أدى الاستخدام العشوائي للمبيدات الكيميائية الحشرية وغيرها إلى إعطاء الفرصة للكثير من الآفات الحشرية الضارة والثانوية داخل البيئة أن تتكاثر، وتنتشر بسرعة مما أدى إلى زيادة خطورتها نتيجة للخلل الذي أصاب التوازن البيئي الطبيعي، ونتيجة للقضاء على مختلف الحشرات النافعة مثل المفترسات والطفيليات الحشرية والطيور كالأسماك والفطريات والجراثيم والفيروسات (ميكروبات ممرضة تصيب الحشرة بأمراض منها ما هو بكتيري أو فطرى أو فيروس)، وجميعها تعمل بقدر كبير في مجال المقاومة البيولوجية، ولا تتدخل في التوازن الطبيعي للكائنات، وليس لها أي مضار بالكائنات والحيوانات المفيدة، ولا توجد منها خطورة على الإنسان أو ممتلكاته، وهى قليلة التكاليف .
وأما المبيدات الكيميائية الحشرية المستخدمة بدون استثناء فهي عبارة عن مركبات سامة تتفاوت سميتها تبعاً لنوعها وتركيبها ولها أضرار كبيرة خطيرة ومدمرة إن لم يكن هناك دقة في اختيار أنواعها، ووعى كامل لاستعمالها ففي اليمن مثلا أدت الآثار السلبية لها إلى ظهور سلالات من الآفات الحشرية مقاومة للمبيدات، ومن بين هذه الآفات التي سجلت مقاومة للمبيدات الحشرية حشرة من القلف الأسود، والتي تصيب أشجار اللوزيات، والتي تسببت في تلف الكثير منها بالرغم من استخدام أنواع مختلفة من المبيدات وبتراكيز عالية وعلى فترات زمنية متقاربة، مما زاد فداحة المشكلة على البيئة، وقد يرجع ذلك الخلل في التوازن البيئي، وإلى الإفراط العشوائي في استخدام المبيدات التي تسببت في القضاء على الكثير من الأعداء الطبيعية للآفات الحشرية .
ولقد واجهت بلادنا في بداية الثمانينيات وإلى يومنا هذا ظهور حشرات المن والذبابة البيضاء بكثافة كبيرة جداً حتى أن الباحث يعجز أحياناً عن تصنيف أنواعها، وهذه الحشرات تتسبب في نقل معظم الأمراض الفيروسية الخطيرة على محاصيل الخضار مثل مرض الاصفرار الفيروسي الذي أصاب القرعيات وخاصة البطيخ والشمام والخيار، وأدى إلى قلع الكثير من أشجار القرعيات الأمر الذي سبب عزوف الكثير من المزارعين عن زراعة البطيخ والشمام، ولا زالت المشكلة قائمة إلى يومنا هذا حيث فشلت كل الجهود العلمية للقضاء أو للحد من انتشار هذه الظاهرة. وعليه فإن الاستخدام المتزايد لتلك المبيدات وسيؤدى على المدى الطويل إلى اختفاء الأعداء الحيوية من مفترسات ومتطفلات على الحشرات الزراعية وغيرها في جميع مناطق البلاد، ولدينا من التجارب أمثلة عديدة من مختلف أنحاء العالم توضح بأن المزارعين في النهاية سوف لا يستطيعون مكافحة أو إيقاف لانتشار أو تفشى الآفات الضارة مهما استخدموا من كميات كبيرة من المبيدات، ومهما ازداد عدد مرات الرش، وبالتالي فإن النتيجة ستكون إنتاج محاصيل متدنية وضعيفة الإنتاجية وتحت الظروف المناخية القصوى فإن النظام البيئي الزراعي سيأخذ وقتاً طويلاً ليعود إلى حالته الطبيعية لزراعة محاصيل مقاومة للآفات الحشرية ذات الإنتاجية العالية، كما كانت عليه سابقاً .
إعداد آلاء رمضان