تعد الزاعجة المصرية ( بعوضة الحمى الصفراء ) Aedes aegypti هي الناقل الرئيس لمرض فيروس الحمى الصفراء فيروس حمى الضنك،وفيروس زيكا وفيروس داء شيكونغونيا إلي البشر، وهي منتشرة في المناطق المدارية وشبه المدارية حول العالم، في أسيا وأفريقيا وأستراليا ومنطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية وغرب المحيط الهادئ وهي مستمرة في الانتشار، والآن وصلت إلي أمريكا الشمالية حيث اظهر تقرير مجلس حماية الموارد الطبيعية، مؤخراً إن 28 ولاية أمريكية الآن في خطر وحري بالذكر أن هذه الامراض ليس لها علاج أو اللقاح ماعدا فيروس الحمى الصفراء.
والاسم الشائع للزاعجة المصرية Aedes aegypti بعوض الحمى الصفراء Yellow fever mosquito ،وخلال الحرب الأمريكية الاسبانية عام 1898 ،خسرت القوات الأمريكية جنود بسبب فيروس الحمى الصفراء المنقول بواسطة البعوض الزاعج أكثر من الجنود المصابين بنيران العدو، وهذا المرض لم يشكل تهديداً خطيراً كما كان سابقا فاليوم هناك لقاح ناجح جداً للحمى الصفراء، ففي عام 1951 فاز العالم ماكس تيلر بجائزة نوبل في الطب لاكتشافه لقاح لفيروس الحمى الصفراء .
والزاعجة المصرية حشرة صغيرة الحجم، داكنة اللون، يكون حجمها مابين 4و7 ملم، مع وجود علامات بيضاء على أرجلها، بالإضافة إلي وجود نمط القيثارة على صدرها، ولون البطن بني اللون إلي اسود مع وجود قشور بيضاء، والإناث اكبر من الذكور ويمكن تمييز الأخيرة بوجود قرون استشعارantennae مريشة، أما الإناث تمتلك لوامسpalps صغيرة مدببة بقشور فضية أو بيضاء .
وعندما يتم فحص أجزاء الفم تحت المجهر لجنسي الزاعجة المصرية، نجد إن أقسام الفم للذكر محوّرة للتغذية على الفاكهة ورحيق الأزهار، بينما أجزاء فم الأنثى محوّرة للتغذية على الدم.
فذكور وإناث A. aegypti تتغذى على الرحيق، وتأخذ الكربوهيدرات كمصادر أساسية للطاقة وتمتلك الأنثى تكيفات في أجزاء التغذية من اجل اخذ وجبات الدم من البشر، ففمها أو خرطومها طويل بالمقابل خرطوم الذكر قصير جداً ولا يملك بعض أجزاء الفم المتخصصة الموجودة عند الأنثى، فعندما الأخيرة تلسع الإنسان أو الحيوان تدخل خرطومها إلي الوعاء الدموي باستخدام حركة رأسها إلي الأمام والخلف، وتقطع الجلد بدفع الأجزاء الثاقبة من الخرطوم والمواد الكيمائية الخاصة في لعابها تمنع تجلط الدم؛ لذلك تمتص الدم بسهولة إلي معدتها وتكون ردة فعل الجسم اتجاه اللعاب انتفاخ وحكة في المنطقة المحيطة بلسعة البعوض .
إناث بعوض A. aegypti ولوعة بالبشر ‘anthroprophilic’ فهي تفضل دم الإنسان عن بقية دم الكائنات الحية الأخرى، فهي تتغذى على دم البشر للحصول على الحمض الاميني ايزولويسين Isoleucine وهو مهم لإنتاج البيض وأظهرت دراسة قام بها Y.Y.H Chang &Charles.L Judson وجود علاقة ايجابية بين مستوى الحمض الاميني ايزولويسين في دم البعوض وعدد البيض المنتج، وهذا الحمض الاميني هو احد الأحماض الامينية الأساسية في البشر.
وتتميز هذه الحشرة بسرعة الطيران ما لم تكن متخمة بالدم، وهي على عكس أنواع البعوض الأخرى التي تستطيع إمساكها وقتلها بسهولة، والتغذية على دم البشر تكون على فترات من ساعة إلي ساعتين في اليوم وهجمات البعوض تكون بشكل عام من أسفل أو الخلف وعادة في أسفل المكاتب والكراسي وخاصة القدمين والكاحلين ومن تكيفاتها للعيش مع البشر أنها قللت من طنين أجنحتها بشكل كبير.
وللعثور على المضيف ينجذب البعوض إلي المركبات الكيمائية المنبعثة من الثدييات، هذه المواد تتضمن الامونيا وثاني أكسيد الكربون وحمض اللبنيك و اوكتينول Octenol وهذه المركبات هي نواتج عملية التنفس والعرق، وقد درس العلماء التركيب الكيمائي الخاص ب Octenol لفهم أفضل لماذا هذه المادة الكيمائية تجذب البعوض إلي مضيفه؟ فوجدوا إن هذه الحشرة لها تفضيل لجزئيات الاوكتينول Octenol يمينية التدوير dextrorotatory ومازال الغموض يكتنف أسس هذه السلوكيات.
إذ يتغذى البعوض الزاعج على دم شخص مصاب بأحد الفيروسات فانه يصبح مصاباً بها، وبعد حوالي 8-10 أيام ينتقل الفيروس إلي الغدد اللعابية للبعوض، وينطلق الفيروس من لعابها كلما لسعت مضيفاً جديداً، وتبقى أنثى البعوض معدية بالفيروس، وتمرره إلي أشخاص جدد كلما عضتهم، وهي بذلك تتحول من مجرد مؤذية للإنسان بأخذها الدم إلي مهددة بالموت، ويمكن للفيروس أن يعبر من البعوض البالغ إلي البيض ومن ثم يضمن البقاء حياً حتى تتحسن الظروف البيئية .
تأقلمت الزاعجة المصرية A.aegyti في الآونة الأخيرة في أسلوب حياتها، من العيش في غابات أفريقيا حيث منشأها للإقامة على مقربة من البشر في المناطق الحضرية وشبه الحضرية، فإن ما يسببه البشر من ضغوط واضطرابات ايكولوجية أدى إلي أن جلب الجراثيم الممرضة والكائنات الحية الأخرى في وضع تلامس متزايد مع السكان البشر، في حين أن التكنولوجيا والسلوك البشريين يزيدان من انتشار هذه الجراثيم الممرضة على نحو يتزايد دائما في اتساعه وسرعته، فهذه الفيروسات لا توجد طبيعياً في البعوض وإنما يحصل عليه منا عندما يمزق البشر النظم الايكولوجية الطبيعية يعملون على إطلاق هذه الجراثيم من عوائلها الطبيعية فالميكروب الذي يدفع ويطرد من عائله المعتاد يصبح لديه خياران إما إن يجد عائلا جديداً أو أن ينقرض ونحن نصبح متاحون على نحو جد بارز ووافر.
وتزدهر الزاعجة المصرية حول مساكن الإنسان وتضع بيضها في الماء النظيف الراكد الظليل الذي لا يحتوي على أنواع أخرى من الكائنات الحية، مما يجعلها نواقل ناجحة للمرض وهي تكون شائعة للغاية في المناطق التي تفتقر إلي شبكات أنابيب المياه.
ومن المواقع المفضلة لتكاثر البعوض والتي كثيراً ما وجد أنها تحتوي على يرقات البعوض، هي البراميل و الحاويات والأواني الفارغة والإطارات غير المستخدمة وكذلك علب الصفيح والأكواب والقناني الزجاجية والمزهريات الموجودة في أو حول المنازل ومما يساعد على توالد البعوض انسداد المزاريب بالمواد العضوية مما يسمح بتجمع المياه.
وتأتي الزاعجة المصرية في ثلاثة أشكال متعددة الأنماط الشكل الأول ويطلق عليه المنزلي domestic وهو يتكاثر في المواطن الحضرية غالباً في المنازل ، أما الشكل الثاني فيعرف بالغابي Sylvan يتواجد بشكل كبير في المناطق الريفية، ويتكاثر في ثقوب الأشجار، وعموماً في الغابات ويسمى الشكل الثالث حول المنزلي Peridomestic يزدهر وينمو في المناطق المحولة بيئياً مثل بستانين و مزارع جوز الهند .
والزاعجة المصرية هي حشرة كاملة الانسلاخ holometabolous بمعنى أنها تمر بالتحول الكامل من البيضة Egg فاليرقة larva ثم الخادرة pupa وبعد ذلك مرحلة البلوغ adult stage والمدى العمري للحشرة البالغة يتراوح بين أسبوعين إلي شهر تبعا للظروف البيئية و تكتمل دورة حياة الزاعجة المصرية بين أسبوع ونصف إلي ثلاثة أسابيع .
وتأخذ الإناث الملقحة من وجبة إلي ثلاث وجبات دم حتى ينضج بيضها، ويكون جاهزاً للوضع، وتنتج في المتوسط 100الي 200 بيضة لكل حضنة بيض، ويعتمد عدد البيض المنتج على كمية الدم المستهلك، فوجبة الدم الصغيرة تنتج عدد بيض اقل وكل أكلة دم تحتاج من يومين إلي سبعة أيام للهضم، والعكس صحيح، وتضع هذه الحشرة خمس دفعات من البيض في حياتها.
تدابير وقائية
أفضل طريقة لمنع انتشار الفيروسات عن طريق لدغات البعوض، هو اتخاذ الخطوات التالية وخصوصاً في حالة المرأة الحامل هي: ارتداء قمصان ذات أكمام طويلة، وسراويل طويلة، البقاء في الأماكن مكيفة الهواء والباردة، استخدام أغطية على الأبواب والنوافذ حتى يبقى البعوض خارج المنزل، استعمال المواد الطاردة للحشرات والمسجلة في وكالة حماية البيئة EPA مثل DEET ديت و ايكاريدين وهذه الطادرات آمنة وفعالة حتى بالنسبة للحوامل والمرضعات، معالجة الملابس بمادة بيرميثرين أو شراء الأغراض المعالجة بهذه المادة.
ومن التدابير المهمة بيئيا ً إزالة مواطن تكاثر البعوض حول المنزل وداخله مثل البراميل والحاويات الفارغة والإطارات وغيرها ومن أساليب مكافحة البعوض زراعة الأسماك والقشريات الصغيرة التي تتغذى على يرقات البعوض في الأجسام المائية الكبيرة مثل حقول الأرز.
محمد سلمان داوود المندعي – اليمن
المصادر
1- كوامن ، ديفيد ( أغسطس 2014). الفيض أمراض الحيوانات المعدية وجائحة الوباء التالية بين البشر الجزء الأول (د. مصطفى إبراهيم فهمي، مترجم)، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، ع 415.
2 -http://www.denguevirusnet.com/aedes-aegypti.html
3 – http://entnemdept.ufl.edu/creatures/aquatic/aedes_aegypti.htm
4 – Y.-y.H. Chang Charles L. Judson ، The role of isoleucine in differential egg production by the mosquito Ae.aegypti (L.) (Diptera: Culicidae) following feeding on human or guinea pig blood ، Article in Comparative Biochemistry and Physiology Part A Physiology 57(1):23-28 · January 1977 with 32 Reads.
5 – http://www.cdc.gov/zika/vector/range.html