الشباب وإدمان استعمال الهواتف الذكية

تزايد بشكل كبير استعمال الشباب للهواتف النقالة الذكية حتى باتت جزء هاما من حياتهم اليومية، فهم يستعملون الهواتف الذكية للتواصل فيما بينهم وفي متابعة كم هائل من التطبيقات، وهذا ما دفع كثير من الخبراء من التحذير من العواقب الوخيمة فدمان استعمال الهواتف الذكية.

فنظرة سريعة إلى الشباب في محطات القطارات أو الحافلات أو أي تجمع تجد عدد كبير منهم لا يدركون المكان الموجودين فيه حيث أنهم معزولين عن العالم الخارجي وتجدهم غائبين ذهنيا ويتفاعلون مع هواتفهم الذكية بحركات رؤوسهم وتعابير وجوههم.

وقد أصبح الهاتف الذكي بالنسبة إلى الكثير من الشبان مهمّا، لدرجة أنهم لا يتصورن التخلي عنه. والسبب يعود إلى وظائفه المتعددة، حيث يقارنه البعض بالسكين السويسري متعدد الوظائف. فقد أصحب الهاتف الذكي جزءا من الحياة اليومية للشباب.

الهاتف أهم من الكحول والجنس

حسب نتائج دراسة أجراها معهد “فورسا” لاستطلاعات الرأي، في مارس/ آذار من عام 2012، وشملت شباباً تتراوح أعمارهم ما بين 14 و19 سنة، أكد 80 بالمئة بأنهم يفضلون التخلي عن الكحول بدلاً من الهاتف الذكي.

وأكد ثلثا المستطلعة آراؤهم بأنهم مستعدون للتخلي عن التلفاز بدل الهاتف الذكي. والنتيجة الأكثر مفاجأة هي أن 60 بالمئة منهم، قالوا إن الهاتف الذكي عندهم أهم من ممارسة الجنس.

ويبقى السؤال المطروح هو: لماذا يصعب على الشباب التخلي عن الهاتف الذكي؟

يجيب على ذلك هانز بيرند بروسيوس، أستاذا علوم التواصل في جامعة ميونيخ، بأن الأمر يتعلق بالتنقل المتواصل بالنسبة إلى الشباب. ويوضح ذلك بالقول: “الكبار لديهم مكان عمل يجب أن يبقوا فيه ثماني ساعات وغرفة للعمل في البيت أيضا. فهم مرتبطون بالمكان”، فهم لا يتنقلون كثيرا ويستطيعون استعمال الإنترنت في مكان العمل أو في البيت. في حين أن الشباب وبسبب تنقلهم الكثير يحتاجون الانترنت أثناء تنقلهم سواء في الطريق أو وسائل النقل.

وظائف جديدة للهاتف

ويستعمل الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً الهاتف الذكي ثلاث ساعات ونصف الساعة يوميا، حسب نتائج دراسة نشرتها مجلة فوكوس الألمانية مؤخرا.

المحللة النفسية الأميركية ليزا ميرلو: تزايد عدد الوظائف التي يقوم بها الهاتف الذكي يمكن أن يفتح الباب أمام “خطورة المبالغة في الارتباط بالجهاز“

ويقضي الشباب ساعةً للدردشة بواسطة تطبيقات كالواتس آب، في حين يأتي استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في المرتبة الثانية مثل فيسبوك وتويتر بـ 44 دقيقةً يوميا، في حين أصبحت وظائف الهاتف التقليدية كالاتصال وكتابة الرسائل القصيرة (أس أم أس) والألعاب أشياء ثانوية. ويعلل البروفسور هانز بيرندت بروسيوس ذلك بأن “الشباب يستعملون الهاتف الذكي لأغراض أخرى أكثر من الكبار” وهكذا “لا يمكن الاستغناء عن الهاتف الذكي ويصبح ذلك أصعب مع كل وظيفة جديدة”.

الخوف من انقطاع الاتصال

السؤال الثاني المرتبط بالموضوع هو: هل يشكل هذا التطور خطورة؟


تلاحظ المحللة النفسية الأميركية ليزا ميرلو بقلق، أن بعض مستعملي الهاتف الذكي يركزون تفكيرهم عليه لدرجة أنهم لا يدركون محيطهم بشكل مباشر. كما أن تزايد عدد الوظائف التي يقوم بها الهاتف الذكي يمكن أن يفتح الباب أمام “خطورة المبالغة في الارتباط بالجهاز” حسب ميرلو في مقال لها نشرته في إحدى الجرائد. فالخوف من مشاكل في الاستقبال والتغطية وحاجة البطارية للشحن، أصبح يُطلق عليه “نوموفوبي” أي هاجس الخوف من فقدان الهاتف، وحسب دراسة بريطانية يعاني ثلثا البريطانيين من “النوموفوبي”.

وحتى فيليب، الطالب في كلية الحقوق بجامعة بون، يخاف أن يفوته شيء، خصوصاً بسبب خدمات الدردشة التي تجعل التخلي عن هاتفه الذكي صعباً. لكن البروفسور هانز بيرندت بروسيوس لا يشارك المتشائمين خوفهم من التطور التكنولوجي وخطره على الشباب، فهم حسب رأيه قد كبروا مع هذه التكنولوجيا المتطورة والهاتف الذكي، وبالتالي فإن استعمالهم الكثير للهاتف الذكي وتعلقهم الشديد به أمر طبيعي.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

الإنسان والتكنولوجيا: من المسيطر؟

يُعَدّ موضوع العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا من المواضيع التي استحوذت على اهتمام الباحثين وصناع الدراما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *