تسهم محطات توليد الطاقة الكهربائية التي يتم تشغيلها بالفحم الحجري، بنسبة كبيرة من الغازات الملوثة للغلاف الجوي للأرض، حيث تنتج مقادير كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وبعض الغازات السامة والخطيرة.
المقال التالي للكاتبة عائشة راسكو يبين المخاطر البيئة لمحطات توليد الطاقة الكهربائية العاملة على الفحم الحجرين حيث تذكر الكاتبة عائشة راسكو أن الفحم هو أكبر مصدر منفرد لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون فان أنصار الصناعة يعلقون آمالهم على تكنولوجيا لحبس وتخزين تلك الانبعاثات التي يلقى عليها باللوم في ارتفاع درجة حرارة الأرض.
لكن تكنولوجيا امتصاص الكربون ما زالت رغم ذلك غير متفق عليها. ولم تثبت هذه العملية كفاءتها على نطاق تجاري وهي مكلفة للغاية بل هناك قدر كبير من المخاوف المتعلقة بالسلامة.
وقال جراهام طومسون مؤلف دراسة لجامعة تورونتو “في الوقت الراهن لدينا ساسة يطلقون وعودا بشأن تكنولوجيا امتصاص الكربون وعزله وهو شيء لا يعرف العلماء هل يستطيعون تحقيقه.”
كما أن أثر هذه التكنولوجيا سيكون كبيرا على المستهلكين الأمريكيين الذين يعتمدون على وجود كميات وفيرة من الفحم لتوليد نصف الكمية تقريبا من الكهرباء في البلاد.
وباعتبار الفحم مصدر 40 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم فمن المرجح أن يكون أيضا الحديث عن تمويل تكنولوجيا امتصاص الكربون جزءا رئيسيا من هذه المفاوضات.
وبالنسبة لمايك موريس المدير التنفيذي لامريكان الكتريك باور ليس هناك شك في أن هذه التكنولوجيا ضرورية وممكنة.
وبمكتبه في كولومبوس بولاية أوهايو قال موريس لرويترز “سيتعين على هذا البلد ودول العالم أن يكون لديها نهج للحد من ( انبعاثات) الكربون.”
وأقر مجلس النواب الامريكي بأغلبية ضئيلة تشريعا للمناخ هذا العام من شأنه الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من خلال إلزام مصادر التلوث الرئيسية بالحصول على تصاريح للكربون الذي تطلقه في الغلاف الجوي.
وعلى الرغم من أن أغلب التصاريح ستكون مجانية في البداية فان الشركات في نهاية الأمر ستضطر لدفع المال مقابل الحصول عليها أو الحد من انبعاثاتها مما قد يؤدي الى إنهاء عمل شركات ملوثة كبرى.
وفي مجلس الشيوخ يعكف المشرعون على صياغة قانون مماثل سيحصل على ما يكفي من المساندة لتمريره.
واذا لم يخرج مشروع قانون من الكونجرس بمجلسيه فان هيئة حماية البيئة اتخذت خطوات لتنظيم الانبعاثات بموجب قانون الهواء النظيف.
وتنفق أمريكان الكتريك باور وهي من أكبر الشركات الأمريكية المولدة للكهرباء المال حتى تكون أفعالها مماثلة لأقوالها. وتقود الشركة بالاشتراك مع شركة الستوم الهندسية الفرنسية مشروعا رائدا لحبس انبعاثات الفحم وحقن الكربون تحت الأرض في محطتها لتوليد الطاقة في منطقة ماونتنير بولاية وست فرجينيا.
ويوصف المشروع التجريبي الذي تبلغ تكلفته 73 مليون دولار والذي بدأ العمل بشكل كامل مؤخرا بأنه أول مشروع في العالم يجمع معا حبس الكربون ونقله وتخزينه في محطة فحم قائمة بالفعل.
وتأمل الشركة أن يؤدي هذا المشروع الى أول مشروع لحبس الكربون وعزله على النطاق التجاري بتكلفة نحو 670 مليون دولار.
تقع محطة أمريكان الكتريك باور الضخمة وسط تلال بامتداد نهر أوهايو وتنتج 1300 ميجاوات وتستهلك 12 ألف طن من الفحم يوميا لدى التشغيل بكامل طاقتها.
وباستخدام تكنولوجيا طورتها شركة الستوم الفرنسية يمتص المشروع النموذجي في ماونتنير بعضا من ثاني أكسيد الكربون الذي تنتجه المحطة وينقله عبر خطوط أنابيب الى موقعين حيث يجري ضخه تحت الأرض.
وقال موريس “قضية ارتفاع حرارة الأرض هي تحد تكنولوجي وهذا المشروع ومشاريع أخرى مماثلة ستوضح أن هناك حلا تكنولوجيا…لكن علينا جميعا أن ندرك أن هذه ليست خطوة بلا تكلفة.”
ستكون تكلفة امتصاص الكربون مرتفعة. وفي وقت سابق قالت وكالة الطاقة الدولية ان العالم سيحتاج لانفاق 56 مليار دولار بحلول عام 2020 لاقامة مئة مشروع مماثل الى جانب 646 مليار دولار مطلوبة من عام 2021 وحتى عام 2030 .
وقال تقرير للمعهد العالمي لحبس الكربون وعزله في استراليا ان تطوير هذه التكنولوجيا يعيش مأزقا كلاسيكيا، فهذه التكنولوجيا تستهلك ما يصل الى 30 في المئة من الكهرباء التي تولدها المحطة مما يعني استهلاك كمية أكبر من الفحم وجعل كمية الكهرباء المطروحة للبيع أقل.
وقال فرانكلين أور مدير معهد بريكورت للطاقة بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا انه حتى مع التقدم التكنولوجي سيتحمل المستهلك بعضا من التكاليف.
وعلى الرغم من أن ستيفن تشو وزير الطاقة الامريكي أشاد بها باعتبارها تكنولوجيا ضرورية فان البعض يشكك فيما اذا كان من الممكن حبس الكربون وتخزينه بأمان لعشرات السنين بالدرجة الكافية التي تساعد على التغلب على مشكلة ارتفاع حرارة الارض.
وحتى يحدث انخفاض حقيقي في انبعاثات الكربون سيكون من الضروري حبس مليارات الاطنان من ثاني أكسيد الكربون تحت الارض.
كما أن هناك مخاوف من حدوث تسرب من مناطق التخزين. ويمكن أن يتسبب ثاني أكسيد الكربون بتركزات عالية في الاختناق لكن مثل هذه الحوادث تعتبر مستبعدة. كما أن هناك مخاوف من احتمال تلوث مصادر مياه الشرب.
وقال طومسون “نحن نضع الكثير من البيض في سلة واحدة في الوقت الذي قد لا تنجح فيه على النطاق التجاري.”
ويرى خبراء آخرون أن تلك المخاوف يمكن معالجتها من خلال ضمان ألا تضخ الشركات الكربون تحت الأرض إلا في مناطق ملائمة جيولوجيا لحبس هذا الغاز وامتصاصه.
وقال أور “أنا مقتنع بأن هذا يمكن أن يتم بأمان.” وأشار الى أن الصناعات عادة ما تتعامل مع مركبات أكثر خطورة بكثير مثل غاز الميثان.