هل تتبوأ الدول العربية مكانة مرموقة بين العشرة الكبار في إنتاج القمح ؟ / pixabay

القمح المحصول الأكبر في المساحة المزروعة والأكثر استهلاكاً في العالم

• ترتيب الدول الأكثر إنتاجا للقمح في العالم (2017)
• ترتيب بعض الدول العربية وفقاً للإنتاج العالمي للقمح
• تقرير وزارة الزراعة الأمريكية
• مقترحات لزيادة انتاج القمح

إعداد الدكتور سعود شهاب

القمح نبات عالمي حولي من الجنس Triticum والفصيلة النجيلية Poaceae، ويعد المحصول الزراعي الأكثر مبيعا في العالم اذ انه احد اهم المصادر الغذائية الرئيسة في شتى انحاء العالم كما انه يستخدم في انتاج كم هائل من المواد الغذائية.

ويعود تاريخ القمح ونشأته الى العصر الحجري، وقد وجدت له نقوش ورسومات كثيرة في الآثار القديمة، مما يُظهر مكانته الدينية التي كانت بمقام التوقير والتقديس. وتذكر الاديان بأن القمح من نباتات الجنة التي انزلت الى الارض، وأول ما عرف كان القمح نباتاً برياً، عرفته المجتمعات الأولى في بلاد الشام ( فلسطين ، الاردن ، سوريا ، لبنان ) و بلاد الرافدين وإيران وتركيا وأثيوبيا.

وأشهر أنواع القمح: القمح القاسي Triticum durum)، وهو ذو جودة عالية وقيمة غذائية ممتازة وله لون أصفر، ويدخل في الصناعات الغذائية الخاصة بإنتاج المعكرونة والبرغل والمفتول، أما القمح الطري Triticum aestivum ، ويعرف بقمح الخبز، وهو أكثر أنواع القمح زراعة في العالم.

تدخل حبوب القمح بشكل رئيس في تصنيع الغذاء، وفي صناعة الدقيق الذي يعتبر المادّة الأولى لصناعة الخبز، وكذلك المعكرونة بأشكالها وأنواعها، ووجبات الإفطار المحضرة من حبات القمح. كما ويشكل القمح مادة أساسية في صناعة البسكويت، والبربارة التي تتكون من القمح المسلوق المزين بالمكسّرات والرمان. ويُعتبر القمح علاجاً مهما في الطب البديل، فبراعم القمح تستخدم علاجاً للأشخاص الذين يعانون من نقص الفيتامينات وأهمها فيتامين B12 ، كما تعتبر دواءً مضادا للأكسدة، أّما زيت القمح فيحتوي على فيتامين E الذي يساعد على تخثر الدم وتنظيم وتنشيط الدورة الدموية، واحتوائه على الفيتامينات الأخرى التي تحافظ على نضارة البشرة وكثافة الشعر، كما أنّ حبوب القمح تستخدم للأشخاص الذين يعانون من فقر الدم لاحتوائه على عنصر الحديد.

ترتيب الدول الأكثر إنتاجا للقمح في العالم (2017)

المرتبة الأولى
الصين: 134.3 مليون طن
كونها أكبر منتج للقمح في العالم، تلعب الصين دورًا مهمًا في تشكيل ديناميكيات سوق الحبوب في جميع أنحاء العالم.
حيث ينتج البلد حوالي 134.3 مليون طن متري من القمح سنوياً، على مساحة أرض تبلغ 24 مليون هكتار. ويشكل القمح أحد الأغذية الرئيسة للسكان الصينيين، حيث يمثل 40 % من استهلاك الحبوب في البلاد. يزرع القمح على نطاق واسع في النهر الأصفر وأودية نهر هواي في الصين، بالتناوب مع محصول بالذرة.

المرتبة الثانية
الهند: 98.5 مليون طن
يعد القمح ثاني أهم المحاصيل الغذائية المزروعة في الهند (بعد الأرز)، ويغذي مئات الملايين من الهنود يوميًا، وهو من الأغذية الأساسية، خاصة في الشمال والشمال الغربي من الهند. تمثل الهند حوالي 8.7 % من إجمالي إنتاج القمح في العالم، و 13 % من جميع الأراضي المزروعة في الهند مخصصة لزراعة هذا المحصول. وقد أدت “الثورة الخضراء” إلى زيادة كبيرة في إنتاج القمح، مع تضاعف محصول القمح الوطني في العقد الواحد بين عامي 1960 و 1970.
وتعد ولايات أوتار براديش والبنجاب وهاريانا ومادهيا براديش أكثر المناطق المنتجة للقمح في البلاد.

المرتبة الثالثة
روسيا: 85.9 مليون طن
روسيا هي ثالث أكبر منتج للقمح في العالم (تنتج 85.9 مليون طن متري من هذا المحصول)، وكانت من بين أكبر خمسة دول مصدرة للقمح في العالم في ما بين 2006 و2011. ويعد القمح الشتوي هو النوع الرئيس من القمح المزروع في البلد. يزرع المحصول في الغالب في الأجزاء الغربية من روسيا المحيطة بموسكو، بين أب (أغسطس) والأسبوع الأول من تشرين الأول (أكتوبر)، ويحصد بين حزيران ( يونيو ) وآب (أغسطس) من العام التالي.

المرتبة الرابعة
الولايات المتحدة الأمريكية: 47.3 مليون طن
يعتبر القمح من الحبوب الرئيسة للولايات المتحدة، ويتم زراعة القمح في جميع أنحاء البلاد، حيث يتم إنتاج ما يقرب من 47.3 مليون طن متري من القمح في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تحتل المرتبة الرابعة في العالم من حيث كمية القمح المنتج. ووفقًا لتصنيف وزارة الزراعة الأمريكية، فهناك ثمانية أنواع من القمح مزروعة في البلاد. من أهمها القمح القاسي، ويتم استخدامه في صناعة المعكرونة، والقمح الشتوي الأحمر القاسي، والقمح الربيعي الأحمر القاسي، والقمح الأبيض الطري، والقمح الأبيض القاسي. وأن 70-80 % من القمح المنتج في الولايات المتحدة الأمريكية ينتمي إلى فئة القمح الشتوي (غالبًا ما يستخدم في صنع الخبز بسبب محتواه العالي من الغلوتين).
ووفقًا لبيانات هيئة حصاد الزراعة الأمريكية، تنتج ولاية داكوتا الشمالية (347 مليون بوشل)، وتنتج ولاية كنساس (246 مليون بوشل)، وتنتج ولاية مونتانا (210 مليون بوشل)، وهن أكبر الولايات المنتجة للقمح في البلاد. وعادة ما يتم تصدير 50 % من القمح المنتج، مما يولد عائدات سنوية بقيمة 9 مليارات دولار. (البوشل هو وحدة قياس للحبوب، وبوشل القمح يساوي 27 كغ).

المرتبة الخامسة
فرنسا: 36.9 مليون طن
فرنسا هي أكبر منتج للقمح في أوروبا، حيث يزرع هذا المحصول في جميع أنحاء البلاد، وأكثر المناطق التي يتم زراعة القمح بها هي المناطق الشمالية للبلاد. والقمح الشتوي هو النوع الرئيس من القمح المزروع في فرنسا، ويتم زراعته في موسم الخريف، وحصاده في آب (أغسطس) من العام التالي.

المرتبة السادسة
أستراليا: 31.8 مليون طن
القمح هو واحد من المحاصيل الشتوية الرئيسة التي تزرع في أستراليا، وخاصة في مناطق أستراليا الغربية مثل (فيكتوريا، نيو ساوث ويلز، كوينزلاند)، وتعتبر أكبر المناطق لزراعة القمح في القارة. وتتم زراعة المحصول في أشهر الخريف، ويحصد في الربيع أو الشتاء، اعتمادًا على الظروف البيئية. تعد أستراليا الغربية أكبر مصدر للقمح، خاصة إلى آسيا والشرق الأوسط، حيث تحقق أرباحًا تبلغ نحو ملياري دولار سنويًا من هذه المبيعات. على مدى السنوات الثلاثين الماضية، كان هناك زيادة سنوية ثابتة بنسبة 1 % في إنتاج القمح في أستراليا الغربية. ومن ناحية أخرى، ينتج الساحل الشرقي لأستراليا قمحًا مخصصًا للاستهلاك المحلي.

المرتبة السابعة
كندا: 31.8 مليون طن
القمح هو أهم محصول يزرع في كندا، حيث يتم زراعة العديد من أنواع القمح في كندا. وتشمل تلك الزراعات، القمح الشتوي والقمح الربيعي الغامق والقمح القاسي. تستخدم حبوب القمح لأغراض متعددة، مثل إنتاج الدقيق لصناعة الخبز والمعجنات، واستخدامها كعلف للماشية. تعتبر منطقة ساسكاتشوان هي أكثر منطقة في إنتاج القمح القاسي، وتمثل أونتاريو 82 % من إجمالي إنتاج القمح الشتوي في كندا.

المرتبة الثامنة
باكستان: 26.7 مليون طن
يعتبر القمح في باكستان هو الغذاء الرئيس في البلاد، وهو جزء أساسي من النظام الغذائي للشعب الباكستاني. وقد زادت المساحة المزروعة من القمح بنسبة 4.4 % بين عامي 2013 و 2014. ويتم زراعة القمح في جميع أنحاء باكستان، ولكن تعد المحافظات الأكثر إنتاجًا هي البنجاب والسند. وتساهم الرواسب الغرينية التي تتواجد في نهر إندوس على تحسين خصوبة التربة في هذه المقاطعات، وتشجع على زراعة محاصيل الحبوب، بما فيها القمح.

المرتبة التاسعة
أوكرانيا: 26.2 مليون طن
يتم زراعة القمح في جميع أنحاء أوكرانيا، ولكن غالبية المحصول يأتي من وسط أوكرانيا ومن الجنوب. وتتم زراعة المحصول غالبًا في موسم الخريف، ويتم حصادة بين شهري حزيران وأب (يونيو وأغسطس) من العام التالي.
ويطلق على أوكرانيا لقب (سلة الخبز بأوروبا) نظرًا لأنها تنتج القمح الشتوي الأحمر، والذي يستخدم في صناعة الخبز. وقد أدت الزيادة في إنتاج القمح بين عامي 2013 و 2014 إلى زيادة نسبة الصادرات من القمح بمقدار 41 %.

المرتبة العاشرة
ألمانيا: 24.5 مليون طن
ألمانيا هي واحدة من أكبر منتجي الحبوب في الاتحاد الأوروبي، ويتم مراقبة إنتاجها الزراعي من قبل الاتحاد الأوروبي، وتخضع للقواعد التنظيمية للاتحاد. وقد قامت ألمانيا بتصدير 9.116 مليون طن من القمح في العام 2013. ووفقاً للتقديرات، فإن مطاحن الدقيق في ألمانيا تعالج 7.2 مليون طن من القمح سنوياً.
يزرع القمح الشتوي في جميع أنحاء البلاد، رغم ان زراعته تتركز في وسط ألمانيا، وتنتج بايرين (19 % من إجمالي القمح في ألمانيا) وتنتج Niedersachsen (17 % من إجمالي القمح في ألمانيا) ، ويتم زراعة المحصول فيتشرين الأول (أكتوبر) ويحصد في أب (أغسطس) من العام التالي.

ترتيب بعض الدول العربية وفقاً للإنتاج العالمي للقمح

مصر: المرتبة السابعة عشر (8.8 مليون طن)
المغرب: المرتبة الثامنة عشر (7.1 مليون طن)
العراق: المرتبة الثامنة والعشرون (3 مليون طن)
الجزائر: المرتبة ثلاثون (2.4 مليون طن)
سورية: المرتبة الثانية والثلاثون (2.2 مليون طن)

جدول 1. تطور إنتاج القمح والترتيب التنازلي للدول المنتجة لمحصول القمح خلال 8 أعوام (2010 – 2017)


“Crops”. FAOSTAT. 2019
إن معظم الدول العربية جاءت من حيث الترتيب في ذيل قائمة الدول المنتجة للقمح على المستوى العالمي (الجدول 1). مع أن القمح يعد عماد صناعة الخبر، والخبز هو الرغيف، والرغيف هو الحياة، فلا يستغنى عنه في أية وجبة غذائية في مجتمعاتنا العربية. فالقمح محصول استراتيجي هام وحيوي لاستقرار الدول والمجتمعات، وأي شح لهذه المادة الغذائية أو ارتفاع في أسعارها يمكن أن يحدث الكثير من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية ما ينعكس سلباً على أمن الدول ومستقبل الشعوب، كما وأصبح القمح في الوقت الحالي سلاحاٌ بأيدي الكثير من الدول المصدرة تستعمله لبسط نفوذها وهيمنتها على الدول والشعوب المستورة.

تقرير وزارة الزراعة الأمريكية

ذكر تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية أن تسع دول عربية ستستورد حوالي 40.2 مليون طن من القمح خلال الموسم 2019/2020، وهو ما يعادل 21.9 % من واردات القمح العالمية، مع أن نسبة سكان الوطن العربي لا تزيد عن 5 % من مجموع عدد سكان العالم. وتأتي مصر في قمة الدول المستوردة للقمح بحجم واردات سيبلغ 12.5 مليون طن، بينما جاءت تونس في أخر القائمة بكمية واردات ستبلغ حوالي 1.6 مليون طن (الجدول 2). عموماً، تعمل واردات الحبوب على سد الفجوة الآخذة في الاتساع بين الإنتاج والاستهلاك، ولكن النمو السكاني وحده والبالغ 2.5 % سيرفع الطلب على الحبوب في البلدان العربية، إلى 200 مليون طن بحدود 2050، أي ما يعادل ثلثي صادرات الحبوب العالمية الحالية.

جدول 2. الترتيب التنازلي للمستوردات السنوية من القمح لتسع دول عربية خلال الموسم 2019/2020

مقترحات لزيادة انتاج القمح

نظراً لمحدودية الأراضي الزراعية المتاحة في معظم الدول العربية، وتناقص مصادر الري المتوفرة لقطاع الزراعة، بالإضافة إلى ما تشهده الكثير من الدول العربية من موجات جفاف وتصحر بالإضافة إلى الاضطرابات السياسية والحروب التي تعصف بالمنطقة، فإنه بات من الضروري الإسراع في اتخاذ خطوات إسعافيه لسد الفجوة ولو جزئياً ما بين الإنتاج والاستهلاك على النحو التالي:

– استنباط أصناف متحملة للجفاف والملوحة وذات إنتاجية مقبولة.
– ادخال التقنيات الحديثة في برامح التربية والتحسين الوراثي.
– استخدام التقنيات الحديثة في الري وزيادة المساحات المروية لمحصول القمح.
– التوسع في مكننة محصول القمح لخفض تكاليف الإنتاج.
– تطبيق الحزمة التكنولوجية المثلى في الممارسات الزراعية للقمح.
– دعم مزارعي القمح بإصدار تشريعات تضمن استلام الإنتاج بأسعار تشجيعية ومجزية.
– تشجيع القطاع الخاص ودعم الشركات الزراعية.
– الاستثمار الزراعي المستدام وحماية الأراضي الزراعية من التعدي والتوسع العمراني.


ويستنتج مما سبق بأن الفرصة متاحة أمام تطور إنتاج القمح بشكل عام والقمح القاسي Durum wheat بشكل خاص، والإمكانية متوفرة للمنافسة عالمياً من حيث الجودة والنوعية، لما تتميز به المنطقة من مناخ وعوامل بيئية ملائمة لإنتاج هذا النوع من القمح، وبمواصفات قياسية مرغوبة لصناعة الخبز والمعكرونة والسباغيتي في السوق العالمية، مع الأخذ بالاعتبار بأن سعر الطن الواحد عادة ما يزيد بمقدار 50 دولار على الأقل عن مثيله من القمح الطري في السوق العالمية. ومن المتوقع في المواسم القادمة زيادة المساحات المزروعة بالقمح عموماً والتوسع بمساحات القمح المروي خصوصاً، وإمكانية رفد الأصناف الحالية بأصناف أكثر إنتاجيةً ومنعة للإصابات المرضية والحشرية، والتوسع في زراعة المناطق المالحة والجافة، وتكثيف الاستثمار الزراعي العربي المشترك.

عن الدكتور سعود شهاب

دكتور باحث في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية

شاهد أيضاً

تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للغذاء الأسبوع المقبل في أبوظبي

• عبد الوهاب زايد: يشهد معرض ابوظبي للتمور بدورته العاشرة مشاركة أكثر من 100 عارض …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *