• المؤلفات الطبية اللامعة
• طب العيون
• تشريح العيون
• طب الأسنان
• الدروس المستنبطة
ساهم العلماء والأطباء العرب والمسلمون في تطوير المعرفة الطبية والصيدلانية خلال قرون عديدة حتى أصبحت آراؤهم وكتبهم وطرقهم في العمليات الجراحية والعلاج الطبي هي الطرق الأصيلة والمعتمدة في العصور الوسطى في أوروبا الغربية.
وقد شملت مساهمات الأطباء العرب والمسلمين كافة فروع المعرفة الطبية وخاصة طب العيون والأسنان وطب الأطفال وشملت مؤلفاتهم فصولا عن مخاطر السمنة وطب الشيوخ وأهمية الأعشاب الطبية في علاج مختلف الأمراض.
المؤلفات الطبية اللامعة
ترك العلماء العرب والمسلمون تراثا راقيا ومؤلفات ثمينة في حقل الطب البشري مثل كتاب الحاوي في الطب وكتاب المنصوري في الطب لأبي بكر الرازي وكتاب القانون في الطب لابن سينا وكتاب كامل الصناعة الطبية لعلي بن العباس وكتاب التصريف لمن عجز عن التأليف لابي القاسم الزهراوي وكتاب تذكرة الكحالين لقيس بن علي الكحال وكتاب تقويم الأبدان لابن جزلة وكتاب الشامل في الطب لابن النفيس وكتاب دعوة الأطباء لابن بطلان وكتاب العمدة في الطب لابن القف الكركي وكتاب تدبير الحبالى والأطفال والصبيان وحفظ صحتهم ومداواة الأمراض العارضة لهم للبلدي وكتاب الاقر باذين لأمين الدولة بن التلميذ وغيرها من الكتب والموسوعات النفيسة ذات الأهمية العلمية والفكرية العالمية.
طب العيون
قدم العرب والمسلمون إسهامات رفيعة في تاريخ طب العيون مطلع القرن الخامس الهجري حيث جاءت عبقرية اطباء العيون بالمؤلفات الرصينة التي فاقت في ابتكارها المعلومات اليونانية القديمة، وقد شملت هذه الابداعات مؤلفات حنين بن اسحق العبادي «كتاب العشر مقالات في العين» وكتاب تذكرة الكحالين لعلي بن عیسی الكحال وكتاب المنتخب في علاج أمراض العين لعمار بن علي الموصلي.
وتتميز إسهامات العرب والمسلمين في طب العيون بأنها باكورة الإنتاج العلمي والأكاديمي الصحيح في هذا المجال من الطب البشري، فقد اشار الأطباء عندهم الى أمراض العيون وطرق علاجها والى العمليات الجراحية الدقيقة وتأليف الكتب الجامعة لأمراض العيون.
تشريح العيون
اهتم الأطباء العرب والمسلمون بدراسة تشريح العين وعدوا ذلك من المبادئ الأساسية في ممارسة طب العيون كما قاموا بتشريح عيون الحيوانات ودرسوا ذلك بشكل واف، ووصف ابن سينا في كتاب القانون في الطب عضلات العين وتكلم هؤلاء الأطباء عن طريقة صنع أدوية العين وطريقة فتح العين بالإبهام والسبابة وكيفية وضع الدواء بواسطة الميل وضرورة الرفق وعدم الاستعجال في رد الأجفان خوفا من خروج الدواء من العين.
وتكلم الأطباء العرب والمسلمون عن أمراض الجفن وأمراض المآقي والرمد وكيفية إخراج الشوائب التي تقع في العين والقروح العارضة في القرنية وتكلموا عن كيفية إخراج الماء من العين، كما أشارت المؤلفات الطبية العربية والاسلامية الى أمراض البصر مثل ضعف البصر والعشا «الشيكور» والحول العارض للصبيان ونتوء العين ( جحوظ العين ).
أفردت المؤلفات الطبية العربية والإسلامية مقاطع مهمة عن التأثيرات النفسية والبيئية على صحة العين مثل تأثيرات الحزن الشديد والتعب وحرارة الشمس وحرارة النار وحرارة الهواء والهواء البارد والثلج.
وقد أسهم على بن عيسى الكحال في تحضير 43 دواء لأمراض العين حيث استفاد الأطباء من ابداعات هذا العالم العربي على مر العصور ويعد كتابه تذكرة الكحالين احد أهم المراجع الطبية التي تركت بصماتها الواضحة على تطور الطب في اوروبا في العصور اللاحقة.
طب الأسنان
قدم العلماء العرب والمسلمون مساهمة جليلة في میدان صحة الفم والأسنان واللثة وقد افرد ابن سینا فصلا في كتاب القانون في الطب عن الأسنان وتشريحها ومنافعها وما يعرض لها من التألم والتآكل والاسترخاء والانقلاع والتعفن والكسر والأوجاع الشديدة والحرارة والبرودة وقد شرح ابن سینا أوجاع الأسنان المتولدة من العصب وأوجاع اللثة ومسألة نمو الأسنان عند الأطفال وكتب ملاحظات عن الطريقة المتبعة في تفتيت السن المتعفنة «المتآكلة» وشرح ابن سينا بالتفصيل أمراض اللثة الدامية وشقوق اللثة والتحضيرات الدوائية النافعة في العلاج الطبي وأشار في كتاب القانون في الطب الى حالات السن المتحركة وثقب الأسنان وتغير لون الأسنان وطلائها بمادة متحجرة تنفذ في جوهر السن وتفسد ألونه.
وقد ألف حنين بن اسحق العبادي «القرن الثالث الهجري» كتابا في حفظ الأسنان واستصلاحها حيث تناول فيه جوانب تخص أمراض الأسنان واللثة مثل أورام اللثة وقروحها والنزيف الدموي وأشار العبادي إلى أهمية تنظيف الأسنان و جلوها بالعسل وتغطيتها بالشمع، كما أشار إلى التأثيرات الفيزيائية على الأسنان مثل الحرارة والبرودة والتأثيرات الميكانيكية المتولدة من كسر الأشياء الصلبة بواسطة الأسنان، وقدم العبادي نصائح طبية مهمة مثل الابتعاد عن مضغ المواد السكرية وهذا ما نفسره في الوقت الراهن بتأثیرات تخمر المواد السكرية الموجودة في الأغذية ومساعدتها للأحياء المجهرية الموجودة في الفم لفعاليتها في تهديم الأسنان وتآكلها وقد أدرك حنين بن اسحق أهمية الغرغرة والمضمة وتأثيراتها على الاسنان واللثة.
وقد ثبت بدر الدين القلانسي في كتابه المعروف أقرباذين القلانسي الذي ألفه أواخر القرن السادس الهجري الشروط المطلوبة لحفظ صحة الأسنان وهی معلومات علمية مركزة تمثل خلاصة المعرفة العلمية العربية في هذا الحقل من المعرفة الطبية وأكد القلانسی على جانب حيوي مهم وهو الاعتماد على التحضيرات الدوائية المستحصلة من النباتات الطبية النافعة في دبغ اللثة وحماية الأسنان من التلف حيث أكد على الاستفادة من العسل في حفظ صحة الفم والأسنان.
الدروس المستنبطة
لا بد من الإشارة إلى أهمية دراسة التراث الطبي العربي والإسلامي بغية كشف هذا التراث الغزير لأبناء الأمة ووضع التصور العلمي عن تطور فروع الطب إبان فترة الحضارة العربية الإسلامية المبكرة وكذلك لأهمية وضع تصور عن التقاليد الطبية في ذلك الزمان، ولا بد أيضا من الاهتمام بمسألة المقارنة بين التراث الطبي العربي بالانجازات اليونانية لأن مثل هذه الاتجاهات العلمية هي الكفيلة بإيضاح مساهمة العرب الحقيقية والأصيلة في هذا الميدان من المعرفة العلمية ولا بد من التطرق أيضا إلى اهتمام أوروبا بالعمالقة العرب والمسلمين في الطب أمثال الرازي وابن سينا والزهراوي حيث رفعت صورهم على جدران وممرات وقاعات في الجامعات الأوروبية في العصور الوسطى ليبقى طلابها يذكرون دوما بأن الطب الحديث صنعت جذوره على أيدي الأطباء العرب والمسلمين في العصور الزاهرة.
أ. د. محمد حسن الحمود
مصدر الصورة
youtube