 30 ، انما يكون أحد الأعداد التالية :

، 5 ،7 ، 10 ، 13 ، 16 ، 18 ، 21 ، 24 ، 26 ، و 29 ، فكل عدد من هذه هو باقي قسمة السنة على 30( جورة ال30 عاما ) ، ويكفي أن تؤخذ السنة وتتم قسمتها على 30 ، فاذا الباقي هو أحد هذه الأعداد يتم اعتبارها سنة كبيسة ، فمثلا 1431 = 30× 47 + 21 ، أي أن الباقي هو 21 ، اذن هي سنة كبيسة ، و1434 = 30× 47 + 24 ، فهي سنة كبيسة ، 1439 = 30 × 47 + 29 ، 1442 = 30× 48 + 2 ، فهي سنة كبيسة ، واذا كان هناك من يرغب في أن يستعمل الحاسوب في القسمة ، فهذا مثال : 1450نأخذ السنة ، فان قسمتها على 30 تساوي …..48.3333333333 ، نطرح العدد الصحيح 48 أو لنأخذ الباقي ونضربه ب30 فنحصل على 10 أي السنة كبيسة ، أو 1450 = 30× 48 + 10 . فأما السنة 1430 = 30× 47 + 20 ، فالباقي 20 وهو ليس بين الأعداد اياها ، فهي ليست كبيسة .

ويمكنا أن نحدد السنة الكبيسة من البسيطة بالطريقة التالية ، بأن نضرب العدد 11 في السنة ثم نضيف 14 والناتج نقسمه على 30 فاذا كان باقي القسمة على 30 أقل من العدد 11 كانت السنة كبيسة ، أو نقول اذا رمزنا للسنة بالحرف ( س ) ، فان باقي قسمة ( 14 + 11س ) على 30 ، اذا هو أقل من 11 تكون السنة كبيسة ، واذا كان الباقي أكبر من 11 تكون السنة بسيطة ، فمثلا ( 14 + 11 × 1431 ) = 15755 فباقي قسمة هذا العدد على 30 هو أقل من العدد 11 ، اذن السنة 1431 كبيسة .

فإلى هنا فان أيام السنة الهجرية في التقويم الهجري ، انما تتوزع على 12 شهرا ، على النحو التالي :

محرم ( 30) ، صفر ( 29 ) ، ربيع الأول ( 30 ) ، ربيع الثاني ( 29 ) ، جمادي الأولى ( 30 ) ، جمادي الآخرة ؟( 29 ) ، رجب ( 30) ، شعبان ( 29 ) ، رمضان ( 30 ) ، شوال ( 29 ) ، ذو القعدة ( 30 ) ، ذو الحجة ( 29 أو 30 ) .

فالشهر الأخير وهو ( ذو الحجة ) ، يكون 29 يوما في السنة البسيطة ، ويكون 30 يوما في السنة الكبيسة .
والسنة الهجرية البسيطة تتكون من 354 يوما ، والسنة الهجرية الكبيسة تتكون من 355 يوما .
وقد كان عمر بن الخطاب هو من أبدع التقويم الهجري ، وهو الذي جعل من الأول من محرم ، أول يوم في السنة الأولى في التقويم الهجري ، وهو اليوم الذي يماثله في التقويم الميلادي ( اليوليوسي ) ، يوم الجمعة 16 تموز ( يوليو ) 622 ميلادي ، ( وليس التقويم الجريجوري الذي يتمسى باسم التقويم الميلادي الآن ، وقد جاء التقويم الجريجوري كتصحيح للتقويم اليوليوسي ، فكلاهما تقويم شمسي )، واليوم في التقويم الهجري يبدأ بغروب الشمس ، وينتهي بغروب الشمس الذي يليه ، وأما اليوم في التقويم الشمسي ( يوليوسي ، جريجوري ) ، فانه يبدأ منتصف الليل ، وينتهي منتصف الليل الذي يليه ، ومن هنا فان الدقيقة أو الثانية التي تسبق منتصف الليل لا تكون تابعة لليوم الذي يبدأ منتصف الليل ، وانما تكون تابعة لليوم السابق ، فمن هنا كان هناك من غير المسلمين من اعتبر بدء التقويم الهجري في يوم الخميس 15 تموز ( يوليو ) 622 ميلادي ( يوليوسي ) ، ولهذا فحين يتم اعتماد هذا التاريخ كبداية للتقويم الهجري ، فلا مفر من استبدال العدد 16 بالعدد 15 ( انظر الأعداد البواقي التي بها نحدد السنة الهجرية الكبيسة من البسيطة ) .

وحري بنا أن نلفت الانتباه الى أن تاريخ 16 تموز ( يوليو ) 622 ميلادي ( يوليوسي ) ، انما هو في التقويم الميلادي ( الجريجوري ) : 19 تموز ( يوليو ) 622 ميلادي ( جريجوري ) ، وانما 19 تموز ( يوليو ) هو اليوم ال 200 في السنة الشمسية ( جريجوري ) ، أي حين تكون السنة الشمسية في 0.5476 مما تساويه من أيام .

لا تزامن بين التقويم الهجري والتقويم الشمسي ( الجريجوري ) :

السنة الهجرية تساوي 354 يوما أو …354.366666 يوما أو هي بالتقريب 354.37 يوما ، وفي المقابل فان السنة وفق التقويم الشمسي ( الجريجوري ) ، فانها 365.2425 ( 365 يوما ، و 5 ساعة ، و 49 دقيقة ، و 12 ثانية ) ، وعلى ذلك فان الفرق بينهما هو 10.87584 يوما ، أو على وجه التقريب 11 يوما ، ونلاحظ أيضا بأن 33 سنة هجرية تساوي 11694.09 يوما ، بينما 32 سنة ميلادية ( تقويم شمسي ..جريجوري ) تساوي 11687.76 يوما ، أي أن الفرق هو 6.33 يوما ، ما يدعونا الى القول بأن 33 سنة هجرية تماثل على وجه التقريب 32 سنة ميلادية ( جريجوري ) ، واذا وجدنا فرقا يساوي يوما واحدا كل 2568.84 سنة ، بين ما تقول به نتائح الرصد للقمر وبين التقويم الهجري ، فاننا نجد كل 3320 عاما فرقا يساوي يوما بين التقويم الجريجوري وبين السنة الشمسية كما يدل عليها الرصد .

التقويم الجريجوري يتزامن مع فصول السنة ، ويتم دوما ضبطه ليكون كذلك مع مرور الزمن ، وذلك بناء على الرصد الفلكي لحركة الشمس في دائرة البروج عبر عام تلو آخر ، وليس بناء على دورة الأرض بالنسبة للنجوم ، وانما بالنسبة للشمس ، فالسنة بالنسبة للنجوم هي سنة نجمية ، وهي أصغر من السنة في التقويم الجريجوري ، والسبب هو أن الأرض تكمل دورة واحدة بالنسبة للنجوم قبل أن تكمل دورة كاملة بالنسبة للشمس . وما الشهور والأيام في التقويم الشمسي سوى دالة فصول السنة ، الا أن التقويم الهجري ليس كذلك فهو مختلف تماما فله خصوصيته ، ويتم ضبطه وفق تقويم قمري ، قائم على رؤيته ، أي رؤية القمر ، أو رؤية هلال اليوم الأول من الشهر القمري ، وليست الشهور والأيام دالة فصول السنة ، وانما نجد بأن السنة الهجرية في انسياب تراجعي بالنسبة للسنة وفق التقويم الشمسي ، فالأول من محرم في السنة الهجرية ، اذا هو في الصيف بالنسبة للتقويم الشمسي فبمرور الوقت يكون في الربيع وبعد ذلك في الشتاء ثم في الخريف ، فلا تزامن في سنة تلو أخرى بين التقويم الهجري وبين التقويم الشمسي ، ( على أن يكون معنى التزامن هو التوافق بين يوم في التقويم الهجري وبين يوم محدد في التقويم الجريجوري ، والتزامن نعطيه معنى توافق اليومين والتقائهما كل عام ) ، فلا تزامن ، وانما السنة الهجرية تدور على الفصول في خلال دورتها ، وفي كل ما يقارب ال 33 سنة هجرية ، يعود الأول من محرم ليكون في وضعه الأول من فصول السنة وفق التقويم الشمسي ( الجريجوري ) .

ولعل السؤال يظهر هنا ، فكيف نقوم بتحويل اليوم والشهر والسنة في هذا التقويم الى ما يماثلها في تقويم آخر ، وأحسب بأن هناك امكانية لذلك ، فمثل هذا السؤال قد أجيب عليه من قبل من سبقونا الى الاهتمام بالتقاويم ، ولكنني أرى أن نكتفي هنا بمعادلة معروفة ومتداولة ويسهل بها تحويل سنة في تقويم هجري الى ما يماثلها في تقويم شمسي ( جريجوري ) ، وهذه المعادلة هي : سنة هجرية = ( سنة شمسية ( جريجوري ) – 621.57 ) تقسيم العدد 0.97023 ، أو نكتب المعادلة على النحو التالي : سنة شمسية ( جريجوري ) = 0.97023 × سنة هجرية + 621.57 ، أو تكون المعادلة على النحو التالي : فاذا لدينا سنة شمسية ( جريجوري ) ، ونريد تحويلها الى سنة هجرية ، نقوم بالتالي : نطرح 622 من السنة الشمسية ونقسم الناتج على 32 ، ومن ناتج حاصل القسمة نطرح 622 ، ثم نضيف ما حصلنا عليه الى السنة الشمسية فنحصل على السنة الهجرية .

التقويم الهجري ضرورة عدل بين المسلمين :

التقويم الهجري وحدة الكفيل باقامة العدل بين المسلمين ، وذلك في كل ما يتصل بصيام شهر رمضان ، فكيف ، فتعالوا معي ، ولنتعلم معا ، بأن أمر فصول السنة ( ربيع ، صيف ، شتاء ، خريف ) متعلق بميل محور دوران الأرض حول نفسها ، فمحور الدوران هذا يميل بزاوية مقدارها 23.5 درجة مع دائرة البروج ، أي مع مستوى دوران الأرض حول الشمس ، ، فميل هذا المحور هو السبب الأساسي في تشكل الفصول الأربعة في خلال دورة واحدة للأرض حول الشمس ، وهو ميل ثابت تقريبا بالنسبة لمسار الأرض حول الشمس ( أي أن الأرض في خلال دورانها حول الشمس ، فان محور دورانها يظل في نفس الاتجاه .. وتقريبا صوب النجم القطبي السماوي الشمالي ( بولايرس ) ، ما يجعل سكان الأرض الذين هم شمال خط الاستواء يلاحظون بأن ميل محور الدوران في اتجاههم انما يتغير مع أيام السنة ، وذلك الأمر بالنسبة للذين هم جنوب خط الاستواء ، فعندما يكون ميل المحور في أقصى ميل له في اتجاه أهل الشمال يكونون في فصل الصيف بينما ، أهل الجنوب في فصل الشتاء ، وينعكس الأمر في فترة لاحقة من العام ، بين أهل الجنوب والشمال ، وذلك بسبب من وضعية محور الدوران بالنسبة لهم ، فلو أن الصيام لم يكن وفق رؤية القمر ، وكان وفق تقويم قائم على أساس قياس الزمن بالنسبة للنجوم أو بالنسبة للشمس ، فان توافق شهر رمضان مع شهر معين ثابت من السنة فمثلا آب ، أو تموز ، فان الصيام سوف يكون في كل عام في هذا الشهر ، فالذين هم في شمال خط الاستواء يصومون دوما في تموز أو آب ، في الصيف ، بينما أهل الجنوب يصومون في الشتاء ، وطالما أن تقويما مثل هذا يظل متزامنا مع الفصول فان حال الصيام هذا سوف يستمر ، فمن هنا ثمة سؤال يلح على جوابه ، فلماذا المسلمون من أهل شمال الأرض(شمال خط الاستواء ) يصومون في الصيف ، بينما المسلمون من أهل الجنوب ( جنوب خط الاستواء ) يصومون في الشتاء ، فظروف الصوم هنا ليست مثل التي هناك ، فانها الظروف التي يغيب منها العدل ، ناهيك الى أن طول النهار في الجنوب مختلف عنه في الجنوب ، فأين العدل .

لكن الصوم اقترن بكلمة هي رؤيته ، وفق رؤيته ، وفق التقويم الهجري ، وهذا تقويم لا علاقة له بفصول السنة ، كما قلنا ، فهو متحرك عبرها ، في مجرى الزمان ، فاذا رمضان في الصيف بالنسبة لأهل الشمال ، فرمضان في الشتاء بالنسبة لأهل الجنوب ، ، واذا رمضان في شتاء في الشمال فرمضان في صيف في الجنوب ، فهكذا يدور رمضان على كل فصول السنة بالنسبة لأهل الشمال ، وكذلك الأمر بالنسبة لأهل الجنوب ، فكل مسلم في الأرض يلتقي رمضان في كافة الفصول ، فكل المسلمين سواء ، ولكن التقويم لو لم يكن تقويما هجريا ، وكان بدلا عن ذلك تقويما شمسيا أو نجميا لما تحقق هذا العدل بين الاخوة في الدين الاسلامي الحنيف ، فاذن التقويم الهجري الذي قام خالصا على كلمة واحدة ، هي رؤيته ، فانه التقويم الذي به يقام العدل ضمن دين اسمه الاسلام ، وليس بغير التقويم الهجري يتحقق هذا العدل .

القمر في مساره :

القمر يدور حول الأرض ، وهو والأرض معا يدوران حول الشمس ، ومسار القمر حول الأرض ليس دائريا وانما هو قطع ناقص ( اهليليجيا ، او نقول بيضويا ) ، و القمر يكمل دورة كاملة له ( 360 درجة ) ، حول الأرض ، بالنسبة للنجوم البعيدة ، في وقت مقداره 27.3 يوما ( شهر قمري نجمي ، أي أن قياسه قد تم بالنسبة للنجوم ) ، فعلى ذلك فان قسمة 360 درجة على 27.3 تعطينا 13.2 درجة ، أي أن القمر يتحرك ( من الغرب الى الشرق ) في مساره يوميا ما يقارب 13.2 درجة ، وحيث أن اليوم يعادل 24 ساعة ، فان قسمة 13.2 على 24 تعطينا 0.55 درجة في الساعة الواحدة ( وهي ما يتحركها القمر في مساره في ساعة واحدة ) ، وبما أن القطر الزاوي للقمر ( زاوية النظر التي نرى بها القمر .. هي الزاوية التي رأسها في مركز العين وضلعاها مماسان لقرص القمر ) ، هو على وجه التقريب 0.5 درجة ، فعلى ذلك القمر يتحرك في مساره في الساعة الواحدة ما يعادل قطره ( قطر قرص القمر ) ، وبأنه يتحرك في مساره في اليوم الواحد ، ما يقارب ال 26 مرة من مثل ما يساويه قطره ، أو ما يقارب ال 13.2 درجة تقريبا ، أو ما يقارب 92 درجة في الأسبوع الواحد .

ولكي نكون أكثر دقة ، فلا بد وأن نلتفت الى طبيعة مسار القمر ، ونتوقف عند حركة القمر المتغيرة على هذا المسار ، فهناك عوامل مؤثرة على هذه الحركة ، ومن هنا نتذكر بأن نصف قطر القمر 1737.4 كيلومترا (بينما نصف قطر الأرض يتراوح ما بين 6375 – 6378.14 كيلومترا ) ، وبأن كتلة الأرض تعادل 81 مرة من مثل كتلة القمر ، فهذه النسبة بينهما تترك أثرها في جعل المركز الذي يدور حوله القمر ليس بعينه مركز الأرض وانما نقطة تبعد حوالي 4700 كيلومترا عن مركز الأرض ، أي أن مركز دوران القمر حول الأرض انما هو تحت سطح الأرض ، ولهذا بليغ الأثر على مسار الأرض حول الشمس ، كذلك فان متوسط بعد القمر عن الأرض ( البعد من مركز الأرض الى مركز القمر ) فهو 384400 كيلومترا ، وقد قلنا بأن مسار القمر ليس دائريا بل قطعا ناقصا ، فمن هنا أقصى بعد للقمر عن الأرض يساوي 405500 كيلومترا ، وأقصر بعد للقمر عن الأرض يساوي 363300 كيلومترا .

فعلى ذلك نلتفت الى القيمة ( 13.2 درجة ) ، فقد حصلنا عليها ، كقيمة متوسطة ، لكن حقيقة هذه القيمة بأنها ليست القيمة الثابتة في خلال حركة القمر في مساره ، فمسار القمر ليس دائريا ، بل قطعا ناقصا ، ثم ان المركز أو النقطة التي يدور حولها القمر ليست هي مركز الأرض ، فمن هنا ، وفي خلال دورة للقمر في مساره ، فانه يكون في وقت معين قريبا منا وفي وقت آخر يكون بعيدا عنا ، ففي خلال نصف مساره يكون في حركته في تباعد عنا ، وفي نصف مساره الآخر يكون في تقارب منا ، ما يعني بأنه في خلال تقاربه منا ، فان جاذبية الأرض تزيد في تسارعه ، ما يعني أن سرعته تزداد ، الى أن يصبح في أقرب نقطة الينا ، وفي هذه النقطة يمكنا القول بأن مقدار سرعته يكون 6% أكبر من سرعته المتوسطة في مساره (والسرعة المتوسطة للقمر في مساره تساوي 3682.8 كيلومترا في الساعة ، أو 1023 مترا في الثانية ، بينما السرعة التي تدور بها الأرض حول نفسها ( حول محورها ) عند خط الاستواء تساوي 1674.4 كيلومترا في الساعة أو 465.1 مترا في الثانية ) ، وفي خلال تباعده ، فان جاذبية الأرض تتسبب في تباطوء القمر ، ما يعني أن سرعته تقل تدريجيا الى أن تصل الى أبعد نقطة عنا ، فعندها تغدو أصغر سرعة له في مساره ، وفي هذه النقطة يمكن القول بأن سرعة القمر أبطأ ب 6% من سرعته المتوسطة . وهذا في جانب ما يحصل للسرعة ، لكن ماذا نقيس ، وماذا نرى ، فهناك البعد وتأثيره على قياس السرعة ، فحين يكون القمر قريبا فبسبب قربه نرى السرعة تزداد بما يماثل ال6% من فيمتها المتوسطة ، وكذلك حين يكون بعيدا فبأثر البعد نراها أقل بما يماثل ال6% من قيمتها المتوسطة ، بمعنى أن سرعة القمر في مجملها كما تظهر لنا تكون أقل ب 12% من قيمتها المتوسطة حين يكون القمر في أبعد نقطة له عنا ، وتظهر لنا بأنها أكبر ب 12% من قيمتها المتوسطة حين يكون القمر في أقرب نقطة لنا .

وقد قلنا بأنه في غضون يوم واحد ، فان القمر يتحرك في مساره 13.2 درجة بالنسبة للنجوم ، وبالطبع فهي قيمة متوسطة ، والآن وبعد أن عرفنا سرعة القمر والتغير الذي يحصل لها ، فنستطيع أن نضرب 12% ب 13.2 درجة لنحصل على 1.584 درجة في اليوم أو بالتقريب على 1.6 درجة في اليوم ، أي أن تحرك القمر في اليوم الواحد نحو الشرق بالنسبة للنجوم يزيد ب 1.6 درجة عن ال13.2 درجة عندما يكون القمر قريبا منا ، في أقرب نقطة الينا ، أي أنه يتحرك بمقدار 14.8 درجة يوميا ، ويقل ب 1.6 درجة يوميا عن ال 13.2 درجة عندما يكون بعيدا في أبعد نقطة له عنا ، أي أنه يتحرك ب 11.6 درجة يوميا .

ويميل مسار القمر مع مسار الأرض حول الشمس بزاوية مقدارها 5.145 درجة ( مسار الأرض حول الشمس ، أو المسار الظاهري للشمس حول الأرض ، وهو ما ندعوه بدائرة البروج ، وعلى ذلك نستطيع أن نقول بأن المستوى الذي يحتوي مسار القمر انما يميل بزاوية مقدارها 5.145 درجة مع دائرة البروج ) ، وهذا يعني أن المستوى الذي يدور فيه القمر حول الأرض قريب أو يحاذي مسار الأرض حول الشمس ( دائرة البروج) ، وأما خط الاستواء للقمر فانه يميل بزاوية مقدارها 1.543 درجة مع دائرة البروج ، وعلى ذلك فان خط الاستواء القمري يميل بزاوية مقدارها 6.688 درجة عن مستوى مسار القمر ، وهذا ما يدعو الى الانتباه الى أن التغير في الزاوية بين خط الاستواء القمري وبين دائرة البروج انما هو بين حاصل جمع الزاويتين ( 6.688 + 5.145 ) = 11.833 درجة وبين حاصل طرحهما 6.688 درجة ناقص 5.145 يساوي 1.543 درجة .

