تحيط العديد من الممارسات التقليدية بعالم الأطفال، خاصة عند الولادة، حيث تمزج بين الموروثات الشعبية والمعتقدات غير المثبتة علميًا.
هذه العادات الخاطئة، التي تنتقل عبر الأجيال، قد تحمل أحيانًا ضررًا للأطفال أكثر مما تفيدهم.
الممارسات التقليدية وتأثيرها السلبي
تعتبر عادة تكحيل الأطفال حديثي الولادة من أبرز هذه الممارسات، فعلى الرغم من انتشار هذه العادة على نطاق واسع في بعض المجتمعات، إلا أن الأبحاث الحديثة أثبتت أن الكحل المستخدم يحتوي على نسبة عالية من الرصاص، والتي يمكن أن تسبب تسممًا خطيرًا للأطفال، قد يؤدي إلى تلف في الدماغ وزيادة معدل الوفيات بينهم.
وهذا ما أكده أطباء مستشفى الملك فيصل التخصصي في السعودية، حيث أشاروا إلى أن نسبة الرصاص في الكحل المتوفر في الأسواق تصل إلى 100٪ في بعض الأحيان.
التمليح: عادة خطيرة على صحة الطفل
من العادات الأخرى التي تُمارس بكثرة هي “تمليح” جسم المولود، حيث يعتقد البعض أنها تقوي الجلد وتحميه من الأمراض.
ولكن الحقيقة هي أن تمليح جلد الطفل قد يؤدي إلى امتصاص الجلد للملح، ما يتسبب في ارتفاع نسبة الصوديوم في الدم، وهو أمر خطير يمكن أن يؤدي إلى فقدان السوائل في جسم الطفل وبالتالي إلى الجفاف.
اختصاصية الأطفال، الدكتورة هند دواني، تؤكد أن تمليح الجلد لا يحمل أي فوائد صحية، بل قد يكون ضارًا.
الكوفلية وتقييد حركة الطفل
تعد “الكوفلية” من العادات الأخرى التي كانت تُستخدم لتقوية عظام المولود وتحقيق استقامة عموده الفقري.
ولكن الدراسات الحديثة أظهرت أن الكوفلية قد تضر بحركة الطفل وتعيق تطور عضلاته، بل وقد تسبب ارتفاعًا في درجة حرارة جسمه، خاصة في فصل الصيف.
وتنصح الدكتورة دواني بترك الكوفلية رخوة إذا تم استخدامها، مع ضرورة إبقاء يدي الطفل خارجها لضمان حرية حركته.
المعتقدات الخاطئة وتأثيرها على الثقافة الشعبية
الخيال الشعبي دائمًا ما يخلق أساطير ومعتقدات تستند إلى تجارب غير مثبتة.
ومن هذه المعتقدات تعليق “عظمة الذئب” في رقبة الطفل لعلاج السعال، بناءً على فكرة أن صوت الذئب يشبه صوت السعال.
إلا أن هذه الفكرة، التي تستند إلى قاعدة “داوه بالتي كانت هي الداء”، لا أساس علمي لها وقد تكون ضارة للطفل.
أهمية الوعي
من الضروري أن تتحلى الأمهات بالوعي وتستند إلى الأدلة العلمية عند التعامل مع أطفالهن، بدلاً من الاعتماد على موروثات شعبية قديمة.
وعلى الرغم من أن بعض العادات قد تبدو غير ضارة، فإن هناك دائمًا مخاطر محتملة يجب أخذها بعين الاعتبار، والنصيحة الطبية دائمًا تكون الخيار الأفضل لضمان سلامة الأطفال وصحتهم.
بإختصار وفي ضوء التقدم العلمي الكبير في مجالات الصحة والعناية بالأطفال، يجب أن نتخلى عن العادات الخاطئة المبنية على موروثات غير مثبتة، ونستعين بالممارسات الصحية التي يدعمها العلم.
وعلى الآباء والأمهات أن يكونوا أكثر وعيًا بمخاطر هذه العادات وأن يسعوا دائمًا للحصول على المعلومات الصحيحة من مصادر موثوقة لضمان سلامة أطفالهم وحمايتهم.