الدكتور الصيدلاني صبحي شحاده العيد *
مادة غذائية ضرورية للإنسان وقد اثبت العلم قيمتها الغذائية الكبيرة وقيل عنه انه غذاء ودواء وفاكهة وحلوى وقد أثبت العلم قيمتها الغذائية الكبيرة وتنوع فوائدها وقد ذكر النخيل في الكثير من الآيات والأحاديث تأكيدا على أهمية ثماره فقال تعالى ” ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ” وقال صلى الله عليه وسلم : إن التمر يذهب الداء ولا داء فيه .
من الدلائل على أهمية التمر وقيمته الغذائية إنه كان طعام مريم عليها السلام عندما ولدت سيدنا عيسى عليه السلام ولو أراد الله لها طعاما خيرا منه لأطعمها إياه .
أشجار النخيل شبيهة بالإنسان فهي جذع منتصب منها الذكر والأنثى فلا تثمر الأشجار إلا إذا لقحت وإذا قطع رأسها ماتت ويغطي جذعها غطاء من الليف وهو شبيه بشعر الإنسان ، تقاوم هذه الشجرة الرياح الشديدة نتيجة مطاطية جذعها وارتباطها بالأرض كما يرتبط الإنسان وتتحمل العطش لفترات طويلة وتتحمل درجة الحرارة المرتفعة حتى 50 مئوية وانخفاض درجة الحرارة حتى -9 تحت الصفر .
يعتبر النخيل من أغنى الفواكه بالفسفور والمغنيسيوم والحديد ، إذ يحتوي على 90% من وزنه مواد سكرية ونشوية ويستطيع الجهاز الهضمي امتصاصه سريعا ، لذا كان من السنة أن يفطر الصائم على التمر والماء لتزويد الجسم سريعا بالسكريات ويسهل الولادة لاحتياج المخاض لزيادة السكريات لأن احتراق السكر يكثر أثناء المخاض وتناول السكريات يفيد كثيرا في هذا المجال .
أحسن وقت لأكله في وقت البرد وفصل الشتاء فكل كيلو غرام من التمر يعطي 3000 سعر حراري أي ما يعادل الطاقة الحرارية التي يحتاجها رجل متوسط النشاط في اليوم الواحد .
وكان الناس في السابق يعتمدون على التمر في الغذاء ويدخرونه للتموين في بيوتهم حتى الستينات من القرن الماضي ويأتي التمر في السابق بعد الخبز مباشرة وتعتبر نخلة البلح ( التمر فيما بعد ) هي شجرة الأديان السماوية فقد ذكرت النخلة في 20 آية في 16 سورة في القرآن الكريم وقد كان اليهود يطلقون اسم تمارا على بناتهم تشبيها لهن بالنخلة التي تتمتع بالخصوبة والقوام الممشوق والطعم الحلو .
لقد جاءت الأبحاث الطبية لكي تكشف عن آثار التمر التي تعادل آثار العقاقير الميسرة لعملية الولادة كما تسهل انقباض الرحم بعد الولادة ويمنع النزيف ، كما أن له تأثيرا مهدئ للأعصاب وذلك بتأثيره على الغدة الدرقية لذا ينصح الأطباء بإعطاء الأطفال والكبار من العصبيين ثمرات من التمر في الصباح من أجل حالة نفسية أفضل .
التمر في الطب القديم
وصف التمر في الطب القديم بأنه مقو للكبد ملين للطبع يزيد من القوة الجنسية ولا سيما مع حب الصنوبر ( 7 حبات مع مقدار نصف وزنها صنوبر ) صباحا ومساء ، يلين من خشونة الحلق والصوت وخصوصا إذا شرب منقوعه كما ثبت أنه من أكثر الثمار تغذية للجسم ولكن لا بد من التذكير بأن تناول الكثير منه يؤدي لعسر الهضم والصداع ويؤذي الأسنان .
التمر في الطب الحديث
لقد ثبت في الطب الحديث أن كل 100غم من التمر ( بدون النوى ) تحتوي على 65 ملغم كالسيوم ، 72ملغم فسفور ، 5ملغم حديد وهذه الأملاح المعدنية القوية تساعد الدم على التخلص من حموضته الزائدة والسموم المتراكمة .
وكل 100غم من التمر بدون النوى تعطي حوالي 350 سعر حراري ، كما ثبت بأنه مصدر لفيتامين (أ،ج،ب) ويمكن حفظه لأكثر من عام محتفظا بكل خواصه الغذائية .
يعتبر التمر في الطب الحديث ملين طبيعي ممتاز يستطيع من اعتاد تناوله يوميا أن ينجو من حالات الإمساك المزمن وقد ثبت أنه مقو للعضلات والأعصاب ومؤخر لمظاهر الشيخوخة وهذا ما يتميز به العربي بالصحراء .
إن القيمة الغذائية للتمر تعادل 3 أمثال ما للسمك من قيمة غذائية وقد ثبت أنه يزيد وزن الأطفال حيث أنه سهل الهضم سريع التأثير في تنشيط الجسم ونظرا لاحتوائه على فيتامين (أ) فهو يحفظ رطوبة العين وبريقها ويمنع جحوظها ويكافح الغشاوة ويقوي الرؤيا وأعصاب السمع ويهدئ الأعصاب .
لقد ثبت أن بضع حبات من ثمر التمر تزيد بمفعولها عن فائدة زجاجة كاملة من شراب الحديد والكالسيوم محلولان في التمر بشكل طبيعي يتقبله ويمتصه بسرعة بينما أشربة الحديد والكالسيوم لا يهضمهما ولا يمتصهما غشاء المعدة والدليل على ذلك هو اصطباغ لون براز من يتعاطى هذه الأدوية بالسواد أي أن كمية من الحديد لم تستقلب في الأمعاء ولم يستفد منها فطرحها عن طريق الجهاز الهضمي .
والمعتقد إن غنى التمر بالمغنيسيوم هو سبب انعدام السرطان لدى سكان الواحات وأكثرهم الفقراء لا يعرفون مرض السرطان مطلقا .
أما الدبس والمستخرج من التمر فقد وصف أنه محلل للبلغم وينفع السعال والبرد أما سنة الرسول الأعظم القائلة باقتصار الفطور على بضع تمرات وجرعة من الماء والعودة بعد الصلاة والعبادة للمائدة فقد ثبت بأن لهذا النمط من الإفطار الفوائد التالية :
• إن المعدة لترهق لما تقدم إليها من غذاء دسم وفير بعد أن كانت هاجعة نائمة طيلة 18 ساعة تقريبا بل تبدأ عملها بالتدرج بهضم التمر السهل الامتصاص ثم بعد نصف ساعة تقريبا يقدم لها الإفطار المعتاد .
• إن تناول التمر أولا يحد من جشع الصائم فلا يقبل للمائدة ليلتهم ما عليها بعجلة ودون مضغ أو تذوق .
• إن المعدة تستطيع هضم المواد السكرية في التمر خلال نصف ساعة فإذا بالدم يغتني بالوقود السكري الذي يجوب أنحاء الجسم ويبعث في خلاياه النشاط فيزول الإحساس بالدوخة والتعب والجوع سريعا.
أما إذا أقبل الصائم على المائدة كما هو شائع يلتهم المرق والسمن والأرز واللحم ويعقبها الفاكهة والحلويات ثم يرد فيها بكأس أو 3 كؤوس من الماء تمدد العصارة المعدية وتبطل مفعولها فإن سوء الهضم والتعفن سيكون حتما من نصيبه والشعور بالإعياء والدوخة والتعب يضاف إلى ذلك شعور جديد مؤلم هو الإحساس بالامتلاء المعدي والنفخة وسيظل الدم فقيرا لما يحتاجه الصائم من وقود السكر لأن المعدة لن تنتهي من هضم وجبة الإفطار الدهنية قبل مضي 7 ساعات أو أكثر وستبقى خلايا الجسم تئن وتصرخ طالبة غذاؤها الذي لم يصلها بعد رغم وصوله للمعدة وصراخها يترجم عادة بالتراخي والدوخة وزوغان البصر وعدم استطاعة صاحبها القيام بأعماله الجسدية والفكرية .
ملاحظة :
– يمنع التمر عن البدينين والمصابين بالسكري إلا بمقادير معقولة يوميا
– ينصح بعدم تناول كمية كبيرة من التمر دفعة واحدة لأن ذلك يسبب الصداع والضجر .
– يفضل عدم تناول التمر بعد الأكل مباشرة .
*مستشار(دكتوراه) الغذاء الصحي والنباتات الشافية
drsubhi_eid@hotmail.com