تُعد رائحة السمك المميزة واحدة من أكثر الأمور التي يلاحظها الجميع عند التعامل مع الأسماك، ورغم أن العديد من الناس يعرفون أن الخل أو الليمون يمكنهما إزالة هذه الرائحة، إلا أن القليلين يعلمون السبب العلمي وراء هذه الظاهرة وكيفية حدوثها. في هذا المقال الذي ننشره في موقع آفاق علمية وتربوية، سوف نتناول سبب ظهور رائحة السمك وكيف يمكن للخل أو الليمون أن يساهما في التخلص منها.
أسباب ظهور رائحة السمك
تنشأ رائحة السمك بسبب مادة كيميائية توجد في عضلات الأسماك تُعرف باسم أكسيد ثلاثي ميثيل الأمين (Trimethylamine oxide)، وعند اصطياد السمك وخروجه من الماء، تبدأ هذه المادة في التحلل بفعل الإنزيمات والبكتيريا التي تعيش على سطح الأسماك، حيث تتحول مادة أكسيد ثلاثي ميثيل الأمين إلى مادتين رئيسيتين هما:
ثلاثي ميثيل الأمين (Trimethylamine) وثنائي ميثيل الأمين (Dimethylamine).
المركب الأول، وهو ثلاثي ميثيل الأمين، هو المسؤول الرئيسي عن تلك الرائحة القوية وغير المستحبة المعروفة باسم “الزفرة”.
بينما يلعب ثنائي ميثيل الأمين دورًا أقل في تكوين الرائحة، لكنه يُساهم أيضًا إلى حدٍ ما في انبعاث الرائحة.
وتبدأ هذه العملية بعد فترة قصيرة من خروج السمك من الماء، وكلما طالت الفترة بين اصطياد السمك وطهيه أو تناوله، زادت قوة الرائحة الناتجة.
دور الخل والليمون في إزالة الرائحة
قد يبدو للكثيرين أن استخدام الخل أو الليمون مجرد حيلة تقليدية لإزالة الرائحة، لكن العلم يوضح أن هناك تفاعلات كيميائية حقيقية تحدث.
فالمواد المسؤولة عن رائحة السمك هي أمينات، وهي مركبات قلوية بطبيعتها.
ومن ناحية أخرى، يحتوي كل من الخل والليمون على أحماض؛ فالخل يحتوي على حمض الأسيتيك بينما يحتوي الليمون على حمض الستريك.
عندما يتم وضع الخل أو الليمون على السمك، تحدث عملية تفاعل بين الحمض والقاعدة، اذ يتم “معادلة” القلوية الموجودة في الأمينات المسببة للرائحة، مما يؤدي إلى تقليل أو التخلص من الرائحة تمامًا.
وهذا التفاعل الكيميائي البسيط هو السبب في قدرة الخل أو الليمون على تحييد الرائحة القوية للسمك.
حلول إضافية للتخلص من الرائحة
إلى جانب استخدام الخل أو الليمون، هناك بعض الحلول المنزلية الأخرى التي يمكن أن تكون فعالة للتخلص من هذه الرائحة، ومن بين هذه الحلول:
1. استخدام بيكربونات الصوديوم: فمادة بيكربونات الصوديوم تعد قاعدة ضعيفة ويمكن استخدامها لتقليل رائحة السمك عن طريق امتصاص الروائح، ويمكن رشها على الأسطح التي تتعرض لرائحة السمك.
2. النقع في الحليب: وضع السمك في الحليب لبعض الوقت قبل طهيه يُساعد أيضًا في امتصاص الروائح غير المرغوبة. يُقال إن الحليب يرتبط بالمواد الكيميائية المسببة للرائحة ويساهم في إزالتها.
3. الطهي السريع: تقليل الوقت بين صيد السمك وطهيه يُساعد في تقليل تكوّن المواد المسببة للرائحة، فطهي السمك الطازج فورًا يمكن أن يقلل من شدة الرائحة.
تأثير الرائحة على جودة السمك
من المهم أن نلاحظ أن الرائحة القوية قد تشير إلى أن السمك لم يعد في حالة جيدة للاستهلاك. فبينما يكون للسمك الطازج رائحة بحرية خفيفة، فإن ظهور رائحة “الزفرة” القوية يشير إلى بدء تحلل المواد العضوية في السمك.
لذا يُفضل دائمًا التحقق من نضارة السمك قبل استخدامه، عبر فحص رائحته ولونه ونسيجه.
نصائح لتجنب الرائحة
لتجنب مواجهة هذه الرائحة غير المرغوبة، يمكن اتباع بعض النصائح:
– شراء السمك الطازج واستخدامه سريعًا بعد الشراء.
– حفظ السمك في الثلاجة عند درجات حرارة منخفضة.
– تنظيف الأسطح التي تعرضت للسمك باستخدام الخل أو الليمون مباشرة بعد التحضير.
في النهاية، فهم العلم وراء هذه الرائحة وكيفية التخلص منها يُمكن أن يساعدنا في الاستمتاع بالأطباق البحرية دون الشعور بالإزعاج من تلك الرائحة المميزة.
المراجع
1. الزعبي، خ. (2020). الكيمياء الحيوية للأسماك. عمان: دار المسيرة.
2. الجبر، س. (2018). أساسيات الكيمياء العضوية. القاهرة: دار الفكر العربي.
3. الفالح، م. (2019). دليل الطهي الصحي. بيروت: دار النشر العلمية.