وفقاً للتفكير البنائي، فإن التعليم هو عملية استقصاء بحيث تكون مهمة التعلم قائمة أساساً على ربط الجديد الذي تم التعرف إليه مع المفاهيم السابقة. فالطالب الذي يتعلم أمراً ما .
هو ذاك الذي يفهم فكرة جديدة (مما يحتم أن تكون هذه الفكرة متموضعة ضمن شبكة مفاهيم لفظية ولغوية)، وهو ذاك الذي يدرك قيمتها الحقيقية ويحكم على تناغمها مع مفاهيم أخرى. إن تعلم فكرة بأية طريقة أخرى هو الحصول على تصرف لغوي يصدر عادة في مواجهة محرك ما. ولكنه ليس تعلم فكرة نستطيع أن نفهمها ونستعملها بطريقة مثمرة عقلياً .
خصائص المعرفة وفق النظرية البنائية
الإنسان يبني المعرفة: فالمعرفة ليست مجموعة وقائع ومفاهيم وتعاميم وقوانين . يجب اكتشافها. إنها ليست شيئاً موجوداً بمعزل عن صاحب المعرفة. فالمعرفة يجري بناؤها من خلال سعي المتعلمين لفهم العالم المحيط بهم.
المعرفة أمر مؤقت: بما أن المعرفة يبنيها الإنسان الذي هو بدوره في حالة تطور واختبار أحداث جديدة بشكل مستمر، فهي ليست مستقرة. القناعات التي ننتجها هي مؤقتة وغير مكتملة (حتى في العلوم).
المعرفة تكبر مع الخبرة: الاقتناعات تتعمق وتتصلب عندما تتعرض للتجارب. هذه التجارب قد تكون اختبارات فردية مع أشياء أو أحداث أو قد تكون اختبارات اجتماعية.
العناصر الأساسية للتعلم البنائي:
يتميز التعليم البنائي بمجموعة من العناصر، أهمها:
تنشيط المعرفة المسبقة: بما أن التعليم يتضمن الربط بين ما تتعلمه وبين ما تعرفه أصلاً، فتنشيط المعرفة المسبقة يكتسب أهمية كبرى للتعليم الناجح. وسائل تنشيط المعرفة المسبقة تتضمن الأسئلة والعصف الذهني والتوقع والسعي باتجاه طريقة أو مهارة معينة.
اكتساب المعرفة: إذا كان على الطلاب أن يطوروا المفاهيم، فعليهم أن ينظروا من الزأوية الكبيرة دون إهمال الأجزاء الصغيرة المتعلقة بها. فالفهم لا ينتج عندما يكون المضمون عبارة عن أجزاء من المعلومات – إنه لا ينتج عندما يجري التضحية بالعمق من أجل الاتساع. قد يكون مفيداً أكثر تمييز بعض الأفكار الرئيسة ودرسها بالعمق بدلاً من الإكثار من الأفكار وتعلمها بطريقة سطحية.
الفهم: متى تعرض الطلاب لمضمون أو مهارات جديدة، تنطلق عملية الفهم. يقارن الطلاب المعلومات الجديدة بالموجودة لديهم في الأصل لمعرفة ما إذا كان الجديد يتناسب أو يتناقض معه مما يفترض تعديله. المعلم يستطيع مساعدة الطلاب على الفهم من خلال الطلب إليهم أن يلخصوا المضمون، أن يعبروا عن الأفكار الجديدة بطريقتهم الخاصة، أن يسجلوا بعض هذا المضمون ويشرحوا معناه ويحددوا معاييره (الاستيعاب المعمق) . بإمكانهم مقارنة المضمون مع سواه، دراسة أمثلة عنه، ابتداع القياسات له، توسيعه يشمل مجالات أرحب، المشاركة والنقد … الخ.
استخدام المعرفة: إعطاء الطلاب نشاطات تسمح لهم باستخدام المعرفة التي اكتسبوها مما يحسن هذه المعلومات ويجعلها قابلة للاستعمال في أوضاع جديدة. إن أكثر النشاطات المعرفية فعالية هي النشاطات التي تعتمد على حل المسائل المستوحاة من الحياة اليومية، المثيرة للاهتمام، الموسعة ذات الأوجه المتعددة، غير المبسطة لغايات أكاديمية، الطويلة الأمد والاجتماعية (أي التعاون مع الغير).
التأمل في المعرفة: على الطلاب أن يكتسبوا المعرفة، أن يفهموها وان يستخدموها. ولكنهم بحاجة أيضاً لأن يتأملوا فيها. النشاطات هنا تشمل كتابة التقرير، تعليم ما يعرفه فرد للآخرين، استخدام خرائط المفاهيم … أي المعرفة المتكاملة.
إن النظرية البنائية لعملية التعليم تتضمن النقاط الآتية:
يأتي الطلاب إلى الدروس العلمية حاملين أفكارهم الخاصة حول الظواهر الطبيعية بعد أن طوروها من خلال اختباراتهم اليومية: الطلاب ليسوا ألواح فارغة.
هذه الأفكار المسبقة تتفاعل مع الاختبارات والظواهر الجديدة: الطلاب يربطون بين الأفكار المسبقة والاختبارات الجديد.
خلق الروابط مع الأفكار السابقة يحث الطلاب على اغتراف المغزى من الاختبارات الجديدة: الطلاب يستخلصون مغزى الاختبارات الجديدة من خلال بناء هذا المغزى.
دور المعلم يتغير في هذا الإطار بدلاً من تمرير أجزاء من المعلومات إلى الطلاب ، يأخذ بالعمل معهم، ويؤمن الخبرات التي تمكن الطلاب من بناء معانيهم الخاصة: المعلم يلعب دور مسهل التدريس بدلاً من دور ناقل المعرفة.
التعلم عملية حية أو فعالة، بحيث يستخدم كل طالب أفكاره السابقة لاغتراف معنى الخبرات الجديدة، بدلاً من لعب دور المتلقي غير الفعال للمعلومات المقدمة من المعلم: المتعلم فعال بدلا من غير فعال.