أنواع التخطيط بوجه عام والتخطيط التربوي بوجه خاص

أنواع التخطيط بوجه عام والتخطيط التربوي بوجه خاص

المهندس أمجد قاسم

تعتبر الإدارة السبب الأول للتقدم والتطور في كافة مجالات الحياة ، حيث إنها هي الأداة الفعالة والهامة لتحقيق الأهداف المرسومة لرفعة شأن وتقدم وتطور المجتمعات البشرية على مر التاريخ .
إن دراسة تاريخ المجتمعات البشرية ليؤكد وبشكل قاطع على أن التطور والتقدم الذي أحرز في كافة المجالات والميادين ما كان له أن يتحقق إلا بوجود إدارة فاعلة منظمة دقيقة واعية مدركة لأهمية التخطيط والتنظيم واستثمار الوقت والجهد والمال بشكل مناسب وفعال.
والعمليات الإدارية Process يطلق عليها الخبراء اسم عموميات الإدارة أو وظائف الإدارة Functions أو مكونات الإدارة ، وهي العناصر الأساسية التي تلجأ كل مؤسسة أو منظومة إلى ممارستها بغض النظر عن طبيعة عملها أو نشاطها .
لقد تم تقسيم وظائف الإدارة بشكل عام إلى خمسة عناصر رئيسة هي :
التخطيط Planning
التنظيم Organizing
التوجيه Directing
الرقابة Controlling
التنسيق Coordinating

لقد حاول الكثير من المفكرين تكييف مبادئ وأسس علم الإدارة العامة وإدارة الأعمال في مجال التربية ، من اجل الارتقاء بالعملية التعليمية وتنظيمها ، على اعتبار أن وظائف الإدارة بوجه عام متشابهة في الكثير من القطاعات وبيئات العمل المختلفة .
إن من احد أهم المفكرين الذين حاولوا تكييف مبادئ وأسس الإدارة العامة بما يخدم الإدارة التربوية ، كان أستاذ الإدارة (( سيزر )) وقد تأثر بآراء من سبقوه من علماء الإدارة الحكومية ( الإدارة العامة ) والإدارة الصناعية والتجارية ( إدارة الأعمال ) بما فيهم (( فردريك تايلور )) و (( فايول )) وغيرهم ( الأغبري ، 2006 ، ص 184 ) .
ويمكن القول أن التخطيط في العملية التربوية يعتبر من أحد أهم عناصر الإدارة على الإطلاق ، فإذا كانت الإدارة هي البناء أو الأساس لأي تنمية أو حضارة أو تقدم أو ازدهار في أي بلد ، فإن التخطيط بحق يعتبر إكسير هذا البناء والأساس الحقيقي للنهضة والتقدم ، يقول سيزر في هذا المجال ( التخطيط هو عملية التهيؤ أو الاستعداد لاتخاذ القرار ) (الأغبري ، 2006 ، ص 184 ) .
مفهوم التخطيط
من المسلم به أن الإنسان عرف التخطيط ومارسه منذ القدم ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، وبشكل إرادي وتلقائي ، فأتخذه كأسلوب فعال لتامين متطلباته المعيشية .
والتخطيط في جوهره لا يخرج عن كونه عملية منظمة واعية لاختيار أحسن الحلول الممكنة للوصول إلى أهداف محددة ، يعني ذلك ، هو عملية ترتيب الأولويات في ضوء الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة ( حافظ ،2006، ص 15 ).
لقد تعددت التعريفات حول التخطيط وتنوعت ، فقد عرف هـ . كونتز H. Koontz التخطيط بأنه ( التقرير المسبق لما يجب عمله ؟ وكيف يتم ؟ ومتى ؟ ومن الذي يقوم به ؟ ) ، ويقول هنري فايول H. Fayol ( إن التخطيط هو في الواقع عملية تنبؤ بما سيكون عليه المستقبل ، مع الاستعداد الكامل لمواجهته ) ( الأغبري ، 2006 ، ص 189 ) .
ومن هنا نجد أن التخطيط هو عملية منظمة وواعية لاختيار أفضل الحلول الممكنة للوصول إلى أهداف معينة ، إنها عملية ترتيب الأولويات في ضوء ما يتاح من إمكانيات مادية وبشرية ، وهي عملية مستمرة تؤدي إلى وضع الخطط التي هي عبارة عن برامج مقيدة بمراحل وخطوات وتحديد زماني ومكاني ، أيضا فإن التخطيط هو تطلع واستشراف نظري للمستقبل مبني على دراسة منهجية تعتمد على روح التنبؤ العلمي لتحقيق أهداف معينة خلال مدة زمنية محددة .

التخطيط التربوي والتخطيط التعليمي والمدرسي
أ‌- التخطيط التربوي

يعتبر التفريق بين مفهوم التخطيط التربوي ومفهوم التخطيط التعليمي أمرا هاما ، نظرا لخصوصية كل من المفهومين ، حيث أن تعريفنا للتعليم يكون بأنه العملية المقصودة التي تؤدي بواسطة مؤسسات أنشأت خصيصا لهذا الغرض ، أما عملية التربية فهي أوسع من ذلك وأعظم ، فالتعليم يكون جانبا من جوانب العملية التربوية أو عمقا من أعماقها ( حافظ ، 2006 ، ص 18 )
والتربية في الحقيقة لا تهدف إلى إيصال المعارف والعلوم وتنمية القدرات الذهنية فقط ، لكنها تهدف أيضا إلى تنمية الفرد من جميع جوانبه الروحية والخلقية والفكرية و البدنية وإعداده بشكل جيد للتكيف مع محيطه وتمكينه من أن يكون مواطنا صالحا لمجتمعه ووطنه .
ولهذا فإننا نجد أن المؤسسات التربوية أوسع وأشمل من المؤسسات التعليمية ، ومن هنا يكون التخطيط التربوي يمثل الإطار العام والشامل للتخطيط التعليمي والمدرسي وبالتالي يهتم بالجانب الكمي أي بأعداد الطلاب والمعلمين والمدارس والمرافق ويهتم أيضا بالجانب النوعي أو الكيفي والذي يشمل جميع جوانب العملية التعليمية من معلمين وإداريين ومناهج وطرق تدريس وغيرها .
إن التخطيط التربوي يحقق التوازن بين الكم والنوع مستفيدا من الخبرات التربوية المؤهلة ، ومكرسا لأهداف وسياسة الدولة العليا والتي تنفذ وزارة التربية والتعليم جانبا هاما وحيويا منها.

ب‌- التخطيط التعليمي
وهي العملية المنتظمة التي تتضمن أساليب البحث الاجتماعي ومبادئ وطرق التربية وعلوم الإدارة والاقتصاد والمالية وغايتها أن يحصل الطالب على تعليم كاف ذي أهداف واضحة وعلى مراحل محددة تحديدا تاما ، وان يمكن كل فرد من الحصول على فرصة ينمي بها قدراته ويسهم في تقدم المجتمع ( حافظ ، 2006 ، ص 20 ) .
أيضا فإن التخطيط التعليمي ، عبارة عن عملية مقصودة تهدف إلى استخدام طرق البحث العلمي من أجل تحقيق الأهداف التي سبق تحديدها في ضوء احتياجات المستقبل وإمكانيات الحاضر وبالتالي يكون هذا التخطيط جزء من التخطيط التربوي العام والشامل .

ج- التخطيط المدرسي
ويتم هذا التخطيط في المستوى الإجرائي ، أي جزء من كل منظومة التخطيط التربوي الشاملة، والهدف الرئيس من التخطيط المدرسي ، إنجاح العملية التعليمية داخل المدرسة بما يتماشى مع السياسة التعليمية للدولة وتحقيق أهداف المجتمع والمؤسسة التعليمية (( حافظ ، 2006 ، ص 21 ) .
ويمكن توضيح أهداف التخطيط المدرسي في الإجابة على ثلاثة أسئلة رئيسة هي :
السؤال الأول : ما واقع المدرسة من حيث الطلاب ، المعلمين ، الإمكانيات ، العاملين ، التجهيزات ………… الخ ؟ .
السؤال الثاني : ما هي الأهداف التي تسعى المدرسة لتحقيقها ؟
السؤال الثالث : ما هي طرق تحقيق تلك الأهداف في ضوء الواقع والإمكانيات المادية والبشرية المتاحة ( حافظ ، 2006 ، ص 22 ) .

أنواع التخطيط

تتعدد أنواع التخطيط طبقا لعدد من المؤشرات والمحددات والأهداف التي يسعى لتحقيقها كل من يعمل في حقل التخطيط ،ويمكن توضيح أنواع التخطيط كما أجمعت عليه مجموعة كبيرة من الدراسات في المحاور التالية :
أولا : من حيث المستويات العامة Planning Based On General Levels
ثانيا : من حيث المستوى التنظيمي Planning Based on Organizational Levels
ثالثا : من حيث النظرة الجزئية والشاملة Planning Based On Micro and Macro Perspective
رابعا : من حيث الأهداف Planning Based On Goals
خامسا : من حيث البيانات Planning Based On Data
سادسا : من حيث الفترة الزمنية Planning Based on Time
سابعا : من حيث فلسفة الدولة Planning Based On Country’s Philosophy

كما يمكن توضيح أنواع التخطيط وأقسامها المختلفة في المخطط التالي
أولا : التخطيط من حيث المستويات العامة Planning Based On General Levels
1- التخطيط العالمي World Planning
ويتمثل هذا النوع من التخطيط عند وضع خطط تشمل العالم بأسره ، مثل التخطيط لمكافحة التصحر ، والتخطيط لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ، وأيضا خطط منظمة الصحة العالمية لمكافحة بعض الأمراض والأوبئة عالميا أو خطط مكافحة الأمية وإقرار حق التعليم للجميع .
2- التخطيط الدولي International Planning
وهو التخطيط الذي يقتصر على مجموعة محددة من الدول ترتبط فيما بينها بمصالح سياسية أو اقتصادية أو جغرافية أو ثقافية ، مثل تخطيط المنظمات الدولية كالسوق الأوروبية المشتركة وأوبك ودول التعاون الخليجي وغيرها .
3- التخطيط القومي National Planning
ويهدف هذا النوع من التخطيط إلى رسم الخطط المستقبلية التي تحدد سياسة الدولة في العديد من مناحي الحياة اليومية ، وقد تكون هذه الخطط خماسية أو سباعية أو أكثر من ذلك حسب نوع القطاع الذي تم التخطيط من اجله ، ويشارك في وضع هذه الخطط مختلف أجهزة التخطيط القومي في الدولة .
4- التخطيط الإقليمي Regional Planning
يهتم هذا النوع من التخطيط بوضع خطط خاصة للمناطق المختلفة والتقسيمات الإدارية في الدولة ( المحافظات ، الولايات ، الأقاليم ) .
5- التخطيط المحلي Local Planning
يركز على تحقيق أهداف مشروعات محددة على مستوى المجتمعات المحلية والوحدات الإنتاجية ، والهدف منه تطوير هذه القطاعات من خلال الاستخدام الأمثل للموارد لتلبية الاحتياجات المحلية بناءا على ما يتوفر فيها من إمكانيات .
6- التخطيط القطاعي Sectional Planning
يهتم هذا النوع من التخطيط بتكامل عناصر التنمية في قطاع واحد محدد من القطاعات الاقتصادية أو الاجتماعية كمجال التعليم مثلا ,أو مجال الزراعة , بحيث يتم التخطيط الخاص بكل قطاع وذلك في ضوء أهدافه ومؤشراته وعوا ملة وما هو متاح من إمكانيات على أن يكون ذلك كله في أطار غايات وأهداف المجتمع و ما هو متوفر له من إمكانيات .
وذلك مثل قطاع التعليم حيث يشمل التخطيط جميع المراحل و المستويات التعليمية (ابتدائي – إعدادي – ثانوي – عالي وجامعي )وهو القطاع الذي يمثل العامود الفقري لأي تنمية اقتصادية و اجتماعية في الدولة ,باعتبار أن راس المال البشري أهم من أي ثروة أخرى في المجتمع ( حافظ ، 2006 ، ص 26 ) .
7- التخطيط المؤسسي Corporate Planning
ويشمل التخطيط المؤسسي ، التخطيط الخاص بنشاط مشروع في أي منظمة أو مؤسسة تربوية أو غيرها ، حيث يتم تحديد جداول العمل والبرامج الزمنية الخاصة بكل مرحلة من مراحل التنفيذ حتى موعد الانتهاء منه ( الأغبري ، 2006 ، ص 194 ) .
ثانيا :التخطيط من حيث المستوى التنظيمي Planning Based on Organizational Levels
تتناسب أهمية التخطيط تناسبا طرديا مع زيادة أهمية مستوى الإدارة ، فالتخطيط الذي يتم على نطاق فردي ، تختلف أهميته عن التخطيط الذي يتم على مستوى الأسرة أو المجموعة ، وبالمثل فإن التخطيط الذي يقوم به مدير المدرسة يختلف في أهميته عن التخطيط الذي تقوم به إدارة التعليم أو وزارة التربية والتعليم بشكل عام ، من هنا يتبين انه يتنوع التخطيط حسب المستوى التنظيمي لأي مؤسسة .
ومن أشكال التخطيط التنظيمي :

1- التخطيط السياسي Political Planning
يركز التخطيط السياسي على ترسيخ الخطوط العريضة للدولة ، فمثلا ، عندما تكون السياسة العامة للدولة تتجه نحو التوسع في التعليم المهني ، فإنه يتم تسخير كافة الإمكانيات من أجل تحقيق هذا الهدف.
2- التخطيط الإستراتيجي Strategic Planning
يعنى هذا التخطيط بإعداد الخطط الأساسية للمؤسسة ، والتي تتم من قبل الإدارة العليا ، أو على مستوى الوزارة ، مثل وزارة التربية والتعليم أو أي وزارة أخرى ، حيث يتم جمع المعلومات وتحليلها ، ثم اختيار البدائل وتقويمها ، وهذا التخطيط يركز على تحديد الأهداف أكثر مما يركز على وسائل تحقيقها ( الأغبري ، 2006 ن ص 195 ) .
3- التخطيط التكتيكي Tactical Planning
ويركز هذا التخطيط على الوسائل التي يتم من خلالها تنفيذ الخطط الاستراتيجية على مستوى الإدارات الإدارية الوسطى في التنظيم ، وهو أقرب ما يكون لمرحلة التنفيذ ، ومن ثم يتم وضع الخطط التكتيكية لأغراض محددة وفي فترة زمنية قصيرة وفقا للمتغيرات المتاحة أمام الجهة المنفذة لهذه الخطط ( حافظ ، 2006 ، ص 30 ) .
4- التخطيط للطوارئ Contingence Planning
إن التخطيط للطوارئ يركز على أخذ الإحتياطات اللازمة من أجل مواجهة الطوارئ ، حيث يتم وضع خطط إضافية يتم تنفيذها عند الطوارئ فقط .
لقد دعت الحاجة للتخطيط للطوارئ بسبب التغير السريع للبيئة مما يجعل عملية التنبؤ في الكثير من الأحيان أمرا يتسم بعدم الدقة ، لذلك فإن من الأهمية بمكان أن يتم تكييف النظام التعليمي والتربوي بخطط محكمة لمجابهة الأحداث العالمية والسياسية والاقتصادية والطبيعية المفاجئة .
ثالثا : التخطيط من حيث النظرة الجزئية والشاملة Planning Based On Micro and Macro Perspective

يمكن تقسيم هذا النوع من التخطيط إلى نوعين هما :
1- التخطيط الشمولي / المكبر Macro Planning
يهتم التخطيط الشمولي بتنظيم وإدارة جميع القطاعات في الدولة ويكون ذلك بعد الأحداث الكبرى التي قد تمر بها الدولة كما هو الحال في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية .
2- التخطيط الجزئي / المصغر Micro Planning
يركز هذا النوع من التخطيط على جانب معين أو جزء محدد أو قطاع من قطاعات الدولة المختلفة ، كقطاع التعليم أو قطاع التدريب أو الصحة .
والتخطيط على مستوى المدرسة والذي يهتم فيه بالجانب الإجرائي على مستوى مدارس التعليم يعتبر جزء من التخطيط التعليمي .
وهذا النوع من التخطيط يعمل على تحديد الهدف والمطالب المراد تحقيقها على المستوى القطاعي بحيث يكون لكل قطاع أهداف يجب تحقيقها في الإنتاج والدخل والاستثمارات ، وتدخل خطة كل قطاع بصورة متناسقة ضمن إطار الخطة العامة ( حافظ ، 2006 ، ص 32 ) .
رابعا : التخطيط من حيث الأهداف Planning Based On Goals

يقسم التخطيط طبقا للهدف إلى الأنواع التالية :
1- التخطيط للتطوير :
حيث يلجأ مدير المؤسسة إلى تطوير أداء الموظفين في مؤسسته من أجل تحسين أداء المؤسسة بوجه عام وذلك من خلال إعطاء هؤلاء الموظفين دورات تدريبية خاصة أو إعادة هيكلة المؤسسة بشكل كامل ، كما قد يلجأ مدير المدرسة إلى استحداث نظام دروس التقوية للمعلمين في مدرسته لتحسين مستوى بعض الطلبة دراسيا ، والتنسيق لعقد دورات تنشيطية لبعض المدرسين وإيفاد عدد منهم في دورات متخصصة مثل دورة الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب ودورة انتل والحقائب التعليمية.
2- التخطيط من أجل أداء أفضل
يتم مثل هذا التخطيط في أي مؤسسة تجارية أو تربوية تسعى إلى إنشاء قسم إداري جديد أو نشاط جديد يتم لأول مرة ، حيث يعمل مدير المؤسسة على تحقيق الأهداف الموضوعة من خلال توفير كافة الإمكانيات المالية والمادية والبشرية .
3- التخطيط لحل المشكلات
يلجأ مدير أي مؤسسة إلى التخطيط بهدف حل المشكلات التي تواجهه سواء على مستوى المؤسسة أو إدارة من الإدارات أو قسم من الأقسام ، وسواء كانت هذه المشكلة على مستوى العمل أم الخدمة ( الأغبري ، 2006 ، ص 197 ).
وفي المؤسسة التربوية ، قد يجد مدير المدرسة أن هناك خلل ما في مدرسته التي يديرها ، فيبدأ بجمع المعلومات حول هذه المشكلة وتحليلها والوصول إلى حلول بديلة واتخاذ القرارات المناسبة ، ثم يحول تلك القرارات إلى خطة محددة المعالم من شانها وضح حل لتلك المشكلة.
4- التخطيط الروتيني
وهذا التخطيط يختص في المشكلات والمعيقات الروتينية واليومية والمتكررة التي تواجه المؤسسة التعليمية ومنها :
أ‌) مشكلات الأداء
حيث قد يوجد تراخ من قبل بعض الإدارات أو الأقسام أو الوحدات الإدارية في عملها أو تقصير في تحقيق المهام الموكولة إليها إما من حيث الكم أو الكيف ( الأغبري ، 2006 ، ص 197 ) .
ب‌) مشكلات الممارسة الإدارية
مثل تأخر المعلمين في الحضور صباحا أو تقاعسهم في إنجاز بعض المهام المطلوبة منهم ، وهنا يلزم وضع حلول وبحث الأسباب المؤدية إلى تكرار مثل هذه المشاكل .
5- التخطيط الهيكلي أو البنائي Structural Planning
يطلق عليه أحيانا بالتخطيط التركيبي ، ويقصد به اتخاذ مجموعة من القرارات والإجراءات والسياسات التي تهدف إلى تغيرات عميقة بعيدة المدى في التركيب الاقتصادي والاجتماعي للدولة وإقامة هيكل جديد مغاير للسابق ، بأوضاع ونظم جديدة يسير عليها المجتمع والدولة ( الحاج محمد ، 2000 ، ص 134 ) .
فالتخطيط الهيكلي أو التنموي يحدد ويرسم المعالم الجديدة للمجتمع ، ويمكن أن يتم التخطيط الهيكلي على مستوى أية شركة أو مؤسسة أو وزارة من الوزارات ، مثل وزارة التربية والتعليم من حيث إحداث تغيرات أساسية في الهيكل التنظيمي ، واستحداث بعض الإدارات والأقسام التي من شانها تحسين وتطوير مستوى الأداء في قطاع التعليم ، وقد يمتد الأمر إلى المدرسة وخاصة إذا كانت خاصة ، فيوصي مجلس الإدارة بإجراء تغيير جذري في البناء التنظيمي للمدرسة ، فقد يكون تخطيط يركز على التوسع الأفقي ( يهتم بالكم ) أو الرأسي ( يهتم بالكيف ) أو بهما معا من حيث إيجاد نوع من التوازن بين الاثنين (الأغبري ، 2006 ، ص 198 ) .
6- التخطيط الوظيفي Functional Planning
يطلق عليه اسم التخطيط التأشيري أو التخطيط التوجيهي ويقصد به إعداد الخطط وتنفيذها ضمن الهيكل الاقتصادي والاجتماعي القائم في المجتمع والإبقاء عليه مكتفيا بإحداث التغيير في الوظائف التي يؤديها النظام آخذا بمبدأ التطور البطيء والإصلاح التدريجي ،ويتحدد دور الدولة في التخطيط الوظيفي في تشجيع القطاع الخاص وإزالة المعوقات أو تقديم الحوافز كي تتحقق أهداف التخطيط دون أن يتطلب ذلك تغيير سياسات وإحداث تغيرات جذرية فيه ، وكل ما يستهدفه في الأخير من تحسين أوضاع المجتمع ورفع كفاية الإنتاج ، ومن هنا ينتشر هذا التخطيط في الدول الرأسمالية وفي كثير من دول العالم الثالث ( الحاج محمد ، 2000 ، ص 134 ) .
إن التخطيط الوظيفي يعتبر تخطيطا لتطوير أو تعديل أو إصلاح جزء من خطة شاملة ، وخصوصا تطوير الموظفين الذين يعملون بالجزء الذي تم تطويره ، حيث يتم من خلاله التخطيط لتعديل البنية المراد تطويرها ، ومن الأمثلة على هذا ، عندما يتم تطوير المناهج الدراسية ، فيتم عمل خطة لتطوير المعلمين الذين سوف يعملون هذا المنهاج ، ومن الأمثلة أيضا ، عندما الحكومة تغير سياستها وهذه السياسة تحتاج إلى تغيير في الخطة التربوية والتي هي جزء من الخطة الشاملة ، فتطوير أو تعديل الخطة التربوية بالنسبة للخطة الشاملة للحكومة يعد تخطيطا وظيفيا ، فلكل تطوير أو تعديل أو إصلاح ، يكون هناك أسباب ومبررات لهذا النوع من التخطيط ، وهذا بناء على ضوء ما يراه المخطط مناسبا من أهداف منشودة ( نبهان ، 2006 ، ص 88 ) .

خامسا : التخطيط من حيث البيانات Planning Based On Data
ينقسم التخطيط طبقا لتوافر البيانات وعدم توافرها إلى نوعين هما :
1- التخطيط بالبيانات
وهذا يتم عند توفر الإحصائيات الدقيقة والصحيحة ، وهو من أكثر الأنواع شيوعا وانتشارا وخاصة في الدول المتقدمة ، أما في الدول النامية فإن تطبيق التخطيط بالبيانات قد يكون متعذرا في بعضها وذلك بسبب عدم توفر بيانات دقيقة في الكثير من قطاعات الدولة .
2- التخطيط بدون بيانات
يتم التخطيط بدون بيانات في بعض الدول وفي بعض القطاعات والمجالات التي تفتقر إلى بيانات ومعلومات دقيقة ، وهذا النوع سماه ستوبلر Stopler في كتاب ألفه بعد أن أمضى حوالي سنتين في دولة نيجيريا الاتحادية حيث شارك في وضع خطة التنمية فيها ، وقد جاء كتابه كترجمة حقيقية للخبرة التي مر بها ، فوضع خطة دون توافر بيانات وإحصائيات دقيقة يستند إليها ( الأغبري ، 2006 ، ص 200 ) .

سادسا : التخطيط من حيث الفترة الزمنية Planning Based on Time
ويقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي
1- التخطيط قصير المدى Short Rang Planning
وهو عبارة عن ترجمة حقيقية لخطط متوسطة المدى تتراوح من سنة فأقل ، ويسمى هذا النوع من التخطيط في بعض الأحيان بالتخطيط التكتيكي ، حيث يكون التخطيط أكثر تفصيلا ، وقد يشمل الأنشطة والفعاليات اليومية ( الأغبري ، 2006 ، ص 200 ) .
2- التخطيط متوسط المدى Middle Rang Planning
يتطلب التخطيط متوسط المدى فترة زمنية أكثر من سنة وأقل من عشر سنوات ( بعض المراجع تذكر اقل من خمس سنوات ) ، وهذا النوع من التخطيط يشتمل على وضع خطط تفصيلية للتخطيط طويل المدى ،كما هو الحال بالنسبة لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
3- التخطيط طويل المدى Long Rang Planning
وتتراوح آماده بين عشر سنوات وعشرين سنة ، وهو أكثر تعقيدا وأصعب تنفيذا ، غير أن له قيمة في تحقيق الأهداف على المدى الطويل ،ويطلق على هذا النوع ” التخطيط الاستراتيجي ” الذي يتميز بنوعين أحدهما تخطيط استراتيجي دفاعي الغرض منه تحييد أو تكميم بعض المتغيرات التي تؤثر على التنمية ،والثاني تخطيط استراتيجي هجومي الغرض منه التعرف على كافة الفرص المستقبلية التي يمكن استغلالها لأغراض التنمية ،وقد تصل فترة هذا التخطيط إلى آماد بعيدة ربما خمسين عاما أو أكثر من مائة عام وهو لهذا المدى يكون أقرب إلى التصور الذي يأخذ شكل استراتيجية مستقبلية ( الحاج محمد ، 2000 ، ص 139 ) .
سابعا : التخطيط من حيث فلسفة الدولة Planning Based On Country’s Philosophy
تتبنى كل دولة سياسة تخطيطية خاصة بها ، تتماشى مع أيديولوجيتها الفكرية وسياستها العامة وثوابتها الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والتربوية ، ومن هذه الأنماط التخطيطية المتعارف عليها على المستوى الدولي نذكر :

1- التخطيط الإلزامي Imperative Planning
هو التخطيط الذي اتبعه الاتحاد السوفيتي ( سابقا ) ،ويعتبر تخطيط شمولي النظرة يأخذ في الاعتبار كافة قطاعات الدولة ( الصناعية ،والزراعية ، والخدمية ) ، ويلتزم كل قطاع بالأهداف المحددة له في الخطة العامة والتي تترجم فلسفة الدولة وتوجهاتها وطموحاتها ، وتكون السيطرة التامة على جميع وسائل الإنتاج ، وقد طبقت هذا النمط كثير من دول المنظومة الاشتراكية ( الأغبري ، 2006 ، ص 201 ) .
2- التخطيط الحر Free Market Planning
هذا التخطيط يعتمد على عمل دراسات تنبؤية لتوجهات الاقتصاد والتنمية في البلاد مستقبلا ، ويترك المجال مفتوحا أمام كل مؤسسة لحرية الاختيار في تحديد سبل تحقيق التنمية ، وتتزعم هذا النوع من التخطيط الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية وفي مقدمتها بريطانيا .
3- التخطيط الموجه Indicative Planning
ويعتمد هذا النوع من التخطيط على قيام الدول بتحديد الخطوط الرئيسة والأهداف القومية التي تسعى إلى بلوغها تاركة مساحة كبيرة من الحرية للأقاليم والمؤسسات المستقلة ورجال الأعمال ليأخذوا زمام المبادرة نحو تحقيق تلك الأهداف ، وهذا النمط يعتبر حل وسط بين التخطيط الإلزامي والتخطيط الحر ، وقد تم تطبيق هذا النوع من التخطيط في بعض الدول كفرنسا والدول النامية مثل الهند ( حافظ ، 2006 ، ص 37 ) .
4- التخطيط الحافزي Incentive Planning
يهدف هذا النوع من التخطيط إلى النهوض بالدول النامية التي تعاني من شح الموارد المالية أو انتشار الفساد الإداري فيها بالرغم من توفر الموارد المادية ، ومن هنا فقد تلجأ الدولة إلى خصخصة بعض قطاعات الدولة وإعطاء تسهيلات ضريبية وإمتيازات لمؤسسات القطاع الخاص من أجل دفع عجلة التقدم والتنمية في المجتمع .
وقد تختلف وتتفاوت سياسة الدولة في تطيق هذا النمط من التخطيط ، فقد يكون مركزيا أو غير مركزي ، وقد يكون شاملا أو جزئيا ، طويل المدى أو متوسط المدى أو قصير المدى .
5- التخطيط الإسلامي Islamic Planning
حث الإسلام على ضرورة الأخذ بالتخطيط في كافة شؤون الحياة اليومية وقد شمل التخطيط في الإسلام الكثير من القطاعات من أهمها :


التخطيط الاقتصادي .
التخطيط الاجتماعي .
التخطيط العسكري.
التخطيط الإداري.
التخطيط التربوي والتعليمي والتثقيفي.
ومن الضروري أن تكون الخطة مقسمة إلى مراحل وأهداف محددة وموضح بها الأساليب ، وان تراعي مرضاة الله والنهضة بالمجتمع .

المراجع
الأغبري ، عبد الصمد ( 2006 ) . الإدارة المدرسية البعد التخطيطي والتنظيمي المعاصر ، دار النهضة العربية ، بيروت – لبنان .
الحاج محمد ، أحمد على ( 2000 ) . التخطيط التربوي إطار لمدخل تنموي جديد ، دار المناهج للنشر والتوزيع .
حافظ ، محمد صبري ( 2006 ) . تخطيط المؤسسات التعليمية ، عالم الكتب ، القاهر – مصر.
نبهان ، يحيى محمد ( 2007 ) . الإدارة التربوية بين الواقع والنظرية ، دار صفاء للنشر والتوزيع ، عمان – الأردن .
الصورة pixabay.com

عن المهندس أمجد قاسم

كاتب علمي متخصص في الشؤون العلمية عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين

شاهد أيضاً

التربية والمجتمع.. علاقة تكاملية وركيزة أساسية لتطور الأفراد

تُعد التربية والمجتمع من المحاور الأساسية التي تُشكل هوية الإنسان وتحدد معالم تطوره. إن العلاقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *