ازداد الاهتمام العلمي بالعلاقة البيولوجية والفسيولوجية بين الادوية التي تتعاطاها الحوامل وتأثيراتها الخطيرة على الاجنة منذ ان نشر التقرير الاول عن التشوهات الخلقية التي سببتها مادة الثاليدومايد عام 1959 ، وبالرغم من ان عددا كبيرا من الابحاث العلمية جرت لمعرفة تأثيرات الأدوية على الاجنة ودورها في احداث التشوهات العضوية عند الانسان.
فقد لاحظ الباحثون بأن الولادات المشوهة تصل الى ( 7 ) من بين ثلاثة ملايين حالة ولادة سنوية في الولايات المتحدة الاميركية اضافة الى موت نصف مليون طفل بسبب من حالات الاجهاض وعسر الولادة في حين أن نسبة التشوهات الخلقية في بريطانيا هى2 % من نسبة الولادات السنوية.
ويعتقد الباحثون بان 4 – 6 % من هذه التشوهات الجنينية تعود الى استخدام الادوية والمواد الكيميائية والتي تشمل 20 مجموعة دوائية من بين الادوية التي تتعاطاها السيدات.
وهناك مجموعة من المؤشرات التي يمكن ملاحظتها في هذا النطاق وهي كالآتي :
عدم وجود حاجز انتخابي فسيولوجي في المشيمة يمنع دخول المواد الدوائية والهرمونات الى جسم الجنين.
تؤثر الادوية والعقاقير على الاجنة استنادا الى تزايد الجرعة الدوائية.
تلعب العوامل الوراثية دورا ملموسا في التحسس بالتشوهات الخلقية.
تشمل التشوهات الجنينية، الموت، زيادة ونقصان في عظام الاصابع ونمو الحبل الشوكي وتوقف النمو والتأثيرات الفسيولوجية والمظاهر السلوكية بعد الولادة، وقد كشفت الابحاث العلمية المختبرية بأن المواد المولدة للتشوهات يمكن ان تؤثر على تشريح الاحشاء الداخلية والعمود الفقري والاضلاع الصدرية، ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح عند تعرض الفئران المختبرية البيضاء لتراكيز مختلفة من كلوريد الزئبق العضوي.
هناك اهمية ملحوظة لتوقيت تعرض الاجنة للأدوية وبالتالى فان هناك مراحل معينة اثناء النمو الجنينى تمثل اخطر الاوقات الحرجة التى يمكن ان تعمل على تدهور حيوية الجنين اذا حصل فيها تعرض للأدوية الخطيرة.
تكون تأثيرات الادوية على الاجنة انتخابية اي ان الادوية ربما لا تؤثرعلى صحة الامهات في حين ان تأثيراتها تكونَ كبيرة على حيوية الأجنة في بطونهن.
وفيما يتعلق بآلية وصول الادوية الى الاجنة بطريقة الانتشار الغشائى خلال أغشية المشيمة فان معدلات الادوية التى تعبر عن طريق المشيمة الى الجنين تزداد تبعا لقلة الارتباط مع المواد البروتينية وزيادة معدلات الأدوية في دم الامهات وزيادة معدلات ذوبان الادوية في الدهون وانخفاض مستوى التأين وانخفاض الوزن الجزيئى. ويقل عبور المواد التي يزيد وزنها الجزيئي وخاصة الهيبارين والانسولين. وينحصر الوزن الجزيئي لغالبية المواد التي تعبر اغشية المشيمة والتي تؤثر بشكل سلبي على الاجنة مسببة حصول التشوهات الحلقية بين 250 – 400 .
وتشمل المركبات المسببة للتشوهات الجنينية قائمة طويلة من الهرمونات كالاندروجينات والاستروجينات والتي تستعمل لعلاج سرطان الثدي أو العقم او حب الشباب، وكذلك الملوثات البيئية الخطيرة مثل الليثيوم واليود والمبيدات الكيميائية والمضادات الحيوية كالستربتومايسين والتتراسايكلين والمخدرات والتي تولد جلطة نسيجية في الجهاز التناسلي الذكرى والانثوي وتأثيرات سرطانية ومرضية وتأثيرات على القلب والاوعية الدموية وتأخير النمو واختزال الاطراف والتخلف العقلي.
أ. د. محمد حسن الحمود