المنهج الوصفي
المنهج التجريبي
المنهج الإكلينيكي أو العيادي
البحث عملية منظمة للتوصل إلى حلول المشكلات ، أو إجابات عن تساؤلات تستخدم فيها أساليب في الاستقصاء و الملاحظة ، مقبولة و متعارف عليها بين الباحثين في مجال معين ، و يمكن أن تؤدي إلى معرفة جديدة .
وأيا كان المنهج العلمي المستخدم في البحث في علم النفس التربوي ، فإنه يستخدم و يطبق خطوات البحث العلمي و هي تحديد المشكلة و وضع فرضيات أو الفروض ، وضع التصميم التجريبي و تنفيذ التصميم التجريبي و تطبيقه ، واختبار الفروض أو الفرضيات و نشر النتائج .
ويمكن تصنيف أهم أنواع مناهج البحث في علم النفس التربوي في ثلاث فئات هي :
1-المنهج الوصفي la méthode descriptive :
تطور المنهج الوصفي في علم النفس التربوي في القرن العشرين، بعد اكتشاف الآلات الحاسبة التي تستطيع تصنيف البيانات و الأرقام و تحديد العلاقات بسرعة. و يقوم هذا المنهج على دراسة الظاهرة كما تحدث في الواقع دون أية محاولة من قبل الباحث للتأثير في أسباب و عوامل هذه الظاهرة، وقد يتم دراسة الظاهرة أثناء وقوعها في بعض الحالات أو بعد وقوعها في حالات أخرى .
و يسعى الباحث في مثل هذا النوع من الدراسات إلى تقديم وصف كمي أو كيفي عن الظاهرة المدروسة ، ويستخدم الباحث في هذا المنهج عدة أدوات لجمع البيانات من بينها : الملاحظة المنظمة و المقابلة و الأدوات المسحية كالاستبيانات و استفتاءات الرأي ، والسجلات ، والوثائق ، و المذكرات ، و المقاييس و الاختبارات بأنواعها المختلفة .
وفيما يلي عرض لاثنين من الطرائق المستخدمة في هذا النوع من البحوث التربوية :
أ-الطريقة الطويلة : في هذه الطريقة يتتبع الباحث الظاهرة موضوع الدراسة عبر الزمن ، فلو كان الباحث يبحث في النمو المعرفي لدى الطفل من الميلاد إلى خمس سنوات ، فإن عليه ملاحظة تطور نموه المعرفي طوال هذه الفترة ، وتطبق هذه الطريقة على عينات صغيرة جدا ، قد تصل إلى فرد واحد ، وتتطلب هذه الطريقة مزيدا من الجهد والصبر و الوقت ، و يصعب تعميم نتائجها في أغلب الأحيان.
ب- الطريقة العريضة : يلجأ الباحث إلى استخدام هذه الطريقة توفيرا للوقت و الجهد ، فيقسم الفترة الزمنية المراد تتبع الظاهرة عبرها ، إلى فترات عمرية يحددها الباحث ، ثم يأخذ عينات كبيرة ، كل عينة تمثل فترة عمرية فرعية ، ثم يحسب المتوسط الحسابي لكمية وجود الظاهرة لكل فئة ليصل في النهاية إلى استخراج متوسطات حسابية لكل فئة ، من الفئات التي كان حددها لتمثل المرحلة الزمنية الكلية المراد تتبع نمو الظاهرة عبرها .
ينتظر من الباحث الوصفي أن يقدم أوصافا دقيقة للظاهرة على شكل جداول تصبح معايير للظاهرة المدروسة ، و يمكن تطبيقها على أفراد آخرين ، إضافة لذلك ينتظر من الباحث الوصفي أن يكشف عن المتغيرات أو العوامل ذات العلاقة بالظاهرة ، و نوعية العلاقات الوظيفية لهذه المتغيرات بالنسبة للظاهرة موضوع الدراسة ، و ما زال هذا الأسلوب أكثر استخداما في الدراسات الإنسانية .
2- المنهج التجريبي : la méthode expérimentale :
إن الباحث الذي يستخدم المنهج التجريبي في بحثه لا يقتصر على مجرد وصف الظواهر التي تتناولها الدراسة ، كما يحدث عادة في البحوث الوصفية ، كما أنه لا يقتصر إلى مجرد التأريخ لواقعة معينة ، و إنما يدرس متغيرات هذه الظاهرة ، و يحدث في بعضها تغييرا مقصودا ، ويتحكم في متغيرات أخرى ليتوصل إلى العلاقات السببية بين هذه المتغيرات .
و فيما يلي عرض لطريقتين من المنهج التجريبي :
أ- طريقة المتغير المستقل : المتغير المستقل هو العامل أو المتغير الذي نحاول أن نستكشف تأثيره ، أو هو الحالة أو الظرف الذي يقوم الباحث بمعالجته أو تغييره ، أما المتغير التابع فهو الاستجابة أو السلوك الذي يقوم الباحث بقياسها ، مثال . إذا أراد الباحث أن يدرس أثر مستوى الذكاء في التحصيل ، يكون الذكاء هو المتغير المستقل ، و التحصيل هو المتغير التابع .
ب- المجموعة التجريبية : تعتمد هذه الطريقة على تكوين مجموعتين متكافئتين في العديد من المتغيرات التي يمكن قياسها مثل : الذكاء ، العمر الزمني ، الجنس ، السنة الدراسية ،مستوى التحصيل الدراسي ، وذلك باستخدام اختبار قبلي pré – test ، ثم يتبع ذلك تحديد المتغير الذي سيدخله على إحدى المجموعتين و على سبيل المثال طريقة جديدة في التدريس ، هذه المجموعة ، تعرف باسم المجموعة التجريبية ، و في الوقت نفسه تترك المجموعة الثانية على حالها ن وتسمى المجموعة الضابطة ، وبعد انتهاء الفترة الزمنية التي حددها التصميم التجريبي ، و التي قدمت من خلالها أنشطة و فعاليات تدريسية باستخدام طريقة جديدة للمجموعة التجريبية ، و في الوقت الذي استمرت فيه المجموعة الضابطة باستخدام أسلوب التدريس المعتاد نفسه ، يجري الباحث اختبارا بعدي post –test ، فيخرج بدرجات لكل فرد من المجموعتين يطلق عليها اسم الدرجات الخام ، وبعد ذلك يخضعها للمعالجة الإحصائية ليستكشف ما إذا كان بين أداء المجموعتين على الاختبار البعدي فروقا ذات دلالة إحصائية لصالح أي من المجموعتين .
و نستنتج أن بالتصميم التجريبي الجيد يمكن للباحث في علم النفس التربوي التحكم في العوامل الأخرى التي قد تؤثر في المتغير التابع و تؤدي إلى أخطاء البحث وضلال الحكم على العلاقة السببية .
ويستخدم الباحثون في ميدان علم النفس التربوي في تجاربهم ، الطرق الإحصائية لتقدير ما إذا كانت النتائج تعود حقا إلى وجود علاقة سببية بين المتغير المستقل و المتغير التابع أم أنها لا تتجاوز حدود المصادفة . فحينما نصل من التحليل الإحصائي للنتائج إلى أن الفروق بين المجموعات (من مختلف المعالجات ) دالة ، أي أنها تتجاوز مستوى المصادفة بدرجة كافية من الثقة فإن ذلك يؤدي بنا إلى القول بوجود علاقة سببية بين المتغيرين.
3- المنهج الإكلينيكي أو العيادي la méthode clinique :
تشير كلمة إكلينيكي أصلا إلى شيء مرتبط بدراسة الظواهر غير العادية بشكل عام والمرضية بشكل خاص ،ثم امتد هذا المعنى إلى تقييم الفرد و توافقه ، وتختلف الطرق التي تستخدم في دراسة أية حالة إكلينيكية .
وتعتمد الطريقة الإكلينيكية في علم النفس التربوي على جمع معلومات تفصيلية عن سلوك فرد بذاته أو حالة. وقد تكون الحالة شخصا أو مدرسة أو أسرة أو مجتمعا محليا أو ثقافة كاملة، وتهدف بذلك إلى وصف دقيق ومفصل للحالة موضوع الدراسة.
كما أشرنا إلى وجود اختلاف في الطرق المستخدمة في دراسة الحالات الإكلينيكية، إلا أن هذه الطرق يمكن أن تشترك في النقاط التالية بعضها أو كلها:
1-جمع المعلومات عن الحالة: ويمكن الحصول على هذه المعلومات عن طريق الفحص الطبي ، أو دراسة حالة ، أو باستخدام الاختبارات السيكولوجية ، و يتوفر الآن عدد كبير جدا من اختبارات السمات الشخصية ، و اختبارات الذكاء و التحصيل الدراسي و التوجه المهني .
2-تشخيص الحالة: استنادا على المعلومات المتوفرة لديه ، يتوصل الباحث الإكلينيكي إلى تشخيص الحالة المدروسة ، والتشخيص يعني تحديد مراكز القوة و الضعف .
3-تفسير الحالة : تفيد المعلومات المتوفرة في مساعدة الباحث في الاستكشاف من خلال خبراته و معارفه السابقة ، وفي تحديد العوامل و المتغيرات ذات العلاقة بالمشكلة .
4 -وضع التصميم العلاجي : يبدأ الباحث بوضع الفرضيات التي يعتقد أنها تزوده بحلول لمشكلة الحالة ، فإذا اكتشف مثلا أن طريقة التدريس التي يتبعها المعلم هي عامل من العوامل المسؤولة عن التأخير الدراسي لدى تلاميذه ، عندئذ يمكن أن يضع فرضية مفادها أن تطبيق طريقة تدريس أخرى مثلا ( تطبيق طريقة الحوار ) في التدريس يمكن أن تقلل من ظاهرة التأخر الدراسي ، يلي ذلك وضع التصميم العلاجي المنبثق من الفرضيات التي وضعها الباحث ، و المهم في هذا التصميم أن يكون الباحث قادرا على قياس المتغيرات المستقلة و المتغيرات التابعة .
5- اختبار الفرضيات : يقوم الباحث بتطبيق تصميمه العلاجي على الحالة و في نهاية الفترة المحددة لهذا التطبيق ،يقوم بقياس أثر ما أحدثه هذا التصميم من تغير في الحلة المدروسة ، ليصل في نهاية الأمر إلى قبول الفرضية أو رفضها .
6 –النتائج :ينتظر من الباحث الذي يستخدم المنهج الإكلينيكي أن يصل إلى نوع من التحسن ، وعندئذ يستطيع أن ينشر نتائج دراسته على شكل طريقة في العلاج une conduite thérapeutique
نستنتج من خلال شرحنا لمختلف أنواع المناهج التي يمكن استخدامها و تطبيقها في علم النفس التربوي أن ننتظر من الباحث الذي يطبق المنهج الوصفي أن يقدم وصفا دقيقا للظاهرة موضوع الدراسة ، وأن يكشف عن بعض العلاقات الوظيفية بين المتغيرات ، أي أنه يقدم تفسيرا للظواهر التي يدرسها.أما الباحث الذي يطبق المنهج التجريبي فيتوقع منه أن يكشف عن العلاقة بين المتغيرات و ما إذا كان لهذه العلاقة دلالة إحصائية ، أو يكشف عن الفروق بين المتغيرات وعن دلالاتها الإحصائية.
كما أننا ننتظر من الباحث الذي يطبق المنهج الإكلينيكي أن يتوصل إلى وضع طريقة للعلاج .
و من أشهر علماء النفس الذين طبقوا المنهج العيادي أو الإكلينيكي في ميدان علم النفس التربوي العالم السويسري جان بيا جيه jean piagetفي دراسته للنمو الإنساني بصفة عامة و داسته للنمو المعرفي بصفة خاصة .
إعداد الأساتذة:
فضيلة مقران
كريمة صيام
عبد الرحيم بلعروسي
تحياتي لكم ولموقعكم المميز
او ان اوضح معنى مناهج البحث العلمي
المناهج : جمع منهج أو منهاج , وهو لغة : الطريق الواضح , واصطلاحاً : فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة إما من أجل الكشف عن حقيقة مجهولة لدينا أو من أجل الرهنة على حقيقة لا يعرفها الآخرون .
والبحث : لغة : الحفر والتنقيب , واصطلاحاً : هو عبارة عن إضافة جديدة للعلوم تقوم على الدليل والبرهان . إذن فمنهج البحث هو القانون الذي يحكم أية محاولة للدراسة أو التقييم على أسس سليمة .
والعلمي : نسبة إلى العلم , وهو المعرفة المنظمة التي تتصف بالصحة والصدق والثبات .
والفرق بين العلم والمعرفة : أن المعرفة هي مجرد المعلومات التي تصل إلى الإنسان بدون تمحيص أو تدليل أو برهنة . أما العلم فهو المعرفة المنظمة المصاغة بشكل قواعد وقوانين تم التوصل إليها بواسطة الأسلوب العلمي السليم الذي يجعل الإنسان على يقين من مدى صدق معارفه مهما يكن مصدره .
وليست كلمة ( علم ) مخصوصة بالعلوم التجريبية الخاضعة لمنهج العلم التجريبي الحسي فقط , كما ذهب إليه الغرب واتباعهم , بل تشمل العلوم التجريبية والعلوم النظرية معاً , إذا أخذنا في الاعتبار أن لكل علم من العلوم منهجه الذي يوصل إلى اليقين.
التعريف المختار لمنهج البحث العلمي : إن منهج البحث العلمي هو عبارة عن الطرق المقننة والمنظمة التي يسلكها الباحث في معالجة أية مشكلة من مشكلات المعرفة كشفاً واختراعاً أو تدليلاً وبرهاناً متفقاً مع الأسلوب والطريقة التي تناسبه .