واذا تخيلنا خطا مستقيما ، يصل ما بين النقطة التي يكون فيها القمر على أصغر بعد له من الأرض ، مع النقطة التي يكون فيها القمر على أبعد نقطة له في مساره عن الأرض ، فهذا الخط في حقيقته يكون موجودا في مستوى مسار القمر حول الأرض ، وفي خلال متابعتنا لحركة القمر والأرض حول الشمس ، فسرعان ما نجد بأن هذا الخط المستقيم لا يبقى على وضعيته بالنسبة لدائرة البروج ، وانما يدور في مستوى مسار القمر بطيئا ، وفي الاتجاه المعاكس لعقارب الساعة ، وبأن هذا الخط يكمل دورة كاملة له في 3232.575 يوما وهو ما يعادل 8.85 سنة .

وأما مسار القمر فانه يتقاطع مع مستوى دائر البروج ( مستوى مسار الأرض حول الشمس ) ، في نقطتين ، الأولى وهي ما بين الأرض وبين الشمس ، ويمر عبرها القمر في حركته من الجنوب الى الشمال من دائرة البروج ، وسوف يتقرر حصول الكسوف جزيئا أم كليا أم حلقيا بناء على مكان النقطة التي ما بين الأرض وبين الشمس ، وكذلك الخسوف سوف يتقرر بناء على مكان النقطة في الجهة الأخرى من الأرض ، فالنقطتان لهما الصلة الوثيقة بالكسوف والخسوف ، فأين هما من الأرض ومن الشمس هو هذا الذي سوف يعطي فكرة عن كسوف أو خسوف سوف يحصل ، فالخط المستقيم الذي يصل بين النقطتين ، سوف نجده في حركة تراجعية بسبب من تأثير جاذبية الشمس على حركة القمر ، وبأن هذا الخط يكمل دورة كاملة كل 18.6 سنة أي 6793 يوما ، ويكون في خلال ذلك في حركة تراجعية نحو الغرب ، وبزاوية مقدارها 19 درجة و21 دقيقة في العام ، وبالنظر اليها من شمال الكرة السماوية تظهر بأنها في اتجاه عقارب الساعة ، وهي بحكم ميل مسار القمر انما هي محاذية لمسار الأرض حول الشمس ، ولكنها في اتجاه معاكس .

وكما أن الشمس تكون عمودية مرة على خط عرض 23.5 درجة ، ومرة أخرى عمودية على خط عرض 23.5 – ، ومرة أخرى عمودية على خط الاستواء ، وهي في العام الواحد انما تظهر عمودية على كل مكان ما بين خطي العرض المذكورين ، فمن خط عرض واحد منهما الى ان تعود اليه تكمل دورة كاملة ، فبذلك انما هي تبدل في خلال العام في مكانها بالنسبة لخطوط العرض على الأرض.

فكذلك القمر فحاله كما الشمس ولكن التغير في خط العرض السماوي الذي يكون عليه ، انما يكون في الشهر الواحد ، فمثلا في خلال الشهر الواحد يمكنه القمر أن يغير من مكانه في خلال اسبوعين ما بين خط عرض +25 الى خط عرض -25 ، وفي الأسبوعين التاليين من 25- درجة الى 25+ درجة ، فعلى ذلك في خلال الشهر الواحد يمكنه القمر أن يتحرك من مكان عال له الى مكان منخفض له، وبالعكس ، واذا اردنا أن نتساءل عن أكبر خط عرض سماوي وأصغر خط سماوي يمكنه أن يكون عليه القمر ، فهنا نتذكر ميل مسار القمر مع دائرة البروج ( 5.1 درجة أو على وجه التقريب نقول 5 درجة ) ، فمن هنا نضيف ميل مسار القمر الى ال 23.5 درجة ( 23.5 درجة + 5 درجة ) ، فنحصل على 28.5 درجة ، وبطرح 5 درجة من 23.5 درجة نحصل على 18.5 درجة ، فمن هنا نتوصل الى أن القمر يغير من مكانه في خلال شهر ما بين 28.5 + درجة وبين 28.5 – درجة ، أي أنه في حالة من تغير كهذه في مكانه فانه يتحرك مابين خطي العرض المذكورين ما يعادل 57 درجة ( في خلال اسبوعين تقريبا ) ، بينما التغير الآخر المنخفض وهو ما بين 18.5+ و18.5 – درجة ، فانه يتحرك من خط عرض الى الآخر 37 درجة ، وسوف نجد بأنه الوقت الذي يمر ما بين التغير الأول والثاني هو 9.3 أعوام ، وهذا هو الوقت الذي يمر ما بين أن تلتقي النقطة التي يتقاطع فيها مسار القمر ودائر البروج ، والتي تقع ما بين الأرض وبين الشمس ، مع نقطة الاعتدال الربيعي ، وبين أن تلتقي النقطة الأخرى لتقاطع مسار القمر مع مستوى دائرة البروج مع نقطة الاعتدال الربيعي ،( ما بين الالتقاء الأول والثاني يمر 9.3 أعوام ) .

شهر قمري

حين القمر يكمل دورة واحدة ، ويقام قياس لزمن هذه الدورة ، فهذا الزمن هو شهر قمري ، ومن هنا تطفو الأسئلة ، فما هي هذه الدورة ، وهل باختلاف تحديدها يختلف زمانها ، فان كان الأمر كذلك ، وهو كذلك فعندنا قمر ، ولكن عندنا في نفس الوقت شهور قمرية بأزمنة مختلفة ، واختلافها ناتج عن تأسيس مختلف للقياس .

قياس الزمن بالنسبة للنجوم : عندما يتم القمر دورة واحدة بالنسبة للنجوم البعيدة ، فانه يكون قد أكمل 360 درجة وهي دورة كاملة ، وزمنها هو شهر قمري يساوي 27.321661 ( 27 يوما و 7 ساعات و43 دقيقة و11.5 ثانية )
قياس الزمن بالنسبة للشمس : زمن الدورة الكاملة للقمر حول الأرض مقيسة بالنسبة للشمس تساوي 29.53 ( 29 يوما و 12 ساعة و 44 دقيقة و 2.8 ثانية ) ، أو ( 29.53059 يوما تقريبا ) ، وهو الزمن الذي يمر ما بين أن تكون الأرض والقمر والشمس على خط مستقيم واحد الى أن تعود اليه مرة أخرى ، أو الزمن الذي يمر ما بين قمر جديد ( القمر يكون بين الشمس والأرض ، والجانب المظلم منه في ناحية الأرض فلا نرى منه سوى ظلام ) ، وبين قمر جديد يليه ، قياس الزمن بالنسبة لأقصر مسافة يكون عليها القمر من الأرض : فما بين ظهور للقمر في أقرب نقطة له من الأرض الى أن يعود لمثلها ، يكون القمر أكمل دورة كاملة زمنها شهر قمري مقداره : 27.554551 يوما ( 27 يوما و13 ساعة و 18 دقيقة و 33.2 ثانية ) ،
قياس الزمن بالنسبة لنقطة الاعتدال الربيعي : ما بين ظهور للقمر على خط طول سماوي يمر بنقطة الاعتدال الربيعي الى أن يعود القمر اليها مرة أخرى ، يكون القمر قد أكمل دورة كاملة هي شهر قمري مقداره : 27.321582 يوما ( 27 يوما و 7 ساعة و 43 دقيقة و 4.7 ثانية ) ، ونلاحظ بأن هذا الشهر القمري أقصر من الشهر القمري النجمي ، والسبب يعود الى الازاحة المستمرة في نقطة الاعتدال الربيعي ( تتحرك بطيئا في حركة تراجعية الى الوراء ) .

قياس الزمن بالنسبة لنقطة من نقطتي تقاطع مسار القمر مع مستوى دائرة البروج : ما بين ظهور القمر على نقطة تقاطع مساره مع دائرة البروج ( التي يمر بها من الجنوب الى الشمال ، و تقع ما بين الأرض وبين الشمس ) ، الى أن يعود لنقطة تقاطع أخرى مثلها ، يكون القمر أكمل دورة كاملة حول الأرض ، وهذا شهر قمري مقداره : 27.12220 يوما ( 27 يوما و 5 ساعة و5 دقيقة و 35.8 ثانية ) ، ونلاحظ بأن جاذبية الشمس تدفع بالقمر الى ما يترتب عليه دوران بطىء لمسار القمر حول محوره في اتجاه الغرب ، وهذا يعني أن نقطتي تقاطع مسار القمر مع دائرة البروج تدوران بطيئا حول الأرض ، ونتيجة ذلك نر بأن هذا الشهر القمري أقصر من الشهر القمري النجمي .


هلال

ولما يختفي هلال آخر الشهر القمري ، ولم نعد نرى منه شيئا من ضوء( أي لا ضوء منعكس على سطح من قمر يصل الى عيوننا ) ، ويصبح القمر على خط البصر بيننا وبين الشمس ، بحيث يكون نصفه المقابل للشمس مضيئا بينما نصفه الآخر المقابل لنا مظلما، فعندها لا يمكنا أن نرى من القمر غير ظلام ، فالقمر في وضع محاق( قمر جديد ) ، فحتى لو أن ضوءا من الشمس انعكس على نزر يسير من حافة القمر وكان هذا الضوء متجها صوبنا ، فلن يمكنا تمييزه ، بسبب من قرب القمر من الشمس ( في نفس المنطقة من السماء ) ، وليس لنا الا أن ننتظر ما يقارب 12 ساعة ، أي حتى غروب الشمس ، فبعدها بدقائق معدودات ، ولنقل 10 دقائق ، أي بعد أن تتلاشى الأضواء التي ترافق الشمس ساعة غروبها فيمكنا عندها أن نجتهد في رؤية هلال الأول من الشهر الذي سوف نعتبره أول يوم في الشهر في التقويم الهجري ، وبعد ساعة من غروب الشمس ، فان القمر سوف يغيب في الغرب ، حيث تغيب الشمس ، وبعد مغيبه فلا يمكنا أن نراه ، فالى هنا رؤية الهلال لها معنى مختلف عن ( قمر جديد ) ، فتلك ليست هذه .

وتجدر الاشارة الى أن القمر كما الشمس يشرق من ناحية الشرق ويغرب في ناحية الغرب ، وعلى الرغم من أن مسار القمر يميل بخمسة درجات مع دائرة البروج ، فاننا لا نزال نفول بأن المكان من السماء الذي يغيب في القمر انما هو المكان الذي تغيب فيه الشمس ، فهي تغيب وهو يليها بوقت معين حتى يغيب ، ففي اليوم الأول لرؤية الهلال انما القمر يغيب بعد ما يقارب الساعة بعد غروب الشمس ، وفي اليوم التالي لليوم الذي نشهد فيه رؤية لهلال بداية الشهر الهجري ، فان القمر يشرق متأخرا كل يوم عن اليوم الذي سبقه بما يقارب من 30 درجة الى 70 درجة ، فالقمر يشرق متأخرا عن الشمس ، وكذلك يغيب متأخرا عنها .

ومن أجل رؤية الهلال ، فان هناك عوامل يتوجب الاهتمام بها ، منها ارتفاع الهلال فوق الأفق ، وزواية النظر الى مركزي القمر والشمس ( ا لزاوية التي رأسها في بؤبؤ العين ، وضلعاها يمران في مركزي القمر والشمس ) ، وكذلك الفترة الزمنية التي تمر ما بين غروب الشمس وبين غروب القمر ، وأيضا الانتباه الى الزاوية التي رأسها في مركز الكرة السماوية وضلعها الأول يمر في نقطة الشمال على الأفق ، وضلعها الثاني يمر في نقطة تقاطع الأفق مع خط طول سماوي يمر في مركز القمر ، والانتباه الى زاوية مثلها لكن ضلعها الثاني يمر في نقطة تقاطع الأفق مع خط طول سماوي يمر في مركز الشمس ، ومن هنا أخذ الفرق بين الزاويتين ، فهذا الفرق هو المهم في مسألة امكانية رؤية الهلال ، ذلك لأن مقدار الزاوية يتوجب أن يكون على ما يجعل القمر في وضع سماوي يتيح لنا استقبال ضوء من الشمس منعكس من على جانب منه ، وهو الضوء الذي حين يصل عيوننا أو منظارا فلكيا بأيدنا يظهر لنا في هيئة هلال .

بقلم : محمد يوسف جبارين

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

4 تعليقات

  1. مقال هام عن التقويم الهجري والشهور الهجرية

  2. زيد عمر محمود

    كل الشكر والتقدير لكم على المعلومات الهامة والقيمة جدا

  3. البحث مميز عن التفويم الهجري . كل التحية والشكر اكم

  4. اشكركم كثيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *