قوة القمر في التأثير على فسيولوجيا الكائنات الحية

ظلَّ تأثيرُ القمرِ على الكائناتِ الحيَّةِ موضوعًا شيِّقًا للدراسةِ والبحثِ لقرونٍ. وبينما يرتبطُ هذا الموضوعُ بكثيرٍ من المعتقداتِ الشعبيَّةِ، أظهرتِ الدراساتُ الحديثةُ بعضَ التأثيراتِ المحتملةِ للقمرِ على فسيولوجيا الجسمِ، وإن كانتْ محدودةً.

المهندس مجدي عبد الكريم ابو زينه

يعتقدُ العديدُ من الأطباءِ والفيزيائيينَ أنَّ للقمرِ والشمسِ تأثيرًا على نموِّ الكائناتِ الحيةِ وصحَّةِ الإنسانِ. فكما تظهرُ الحلقاتُ السنويةُ على جذوعِ الأشجارِ نتيجةً لنموِّها، يرى البعضُ أنَّ للقمرِ تأثيرًا مماثلًا على صحةِ البشرِ. يتضحُ هذا التأثيرُ في الدوراتِ القمريةِ، حيثُ يكونُ الخشبُ المقطوعُ في بدايةِ الشهرِ القمريِّ أكثرَ تماسكًا وأقلَّ عرضةً للتلفِ، بينما يكونُ أكثرَ هشاشةً إذا تمَّ قطعهُ في نهايةِ الدورةِ القمريةِ.

في الماضي، اعتمدَ الرومانُ على هذهِ الظاهرةِ عندَ بناءِ السفنِ والجسورِ، إذْ لاحظوا أنَّ الخشبَ المقطوعَ خلالَ مراحلَ معينةٍ من القمرِ يكونُ أقلَّ عرضةً للتعفنِ والفسادِ. علاوةً على ذلك، يعتقدُ بعضُ العلماءِ أنَّ سكرَ الخشبِ يتأثرُ بمراحلِ القمرِ، إذْ يؤدي اكتمالُ القمرِ إلى ارتفاعِ نسبةِ السكرِ، مما يجعلُ الخشبَ أكثرَ عرضةً لهجومِ الحشراتِ والفطرياتِ. أما خلالَ مراحلِ المحاقِ، فإنَّ نسبةَ السكرِ تنخفضُ، مما يحافظُ على الخشبِ لفترةٍ أطولَ. ويكونُ ألمُ سمِّ الثعبانِ أشدَّ عندما يكونُ القمرُ مكتملًا، بينما يكونُ السمُّ قليلَ التأثيرِ في حالِ كانَ القمرُ في المحاقِ.

أولًا: تأثير القمر على أنماط النوم

تشيرُ الأبحاثُ إلى أنَّ القمرَ قدْ يؤثرُ بشكلٍ طفيفٍ على النومِ، خاصةً أثناءَ اكتمالِه. أظهرتْ دراسةٌ أنَّ الأشخاصَ يعانونَ من انخفاضٍ في النومِ العميقِ ويحتاجونَ وقتًا أطولَ للنومِ خلالَ هذهِ الفتراتِ، وينامونَ حوالي 20 دقيقةً أقلَّ في المتوسطِ.

ثانيًا: تأثير القمر على المزاج والصحة العقلية

رغمَ أنَّ المعتقداتِ التاريخيةَ ربطتْ اكتمالَ القمرِ بزيادةِ العدوانيةِ أو السلوكِ غيرِ المستقرِّ، فإنَّ الدراساتِ الحديثةَ تشيرُ إلى وجودِ تأثيراتٍ طفيفةٍ فقط. ومع ذلك، لاحظتْ بعضُ الدراساتِ تغييراتٍ في أعراضِ اضطرابِ ثنائيِّ القطبِ، ربما نتيجةَ اضطرابِ دوراتِ النومِ خلالَ مراحلَ معينةٍ من القمرِ.

ثالثًا: تأثير القمر على الجهاز القلبي وكفاءة الجسم البدنية

قد يكونُ لجاذبيةِ القمرِ تأثيراتٌ طفيفةٌ على الجسمِ البشريِّ. تشيرُ بعضُ الأبحاثِ إلى تحسُّنٍ في الكفاءةِ القلبيةِ والأداءِ البدنيِّ خلالَ فتراتِ البدرِ والمحاقِ، رغمَ الحاجةِ إلى مزيدٍ من الدراساتِ لتأكيدِ هذهِ النتائجِ.

رابعًا: تأثير القمر على الزراعة

لطالما كانَ تأثيرُ القمرِ موضوعًا مهمًّا بينَ المزارعينَ والصيادينَ، حيثُ يُقالُ إنَّ القمرَ يؤثرُ على جودةِ المحاصيلِ وتوقيتِ الحصادِ. فعلى سبيل المثالِ، يُفضِّلُ بعضُ المزارعينَ جنيَ المحاصيلِ عندَ اكتمالِ القمرِ، بينما يرونَ أنَّ الغرسَ أثناءَ المحاقِ يكونُ أكثرَ فائدةً. في الآونةِ الأخيرةِ، اكتشفَ الباحثونَ أنَّ الجاذبيةَ القمريةَ قدْ تؤثرُ حتى على قشرةِ الأرضِ، حيثُ وجدَ علماءُ من جامعةِ هارفاردَ أنَّ ارتفاعًا وانخفاضًا بسيطًا يحدثُ في القشرةِ الأرضيةِ نتيجةَ لجاذبيةِ القمرِ.

خامسًا: تأثير القمر على السلوك الحيواني

يظهرُ تأثيرُ القمرِ بشكلٍ أوضحَ في سلوكِ الحيواناتِ، حيثُ تتغيرُ أنماطُ التغذيةِ والتكاثرِ والنشاطِ وفقًا لتغيرِ مستوياتِ الإضاءةِ وحركةِ المدِّ والجزرِ التي يُحركُها القمرُ. أما في مجالِ الصيدِ، فقدْ لاحظَ بعضُ الصيادينَ أنَّ القمرَ يؤثرُ على حركةِ المدِّ والجزرِ، مما يؤثرُ بدورِه على أنماطِ سلوكِ الأسماكِ. ويؤكدُ العلماءُ أنَّ القمرَ يلعبُ دورًا مهمًّا في التأثيرِ على التياراتِ البحريةِ وحركةِ الكائناتِ البحريةِ.

References

• Caton، Dan (2001). Natality and the Moon Revisited: Do Birth Rates Depend on the Phase of the Moon? ، Vol 33، No. 4، 2001، p. 1371.

•  Sanduleak، Nicholas (1985). The Moon is Acquitted of Murder in Cleveland، Skeptical Inquirer، Spring 1985، 236-42. Reprinted in Science Confronts the Paranormal، edited by Kendrick Frazier، Prometheus Books،

• Bob  (2003). Fooled by the Full Moon – Scientists search for the sober truth behind some loony ideas،  September 2003، page 30.

•  Abell، George and Barry Singer (1981). Science and the Paranormal – probing the existence of the supernatural، Charles Scribner’s Sons، chapter 5، ISBN 0-684-17820-6.