يتناول البحث التالي للأستاذ حسن مظفر الرزو مدير المكتب الاستشاري العلمي- كلية الحدباء الجامعة ـ محافظة نينوى- جمهورية العراق، موضوع اقتصاد المعلومات الذي أصبح احد المواضيع الهامة في الوقت الراهن، وبالإضافة إلى اقتصاد المعلومات فان الباحث يتناول إدارة المعرفة من منظور معلوماتي بهدف تحديد الأسس المستحدثة التي أثرت في الوقت الحالي على المنظومة العربية الاقتصادية والإدارية.
ويبين الباحث في بحثه الذي حمل العنوان ” اقتصاد المعلومات وإدارة المعرفة: معالجة معلوماتية اقتصادية ” أن ثقافة المعلومات وصناعتها وعملية إنتاج المحتوى المعرفي فرضت ظهور مفاهيم اقتصادية جديدة فيما يخص نظرية القيمة والملكية الفكرية وحساب المكاسب والخسائر الثقافية.
لذا لم يعد كافيا في تقييم المشاريع المعلوماتية الاقتصار على حساب العائد المباشر او الكلفة المادية المحسوسة والمباشرة دون مراعاة الكلف غير المباشرة وغير المنظورة التي افرزها نظام المعلومات وآلته الجديدة.
يضاف الى ذلك ظهور موضوع إدارة المعرفة في النظم المعاصرة بوصفه مرتكزاً حيوياً لنجاح المؤسسات في استقطاب موارد السوق، وتعميق الخبرة التي تمتلكها كواردها لضمان نجاح المنافسة في نظام معقد تفشو فيه حمى المنافسة على الفرص المتاحة.
عولجت هذه المفاهيم المستحدثة وفق منظور معلوماتي حاول أن يؤشر على المواضع الاقتصادية أو الإدارية الساخنة التي تتطلب من العاملين في هذين المضمارين مباشرة عمليات تحليل اقتصادي، وإنشاء مفاهيم إدارية تتناسب مع التغير الجذري الذي أورثته المعلوماتية لجل الأنشطة الإنسانية المعاصرة.
1 . مقدمة :
إن سيادة مفاهيم مجتمع المعلومات في عصرنا الراهن قد أفرزت جملة من المتغيرات الجديدة في شبكة العلاقات المقيمة بين منظومة تقنيات المعلومات والمنظومة الاقتصادية. وقد برزت على ساحة شبكة العلاقات هذه جملة من الاصطلاحات الاقتصادية ـ المعلوماتية المستحدثة، مثل الفائض المعرفي، القيمة المضافة للمعرفة، وغيرها التي تؤشر على بزوغ فجر جديد لاقتصاد المعلومات والمعرفة.
تفتقر عملية تناول مسألة اقتصاد المعرفة وإدارة المعلومات الى خلفية علمية رصينة وخبرة عميقة بالتقنيات التي أفرزها الخطاب المعلوماتي المعاصر لامتلاء منطقة التداخل بين منظومتي تقنية المعلومات والاقتصاد بالعديد من العقبات التي تثير جملة من المسائل الاقتصادية التي بدأت بالظهور على ساحة الاقتصاد العالمي المعاصر في ظل تيارات العولمة السائدة.
لقد برزت أهمية المعلومات بالموازين الاقتصادية في ضوء تعدد مستويات الدلالة الاقتصادية للمعلومات في منظومة الانترنيت، وشبكات الاتصال المقيمة في جل مساحة النشاط الإنساني ،فأضحت سلعة وخدمة اقتصادية، تعدّ قواعد بياناتها، وبرمجياتها التطبيقية موارد اقتصادية مهمة. وأضحت المعلومات بمنظور عصرنا الراهن مالاً، ومورداً تنموياً خصباً يفوق في أهميته الموارد المالية التقليدية، وتحوّل المال بدوره الى شيفرات ونبضات إلكترونية تتناقلها المؤسسات الاقتصادية في تعاملاتها المالية الإلكترونية المختلفة، بحيث أصبحت مادة المعرفة ـ في عصر المعلومات ـ مورداً خصباً لصناعة قائمة بذاتها، ومحوراً أساسياً لعمليات التنمية الاقتصادية، والتقنية، والاجتماعية في المجتمع المعاصر.
وعليه فإنه في ظل المفاهيم الجديدة التي أفرزها مجتمع المعلومات سوف تتزايد أهمية اقتصاد المعرفة وإدارة المعلومات كمورد أساس للدخل القومي ، والى تزايد الطلب على إبداع الفكر العلمي والثقافي، من أجل إنتاج سلع معرفية مبتكرة ذات قدرة تنافسية عالية في السوق. وستبرز في هذه البيئة الاقتصادية الجديدة أهمية التراث العلمي والثقافي للأمة العربية، وستحتل اللغة موقعاً متميزاً في المنظومة الاقتصادية كنتيجة منطقية للمكانة التي تتبوؤها صناعة الثقافة والمعرفة بمجالات التعليم، أو التثقيف، أو الترفيه في مجتمع المعلومات المعاصر.
لذا ستظهر الحاجة الى ترجمة الخزين التراثي والمعرفي العربي الى مادة خام قابلة للتوظيف في عملية التنمية الوطنية، والى إرساء أسس اقتصاد معلوماتي ـ معرفي عربي يرسي أسس صناعة معرفية عربية تمتلك مقومات المنافسة عالمياً، أو على الأقل تحقيق مستوى مقبول من الاكتفاء الذاتي.
كذلك نحن بأمسّ الحاجة الى مؤسسات اقتصادية ـ معلوماتية تتسم بالفاعلية، وسرعة التكيف مع متغيرات المجتمع الاقتصادي الراهن، والقدرة على اتخاذ قرارات سريعة، على أن تكون ماهرة في استخدام وسائل تقنيات المعلومات وشبكة الانترنيت العالمية لنقل الغايات والخطط القومية الى واقع علمي ملموس، يمكن رصد متغيراته الاقتصادية وقياسها على طريق عمليات القياس والتصويب والتقويم الكمي، وتحديد عائده المباشر وغير المباشر على مجمل النشاط الاقتصادي القومي.
تهدف هذه الورقة الى تأسيس مفهوم اقتصاد المعرفة وإدارة المعلومات من خلال منظور معلوماتي ـ اقتصادي عربي تؤشر من خلاله مرتكزات الاقتصاد الجديد، وطبيعة التحديات التي تواجه العاملين بمنظومتي المعلوماتية والاقتصاد ، مع توضيح أهم الخطوات العملية التي يمكن أن تسهم بازدهار الاقتصاد المعلوماتي القومي في دائرة البلدان العربية التي تواجه منظوماتها الاقتصادية تيار العولمة الاقتصادية الذي يوظف تقنيات شبكة الانترنيت والاتصالات لضمان سيادته المطلقة على جلً الأنشطة العلمية والاقتصادية.
2 . مجتمع المعلوماتية :
يصف اصطلاح مجتمع المعلوماتية Information Society أو اقتصاد المعلومات المجتمع ما بعد الصناعي الذي بزغ فجره في النصف الثاني من القرن العشرين ( Dillman,1991 ). وقد ذهب آخرون مثل ( Huey,1994 ) ،( Williams,1988 ) الى اعتبار هذا الاصطلاح والمفاهيم المقاربة مثل : عصر المعلومات، واقتصاديات المعرفة وصفاً للمجتمع الذي ترتكز آلته الاقتصادية الى مبدأ توظيف تقانات المعلوماتية لإنتاج جميع أنواع البضائع والخدمات عن طريق توزيع الرموز الإلكترونية عبر شبكات المعلومات بدلاً من السلع التقليدية.
رغم وجود خلاف ظاهر بين المتخصصين في إرساء الحدود الاصطلاحية لمجتمع المعلوماتية، بيد أن مما لا شك فيه هو تصدّر عمليات معالجة المعلومات مكان الصدارة في الأنشطة الاقتصادية السائدة في وقتنا الحالي، والتي يحمل رايتها قطاع المعلوماتية، مستأثراً بحصة كبيرة من الاقتصاد العالمي، دافعاً برفق الاقتصاد التقليدي بشقيه الصناعي والزراعي بعيداً عن دائرة المنافسة الاقتصادية ( Naisbitt,1982 ).
أرسى القرن الحادي والعشرين مفاهيم جديدة لمجتمع المعلوماتية، واقتصاد المعرفة بوصفهما الأساس الجديد الذي ترتكز إليه البنية الاقتصادية العالمية بعد أن أضحت تقنيات المعلوماتية ـ بشتى مستوياتها ـ الأنموذج المثالي في إدارة ومعالجة بيانات الأنشطة الصناعية والزراعية، وتذليل العقبات التقنية التي تعترض تطبيقها على أرض الواقع بحيث صدقت نبوءة ( Cleveland,1985 ) بأن ما يزيد على 70% من الأعمال التي تسود مجتمعنا الراهن، وتدير دفّة أنشطته تتضمن معالجات للبيانات والمعلومات، وتناقلها عبر الشبكات الحواسيب التي أحكمت دائرتها حول جميع بقاع كرتنا الأرضية.
3 . المعلومات والمعرفة : الموارد الجديدة :
أفرزت تقانات المعلوماتية ـ التي تسود عصرنا الراهن ـ جملة من المفاهيم الجديدة التي حملت تأثيرات ملموسة على جلّ الأنشطة الاتصالية المقيمة في المجتمع المعاصر. فبرزت اصطلاحات : البيانات، والمعلومات، والمعارف بوصفها موارد جديدة للمنظومة الاقتصادية.
تلعب البيانات DATA دوراً هاماً في حياة المجتمع. تتألف البيانات من حقائق، أرقام، مخططات، ورموز يمكن من خلالها وصف الأفكار، الكائنات Objects ،والمواقف (Arnold,R.R,1972 : 6 ). استخدم اصطلاح المعلومات لصياغة حد فاصل بين ركام البيانات التي تنشأ عن جملة الأنشطة البشرية، وبين عملية استثمارها وإحالتها الى حقائق تحمل قيمة عبر جملة من الآليات التي تنحو باتجاه اختيار شرائح محددة من البيانات المتوفرة، فيصار الى تصنيفها، وتبويبها ،على ضوء متطلبات الجهة المستفيدة منها التي تتحدد بطبيعة المشكلة القائمة، والمتغيرات الزمانية، والمكانية التي تحيط بها، وطبيعة المهمة التي قد أنيطت بها.
على ضوء ما ذكر يمكن تعريف المعلومات بأنها عبارة عن مجموعة الحقائق، والآراء التي تنشب عن أنشطة الفرد بوصفه منتجاً لها أو مستفيداً منها.أما المعارف فتسمو فوق المعلومات باشتمالها ، بجانب المعلومات، على الخبرات والقدرة على الاستنتاج، واستخلاص الحكمة من قلب الضوضاء المقيمة في ساحة البيانات عبر المعالجة الذكية التي توظفها تقنيات هندسة المعرفة والذكاء الحاسوبي ـ الاصطناعي للمعلومات ( علي، 2001: 71 ).
يعمد المرء الى إنتاج معارف ومعلومات جديدة من سيل البيانات الذي يتدفق إليه، يستخدم بعضها للتواصل مع البيئة المحيطة به، من خلال الخطاب الذي ينشؤه مع الغير، عبر الوسائط المكتوبة، أو المسموعة، أو المرئية ( الوسائط المتعددة.
يعمد المرء الى إدارة وتنظيم سيل المعلومات الواردة إليه طبقاً لأنموذج ذاتي يمثّل حصيلة المعارف والخبرات ـ الشخصية فينشئ من خلالها شبكة من العِلاقاتِ المنطقيّةِ التي يمكن أن يطلق عليها اصطلاح قاعدة المعرفة، لكي يستطيع من خلالها ترجمة المعلومات المتوفرة لديه الى قدرة ذاتية على عمليتي التحليل والتركيب اللتان توفران له عنصر الخبرة العميقة والبصيرة النافذة عند التعامل مع مفردات البيئة المحيطة به.
لا يقتصر استخدام اصطلاح المعلومات على لغة الخطاب المنطوق ( لغة التعبير المدوّن ـ اللغة الطبيعية ) فحسب بل يشمل جميع أنواع الإنتاج الإنساني التي تتجه الى الغير، كالأعمال الفنية، وتعابير الوجه، وغيرها من مفردات النشاط البشري التي يلازم كل منها انطباعاً لدى الآخر فيكسبه معرفة جديدة( Encyclopedia Britannica,2001. ).
ازداد الاهتمام بالمعلومات خلال العقد الأخير من القرن العشرين، وأضحى موضوعاً تتناوله المؤسسات الأكاديمية بشتى مناحي الفكر الإنساني : كالفلسفة، والفيزياء، وعلم الأحياء، واللغويات ، وعلوم الحاسوب والمعلوماتية، والإلكترونيات وهندسة الاتصالات، وعلوم الإدارة، والعلوم الإنسانية بمختلف ميادينها المتفرعة.
إن التغييرات الجديدة التي أفرزتها علوم الحاسوب قد أنشأت مفاهيم مستحدثة، جعلت من المعلومات مورداً خصباً لجملة من الفعاليات، والتقنيات التي وجدت وراء حروف الأبجدية ميداناً ثرياً لإنشاء مفاهيم، وعلاقات، وسبر بنية الجملة، ودلالة المفاهيم بالشكل الذي نبّه الإنسان المعاصر الى الثروة الهائلة التي تكمن وراء أكداس النتاج الفكري البشري المتناثرة، إذا ما تم التعامل معها بوصفها نظاماً متسقاً، تحكمه قوانين المنطق المعلوماتي الجديد، لقد أصبحت وفق هذا المنظور الجديد المعلومات مورداً، وثروة لا تنضب لمن أحسن استثمارها!.
نشب عن ظاهرة طغيان المعلوماتية على جلّ أنشطة الإنسان المعاصر، بروز مفاهيم جديدة، منها اعتبار النتاج الفكري مورد الموارد( أيدروج،1996 : 32 ) فأضحت المعلومات تصنف كأحد المكونات الرئيسة للبنية الاقتصادية للمجتمع الجديد.
لقد سادت مفاهيم تصنيع المعلومات، والسيطرة عليها، ومعالجتها ثم استثمارها في شتى الميادين المعاصرة، وتبوأت مكان الصدارة في اهتمامات معظم بلدان العالم. فأصبح الإنسان المعاصر يعتمد اعتماداً كلياً على أوعية المعلومات بوصفها مورداً خصباً يمكن من خلالها تحقيق الأهداف، إضافة الى كونها وعاء استراتيجي تنمو من خلاله مفاهيم جديدة بين أفراد عائلتي المعلومات والتطبيقات الميدانية بشتى اختصاصاتها.
4 . المعلومات والمعرفة : معالجة معلوماتية ـ اقتصادية :
إن استمرار المعلومات، والمعرفة بالانتشار في جل الأنشطة الرقمية التي تسود معظم قطاعات الأنشطة الاقتصادية، باتت تحتم ضرورة معاودة التفكير بهذا المورد الجديد الذي بدأ يحمل تأثيرات ملموسة على الآلة الاقتصادية العالمية.
يظهر في جدول رقم ( 1 ) حجم المعرفة الرقمية المنتجة على المستوى العالمي خلال عام 1999، والتي تظهر بأن الإنتاج المعرفي الإنساني المعاصر قد وصل الى حوالي Terabytes 2120539 .
يبدو واضحاً من البيانات الموجودة في هذا الجدول حقيقة ندرة المطبوع الورقي بالمقارنة مع المطبوع الرقمي، حيث لم تزدد نسبة المطبوع الورقي على 0.003 %. كذلك وجود مزيد من تضخم الإنتاج الفردي المعرفي بعيداً دائرة الإنتاج المؤسساتي التقليدي، حيث نلاحظ بأن الاستنساخ الورقي لدى العاملين في المكاتب قد وصل الى نسبة 80 %، والمؤشر الأكثر أمية هو التفوق الملحوظ وبوادر السيادة المطلقة للإنتاج المعرفي الرقمي وارتفاع نسب التطور في عمليات إنتاجه بالمقارنة مع بقية أنوع المنتج المعرفي، الأمر الذي يحتم ظهور معالجات جديدة لاقتصاديات المعرفة الرقمية المستحدثة.
ولعل في سيادة تقانات المعلوماتية، والاتصال، وسهولة تداول المعرفة الرقمية، وتدني ثمن خزنها، وسهولة البحث داخل نصوصها، ومعالجتها، وتغيير خصائصها بشتى مستوياتها مبررات أكثر من كافية في تبرير هذه السيادة المطلقة.
جدول رقم ( 1 ) ـ حجم المعلومات الرقمية المنتجة عالمياً عام 2000 .
وسط التخزين | نوع المحتوى | حجم الإنتاج السنوي Terabytes | معدل النمو
% |
|
الحد الأقصى | الحد الأدنى | |||
الورقي | الكتب. | 8 | 1 | 2 |
الجرائد. | 25 | 2 | 2 – | |
الدوريات. | 12 | 1 | 2 | |
وثائق المكاتب. | 195 | 19 | 2 | |
الفيلمي | الصور. | 410000 | 41000 | 5 |
السينما. | 16 | 16 | 3 | |
الأشعة السينية. | 17200 | 17200 | 2 | |
الضوئي. | أقراص الصوت. | 58 | 6 | 3 |
أقراص المعلومات. | 3 | 3 | 2 | |
أقراص DVD . | 22 | 22 | 100 | |
المغناطيسي. | أشرطة تخزين. | 300000 | 300000 | 5 |
مشغلات أقراص الحاسوب. | 766000 | 766000 | 100 | |
خوادم الأقسام. | 460000 | 161000 | 100 | |
خوادم المؤسسات. | 167000 | 108550 | 100 | |
المجموع الكلي | 2120539 | 635480 | 50 |
المرجع : ( Lyman,P. & Varian, H.R.,2000,pp. 5 )
بصورة عامة ترتكز اقتصاديات معالجة المعلومات الى ثلاثة محاور رئيسة هي : معالجة المحتوى الذي يمثل موارد التصنيع المعلوماتي، ومعالجة المعلومات التي تمثل أدوات الإنتاج، وشبكات الاتصال التي تمثل قنوات التوزيع للزبائن. يظهر في جدول رقم ( 2 ) حجم صناعة المعلومات في القطبين الأكثر تقدما على الساحة العالمية.
إن أهم مقوم في صناعة المعرفة هو المحتوى المعرفي ، والذي يتألف من التراث الرمزي الإنساني من نصوص ، وقواعد بيانات، وقواعد معرفية، وأفلام، وموسيقى، وآليات مستحدثة تستثمر هذا المحتوى لخلق وإبداع محتوى جديد ( علي،2001،97 ). من أجل هذا بدأت الولايات المتحدة ومؤسساتها العملاقة بالسعي الى إحكام قبضتها على موارد المحتوى، تمهيداً لفرض هيمنتها على عجلة الاقتصاد المعلوماتي العالمي.
جدول رقم ( 2 ) ـ حجم صناعة المعلومات في أوربا والولايات المتحدة، بوحدة مليار دولار.
قطاع صناعة المعلومات | أوربا | الولايات المتحدة |
محتوى المعلومات. | 186 | 255 |
توزيع المعلومات. | 165 | 160 |
معالجة المعلومات. | 193 | 151 |
المجموع الكلي. | 544 | 566 |
*المرجع : ( علي،2001،98).
إن تحليل الموارد المعلوماتية تعكس بوضوح طبيعة الموجودات المعلوماتية في الهيكل الاقتصادي المعاصر. يظهر في جدول رقم ( 3 ) مكونات هذه الموجودات تم تصنيفها على أساس النفوذ التي تمتلكها الموجودات، وطبيعة المخاطر التي تحملها معها في حالات الإخفاق بعمليات التخطيط.
جدول رقم ( 3 ) ـ الموجودات المعلوماتية.
النوع | الوصف | النفوذ | المخاطر |
المهام. | اتصالات المهام المؤسساتية. | خطط مباشرة، عمليات، كوادر متخصصة، وقواعد البيانات. | الوفرة، والتكامل. |
الخطط. | النتائج المستحصلة تخطيط العمليات لإدارة وإحكام السيطرة العمليات، الكوادر، والموارد. | توجيه الموارد والمعلومات والتحكم بها لإكمال المهام. | الوفرة، الكتمان، والتكامل. |
العمليات. | التقنيات والعمليات المطلوبة لانتاج المنتجات المختلفة. | التأثير على العمليات المترابطة. | الوفرة والتكامل. |
قواعد البيانات. | قواعد البيانات العملياتية والتقنية التي تستخدم في عمليات التخطيط والعمليات. | التأثير على العمليات. | الوفرة، التكامل، والكتمان. |
معرفة الكوادر العاملة. | المعرفة العلمية للكوادر، التدريب، والخبرة الميدانية. المعرفة بالأعمال، والمعرفة التقنية، خبرة العملاء، وفهم السوق. | تمتلك تأثيراً على الخطط وتنفيذ المهام. | الوفرة. |
إن الأنموذج الاقتصادي المطلوب لمعالجة قيمة المعرفة، وإيجاد الصياغات الرياضية الملائمة لاحتسابها يرتكز الى حقيقة أن قيمة المعلومات تنشأ عن طبيعة المحتوى الذي يمكن استثماره بنشاط أو عملية لإنتاج عائد اقتصادي.
وإذا حاولنا تتبع أهم المفردات الكلفوية لمادة المعرفة نجدها تنقسم الى المحاور التالية :
المحور الأول : كلف تطوير وإنشاء المحتوى المعلوماتي أو المعرفي.
المحور الثاني : كلف المعلومات بالمقارنة مع العمليات التي تستثمرها في أنشطتها.
المحور الثالث : الكلف السوقية لتداول المعلومات.
المحور الرابع : كلف جمع المعلومات من مواردها المنتشرة في النظم المعلوماتية.
يضاف الى هذه المحاور مفردات تعتمد على هوية مستثمر المعلومات، وطبيعة الأهداف المرسومة لخطط استثمارها، وعليه فإن المعادلة الرياضية لوصف قيمة المعلومات ستكون بصيغتها الشمولية كما يلي :
قيمة المعلومات = دالة ( طبيعة المعلومات، المستخدم، أهداف المستخدم أو المؤسسة، العمليات، العائد )
5 . إدارة المعرفة Knowledge Management :
تتألف إدارة المعرفة من العمليات التي تهدف من كسب المعرفة أو استخدامها تحقيق مردود اقتصادي ملموس ( Nasseri,2001 ). وعليه يتألف نظام إدارة المعلومات من العمليات والتقنيات التي يتم توظيفها في ضوء رؤيا واستراتيجية المؤسسة بحيث توفر المعرفة العلمية والتطبيقية اللازمة لحل المشكلات التي تعترض العاملين في دائرتها.
يقيم هذا النظام علاقات جدلية مع الثقافة والاستراتيجية السائدة في البيئة التي يقيم فيها، وسلاسل القيم السائدة في البنية الاقتصادية، فيستمد منها موارده، ويحدد معالم آليات التعامل مع تفاصيلها الدقيقة. مما يثمر عنه الارتقاء بالرأسمال البشري، وتعميق المعرفة بموارد المعلومات المتاحة لضمان القدرة على التنافس والاستمرار في الوقوف بمكان الصدارة.
بصورة عامة يتألف رأس المال المعرفي من عنصرين متفاعلين هما : العنصر البشري الذي يتفاعل مع المعرفة، ويستوعبها، ويحيلها الى واقع ملموس، ونجاحات مستمرة، والمعلومات التي تستقر في النتاج الإنساني المنتشر في الفكر الموثق، والإنجازات الفكرية للجنس البشري، وصياغة الأسئلة التي تفتقر الى حلول ترقى بالإنسان على الطبيعة المحيطة به.
يظهر في جدول رقم ( 4 ) أهم العمليات السائدة في نظام إدارة المعرفة، وما ينضوي تحتها من مهام بحاجة الى تنفيذ على أرض الواقع.
جدول رقم ( 4 ) ـ أهم العمليات السائدة في نظام إدارة المعرفة.
العملية | الخصائص |
اكتساب المعرفة وتطويرها. | تحديد أفضل الموارد المعرفية المتاحة داخل المؤسسة وخارجها واللازمة لتحقيق الأهداف المخططة. |
تنظيم المعرفة وتقييمها. | تقييم صلاحية الوثائق السائدة في أنشطة المؤسسة وتحديث المعلومات باستمرار لضمان دوام القدرة التنافسية للمؤسسة. |
نقل المعرفة واستخدامها. | تتضمن آليتي استيعاب المفردة المعرفية وترجمتها الى عمليات قابلة للتنفيذ على ارض الواقع. |
قياس المعرفة وتحسينها. | اعتماد مقاييس واضحة لتحديد القيمة المضافة بواسطة المعرفة، وتحسينها عبر تغيير الآليات المستخدمة في صنع القرار أو تنفيذ العمليات. |
يبدو واضحا من الجدول ( 4 ) بأن دورة تفعيل المعرفة داخل المنظومة المؤسساتية عبارة عن حلقة متصلة تتألف من ثلاثة آليات رئيسة هي اقتناء المعرفة فاستيعابها ثم توظيفها تحت مجهر المراقبة الدائمة لخصائص أداء العمليات ومدى صلاحيتها لتحقيق النجاح في دائرة البيئة التي تستوطنها.
6 . إشارات على طريق التعامل مع المعرفة :
لكل عصر خطاب، وخطاب عصرنا الراهن هو خطاب العولمة التي تستثمر المعلوماتية بوصفها التقنية القاهرة في خصائصها الأدائية، وتفوقها على جل العلوم التي باتت تفتقر الى توظيف تقاناتها لكي تستطيع البقاء والمحافظة على أدائها في مجتمع يعج بالموارد والتقنيات الرقمية المستحدثة.
وعالم مغاير يتطلب آليات مستحدثة تتوافق مع الخطاب السائد فيه، من أجل هذا بات لزاماً علينا أن نخصص جزءاً لا يستهان به من جهدنا البحثي لترسيخ المفاهيم الاقتصادية التي أفرزتها وتقانات المعلومات على مجتمعنا العبي المعاصر، لكي نحدد حجم التحديات الاقتصادية المتراكمة مع التحديات التقليدية والتي لم نفلح لغاية هذا التاريخ إلا بفك رموز بعض مشكلاتها.
ما ينتظرنا ببساطة هو :
تحديات لغوية ستتعمق بفعل الغزو الثقافي الذي تؤسسه شبكة الانترنيت ونسيج مواقعها الالكترونية غير المتناهية.
سيادة آلية التجارة في الفضاء الحاسوبي، وتدني الفرص أمام مؤسساتنا الاقتصادية للوقوف أمام المؤسسات الاقتصادية العملاقة.
اقتناء المعرفة العلمية من قبل أوربا والولايات المتحدة مما يضيق علينا إمكانية استثمار معارفنا وتراثنا الفكري دون اقتناء أدواتهم التي ستضحي باهظة الثمن.
ازدياد الهوة في تدني الخبرات المعلوماتية لدى العاملين في ميداني الاقتصاد والإدارة بالمقارنة مع التطور الهائل في المنظومة الغربية.
إذن ما نحن بحاجة إليه هو تأصيل مفاهيمي لاقتصاد المعلومات، وتأسيس واضح لمقومات إدارة المعرفة في مجتمع باتت المفردة المعرفية رأس المال الأغلى ثمناً، والأكثر سلطة لمن يمتلكه ويحسن توظيفه في ترسيخ اقتصاده، وإدارة موارده.
7 . المراجع :
أ . العربية :
ايدروج، الأخضر، (1996) ،صناعة المعلومات وديناميكية التسويق للخدمات المكتبية، المجلة العربية للمعلومات، المجلد السابع عشر، العدد الثاني، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
علي، نبيل،(2001)، الثقافة العربية وعصر المعلومات، الطبعة الأولى، سلسلة عالم المعرفة، 265، مطابع الوطن، الكويت.
كولماس، فلوريان،(2000)، اللغة والاقتصاد، ترجمة د. أحمد عوض، الطبعة الأولى، سلسلة عالم المعرفة، 263 ، مطابع الوطن الكويت.
ب . الإنجليزية :
Arnold,R.R.., etal.,(1972), Modern Data Processing, 2nd Edition, John Wiley & Sons Inc.,USA.
Cleveland, H.(1985), The Twilight of Hierarchy: Speculations on The Global Information Society, Public Administration Review,45,195.
Dillman,D. (1991),Information Society, In E.Borgetta & R. Borgetta (EDs.), The Encyclopedia of Sociology, New York, McMillan.
Encyclopedia Britannica 2002, Multimedia Edition, 1993-2002 .
Huey,J.(1994), Waking Up to The New Economy, Fortune,129,13,36-46.
Lyman,P. & Varian, H.R,(2000), How Much Information, Electronic Report ,School of Information Management & Systems, University of California, Berkely, USA.
Naisbitt,J.(1982), Megatrends : Ten New Directions Transforming Our Lives, New York, Warner Books.
Wiliams,F.,(1988), The Information Society as an Object of Study, In F.Williams (ED.), Measuring The Information Society, Newbury Park, Sage Publication.
مجلة علوم انسانية www.uluminsania.net السنة الثالثة: العدد 28: مايس (مايو) 2006 – 3rd Year: Issue 28, May: