اسلوب التقدير أو المكافأة لتعديل سلوك الطلاب

ان المبدأ الذي يشكل حجر الاساس في ميدان تعديل السلوك هو مبدأ الثواب والتقدير او التعزيز، والتعزيز مصطلح عام يشير الى عملية التعلم التي تشمل تقديم او ازالة مثير معين بعد حدوث الاستجابة، الامر الذي يؤدي الى تقوية تلك الاستجابة. فمثلا اذا ضحكت في وجه طفلك ورددت عليه التحية باحسن منها كلما القى السلام عندما يدخل، يسمى القاء التحية(السلوك) والضحك في وجه الطفل ورد التحية عليه (مثير)، وفي هذا المثال تعلم الطفل القاء التحية بسبب تقديم المثير.

ويسمى المثير الذي يعمل على زيادة احتمال حدوث السلوك معززا، وهو نوعان معزز ايجابي ومعزز سلبي، اما المعزز الايجابي، فهو المثير الذي يؤدي ظهوره الى تقوية السلوك، كأن تعطي طفلك ربع دينار كلما حصل على علامة كاملة في الامتحان، اما المعزز السلبي فهو المثير الذي يؤدي اختفاؤه الى تقوية السلوك، كأن تختفي ابتسامتك كلما تفوه ابنك بكلمة نابية، والمعزز منه ما هو اولي ( غير متعلم ولا مكتسب) ومنه ما هو ثانوي ( متعلم ومكتسب).

ان التعزيز من اهم مبادئ تعديل السلوك، وهذا ما دفع البعض الى تسمية اساليب تعديل السلوك بالتعزيز، ويعود ذلك الى حقيقة ان التعزيز لا يقوي السلوك فحسب ولكنه ذو وظائف متنوعة منها:

– الوظيفة الانفعالية : فالتعزيز يولد تغيرات ايجابية في مفهوم الذات
– الوظيفة التشجيعية: فالتعزيز هو مفتاح للدافعية
– الوظيفة المعلوماتية: فالتعزيز يقدم تغذية راجعة فورية حول طبيعة الاداء.
وفي تعديل السلوك يطلق على الخبرات الماضية اسم تاريخ التعزيز، أي ان ما يفعله الفرد في لحظة ما انما هو نتيجة لخبراته التعزيزية الماضية فهو يميل الى السلوك على النحو الذي عاد عليه في الماضي باللذة او على النحو الذي مكنه من تجنب العقاب او الهروب منه.(تعديل السلوك الانساني ص26)

كافئ السلوك الجيد بسرعة واستمرار

افضل اسلوب لتعليم الطفل النظام هو مكافأة السلوك المرغوب فيه ومنع المكافآت عند السلوك غير المرغوب فيه. وذلك لان الاطفال يتعلمون الكلام وارتداء الملابس والحذاء والمشاركة بالاعمال المنزلية لانهم لاقوا التشجيع والاهتمام الشديد والابتسامات والعناق والتربيت على الكتف وكلمات الاستحسان. ان المكافآت فعالة جدا في تقوية السلوك المرغوب فيه لكلا الاطفال والبالغين.

وقد استخدم القرآن الكريم الثواب على الاعمال الصالحة على نطاق واسع لتشجيع المسلمين على القيام بها.
قال تعالى: (فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية). الحاقة 21
قال تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره).الزلزلة 7
قال تعالى: (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الانهار ذلك الفوز العظيم) .البروج 11

اذا صرخ الطفل دون سبب واضح فيجب التأكد من عدم معاناته من خطأ جسمي، فاذا توقف عن الصراخ، على امه ان تكافئه بمزيد من الاهتمام بكلمات طيبة ولطيفة او باحتضانه، واذا اخذ في الصراخ مرة اخرى… تنتظر امه لوقت اطول قليلا قبل الانتباه له. وتستعمل في مخاطبته نغمة ثانية للصوت، وفي هذه المدة يجب ان تثيبه بمزيد من الاهتمام به كاحتضانه الاباء الذين يبخلون على ابنائهم بالابتسامة والقبلة او كلمة تشجيع لا يدركون مدى تأثير المكافآت في تقوية السلوك الجيد للاطفال. وهؤلاء ممن نزعت الرحمة من قلوبهم.
في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين ابني علي رضي الله عنهم، وعنده الاقرع بن حابس التميمي فقال: ان لي عشرة من الاولاد ما قبلت منهم احدا، فمظر اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: من لا يرحم لا يرحم.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء اعرابي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انكم تقبلون الصبيان وما نقبلهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” او املك ان نزع الله الرحمة من قلبك”

امدح السلوك الجيد

اذا قام الطفل بترتيب فراشه فيجب ان تقول له امه: ان ترتيب فراشك جبد جدا وسوف يحبك الله لان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ان الله يحب احكم اذا عمل عملا ان يتقنه، واذا ساعد اخته في دراستها، تقول له: ان مساعدتك لاختك عمل رائع، وان الله يبعث لك من يساعدك في اللحظات الحرجة التي تكون فيها بحاجة الى مساعدة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” الله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه “.

ان مدح السلوك الجيد الذي قام به الطفل اكثر فاعليه من مدح شخص الطفل نفسه. فاذا قام الولد بتلبية نداء امه فقولك له: ان طاعتك لامك عمل صالح يثيبك الله عليه، افضل من قولك له: انك جيد وانك رائع، يجب ان نطور في انفسنا عادة مدح السلوك اكثر من مدح الطفل نفسه.

انواع المكافآت

في البداية كافئ الطفل بمكافآت مادية كاعطائه نقودا او كرة او كتابا او بالونا او حلوى او مصباحا او سي دي او كمبيوترا او العابا، ثم خفف المكافآت المادية واعطه مكافآت معنوية كالمدح والاهتمام واللمس والابتسامة والقبلة او الاحتضان.

كما يمكن استخدام مكافآت تتضمن نشاطات معينة كاللعب مع الولد شطرنج او كرة او مصارعة او اشراكه في الاعمال المنزلية او الاشتراك معا في قراءة قصة او النظر في كتاب مصور، او مشاهدة فلم تلفزيوني او المشاركة في رحلات او العاب اتاري او كمبيوتر او الذهاب الى مطعم لتناول حلويات او وجبة شهية يحبها طفلك.

كافئ بعد اداء السلوك الجيد بسرعة

وحتى تكون المكافآت فعالة يجب اعطائها للطفل فورا بعد اداء العمل المرغوب فيه. فاذا قام بسقي الحديقة كافئه فورا وليس بعد ساعة او بعد يوم، واذا صلى كافئه فورا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اعط الاجير اجره قبل ان يجف عرقه”.

احذر الفشل في مكافأة السلوك الجيد

دخل سعيد البيت قائلا لابيه: لقد فزت اليوم بمسابقة حفظ القرآن الكريم.
الاب: اذهب الى المطبخ واسأل امك متى ينتهي الطعام.
كثير من الاباء لا ينتبهون لردود افعالهم تجاه اولادهم فيهملون السلوك الجيد المرغوب فيه، ويكونون لا مباليين مع ابنائهم عند انجازهم عملا جيدا، لذا على الاباء ملاحظة ردة فعلهم والانتباه الى ان تكون ملائمة للحديث حتى لا يطفئوا سلوكا يودون تقويته، او يقوون سلوكا يودون اضعافه.

احذر معاقبة السلوك الجيد من غير قصد

يقول احمد لامه: لقد اديت صلاة الظهر في اول وقتها.
الام: وماذا عن صلاة الفجر لقد نمت عنها كالعادة.
ان عدم امتداح الام لأداء أحمد صلاة الظهر في أول وقتها، وتقصيرها في مكافئته، لا بل معاقبته على ذلك لانها ذكرته بتقصيره في حق أداء صلاة الفجر. ان عملها هذا يؤدي الى اضعاف السلوك الجيد الذي قام به ( وهو اداء صلاة الظهر في اول وقتها) وتقوية السلوك السيء ( النوم عن الصلاة عامة والتكاسل عنها) .
من المفروض ان تؤنبه على ترك صلاة الفجر في قتها او بعد الاستيقاظ من النوم، لا ان تنتظر حتى يقوم بعمل جيد فتهمله وتعاقبه على عمل سابق، انها بذلك تعاقب ابنها من غير قصد على سلوك جيد قام به.

لا تكافئ السلوك السيء من غير قصد

على الاباء ان ينتبهوا لسلوكهم مع اطفالهم، حتى لا يقومون بمكافأتهم على سلوك سيء من غير قصد، لان هذا السلوك يقوى ويستمر الطفل في ادائه مستقبلا، مثلا: قد يستيقظ الطفل وهو يبكي ويتمارض لانه لا يريد الذهاب الى المدرسة، فاذا اظهرت الام خوفها على طفلها وأظهرت اهتمامها به، ولم تحاول التأكد من كونه مريض حقا ام يدعي المرض وقامت بتعطيله عن المدرسة، واجلسته في البيت، فان هذا السلوك يقوى ويشتد، ويصبح من العسير اجبار الطفل على الذهاب الى المدرسة مستقبلا.

او اذا طلب الطفل نقودا ليشتري بوظة، فرفضت الام اعطائه نقودا لانه استنفذ مصروفه كله، فبكى الطفل وصرخ، واعتدى على أي طفل يقع تحت يده، فاذا استسلمت الام لصراخه وبكائه واعطته النقود لترتاح من صوته، فان ذلك يعتبر مكافأة له على سلوكه السيء، وتقوية وتعزيز له، وبهذا يتعلم الطفل كيف يكون عنيدا وعاصيا وتقوى هذه الصفات عنده كلما تكرر الموقف.

استعمال العلامات

اذا لم تنفع الاساليب التي ذكرناها سابقا، يمكن استخدام اسلوب العملة الدفترية في تحفيز الاطفال على القيام بالاعمال المطلوبة منهم.
فاذا طلبت من ابنك ان يساعدك في بعض الاعمال فرفض، او اردت تشجيعه على حفظ القرآن او مطالعة الكتب فرفض، استخدم معه اسلوب العلامات (العملة الرمزية) وذلك باتباع الخطوات التالية:

1- اختر السلوك المرغوب اكتسابه، مثل حفظ سورة التوبه
2- ارسم جدول منح العلامات، دون فيه اسم السلوك المرغوب( حفظ سورة التوبة) وحدد الوقت للقيام بالسلوك ، ثم سجل مجموع العلامات التي حصل عليها الطفل لاكتسابه ذلك السلوك.
3- سجل قائمة المكافآت: الصق قائمة المكافآت بجانب جدول منح العلامات ، وتشمل قائمة المكافآت، مكافآت عينية، وممارسة بعض النشاطات والتي يرغب الطفل في الحصول عليها، مثل اقامة حفلة بعد الانتهاء من العمل بهذا البرنامج، او اصطحاب الاسرة في رحلة.
4- قرر تكلفة كل حافز مادي من العلامات
5- احتفظ بالعلامات التي يكسبها الطفل او يفقدها، وعندما يحصل الطفل على علامة سجلها بحماس على القائمة، اثن على سلوكه وعلى العلامات التي اكتسبها، وكلما استبدل الطفل العلامات بجائزة ضع اشارة عند تلك العلامة
6- عدل البرنامج حتى يفي بغرضه بشكل افضل، واذا انتهت الجداول احتفظ بها، والصق جداول جديدة، وقارن بين الجداول القديمة والجديدة لتدرك حجم التقدم في تعديل السلوك، وتأكد ان الطفل لا يحصل على الجوائز (المكافآت) الا بعد ان يمتلك قيمتها من العلامات، لانه اذا حصل على المكافآت دون امتلال العلامات مقابلها فان ذلك يثبطه عن اداء المطلوب منه.
7- لا تنزع من الطفل حسناته اذا قام بسلوك غير مقبول لان ذلك يؤدي الى احباطه، لكن عاقبه بطرق اخرى كالاقصاء او التوبيخ او غيرها كما سيأتي
8- يفضل الاطفال في سن الرابعة والخامسة الحصول على العملة الرمزية اكثر من العلامات مثل قطع رخامية او مكعبات او ازرار او اية مواد صغيرة ، فاذا بلغت العملة معه عددا معينا استبدلها بجائزة مادية كقصة او حلوى. ولا تسمح له باللعب بالعملة الرمزية مالم يمتلكها.


9- قرب له صورة العلامات والجوائز التي يحصل عليها بالثواب والعقاب في الاخرة حيث ان المؤمن الصالح الذي يطيع الله فيما امر ويبتعد عما نهى تسجل اعماله ويعطى عليها حسنات، واذا عمل عملا سيئا يسجل عمله ويكتب له سيئة، فاذا كانت حسناته اكثر دخل الجنة، وان كانت سيئاته اكثر دخل النار.
10- الانقطاع عن البرنامج، اذا تحسن سلوك الطفل وتقدم في العمر بحيث اصبح يفضل ثواب الاخرة على الجوائز في الدنيا، واصبح يقوم بعمله جيدا ارضاءا لله والحصول على ثوابه، يعلن الوالدين عن توقف البرنامج وافهام الطفل ان تسجيل الحسنات مستمر عند الله وسينال الاجر والثواب عليه من رب العالمين.
11- فكر بعمل حفلة بعد الانتهاء من البرنامج، او اصطحب الاطفال والاسرة في رحلة.

نجاح السباتين

عن فريق التحرير

يشرف على موقع آفاق علمية وتربوية فريق من الكتاب والإعلاميين والمثقفين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *