أهمية اللعب في نمو الطفل وتطوير شخصيته.. فوائد ووظائف متعددة

اعداد م. أمجد قاسم

اللعب هو نشاط طبيعي وضروري في حياة الطفل، يشكل جزءًا أساسيًا من تطوره الجسدي والعقلي والنفسي. ووفقًا للدكتور محمد عماد الدين إسماعيل، ويعد اللعب فرصة للطفل للهروب من قيود الواقع المادي، حيث يتيح له تجربة أحداث كان يتمنى حدوثها أو تعديل أحداث وقعت بطريقة معينة.

وهذا النشاط يعكس التناقض القائم بين الطفل والكبار المحيطين به، ويعطيه فرصة للتجريب والحرية بعيدًا عن القيود الاجتماعية والطبيعية، ويمكن اجمالي فوائد اللعب على الاطفال في النقاط التالية:

الفوائد الجسدية للعب:

اللعب يسهم في تطوير عضلات الطفل وتحسين لياقته البدنية، فمن خلال الأنشطة البدنية، يتعلم الطفل التحكم في حركاته وتنسيقها، مما يعزز التكامل بين وظائف الجسم الحركية والعقلية والانفعالية.

إضافةً إلى ذلك، يعد اللعب وسيلة فعالة لتفريغ الطاقة الزائدة، مما يساعد الطفل في تحقيق صحة جسدية ونفسية أفضل.

الفوائد العقلية للعب:

يسهم اللعب كما يقول الخبراء في تنمية التفكير الإبداعي والقدرة على التخيل لدى الطفل، اذ انه من خلال اللعب، يتعرض الطفل لمواقف تتطلب منه التفكير الخلاق، والاستكشاف، والتساؤل، مما يعزز من نضجه العقلي.

كما يعتبر اللعب أيضًا وسيلة لتطوير مهارات حل المشكلات والابتكار، حيث يتيح للطفل فرصة التفكير خارج الصندوق.

الفوائد النفسية للعب:

من الناحية النفسية، يلعب اللعب دورًا هامًا في تمكين الطفل من السيطرة على مخاوفه وقلقه، ويتيح للطفل أيضا التعبير عن مشاعره الداخلية والصراعات النفسية بشكل آمن.

فمثلاً، قد يعبر الطفل من خلال اللعب عن توتراته وانفعالاته الناتجة عن القيود التي يفرضها عليه عالم الكبار، هذا التنفيس العاطفي يساعد الطفل في تحقيق توازن نفسي أفضل، مما ينعكس إيجابا عليه.

الفوائد الأخلاقية للعب:

اللعب يسهم في تشكيل النظام الأخلاقي والمعنوي للطفل، ومن خلال التفاعل مع الآخرين أثناء اللعب، يتعلم الطفل معايير السلوك الأخلاقي مثل الصدق، الأمانة، ضبط النفس، والاجتهاد.

كما يتعرف أيضًا على أهمية احترام الآخرين وتقدير الاختلاف بينهم، مما يعزز من قدرته على التعامل مع التنوع الثقافي والاجتماعي.

الفوائد الاجتماعية للعب:

اللعب يساهم في تطوير مهارات التواصل الاجتماعي لدى الطفل، فمن خلال اللعب الجماعي، يتعلم الطفل أهمية العمل الجماعي والتعاون مع الآخرين.

كما يكتسب مهارات القيادة والعمل ضمن فريق، ويتعرف على الأنماط السلوكية المناسبة في المواقف الاجتماعية المختلفة.

الفوائد التربوية للعب:

يساهم اللعب في تعزيز رغبة الطفل في التعلم والانخراط في المسار التعليمي. عندما يُوجه اللعب بشكل صحيح من قبل المعلمين وأولياء الأمور، يصبح أداة فعالة في تسهيل العملية التعليمية. ويُظهر الأطفال الذين يشاركون في أنشطة اللعب المنظمة تحسنًا ملحوظًا في الأداء الأكاديمي والتكيف مع البيئة المدرسية.

وظائف اللعب:

اللعب ليس مجرد وسيلة للتسلية، بل هو أداة تربوية وتعليمية تساعد في تطوير شخصية الطفل. ومن بين وظائف اللعب:

1. تسهيل التعلم: يساعد اللعب الطفل على فهم المفاهيم المعقدة وتفسير العالم من حوله بشكل أكثر سهولة.
2. تعزيز التفاعل الاجتماعي: يعمل اللعب كوسيلة لدمج الطفل في المجتمع وتعليمه كيفية التفاعل مع عناصر البيئة ومكوناتها.
3. تنمية مهارات التواصل: يمكن للعب أن يحرر الطفل من الأنانية ويعلمه أهمية الجماعة والتكيف مع الآخرين.
4. تحقيق التوازن النفسي: يساهم اللعب في إشباع ميول الطفل واحتياجاته النفسية، مما يساعده على تحقيق التوازن النفسي.
5. تعليم القيم الاجتماعية: يعتبر اللعب أداة فعالة لتعليم الأطفال قواعد السلوك والقيم الاجتماعية.
6. تشخيص الاضطرابات النفسية: يمكن استخدام اللعب كأداة تشخيصية لاكتشاف الاضطرابات النفسية والعاطفية لدى الأطفال.
7. إطلاق القدرات الكامنة: يساعد اللعب في اكتشاف وتنمية القدرات الكامنة لدى الطفل وتوجيهها بشكل إيجابي.
8. تنمية التفكير الإبداعي: يسهم اللعب في تطوير مهارات التفكير الإبداعي والخيال لدى الطفل.

اللعب والإبداع:

يعتبر اللعب وسيلة لتحفيز الإبداع لدى الأطفال، فمن خلال اللعب يمكن للأطفال أن يعبروا عن رغباتهم ودوافعهم النفسية بطريقه مقبولة اجتماعيًا.

أيضا يعد اللعب طريقة لبناء شخصية متكاملة ومتوازنة للطفل، حيث يُمكّنه من تحويل رغباته اللاشعورية إلى أنشطة مقبولة.

ولذا، ينصح العديد من العلماء بجعل الهواية ( طبيعة شخصية الطفل وميوله ) التي هي صورة مطورة للعب مصدرًا للكسب والعائد المادي، مما يعزز من تطوير هذه الهواية واستثمارها بشكل أفضل.

اللعب والقلق:

يعتبر القلق شعورًا طبيعيًا يظهر عند التقدم لممارسة أنشطة معينة مثل الامتحانات أو المقابلات.

ولكن يمكن للعب أن يكون وسيلة فعالة للتخفيف من حدة هذا القلق، وتشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يمارسون أنواعًا مختلفه من اللعب يظهرون مستوى أقل من القلق مقارنة بأقرانهم الذين لا يمارسون اللعب.

كما أن الأنشطة الإبداعية مثل الرسم أو الأعمال اليدوية تساعد في تقليل مستوى القلق لدى الأطفال.

اللعب والشخصية:

يتمتع اللعب بمكانة خاصة كأداة للكشف عن جوانب شخصية الطفل، فمن خلال المراقبة الدقيقة للعب الحر أو الموجه، يمكن للباحثين والمعلمين أن يستخلصوا معلومات قيمة عن الجوانب العميقة لشخصية الطفل.

وقد استخدم الباحثون مثل أريكسون اللعب كوسيلة لتفسير الفروق بين الجنسين في التوجهات المكانية، مما يبرز الدور الهام الذي يلعبه اللعب في فهم نفسية الطفل.

ختاما فغن اللعب ليس مجرد نشاط ترفيهي للأطفال، بل هو عنصر أساسي في نموهم وتطورهم على مختلف الأصعدة.

إنه يساهم في بناء شخصية متكاملة ومتوازنة للطفل، ويزوده بالمهارات والقيم اللازمة للتفاعل مع المجتمع.

وبالتالي، يجب أن نولي اللعب أهمية كبيرة في التربية والتعليم لضمان نمو صحي وسليم لأطفالنا.

المراجع:

1. السيد، محمد عماد الدين. (1999). علم نفس اللعب. القاهرة: دار المعارف.
2. الخالدي، أحمد. (2008). أهمية اللعب في نمو الطفل. بيروت: دار الفكر العربي.
3. شواهين، خالد. (2007). اللعب والإبداع عند الأطفال. عمان: دار المسيرة.
4. صوالحة، محمود. (2004). العلاج باللعب: أساليب وتقنيات. الرياض: مكتبة الرشد.
5. الجراح، علي. (1999). التحليل النفسي للعب الأطفال. دمشق: دار الفكر.

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

التعلم التعاوني.. نهج تعليمي حديث لتعزيز التفاعل والمشاركة

التعلم التعاوني هو نهج تعليمي يعتمد على تفاعل الطلاب مع بعضهم البعض لتحقيق أهداف تعليمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *