غياب التفكير العلمي يشكل ظاهرة خطيرة في مجتمعاتنا / pixabay

كيف ننمي ونعزز التفكير العلمي عند الاطفال؟

من يتأمل واقع الطفولة في مجتمعاتنا العربية بصورة عامة، يلحظ بكل تأكيد عجزا واضحا في قدرات الطفل العربي على التفكير العلمي، واستسلاما لما هو شائع من فكر خرافي منتشر في البيئة التي يعيش فيها، والحق ان غياب هذا التفكير العلمي يشكل ظاهرة خطيرة فى مجتمعاتنا، تحول في كثير من الاحيان دون ابداع الاطفال ونبوغهم في المستقبل. وبلا مبالغة فان القيم والمفاهيم السائدة التي يقتات عليها اطفالنا – إذا صح التعبير – هي قيم ومفاهيم لا تصمد امام منطق العلم واخلاقياته، بل انها تكبل اجتهاداتهم، وتحاصر قدراتهم العلمية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بإصرار هو: كيف نفعل الفكر والقيم امام اطفالنا؟ هل نتركهم فريسة سهلة للخرافات التي تدمر النشاط العلمي، وتوصد الباب امام الابداع والابتكار؟

هل نجعلهم يسلمون بأنه لا يوجد أحسن مما كان، فنكون بذلك قد فرضنا عليهم نمطية تفكير واحدة تنكرها فلسفة العلم وانجازاته؟

في تصور الكثير من العلماء والمربين، فان هيمنة ما يسمى بـ«الحقائق المؤكدة» على عالم الأطفال فيه الكثير من التعسف بل ومخالفة منطق التفكير العلمي السليم.. وفي نظر هؤلاء العلماء، فان البحث العلمي والتجارب العلمية كثيرا ما تم اعتباره في مرحلة زمنية معينة «حقيقة علمية» مطلقة وابدية وعليه فالواجب يدعونا احداث تثوير في الفكر والقيم، بغية خلق مفاهيم جديدة، تلائم تطورات العصر العلمية والثقافية.

ولكن كيف يتم ذلك؟

يتم من خلال هزة مدروسة في العملية التعليمية العربية، هذه الهزة تقضي على النهج التقليدي في التعليم الذي يفرض ما يعتقده بالمسلمات التي سرعان ما يدحضها التفكير العلمى الدائب على البحث والاستقصاء.

انّ الاطفال في عالمنا العربي يعانون الكثير من هذه الظاهرة الاجتماعية المتغلغلة في بيئاتنا التعليمية، فهم محرومون من المناقشة وحق التساؤل المشروع او الاعتراض على بعض المسلمات!

ومع الأسف، فإنهم إذا ما فعلوا ذلك، قد يتعرضون للوم او الكبت من قبل معلميهم او آباء.

ان من حق هؤلاء الاطفال ان يدركوا انه لا توجد حقيقة سائدة منزهة عن امكانية النقض والمخالفة، ما دام التفكير العلمي يخضع دوما للبحث والتجربة.


على المسؤولين عن «العملية التعليمية» في مجتمعاتنا العربية التفطن الى هذه الحقيقة وعدم اتباع اسلوب الاملاء والفرض في «سوق» المعلومات او الحقائق، بل عليهم السماح للأطفال بالمناقشة الهادفة دون قمعهم او الاستهزاء احيانا باجتهاداتهم. اما الفكر الخرافي المعادي للعلم والعقل، فينبغي محاربته بكل قوة، إذا ما أردنا لأطفالنا النمو في بيئة علمية محصنة ضد الخرافات والاعتقادات التى تنقضها فلسفة العلم ومنهجية التفكير العلمي.

يوسف عبدالله محمود

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *