يمر الطفل بمراحل نمو مختلفة، تقتضي من الآباء والأمهات والمعلمين مراعاة خاصة فالطفل الذي عمره اربع او خمس سنوات غير الطفل الذي عمره ثماني او عشر سنوات، فمدركات الاول ودرجة وعيه بالمسموح به او الممنوع، تختلف عن مدركات الآخر ودرجة وعيه وعليه ينبغي ان يراعي الكبار مستوی نمو الطفل، حتى ينشأ في مناخ صحي، بحيث يمارس حقوقه الذاتية دون قيود او اکراه، ما دامت تدخل ضمن المعقول والمتاح لنأخذ على سبيل المثال طفلا دون السادسة من العمر، ولنتابع كيف يتعامل معه الآباء والأمهات لحظة حلول الموعد الطبيعي للنوم.
فالبعض قد يصر على أن ينام اطفالهم في مثل هذه السن وفق تعليماتهم وتوجيهاتهم دون مراعاة لاستعداداتهم الذاتية التي قد تتمرد على هذه التعليمات، مختارة لحظة النوم من تلقائها، بينما قد نرى البعض الآخر من الآباء والأمهات أميل لترك هذه المسألة لرغبات الاطفال أنفسهم، فتراهم لا يقحمون ذواتهم في فرض لحظة النوم ليلا على اطفالهم، تاركين لهم الحرية في الاختيار
قد يقال هنا: ان الطفل في مثل هذه السن بحاجة الى التوجيه والارشاد، بل وممارسة نوع من السلطة عليه، حتى يتمثل لما يراه الكبار في صالحة ومثل هذا القول يبدو مشروعا في بعض المواقف، وغير مشروع في بعضها الآخر، فإكراه الطفل مثلا على النوم. بينما هو ما زال في اوج نشاطه وحركته، قد يؤثر سلبا على نفسيته، فينقم على والديه، وقد يتمرد عليهما، ويرفض النوم المبكر، ولعل من الافضل ان يعالج الوالدان هذه المسألة وغيرها بالحكمة والتفاهم مع الأطفال، فثمة فرق بين طفل يقتنع بما يقوله والداه فيخلد للنوم في موعد محدد متفق عليه، وطفل لا يقتنع بمثل هذا الموعد، اذ يراه قامعا النشاطه وللحيوية التي تضج بها حركاته، مفضلا أن يقرر بنفسه لحظة النوم.
كذلك قد يصر بعض الآباء والأمهات على اطفالهم ان يتناولوا لونا من الأطعمة لا يرغبون فيه لسبب أو لآخر، دون أن يتركوا لهم ايضا حرية الاختيار، كما أن منهم من يلح على طفله ان يتناول من الطعام قدرا أكبر مما يطيقه، والنتيجة قد تكون سلبية على صحة الطفل.
صفوة القول هي: ان التوجيه والارشاد اللذين يمارسان على الطفل الصغير ينبغي أن يتما بحكمة وتدبر، مع تجنب الاكراه او الاستخفاف برغباته في الاكل او اللعب او النوم، وإذا اقتضى الموقف احيانا ممارسة «السلطة» حيث أن خبرة الطفل ما زالت فجة، وسلوكه غير ناضج، فليتم ذلك بمرونة مع بعض الحزم. اما ممارسة التمديد وفرض السلطة دوما، فسيؤثر سلبا على نمو الطفل.
يوسف محمود